عصر ما بعد المعلومات(الحلقة السادسة)ـ - عزيز الخزرجي
عصر ما بعد المعلومات(الحلقة السادسة)ـ


بقلم: عزيز الخزرجي - 09-11-2016
Post Factual Eraعصر ما بعد المعلومات:
(الحلقة السادسة)
عالم"كارتوني"!
عرضنا في الحلقة السابقة حقائق عن فقدان العدالة و المساواة و الحرية في العالم, مع مؤشرات على إزدياد العنف و المظالم بحقّ الناس حتى بات الظلم و الأستغلال و آلطبقية مسألة قانونية للأسف لتحقيق أهواء المتسلطين في العالم, و قلنا بأنّ منشأ كل ذلك الأرهاب هو الظلم, و الظلم يقع لسببيّن؛

ألأوّل: بسبب ألجّهل,
الثاني: لتسلط حكومات فاسدة بقيادة المنظمة الأقتصادية العالمية التي تُخطط لإذلال مليارات من الناس لمنافعهم؛

و بما أن آلحكومات بقيادة أصحاب المنظمة الأقتصادية العالمية لا يُريدون نشر الحقائق و تحقيق العدالة؛ بل العكس يريدون إشاعة الجّهل و الزّيف بدل ذلك لأعتقادهم بأنّهما ضمان آلسيطرة على الناس للفوز بآلمغانم الكبرى, لذلك فأن مستقبل العالم في عصر ما بعد المعلومات ستكون فيها نهاية الأنسانية, على يد جيوشهم و قواعدهم العسكرية الضامنة للقضاء على أية حكومة مخالفة أو أنتفاضة أو ثورة جماهيرية أو حتى نخبوية!

و الحال أنّ المستكبرين, رغم علمهم بآلحقيقة كاملةًّ؛ إلا أنهم رفضوها بسبب نفوسهم المستكبرة التي أضلّتهم عن طريق الحقّ, ذلك أنّ كلّ جيوش العالم و ألقواعد العسكرية الغربية الـ 400 لن تستطيع أن تهزم الأرهاب .. ألعدل فقط هو الذي يستطيع ذلك!

كان من المفروض أن أعرض هذه الحلقة قبل هذا الوقت بإسبوع حيث صادفت حلول الأنتخابات الأمريكية, و كنتُ مُتردّداً من تحقق الحلم الكبير للمستكبرين .. و المُتجسد بإنتخاب (دونالد ترامب), لكوني كنت أعتقد حتى لساعات بأنّ الشعب الأمريكي أذكى و أوعى من أن ينتخب الحزب الجمهوري الأمريكي, و إنّ المثقفين و الكتاب و العلماء و الأكاديميين فيه سوف لن تنطلي عليهم تلك المسرحية الكارتونية كثيراً, و أنهم على الأقل سينتخبون الحزب الديمقراطي الأقل سوءاً و ضرراً على العالم !

لكن للأسف تحقق ما كنت أخاف منه .. بفوز ترامب كرئيس جديد لأكبر دولة علميّة و إقتصاديّة في العالم!

إنّ فوز (ترامب) في الأنتخابات الأمريكية الكارتونية الأخيرة الـ 45 هذا اليوم يُعتبر نصراً كبيراً لأصحاب المنظمة الأقتصادية العالمية, لكون الحزب الجمهوري الأمريكي بقيادة (دونالد ترامب) هي آلرائدة و الحاملة لراية (عصر ما بعد المعلومات) المخيف .. المجنون!

و هكذا تحقّقت بعد 30 عاماً تنبؤآت "عائلة سيمبسون" الكارتونية التي عرضتها أمريكا منذ سبعينيات القرن الماضي, بكون دونالد ترامب سيكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، و قد أصبح بآلفعل واقعا و حقيقة هذا اليوم.

