يتصرف و لا يعلم بانه ينكأ جرحا طريا
يتصرف و لا يعلم بانه ينكأ جرحا طريا


بقلم: عماد علي - 24-04-2017
عندما لا يقدّر المسؤل زبدة العقل العلمي و النخبة من جهة و لا ما يهم الشرائح و القوميات و المكونات و اهدافهم من جهة اخرى, و يتصرف بمزاجية استنادا على الاجعاءات الفكرية المتخبطة بمساندة القوة و التاريخ و الدوافع الذاتية النابعة من النرجسية التي يتصف بها، ليس امامه طريقا سويا و يصدطم في مرحلة ما بالحجر العثرة التي ينفلق امام مسيرته, و اما ينعطف و ينحرف او يسقط و ينتهي . هذا هو الامبراطور الوالي الجديد المنبري كثيرا الى الامام باندفاع ذاتي و بتطرف في اكثر الاحيان ، كي يحقق حلمه و يستلم راية السلطان الجديد .
يرفض علمانية اتاتورك, و ينقلب على من دعمه و سانده بل اوصله الى هذا الموقع دون ان يهز له شعرة . يرتمي بين احضان عدو الامس و اليوم دون ان يوفي بوعود لصديق الامس و صاحب الفضل عليه . يلون و يغير جلده و ينسلخ منه بلحظة دون اي يتردد ولو بقليل جدا في اية خطوة يخطوها، و يتخذ الدين ايديولوجية من الزاوية التي تفيده في بقاءه امبرطورا باي اسم كان، انه سلطان الزمان اردوغان .
يضرب يسارا و يمينا، لا يتخذ اي موقف من المتجاوزين ان كانوا لجانبه و مصلحته، او بالاحرى ربما يكون كل ذلك باوامر شخصية منه، ويسلك الطريق غير الملائم و يغامر بدولته و مستقبله و يسير على ضفاف البحر المتلاطم دون ان يحسب لسلامة سفينته و لمستقبل بلده، انه ليس بشجاعة و انما مغامرة لصالح الذات و على حساب الشعب و مستقبله . لا يهمه الامن و الامان و الاستقرار و يتشبث بما قدمه خلال فترة قصيرة و يتشدق بالتقدم المرحلي و لكنه يظل على مساره دون ان يفكك رموز المرحلة التي وضعته على حالو في وضع مغاير لما ات و لم يعلم بانها لم تكن من صنيعته بقدر ما فرضته الظروف الموضوعية للمنطقة, و لم ينجح نموذجه للحكم الذي اعتقد الغرب بانه ناجح لهذه المنطقة المصابة بكل الامراض السياسية الثقافية و الاقتصادية الا في جو فارغ من البديل المنتظر من الشرق والغرب لما يجري في المنطقة .
انه اردوغان يفعل ما يشاء دون ان يحسب انه بخطواته ينكأ بحراح عميقة طرية عند جهات كثيرة من مكونات شعبه و حتى في المنطقة, ولاتزال على حالها منذ عقود و لم تجف داخليا على الاقل حتى اليوم جراء الممارسات غير الانسانية بدواعي و اسماء مختلفة ضد تطلعات مكونات شعبه بمختلف مشاربهم و ليس الكورد لوحده .
لازال اردوغان يسير على خطوات بعيدة عن المسار الصحيح, متخذا ما لا نعتقد انه نسميها استراتجية متنوعة المضمون من الفكر و الفلسفة, و متضمنة لاحتمالات مختلفة متغييرات متباينة حسب ما تفرضه المراحل المتتالية من تاريخه و ما تسير عليه سلطته من تكتيكات مختلفة تقطع حتى مسار الستراتيجة التي يرسمها هو بين حين و اخر . الغريب في الامر هذا، انه يحمل في يديه الاثنتين مجموعة من المتناقضات السياسية التي لا يعرف المتابع ما يهمه و يؤمن به و ما لا يؤمن و لم يعترف به اصلا, و يفرض نتاج يديه و يفرضه الواقع عليه و ما يفعله هو في لحظات او نتيجة ردود الافعال ما لا يتصوره اي متابع و محلل عاقل و صاحب الراي السديد ايضا .
