التحرك الكُـردي الجديد نحو الحقوق القومية
التحرك الكُـردي الجديد نحو الحقوق القومية


بقلم: د. محمود زايد - 17-04-2017
استاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الازهر-القاهرة

إن الوضع الذي أصبح عليه إقليم كردستان العراق حاليا يوضح مدى قدرته على التأثير في معادلة التحركات السياسية في الشرق الأوسط، وهناك العديد من من القوى الدولية تدرك ذلك، ومن ثم تتصرف مع قيادة إقليم كردستان على هذا الأساس وفق مصالحها وسياستها تجاه المنطقة.
ولم تصبح الورقة الكردية ذات أهمية حاليا من فراغ؛ فوراءها أبعاد ودوافع عدة تاريخياً وسياسياً وقانونياً، لكن الذي دفعها بقوة الآن: الموقف العسكري الذي بدت عليه البيشمرگه ضد داعش منذ 2014م، والذي أصبح محط أنظار العديد من صانعي القرار في العالم، خاصة وأن تحركات حكومة إقليم كردستان العسكرية والسياسية والاقتصادية لم تحصر جهودها في مصالحها وأهدافها المحلية فقط، وإنما سارت وفق حسابات ومصالح إقليمية ودولية مدروسة لحفظ التوازن في المنطقة؛ الأمر الذي جعل البعض يعتقد أن قوات البيشمرگه تحارب نيابة عن العالم.
فبالتنسيق مع قيادة قوات التحالف الدولي حافظت البيشمرگه على مناطق إقليم كردستان العراق، وحررت بعض المناطق المتنازع عليها مع حكومة بغداد كمناطق سهل نينوى وسنجار ومناطق اخرى تابعة لمحافظة كركوك. أما حاليا فتقوم البيشمرگه بدور ملحوظ في تحرير الأراضي العراقية بالتعاون مع الجيش العراقي وقوات التحالف الدولي فيما هو معروف بعمليات تحرير الموصل.
ومن اللافت أن تحركات إقليم كردستان لم تأت في ظروف عادية؛ وإنما جاءت وهي تمر بأزمة اقتصادية طاحنة فرضتها عليها حكومة بغداد الاتحادية بقطع حصة الإقليم في الميزانية العراقية (17%) منذ عام 2014م، وبتضييق الخناق عليه من قِبَل قوى إقليمية لإرغام الكُرد على الانصياع الكامل لبغداد، وإفشال المساعي نحو الحقوق القومية الكردية. لكن من ناحية أخرى واجه الكُرد (ولايزالون) سياسات حكومة بغداد وداعميها الإقليميين بصمود وصبر معهود لديهم رغم ضيق القوت الذي يعانون منه، وتفاقم الأزمة المعيشية بين الكثيرين منهم. هذا الصمود الذي اعتادوه في مراحل تاريخية طويلة تجاه حكومات متعاقبة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى؛ سعياً لحق تقرير المصير مثل غيرهم من الشعوب الأخرى بالطريقة التي يرونها لأنفسهم طالما توفرت لديهم الأسس الأولية لهذا الحق، الذي يعتقدون أنهم حُرِموا منه على مدى قرن من الزمان في حين أن شعوبا عديدة تحررت به بمساعدات ودعم دولية.
لقد تغيرت خيوط التفكير لدى الكرد عما سبق مواكبة للتغيرات الجديدة في المنطقة، وعليه جاءت التحركات نحو الأهداف القومية الكردية بشكل أكثر فاعلية مما كانوا ينتهجونه سابقاً. فهل أدرك الكُرد حاليا "مِنْ أين تُؤكل الكَتِفْ"؟



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google