معاناة المغتربين
معاناة المغتربين


بقلم: سليم الرميثي - 25-04-2017
من أقسى الأشياء على كل انسان حر هو العيش في الغربة والاحساس انك تعيش بلا وطن..لاشك ان الهجرة أوجبها الله سبحانه وتعالى على الانبياء وعلى كل المؤمنين عندما يتعرضون للأذى والظلم في اوطانهم ومن أي جهة كان هذا الظلم سواءٌ من الحاكم أو من المجتمع والادلة الشرعية والقرآنية واضحة جدا في هذا المجال وقد جعل الله الأجر والثواب للمهاجر في سبيله وفي سبيل وطنه اضعافا مضاعفة ووعده بالجنة..

لكن الذي أقسى من الغربة هو أن تعود الى وطنك بعد ازاحة ظلم الحاكم واذا بك تتعرض الى ظلم أكبر من مجتمعك وناسك وهجمة عنيفة تصل الى درجة التعنيف ونكران ماوقع عليك من ظلم ومعاناة بل ونكران انتمائك الى وطنك الأصيل والى التخوين وما الى ذلك من المصطلحات الظالمة..

ان الظلم الذي وقع على العراقيين بكل تنوعاتهم وعرقياتهم في زمن البعث المقبور لم يتعرض له شعبا من الشعوب..ولكن كان للشيعة الحصة الأكبر من الظلم المركب والمضاعف ماديا ومعنويا مما ادى الى تشردهم على جميع بقاع الأرض..

والمعروف عن شعبنا هو الطيب والكرم والسخاء للغريب قبل القريب لكن نجد في السنوات الاخيرة هناك انقلاب في الكثير من المفاهيم والقيم السامية عند الكثير من الناس ولانعلم السبب هل هو اجتماعي أم نفسي بسبب الظروف والصراعات المستمرة فيه..

ليس هناك مغترب عراقي واحد لايرغب في العودة الى وطنه والعيش بين أهله ولكن كيف يعود وهو مسلوب ومجرد من كل حقوقه وأصبح لايمتلك أي شيء يتيح له العيش بأمن وسلام في وطنه خصوصا وهو يرى ويسمع كل يوم كراهية وعدوانية البعض وحتى من أبناء جلدته..

لم يحدث هذا بين الشعوب الحرة في العالم كله وكان للمهاجرين والمشردين الأولوية في القوانين لأعادتهم الى أوطانهم وتأهيلهم مرة اخرى للعيش بسلام مع اهليهم وشعبهم..لكن مايحدث في بلادنا مع الأسف هو شيء يندى له جبين الانسانية طبعا نحن لانعمم ذلك ولكن هناك الكثير من الأصوات النشاز التي تعلن كراهيتها لكل مغترب عراقي..

ان الذي يعانيه ويسمعه المغترب عند عودته الى العراق لم يسمعه حتى من اعتى العنصريين الموجودين بين شعوب العالم في جميع الدول التي عشنا فيها منذ ربع قرن مرت..

لكن مع الأسف نجد في وطننا من يتهم المغترب حتى بالخيانة وهي اتهامات بعثية سابقة لهم وبعد ان شعروا ضعاف النفوس بفشل هذه الاتهامات وعدم جدوتها راحوا يطعنون بشرف كل المغتربين..وتناسوا مافعله المغتربين في المجتمعات التي عاشوا فيها كنشر الدين والمذهب وبناء الجوامع والحسينيات وحتى المدارس وأسسوا جمعيات وشركات ومؤسسات عاملة ونافعة في الغرب وأميركا..وكان لهم الدور الكبير في تخفيف معاناة شعبهم وأهليهم من جَوْر شدة الحصار الظالم آنذاك..

هل تعلمون ان الغريب يعيش كالمذبوح وعينه على وطنه وأهله.. والله لوكنتم تحملون ذرة انسانية لما حكمتم على المغترب او المهاجر بالموت والفناء وكأنكم تسايرون الظلمة والشياطين..

أجيال ولدت في الغربة وهم يحملون أعلى الشهادات في الطب والهندسة وفي علم الاجتماع والاقتصاد والزراعة والصناعة وفي كل المجالات وهم يحلمون في خدمة وطنهم وشعبهم وفي العودة الى أحضان أهليهم..فلماذا تحرمونهم من العيش في وطنهم وتتنكرون لحقوقهم الشرعية والأخلاقية..

لو افترضنا هناك من بين المغتربين من أساء او هو سيء .فهل تخلوا شريحة مجتمعية في كل الكون من السيئين و هل يحق للبعض أن يتنكر لمواطنتهم وحقوقهم في أوطانهم..؟؟؟!!!

ياقاسي القلب لوكان من بين ابنائك أو اخوانك سيء فهل تتبرأ منه او تحقد عليه..والله ان قلت نعم فانك لست أبا ولا أخا حقيقيا وعليك مراجعة نفسك في دينك وأخلاقك وانسانيتك..

لذلك هنا نخاطب دولتنا وحكومتنا بأن تهتم للمغتربين والمشردين العراقيين وبكل دياناتهم وعرقياتهم أن يجعلوا ملفا خاصا لمتابعة المهاجرين لتخليصهم من ذل التشرد والغربة وحثهم على العودة وسن قوانين جديدة لحمايتهم من الفقر وتهيئة الفرص لهم لكي يشاركون بفاعلية في بناء وطنهم الحر الجديد وبناء حياتهم بشكل يليق بأي عراقي..

ونطالب اخوتنا الطيبن والمؤمنين من أبناء شعبنا ان يتصدوا لتلك الأصوات الغريبة ويذكروهم بطيب القلوب التي ارتوت بمائي دجلة والفرات..

...........................

الغربة ليل بلا قمر..وعيش بلا مُسْتَقَر..وألمٌ مُستمر..

سليم الرميثي

..................................



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google