حقيقة الانسان العراقي
حقيقة الانسان العراقي


بقلم: عباس العزاوي - 18-04-2017
ربما يتفق معي الكثير حول نسبة التطرف الطاغية التي يعتمر بها قلب العراقي في حالتي الحب والكراهية، هذه الجزئية الدقيقة في البنية السايكلوجية للفرد ووسيلة تعاطيه المفعم بالافراط السلبي اوالايجابي مع الاحداث اومع الاخر المختلف، تجعله احيانا يبدو غريب الاطوار وعصي على الفهم ،على سبيل المثال عندما يعتنق او يؤمن بعقيدة او ايديلوجية معينة ، سماوية كانت ام وضعية فانه يذوب فيها حد الهوس ويذهب في هيامه وعشقه الى محاصرة الاخر المغاير والتضييق عليه بتطرف شاذ قد يصل احيانا الى التصفية الجسدية وهذا ماشهدناه في تعامل الارهابيين مع الابرياء والتفنن بالانتقام منهم وتقطيع اوصالهم بتوحش مخيف رغم انتماء اغلب الضحايا لنفس المذهب او المنطقة او حتى العشيرة وهذه الممارسة لوحدها تحتاج الى خزين هائل من التطرف والكراهية لتنفيذها بدم بارد وتحتاج ايضا لنسبة تخلف معقولة تحجب عنه رؤية الحقيقة الرائعة للحياة وامكانية التعايش دون عنف ودماء، ويشمل هذا التصنيف طبعاً الكثير من الافراد المنضوين تحت بيارغ الاحزاب الدينية الشيعية واسلوب تعاملهم مع منتقديهم اومنتقدي سياسة قادتهم.


هذه المركبات النفسية المعقدة تجعل الانسان يقف احيانا على طرفي نقيض مما يشتهيه حقا او يريد قوله او فعله، فهناك شرع مجتمعي سائد يقود السواد الاكبر بطريقة واسلوب محدد تحكمه الانفعالات الآنية لاسيما المتعلقة بالدين او المعتقد او العرق وعملية الخروج عليه ـ اي الشرع المجتمعي ـ او كسره اشبه بعملية الانتحار الاختياري ، انا لا اقصد صفة النفاق بالضرورة لدى البعض ولكنه الصراع المحتدم بين النزعات المادية في النفوس وبين الحاجات الروحية او كلاهما مجتمعة ومثلما كنا نرى ايام النظام السابق ان مجرد الصلاة تعتبر معارضة مضمرة للحكومة لذا كان البعث يضعها ضمن اولوياته الامنية، وكان يُطلق على المتدين عرفاً بالشخص المعقد والمتعمق بالدين لاعتباره حالة شاذة وغريبة عن محيطها!! فالشاب المثالي من وجهة نظرهم هو اللعوب وشارب الخمر والمنفلت الذي يتحرش بالفتيات في الشارع ناهيك عن مظهره الخارجي الذي يشير لذلك،لهذا لم نكن نألف أنذاك الا النوع الثاني.

الان اصبح الامر معكوسا تماماً وصار التختم بالفضة المرصعة بالاحجار الكريمة تكاد تكون حالة عامة ومنتشرة بشكل ملفت للنظر في جميع شرائح المجتمع ،مع احتفاظ اغلبهم بالمكتسبات غير الشرعية في تعامله اليومي وبذلك يجسد حالة الانفصام الحاد بين مايريد ايصاله من رسائل مفعمة بالتقوى والورع تماشياً مع الواقع الجديد وبين رغباته ونزواته الداخلية والتي تترجم احيانا باشكال وطرق متعددة، كالعلاقات الجنسية المحرمة او سرقة المال العام والتحايل على القوانين واخذ الرشى وقد تصل الى سلب حقوق الاخرين القانونية والشرعية في الميراث او التجارة المشتركة وغيرها!!!.


وعلى سبيل الطرفة يُذكر ان احد الموظفين في دوائر الدولة لايستلم الرشوة ان كان على وضوء!!! وان كان لابد من اخذها في وقته فيفضل دسها في جيبه دون مسها بيده!!! وكأنه وضع حل شرعي معقول مع ان القضية حرام شرعاً بكل الاحوال!!.

هناك مثل قديم يقول ( اذا كنت تعيش في مدينة خطرة مليئة بالعصابات عليك الانتماء لاحداها )، وهذا مايحدث الان، فكل النفوس المريضة التي اصابها داء الحرمان والفاقة ايام الحصار وجدت متنفس واسع في محاولة لتعويض مافات من حسرة وألم ، والا لايمكن التصديق بان الانتماء لهذا الجهة السياسية او تلك هو لايمانهم الحقيقي بافكار الاحزاب التي جاءت بعد السقوط او لغرض حماية الحزب او القائد " المنقذ الجديد "او حتى حماية الدين من المنحرفين حسبما يدعون!؟ بل القضية مختلفة تماما وبدوافع ذاتية محضة , فالشخص الذي يفعل هذا يحمي جماعته ويحتمي بهم في نفس الوقت، يدافع عن قائده ويلوذ بمعطفه او عباءته ويستمد من سطوته قوة ومنعة, لهذا تجد ان الاشخاص المتجاوزين على المال العام في الساحات او الارصفة يضعون صور القيادات السياسية على واجهات الابنية ـ التجاوز ـ في رسالة واضحة الى الجميع باني مع الجهة الفلانية، فاحذروا المساس بي!!!. وللحديث بقية



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google