أكاذيب «داعش» - محمد عبد الجبار الشبوط
أكاذيب «داعش»


بقلم: محمد عبد الجبار الشبوط - 03-11-2016
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية ان «داعش» تمكن من الاستيلاء على الموصل وغيرها من المناطق في العراق عام 2014 عن طريق استغلال حالة عدم الرضا التي كانت تنتاب المجتمع السني ضد الحكومة التي يقودها الشيعة، وعن طريق توفير الحماية للسنة. ولم تذكر الصحيفة عاملا اخر وهو استغلال العاطفة الدينية عند الناس حين خدعهم بانه جاء لتطبيق القرآن والشريعة الاسلامية. وتقول الصحيفة ان العديد من السنة رحبوا بـ«داعش» لكن اغلب المدنيين الذين هربوا من مناطق سيطرة «داعش» يقولون انهم يبغضون «داعش» بسبب قسوته. ام احمد وهي امرأة موصلية هربت مؤخراً من الموصل تقول:»لقد كنا نعتقد في البداية انهم ناس طيبون؛ لكن الحقيقة انهم كاذبون.» تقول ام احمد ان ابنها ذا السنوات الثمان حُرم من الدراسة خلال السنتين الماضيتين لان «داعش» استبدل تدريس المناهج الدراسية التعليمية بعرض أفلام قطع الرؤوس من قبل إرهابيي «داعش» الامر الذي جعل ابنها يعيش في كابوس من الرعب والخوف. نقلت الصحيفة الأميركية عن ام احمد قولها انها ما زالت ترتعش خوفا حينما يذكر اسم «داعش» أمامها.
شهادة ام احمد هي الوثيقة الصادقة الكاشفة لما حصل في الموصل قبيل العدوان الداعشي وكيف ان «داعش» خدع الناس الذين اضطر ان اذكر وصفهم المذهبي لتكتمل الصورة. وقبل ذلك كانت منصات الغدر والخيانة تعزف على الوتر الطائفي وتطالب بخروج الجيش العراقي مما سمته مناطق السنة. وكانت دعاية «داعش» وقبلها القاعدة تقول انهم يريدون تحرير مناطق السنة من سيطرة وحكم الروافض. وكانت كل هذه الادعاءات مغطاة بستار واهٍ من الدعاوى الدينية الزائفة التي خدعت بسطاء الناس الذين يحبون القرآن وشريعة الله.
وماذا كانت النتيجة؟ حياة تحكمها القسوة والرعب والقتل وقطع الرؤوس واخيرا اتخاذ المواطنين المدنيين السنة دروعا بشرية في المعركة الراهنة لتحرير الموصل والموصليين من نير «داعش». واليوم وبينما تشتد المعركة وتحرز قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها وصنوفها ومسمياتها النصر وتتقدم بسرعة لم يتوقعها الكثيرون وتحرر المزيد من الاراضي اخذ الناس يدركون حجم عملية الخداع وغسيل المخ الذي تعرضوا له على يد «داعش». فقد اتضح لهم ان «داعش» كان يتاجر بالكذب والإسلام وحماية السنة. فبعد سنتين عجاف اتضح ان «داعش» يصدق في شيء واحد هو الإفساد في الارض وسفك الدماء. وان أكثر الناس تعرضا للأذى والتهجير هم المواطنون السنة الذي زعم «داعش» انه جاء لحمايتهم وتحريرهم.
دروس كثيرة يمكننا ان نستخلصها بعد ان نطوي صفحة «داعش» الدموية الى الابد. وعلى رأس قائمة هذه الدروس، درس ينبغي ان يكون محفورا في الذاكرة الجماعية للعراقيين وهو ان الورقة الطائفية هي الجسر الذي تعبر عليه كل العذابات والآلام والصراعات والمشاكل. وان السبيل الى التخلص من كل ما يعانيه مجتمعنا يتمثل في حرق الورقة الطائفية الى الابد والاستعاضة عنها بالمواطنة التي تجعل العلاقة بين المواطن والدولة علاقة مباشرة بدون الحاجة الى المرور عبر المكون الديني او المذهبي او العرقي. العلاقة عبر الواسطة تجعل كل الناس مواطنين من الدرجة الثانية عدا المستفيدين من الجسور الزائفة بين المواطن والدولة. بهذا يتحقق القضاء الحقيقي على «داعش». وهذا هو المعنى الجوهري للانتصار عليه.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google