عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٢١) - نــزار حيدر
عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٢١)


بقلم: نــزار حيدر - 08-11-2016


عْاشُورْاءُ
السَّنَةُ الثّالِثَةُ
(٢١)
نـــــــــزار حيدر
بذلكَ يَكُونُ الأَمامُ الحُسين السِّبط (ع) قد حدّد معالِم حركتهِ الاصلاحيّة والتي تعتمد نفس المنهج والسّيرة المحمديّة والعلويّة؛
رفْضُ الحاكم الظّالم لإزاحةِ أَسباب الفساد المالي والاداري في الدّولة وبالتّالي لإطلاق مشروع الاصلاح الرِّسالي الحقيقي والجذري.
من جانبٍ، ومن جانبٍ آخر فانَّ إِزاحة الحاكم الظّالم يعني إِزاحة البِطانة الفاسدة التي يعتمد عليها في ممارسةِ فسادِهِ المالي والاداري، وتبريرهُ بشكلٍ من الأشكالِ.
يَقُولُ الحُسين السّبط (ع) وهو يتحدّث عن ذلك {أَلا وأَنَّ هؤُلاء، ويقصد السُّلطة الأَمويَّة الغاشِمة، قد لزَموا طاعةَ الشَّيطان وترَكُوا طاعةَ الرَّحمن وأَظَهروا الفَساد وعَطَّلوا الحُدُود وآستأثَروا بِالفَيء وأَحّلوا حرامَ الله وحَرَّمُوا حَلالهُ}.
وعندما يعتمدُ الحاكم الظّالم مثلَ هذهِ المنهجيَّة تكون النَّتيجة كما أَشار اليها الامامُ (ع) في خطابٍ آخر {بِغَيْرِ عدلٍ أَفشَوهُ فيكُم ولا أَملَ أَصبح لكُم فيهِم الّا الحَرام مِن الدُّنيا أَنالوكُم وَخَسيس عَيشٍ طَمعتُم فِيهِ}.
ما أَعظمكَ يا أَبا عبدِ الله وما أَعظم بيانكَ وخطابكَ، فلقد حدَّدتَ ميزاناً ودوَّنتَ معادلةً هي صالحةً للقياسِ عليها في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.
فعندما يضيعُ العدلُ في المجتمع، بسببِ آستئثار زمرةٍ على خيراتِ البلادِ، يغيبُ الأَمل في نفوسِ النّاسِ بالسُّلطة الحاكمة، والتي لا ينتظر منها النّاس الا الفُتات من موائدهِم والحرام من المتبقّي من ملذّاتهِم، وعندها ينتشر أَكل الحرام بين العامّة فلا يقتصر ألْفَسادُ على طبقةِ الحُكّام فقط وإِنّما يشيعُ في كلِّ طبقاتِ المجتمعِ.
انَّ نتيجة الفساد المالي والاداري الذي يستشري في مؤسّسات الدّولة هو الجوع والذي يدفع صاحبهُ دفعاً للسّرقة والتّجاوز على حقوقِ الآخرين وتزوير الوثائق والشّهادات التّعليميّة للحصولِ على ما يُمكن من إِمتيازات حتّى اذا كانت كاذبة، وهكذا!.
فكيف يُمْكِنُ علاجُ ذَلِكَ؟!.
الجواب؛ من خلالِ وعي المسؤوليّة، مسؤوليّة الحاكم والمحكوم على حدٍّ سَواء، والذي يعني وعي الحقوق والواجبات كذلك للحاكم والمحكوم على حدٍّ سَواء.
ولعلَّ من أَهمّ ما يساعد على ذلك هو وعي معايير الحاكم الصّالح والدّولة الصّالحة، ليتسنّى للأُمَّة ان تتفاعل إيجابيّاً مع الدّولة والحاكِم، والعكس هو الصّحيح لتواجهَ الحاكم الظّالم والفاسد ولا تتفاعل بايجابيّة أَبداً معهُ لِئلّا تُمكِّنهُ من الامساك بتلابيب السُّلطة بالحديدِ والنّار اذا اقتضى الأَمرُ.
ولهذا السّبب نُلاحظ انَّ الامام السّبط (ع) كان حريصاً جدّاً على تبيين معايير الحاكم الصّالح والسّلطة الصالحة الى النّاس ليحرِّك في ضمائرهِم وعقولهِم قدرات المواجهة ضدّهُ، خاصَّةً وانّ الحاكم وقتها، الطّليقُ ابْنُ الطّليق يزيد بن مُعاوية، كان يحكم بِاسْمِ الاسلام ويمارس كلّ أَنواع الظُّلم والجَور والانحراف سواء السِّياسي مِنْهُ أَو الاجتماعي أَو الاخلاقي بِاسْمِ الدّين والدّين مِنْهُ بُراء.
