علم النفس التربوي وظاهرة الخجلعع 6/6 - د.فاطمة الفياض
علم النفس التربوي وظاهرة الخجلعع 6/6


بقلم: د.فاطمة الفياض - 21-10-2016
مناقشة نتائج الاستبان

لقد بينت ان الهدف من هذه الدراسة ، هو الكشف عن علاقة الخجل بكل من الشعور بالوحدة النفسية والمعاملة الوالدية لدى عينة مكونة من 174 طالبة من ثانوية للبنات في بغداد ، للمرحلتين المتوسطة والاعدادية ومن اجل ذلك قمت ببناء مقياس يفي بمتطلبات هذه الدراسة ، ويشتمل على نحو مركب على الوحدات الثلاث التي تمثل ركائز البحث الاساسية وهي: الخجل ، الوحدة النفسية والعلاقة الوالدية .

كشفت نتائج الدراسة عن وجود علاقة ارتباطية موجبة ذات دلالة احصائية بين الخجل والوحدة النفسية ، ويفيد هذا بوجود علاقة طردية بين الاثنين فكلما زادت الوحدة النفسية ارتفعت درجة الخجل لدى العينة موضوع الدراسة ، والعكس صحيح ايضا

كما توصلت الدراسة الى وجود علاقة ارتباطية موجبة بين الخجل وعدم توازن المعاملة الوالدية ، وهذا يقودنا الى القول ، أن الطالبات في مرحلتي الدراسة المتوسطة والاعدادية اللواتي يتعرضن لمعاملة والدية غير متوازنة او لا تتصف بالحميمية هن الاكثر تعرضا للخجل ، لأن من شأن المعاملة الوالدية غير المتوازنة ان تعزز لدى الطالبات الاحساس بالعجز والنقص وربما الدونية ، من هنا تتولد لديهن مشاعر التردد والكراهية وعدم الثقة بالنفس وسوء التوافق الإنتماعي والنفسي وبالتالي الشعور بالخجل والانطواء وعد التكيف مع المجتمع [1] وقد اشار الدكتور

( زهران ) الى ان العالم النفسي (روك ) يؤكد ان اسلوب رفض الاباء للأبناء واهمالهم جعلهم غير مساندين ، مما يجعل الابناء المراهقين مستهدفين للشعور بالخجل والوحدة النفسية والانطواء[2]



ويشرح (ابراهام ماسلو ) ذلك بقوله (أن الشعور بالوحدة النفسية ينشأ بسبب عدم إشباع حاجات الانتماء والحب . والوحيد نفسياً يكون مدفوعاً بجوع للاحتكاك والصداقة الحميمة والانتماء ، والحاجة إلى التغلب على مشاعر الاغتراب والعزلة التي سادت بسبب الحراك الاجتماعي وتحطم الجماعات التقليدية، وبعثرة الأسرة والفجوة بين الأجيال بسبب التحضر المستمر)[3]

وترى الباحثة انه يمكن ان يعود ذلك الى ان الوالدين هما اكثر الناس تأثيرا على النمو النفسي والاجتماعي على الابناء في مرحلة المراهقة ، لأنهما المهيمنان على تنشئة الابناء بشكل مباشر وفعال ، ومن هنا يمكن ان نتلمس التباين في شخصيات افراد العينة التي خضعت للدراسة ، في نوعية العلاقات الاسرية ،فالطالبات اللوتي اجبن (لا) على سؤال (هل تشعرين ان والديك يهتمان بك) كّن الاكثر شعورا بالوحدة النفسية وبالتالي بالخجل ، في حين ان الطالبات اللواتي كانت اجابتهن ايجابية على الاسئلة المتعلقة بالمعاملة الوالدية كن على العموم اكثر استقرارا واقل تعرضا لمشاعر الوحدة النفسية والخجل

من هنا كانت مدارس علم النفس تؤكد على ضرورة اشباع حاجة الابناء الى حب الوالدين لأن العكس وشعور الابن بالحرمان يؤدي الى رسوخ حالة القلق والتوتر والشعور بالوحدة لدى الطالبات (موضوع بحثنا ) المراهقات مما يدفع بهن الى الانعكاف على انفسهن رغبة في التخلص او التخفيف من هذا التوتر والقلق

ويؤيد هذا الرأي الدكتور (أحمد زكي صالح)[4]

حيث يشير الى ان نقص الحنان واهمال الوالدين يمكن ان يتسبب في الشعور بالوحدة النفسية وتنامي الشعور بالخجل مما يؤثر سلبا على شخصية المراهق

