عبودية الفوضى
عبودية الفوضى


بقلم: مالوم ابو رغيف - 19-04-2017

ما الفرق بين الديمقراطية الغربية وبين الديمقراطية المستحدثة في البلدان الشرقية اذا كانت مظاهر الاجراءات واحدة الانتخابات وصناديق الاقتراع وفصل السلطات ؟
الله الحاكم والوطن، هي قاعدة الولاءات التي استندت عليها جميع الانظمة في البلدان العربية والاسلامية لفرض الطاعة والهيمنة على الشعب على اختلاف نوع الحكم فيها، جمهوري او ملكي، مدني او عسكري، ديمقراطي او شمولي.
فالرئيس يجب ان يطاع مثلما يجب ان يطاع الملك والامير. كان جوهر حكم جميع الانظمة العربية واحد، فرض الطاعة بقوة التسلط. لذلك لم يلاحظ المواطن فرقا يذكر ( في خضوعه القسري) بين الانظمة الملكية والانظمة الجمهورية فعادة ما يبقى الرئيس ملتصقا بكرسيه مثلما يلتصق القراد على الجلد ويفرض بقاءه بالقوة.
واذا كان جوهر الحكم واحدا، فان جوهر الخضوع هو واحد ايضا، استعباد مفروض بقوة التسلط اوجد نوع من وحدة الارتباط بين الناس لعل ابلغ تعبيرعنه هو الناس متساوون بخضوعهم للحاكم.
في البلدان التي أُسقطت فيها الانظمة السياسة بقوة التدخل العسكري المباشر( كما في العراق وليبيا)، او بعد حراك سياسي جماهيري مدعوم من الخارج مثل اليمن ومصر او هبة جماهيرية قوية مثل تونس، او تلك التي تشهد تأمرا اجنبيا واسلاميا وارهابيا لاسقاطها مثل سوريا، في هذه البلدان انتعشت الاحزاب الاسلامية والمنظمات الارهابية واصبح حاضرها ومستقبلها مرهونا بمخططات للدول الاجنبية حتى غدت هي صاحبة الكلمة الفصل في تحديد نوع ومستقبل السياسة والاقتصاد والاستقرار، تأزم الوضع السياسي والاجتماعي فيها وتمزق النسيج الشعبي والشعور الموحد للانتماء الى وطن واحد وحل مكانه شعور الانتماء الى الطائفة والعشيرة والدين والمذهب.
لقد تغيرت قاعدة الولاءات (الله الحاكم الوطن) فلم يعد الله اله الدولة بل تعددت اوجهه حسب تعريفات المذاهب له، اما الوطن فقد تقسم الى مناطق نفوذ بين الاحزاب والقبائل والطوائف، وضعفت سلطة الحكم بضعف امكانية تطبيق القانون. اما الرابط الموحد الذي فرضته قاعدة الولاءات القديمة فقد تقطع وحلت محله عبودية جديدة هي عبودية الفوضى..
عبودية الفوضى هي ان يخضع المواطن للامعقول ويقنع نفسه بتصديقه، ان يتساير معه ويصبح جزء منه، هي ان يلازمه الخوف والتوجس الدائم ويخش التغيير، هي ان لا يأمن الحاضر ولا المستقبل، هي ان تضاعف قوة المليشيات والمنظمات الدينية العنفية فتفرض الفوضى كحل للخلاص.
في العراق اصبحت العشائر تتحاور بالاسلحة الرشاشة والثقيلة وتعقد مؤتمراتها السنوية وترفع شعاراتها وراياتها. اما الفساد المستشري في دوائر القرار والتشريع والحكم فانه يطيح بالقانون ويصيره حبر على ورق.
عبودية الفوضى تمزق كل حبائل الارتباط بين الناس وتجرفهم الى تيارات التمزق والتشرذم والتبعثر والاحتراب.
في الدول المتقدمة حضاريا، تلك التي، ومهما كان رأينا في نظامها السياسي، عندما يفوز الحزب الحاكم او الرئيس او عضو البرلمان بالانتخابات ، فان اول واجباته هي الالتزام والمحافظة على القانون لا على المنصب، فان حدث وحنث بيمينه او خرق القانون ولم يتلزم به، عندها لن يجد احدا بما فيهم اعضاء حزبه، يدافع عنه او يسعى الى تبرئته اذا ما شعروا ان الدلائل تشير الى تورطه.
في الدول العربية والاسلامية فان مهمة الحاكم، ومهمة اعضاء حزبه ومؤازريه، الحفاظ على المنصب على العرش على الكرسي على التسلط، وان كان ذلك بخرق القانون او الاحتيال او النصب او الحنث باليمين.
اي حزب او شخص فاز بالانتخابات في البلدان العربية والاسلامية ستكون مهمته الاساسية هي اعادة قاعدة الولاءات القديمة.. الله ..الحاكم.. الوطن
اما الله فان اله الطائفة التي ينتمي اليها، اما الحاكم فهو هو وعائلتة واقاربه .. اما الوطن فهو مساحات الخضوع..
في الغرب قاعدة الولاء هي:
الدستور القانون النظام
اننا نضع التساؤل التالي امام القراء الاعزاء
ما هي افضلية الحكم الديمقراطي على الدكتاتوري في بلدان الشرق الاوسط اذا كانت الديمقراطية تهبط بالمجتمع الى حضيض الطوائف وتقود الى تفتت المجتمع وتجذر الفساد وتمكن رجال الدين من ان تكون كلمتهم هي العليا سلطويا وثقافيا؟
ما افضلية الديمقراطية اذا كانت تقود الى عبودية الفوضى؟



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google