مفهوم الحرية في الاسلام
مفهوم الحرية في الاسلام


بقلم: مالوم ابو رغيف - 12-04-2017

ينسب الى الخليفة عمر بن الخطاب قوله متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا.
لو ان المستغرب والمندهش كان غير الخليفة عمر بن الخطاب لصدقنا استغرابه واندهاشه وتسائلنا معه ايضا متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا. غير اننا ليس مثل الخليفة الثاني الذي يدعي انه لا يعرف متى أُستعبدت الناس، فنحن نعرف ان ما اصطلح على تسميتها بـ حروب الفتوح الاسلامية التي شنها عمر بن الخطاب وخلفاء اخرون كانت من الاسباب الرئيسية للاستعباد، وان النساء اللاتي وقعن في الأسر لم يلدن اطفالهن احرارا ، ولدتهن عبيدا وفقا لتشريع رباني ومباركة قدسية نصت عليها الكتب السماوية وعمل بها وطبقها حرفيا الخليفة عمر بن الخطاب الذي يتسائل بتجاهل متى أُستعبدت الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا.
عمر بن الخطاب مثل سلفيه، النبي محمد والخليفة الاول ابو بكر الصديق يعرف ان احد اسباب العبودية هي الحروب التي شنها المسلمون ضد القبائل والشعوب الاخرى، يعرف كما يعرف سلفاه بان السبي هو القانون الالهي الذي شرع لاستعباد الناس ، فهل له ان يستغرب ويندهش وقد ساهم باستعباد الاف مؤلفة من الرجال والنساء والاطفال وجعلهم يورثون العبودية؟!!!!
الحرية ليس من مفردات الدين بينما العبودية هي احداها. ليس للعبودية في الاسلام مفردة تناقضها او تخالفها الا اذا حُولت الى وصف حال لشخص، الحر مقابل العبد.
لكن العبد لا يرتبط بمعادلات التناقض مع الحر، فالحر ليس نقيضا للعبد اذ انه، اي العبد، عندما يثور ويكسر الاغلال كل طموحة هو ان يكون حرا. هو لا يجد نفسه متناقضا مع حالة يناضل من اجل الوصول اليها، انه يثور ويناضل من اجل القضاء على حالة يود انهائها، ذلك ان بقائها يعني تهديدا له بالعودة اليها. والاسلام لم يلغ العبودية انما ابقاها بكل انواعها عبودية.
العبد لا يثور ضد الحرية بل ضد العبودية. انه يثور ضد قانون الملكية ضد السيد، ضد المالك، وليس ضد الاحرار. من جانب أخر الحر لا يملك نزعة او ميول استعباد الناس، ذلك ان الانسان الحر ليس من شيمه استعباد الآخر. نذكر هنا قول لينين الصائب ان امة تستعبد امة اخرى لا يمكن ان تكون حرة.
ينبغي هنا الاشارة الى الفرق الكبير بن المفاهيم الحضارية والمفاهيم الدينية ذلك ان عدم الانتباه الى الفرق بينهما يسبب ارتباك والتباس في استيعاب الفكرة معرض البحث.
اغلب المفاهيم الدينية تختلف عن المفاهيم الحضارية وان تشابهت مفرداتها ومصطلحاتها وعناوينها واسمائها وتواريخها.
فالحرية في الاسلام لا تعني الحرية الحضارية التي نصت علهيا دساتير الامم الديمقراطية.
الحرية حسب المفهوم الاسلامي لا تعني حرية الكلام ولا حرية الكتابة ولا حرية الاعتراض ولا حرية اختيار المعتقد ولا حرية تقرير المصير ولا حرية اختيار الدين ولا حتى حرية الموت او حرية الحياة.
انها تعني ان تشتري نفسك من المالك بان تدفع له مبلغا لقاء ما قدر بقيمتك، ولك ان تحمد الرب كلما رخصت قيمتك لانك تتمكن من دفع ثمنها وتشكو حظك العاثر على غلائها اذ عندها لا تستطيع شراء انعتاقك.
لنا ايضا ان نشير هنا الى سبب اقتصار مفهوم الحرية حسب الفقه في علاقات البيع وشراء بين ثلاثة، المغلوب على امره والنخاس والمشتري. ذلك ان كل ما يهم الفقهاء هو ابقاء الناس عبيدا لقوانينهم وفتاويهم بحالة لا تخلف جوهريا عن حالة خضوع العبيد لمالكهم واسيادهم.
لذلك فان العبيد وان تحرروا وتساووا شكلا مع الاحرار، سيجدون انفسهم في عبودية اخرى هي عبودية الخضوع لرجال الدين الذين هم ظل الله على الارض.
سيكتشف العبيد انهم وهم احرارا لا تختلف حالتهم كثيراعنهم وهم عبيدا، فهم مستعبدون وفق فتاوى الفقهاء ، وفق قوانين الحرام والحلال، وفق قوانين العبادات، وفق قوانين الطوائف، وفق قوانين الاسلام السياسي، وفق قوانين الحاجة والعوز.
الحرية الحقيقة هي كسر القيود الامتلاك ، كسر قيود الموروث، كسر قيود القبيلة، كسر قيود الدين كسر قيود الحاجة.. الحرية هي مقاومة الاستعباد بكل تنوعاته وعناوينه واشكاله...



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google