الشعب الامريكي انتخب اليمين بعيدا عن هواجس الاقتصاد - جمال الخرسان
الشعب الامريكي انتخب اليمين بعيدا عن هواجس الاقتصاد


بقلم: جمال الخرسان - 10-11-2016

خلافا لتوقعات معظم المتابعين واستطلاعات الرأي التي اجريت خلال الفترة الماضي حول ارجحية احد المرشحين على الاخر، ودون ان يتبوأ اي منصب في المؤسسات السياسية او العسكرية الامريكية وصل "دونالد ترامب" مرشح الحزب الجمهوري المثير للجدل الى سدة الحكم في امريكا واصبح الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة الامريكية وبفارق مريح جدا عن منافسته هيلاري كلينتون.
ترامب الذي اثار امتعاض المتابعين والمعنيين بالشأن الامريكي بما في ذلك صقور الحزب الجمهوري الامريكي كان يفرض نفسه بشكل مثير للانتباه منذ الانتخابات التمهيدية داخل الحزب نفسه وحتى الانتخابات العامة، كلما ازدادت الحملة الاعلامية ضده اصبح اكثر قوة في مفارقة غريبة.
صدمة الفوز لم تكن فقط في وصول شخصية بعيدة عن الشأن السياسي الى زعامة دولة عظمى مثل امريكا بل ايضا لان معظم التوقعات من قبل المختصين بالشأن الامريكي كانت ترجح كفة كلينتون وهذا ما لم يحصل. لكن السؤال الاهم لماذا فاز ترامب رغم انه ليس سياسيا؟ وايضا لماذا فاز رغم هذا التاريخ الحافل من الفضائح ومواقفه المعلنة المهينة للمرأة وهي المقدس في الثقافة الغربية؟!
الاجابة الاهم على ذلك التساؤل تكمن بان الناخب في امريكا اراد ترجيح كفة اليمين، اراد انتخاب الهوية الغربية مهما كان المرشح الذي يمثلها ترامب او غيره. القوى المؤثرة في الانتخابات الامريكية والناخب الامريكي صوّت لليمين وبتطرف!
ان الناخب الامريكي ولا شك الناخب في اوروبا ايضا هذه الايام لم يبعد يبحث بالدرجة الاولى عن تحسين الوضع الاقتصادي في الانتخابات بمقدار تفضيله لمرشح يدافع عن الهوية الغربية ويرفع الصوت عاليا ضد الانحناء للهويات الاخرى، وهذا ما حصل مثلا في الانتخابات الالمانية على سبيل المثال ومن المتوقع حصوله في اي انتخابات قادمة في اوروبا.
ان صعود روسيا والصين اضافة الى حماقات المتطرفين من الاسلاميين، والفوضى الامنية التي عبثت باوروبا خلال السنتين الماضيتين سيما في بلجيكا، فرنسا وحتى المانيا تغيرت البوصلة تماما، واصبح اليمين في الغرب عموما سواء في امريكا او اوروبا.
سيكون ترامب او اي مرشح يميني متطرف آخر هذه المرة غير مطالب بتحسين الاقتصاد ولا ايجاد فرص عمل، بل سيجد مناصريه الكثر لا يطالبونه بأكثر من ايقاف زحف المهاجرين والتضييق على من تبقّى منهم! التطرف الاسلامي وضع بيد الاحزاب اليمينية ورقة ذهبية في مواسم الانتخابات المقبلة. التطرف الاسلامي وتكاسل الجاليات العربية في الغرب سيجمد ولو مؤقتا مقولات التنوع الثقافي، والمفاهيم العصرية وما شابه ذلك، ويمنح الراغبين بالعودة للهويات العرقية والدينية جرعة جديدة كانت تحلم بها! المواسم الانتخابية المقبلة مواسم يمينية بامتياز!
جمال الخرسان
[email protected]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google