قبول المسيح ورفضه ! * - د. رضا العطار
قبول المسيح ورفضه ! *


بقلم: د. رضا العطار - 04-11-2016


يؤثر الدين في العالم فقط عندما يصبح هو نفسه دنيويا، بمعنى ان يصبح معنيًا بالسياسة في معناها الواسع.
ومن هذه الناحية، يعتبر الاسلام مسيحية اعيد تكييفها تجاه العالم. هذا التعريف يكشف لنا عن التشابه وعن الاختلاف بين الدينين.
اعتبر كبير فلاسفة الالمان هيجل في تصنيفه للاديان ان الاسلام استمرارا لليهودية - - وهذه الفكرة عن الاسلام تنبع من وجهة نظر مسيحية. كما جاء في كتاب ( انماط من الاديان المقارن) للباحثة (مرسيا اليادي) : النبي محمد على مفترق طريق التحول من المرحلة الثانية الى المرحلة الثالثة (والاخيرة) من مراحل التحول الروحي للجنس البشري.
ومن ثم، فالمرحلة الثالثة بدأت بمحمد. وتضيف : ان تاريخ العقل الانساني هو عملية (علمنة ) عامة، وبهذه الرؤية يقف محمد على سيادة المسيحية وبداية العصر العلماني الحديث. بمعنى انه يقف في النقطة البؤرية للتوازن التاريخي.

اذا نحيًنا جانبا رؤية (اليادي) التاريخية ذات البعد الواحد- وهي رؤيا غير مقبولة من وجهة نظرنا – نستبقي منها إشارتها الى الموقف (الوسط) للاسلام ولنبيه محمد الذي تتميز به هذه الرؤية. هذا الانطباع يظل ثابتا بصرف النظر عن اختلاف المداخل والتفسيرات.
لقد تجنب المسيح دخول القدس لانها كانت مدينة (الفريسيين)، والفريسيين هؤلاء طائفة من اليهود على عهد المسيح، عُرفت بتمسكها بالطقوس الشكلية وبالتقوى الكاذبة. كما تجنب المسيح المجادلين والكتاب والكفار واصحاب الايمان السطحي - - ومن اخرى لا توجًه الاشتراكية خطابها لابناء الريف، وانما تتوجًه به لأبناء المدن الكبرى. اما محمد، فكان يذهب الى (غار حرًاء) (ليتعبًد) ولكنه كان يعود في كل مرة الى المدينة الكافرة (مكًة) لكي يؤدي رسالته.

ومع ذلك فان كل ما حدث في مكة لا يمكن وصفه بانه (الاسلام) لان الاسلام اكتمل وبلغ ذروته في (المدينة المنورة).
لقد كان محمد في (غار حرًاء) صائما متنسًكا متصوفا حنيفا، - والحنيف هو الشخص الذي ينبذ العقائد المزيفة التي تحيط به ويلتزم بالدين الصحيح – وكان في مكة مُبشًرا بفكرة دينية. اما في المدينة، فقد اصبح داعية الى (الفكرة الاسلامية). ان الرسالة التي حملها محمد (ص) اكتملت وتبلورت في المدينة :
(اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) سورة المائدة.
فهناك، وليس في مكة كانت (بداية ومصدر النظام الاسلامي الاجتماعي كله).

* مقتبس من كتاب الاسلام بين الشرق والغرب لعلي عزت بيجوفيتش





Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google