يَقُولُ الامامُ (ع) في خطبةٍ لهُ {أَمّا بعدُ! أَيُّها النّاس؛ فانَّكم إِن تتَّقوا وتعرِفوا الحقَّ لأهلهِ يكُن أَرضى لله وَنَحْنُ أَهلُ الْبَيْتِ أَولى بولايةِ هذا الأمرِ عليكُم مِن هؤُلاء المدَّعين ما ليسَ لهُم والسّائرينَ فيكُم بالجَورِ والعُدوانِ}.
ويضيفُ عليهِ السّلام {أَيُّها النّاس! إِنَّ رسولَ الله (ص) قالَ؛ مَن رأى سُلطاناً جائِراً مُستحِلّاً لحرامِ الله ناكِثاً لعَهدِ الله مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ الله (ص) يعملُ في عبادِ الله بالإثمِ والعُدوان فلَم يُغَيِّر عَليهِ بِفِعلٍ ولا قَولٍ كانَ حقّاً على الله أَنْ يُدخِلَهُ مَدْخَلَهُ}.
وهو نفس المنهج الذي انتهجهُ الامام أَميرُ المؤمنين (ع) عندما بويعَ للخلافةِ بعدَ مقتل الخليفة الثّالث، ففي خطابٍ لهُ حدَّد (ع) معايير الحاكم العادل بقولهِ {وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالمَغَانِمِ وَالاَحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ، وَلاَ الْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ، وَلاَ الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ، وَلاَ الجَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْم، وَلاَ الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَيَقِفَ بِهَا دُونَ المَقَاطِعِ، وَلاَ الْمَعطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الاُمَّةَ}.
وقد جَاءَ كلامهُ (ع) هذا بعد أَن برَّرَ موقفهُ الرّافض للحكم المُنحرف بقولهِ (ع) {اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَان، وَلاَ الِْتمَاسَ شِيء مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الاِْصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ}.
وفي نَفْسِ الوقت فضحَ عليه السّلام الوُلاة الفاسدين الذين تبوَّأوا مواقع المسؤوليّة بِغَيْرِ حقٍّ على حسابِ الآخرين الصّالحين، ما تسبّبَ بانتشارِ الفساد المالي والاداري في الدّولة ومؤسّساتِها لينزلَ بمرورِ الأَيّام الى أَصغر حلقاتِ المُجتمعِ.
يَقُولُ (ع) {وَلكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ [أَمْرَ ]هذِهِ الاُْمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَفُجَّارُهَا، فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَعِبَادَهُ خَوَلاً، والصَّالِحِينَ حَرْباً، وَالْفَاسِقِينَ حِزْباً، فَإِنَّ مِنْهُمُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فِيكُمُ الْحَرَامَ، وَجُلِدَ حَدّاً فِي الاِْسْلاَمِ، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى رُضِخَتْ لَهُ عَلَى الاِْسْلاَمِ الرَّضَائِخُ، فَلَوْلاَ ذلِكَ مَا أَكْثَرْتُ تَأْلِيبَكُمْ وَتَأنِيبَكُمْ، وَجَمْعَكُمْ وَتَحْرِيضَكُمْ، وَلَتَرَكْتُكُمْ إِذْ أَبَيْتُمْ وَوَنَيْتُمْ}.
٧ تشرين الثّاني ٢٠١٦
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920




Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google