هل يعود بعد فوزه في الاستفتاء للمصالحة الوطنية التي يدعيها و يعلن ايمانه بها من خلال فترات قصيرة الامد مستخدمة اياها كتكتيك بين مسار المرحلة التي رسم لها ما يريد ان يصل، ام يعتبرها تكتيكا مر عليه الزمن و ليس له الحاجة بها و ربما خوفا من انه من المتوقع ان لا يصدقه احد بعد ما عمل بما لا يمكن ان يعمله اي احد غيره . انه يتصرف و كانه دبلوماسي و سياسي محنك لحظة و يسلك طريق و اسلوب الشوارع في لحظات اخرى، كما حدث في سبه و شتمه للقضاة و القضاء, و كم مرة احرج من انتقد خطواته باسلوب جاف بعيد عن كل الاعراف و العادات الدبلوماسية و السياسية . لا يهمه ان كان يريد ان يندمل جرحا ينكأه بكلمة او موقف او خطوة, يفكر بانه افضل ما يسلكه من السير الصحيح في نظره و يخالفه المتابعون لمسيرته و لا يعلم بانه لا يتوافق مع حتى التقليد السياسي لبلده .
يهتم بشريحة و يهمل اخرى، يعادي البعض و يصادق الاخر في لحظة و من ثم ينقلب الى العكس في لمحة بصر. من يعتقد بانه يستمر في تقاربه و صداقته للحزب القومي المتطرف فهو لا يعرف اردوغان و عقليته، و من يفكر بانه يعادي الحزب الجمهوري الى النهاية فهو لم يقترب من فكر اردوغان و مزاجه و نظرته الى السياسة في خطوة واحدة .
انه باسلوبه و طموحاته يمكن ان يكون خطرا و شرسا و مضرا بالحيوان قبل الانسان ايضا . فهو لم تبرز منه اية اشارة الى اهتماماته الستراتيجية بشكل نهائي بقدر ما يعرفه الجميع بانه لا يجهر ما يهم به في لحظات التي يمكن ان تصدرمنه امور نتيجة ردود الافعال تجاه ما يلامسه في يومياته . انه يستهتر احيانا بحتى القيم التي يحملها و لا يعلم المتابع باي عقل يسير و ما هي اولوياته في الحياة . انه لم يوضح فكره السياسي, لازال يدعي احيانا ايمانه بما يسير عليه الغرب في وقت يسلك ما يبعده عنه، و في المقابل يبين و يظهر بانه عكس توجه الشرق و يبرز و يفعل وفق ما لا يؤمن به في قرارة نفسه في الوقت ذاته, و يقع كل ما يخطوه في مصلحة الشرق و على عكس ادعاءاته .
انه اردوغان و تركيا ماقبل و بعد الاستفتاء, و ما لديه من المكرمات التي يدعيها و يريد ان لا يحرم المنطقة منها بعقليته المتنوعة التوجه و المختلفة التركيب و التدبير . من الواضح انه لا يعلم ببعض ما يفعله وكانه يسير على خطا من يتخذه قدوة من ما يدعيه من الاقدمين، و في اللحظو ذاتها يفتعل امورا انه ينكأ بها حقا الجروح التي اصيبت بها الجهات المختلفة من مَن يتعامل معهم, سواء كانت في بلده او في المنطقة بشكل عام, و يريد ان يتقدم بشكل مستقين الا انه يجد نفسه على خطى متخبطة مبنية على عقلية متشابكة دون اي رادع يوقفه عند حده، وانه لا يعلم بانه حتما سيسطدم بما لا يستسيغه في النهاية و يكون مصيره مجهولا باي شكل كانكما كان حال غيره من قبل .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google