حيث أشاروا من خلال ذلك الفلم إلى فوزه بعد أن عرضوا حتى صورته التقريبية للعالم الذي كان و ما زال يمرّ بغيبوبة شبه كاملة!

ففي حلقة بُثت يوم 19 مارس عام 2000 و حملت عنوان "بارت تو ذي فيوتشر"، ظهرت الشخصية الكرتونية "ليزا" في البيت الأبيض في منصب رئيسة الولايات المتحدة في عام 2030 خلفا للرئيس السابق ترامب الذي سبب أزمة مالية فبات عليها حلها، و هي تقول خلال الحلقة "كما تعلمون، نحن ورثنا وضعاً ماليّاً حرجاً".

و قال دان غريني الذي كتب عدة حلقات من مسلسل "عائلة سيمبسون"، إن تسلم ترامب مقاليد ألرّئاسة في الولايات المتحدة في تلك الحلقة كان في إطار "تحذير أمريكا" و إنّهُ - أيّ غريني - كان يتّفق مع الرؤية التي تقول بأنّ "الأمريكيين يسيرون نحو الجنون", و وردت في الحلقة تفاصيل عدّة ما عتمت أنْ تحققت الآن بشكل دقيق على أرض الواقع.

كما أصدرت السلسلة الكرتونية مقطعاً قصيرا عن ترشيح (ترامب) للانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة في العام الماضي تحمل عنوان "Trumptastic Voyage"، يظهر خلالها ترامب و هو في صدد النزول على درج كهربائي وسط مؤيّديه فيما يُسقط أحدهم (لافتة), و هو ما حدث بالفعل في بداية العام 2016.
و هذه ليست المرّة الأولى التي تتحقق فيها تنبؤات المسلسل الكرتوني الذي بدأ بثّهُ من عام 1987 و لم يكن من باب الصدفة طرح قضايا سياسية و مجتمعية و دينية و تربوية في إطار كرتوني و كوميدي ساخر سوى كونها كانت برامج حقيقية لم يكن سبيل لطرحه على هذا الجيل الذي بلغ أشده الآن، و قد سبق للمسلسل أن تنبأ بأحداث 11 سبتمر في حلقة بُثت عام 1997 ظهرت فيها "ليزا" ممسكة بمجلة عليها كلمة (نيويورك) و يظهر أيضا الرقم 9 الذي يرمز إلى شهر سبتمبر/أيلول و رمز البرجين الذي يدل على هدف الضربة الإرهابية الشهيرة من جهة وعلى الرقم 11 من جهة أخرى, وهو ما وقع فعلاً على أرض الواقع مع بداية الألفية الثالثة.

و الحقيقة بدى لي و كأن المنظرين الكبار لسياسة أمريكا و العالم بعرضهم لهذا المسلسل الخطير بشكل كارتوني, كانوا يُخططون عملياً و بدقة من وراء الكواليس لعالم اليوم الذي أصبح فيه الوضع يشبه أفلام الكارتون لكثرة الظلم و المفاجآت و الحروب و الكرّ و الفرّ و آلنهب و الفساد و الفوارق الطبقية و السياسية و الأقتصادية و غيرها من الأمور التي حاول المستكبرون عرضها كحقائق يجب قبولها و لا مفرّ منها و على العالم خصوصا المثقفين و الحكام ليس فقط إطاعة هذا النمط الجديد من الحياة(الكارتونية) بل و دعم ذلك لأجل أن يبقوا أحياءاً فقط يتنفسون بأبدانهم, رغم كلّ قساوتها و تبعاتها و عواقبها السيئة التي يعيشها العالم خصوصا منطقة الشرق الأوسط و بشكلٍ أخصّ الدّول العربيّة و الأسلامية التي بات فيها موت الأطفال و الأبرياء قضية شبه عادية لأجل الفاسدين, و لا حول و لا قوّة إلا بآلله العليّ العظيم.
عزيز الخزرجي
مفكّر كونيّ
11/9/2016



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google