وبالنسبة لأثر متغير العمر بين المجموعتين (المتوسطة -الإعدادية ) فقد كشفت الدراسة ان هناك فروقا ذات دلالة احصاية بين متوسط الدرجات التي حصلت عليها الطالبات في المقياس المعتمد ، حيث ان المراهقات بعمر 13 -15سنة أكثر خجلا في اظهار انفسهن امام الاخرين والتفاعل معهم ، وهنا تسجل الباحثة التباين في النتائج التي توصلت اليها عن النتائج التي جاءت في دراسة (كودين )[5]حيث يرى :

أن الفئات العمرية بعد الخامسة عشر هي الاكثر خجلا لأن الفتيات في هذه المرحلة لا يملن الى تقبل انفسهن ويصاحب هذا عادة بطئ النمو الاجتماعي وعدم القدرة على مواجهة الاخرين والتفاعل معهم مما يزيد من خجلهن ،وترتفع درجة الخجل اذا لم يلقين الاهتمام والتوجيه من الام ، ونجد ان اولئك الطالبات تتولد لديهن نزعة التمرد والاستقلالية ، وهذه تمثل صراعات نفسية تفسح الطريق امام الشعور بالخجل وينعكس اهتمامهن الى مظهرهن الخارجي،ولهذا يحرصن على عدم اظهار انفسهن امام الاخرين ويحاولن الانسحاب من التفاعل الاجتماعي ، وهذا أيضا ما ذهب اليه (كروبيكي )حيث ذكر ان المراهقات بعد سن 15 سنة هن الاكثر خجلا [6]

وتفسر الباحثة هذا التباين(قبل 15 سنة في البلاد العربية عموما وبعد 15 سنة في اوربا ) بسبب البيئة التي تنتمي اليها كل من العينات ، التي اختارتها هي والعينات التي اختارها (كودوين و كروبيكي )، فالبيئة العراقية بيئة حارة ومعدلات النضوج والنمو الفسيولوجيي فيها اعلى منها في المجتمعات الاوربية الباردة ومن هنا جاء القبول الديني والاجتماعي بزواج الفتاة بعد الثالثة عشر،

كما يستدل ، مما جاء في صحيح البخاري في باب بلوغ الصبيان وشهادتهم، وقول الله تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} [النور: 59] وقال مغيرة: «احتلمت وأنا ابن ا ثنتي عشرة سنة». وبلوغ النساء في الحيض، لقوله عز وجل: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم} [الطلاق: 4] إلى قوله {أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4]))[7]»

فمن المعروف ان الفتيات في البلاد الحارة عموما يبلغ معظمهن الحيض، ربما قبل الثالثة عشر ولكن الفتيات في البلاد الباردة تتاخر عندهن هذه الظاهرة، ربما الى مابعد السادسة عشر

وبشكل عام فان الدراسات في التربية وعلم النفس تشير الى أن الشعور بالوحدة النفسية من الظواهر الاجتماعية الهامة وقد يشعر الانسان بها في مراحل مختلفة من العمر [8]

ومن المهم الاشارة اليه ، ان تفهّم ودعم الاسرة للمراهقة هو المصدر الاساس، لتأكيد المراهقات لذواتهن وتعزيز الثقة بأنفسهن وخفض درجة شعورهن بالخجل والتردد في المواقف الاجتماعية المختلفة

كما ان تربية المراهقةهي علم وفن تحتاج الى ان يلم بها الوالدان ، بل ويتعلمانها ، لأنه وكما سبق تبيانه ،فإن الشعور بالوحدة النفسية هو بالاساس (بالنسبة للمراهقة ) اسلوب في التربية ، وقيام الوالدين بتفهم ذلك ،ومشاركة الابناء همومهم وتفهم مشاكلهم وإحاطتهم بالحب والرعاية سيخفف كثيرا من معاناة الابناء

[1] Newcomb M.and Bentler P.Lonelines and social support, personality and Social Psychology Bulletin .N.W.1986,Vol12 p.520


د.حامد زهران ، مرجع سابق ص 51 [2]


[3] Maslow A. k, Thedynamicsof psychological security –insecurity, Character and personality N.Y. 1949 issus 10 p 344


د.أحمد زكي صالح، علم النفس التربوي، ، مكتبة النهضة المصرية،القاهرة 1972 ص 309[4]


[5] GaudinJ.Lonelines depression stress and social support in neglectful families, Ameracan journal ortho psychiatry vol 63 p. 605


[6] Koropeckyj T. ,Lonnelinessand Depression in Middle ,N.Y.jone and sons , 1995 p 455

,

عدنان الشريف ،علم النفس القراني دار القلم للملايين ،بيروت 1987 ص 38 [7]


عبد الحميد جابر و وحمود عمر ، الحساسية الاجتماعية لدى عينة من تلاميذ المدارس الابتدئية والاعدادية بدولة قطر وعلاقتها بكل من الوحدة النفسية والتحصيل الدراسي ، مجلة دراسات نفسية التي تصدر عن مركز البحوث التربوية ،جامعة قطر ، المجلد 26 ص 42 [8]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google