قبول المسيح ورفضه ! * - د. رضا العطار
قبول المسيح ورفضه ! *


بقلم: د. رضا العطار - 11-11-2016


عاد النبي محمد من (الغار) وشرع يدعو الى الاسلام. وهكذا تمً الامتزاج بين العالم الجوًاني وعلم الواقع، بين التنسًك والعقل، بين التأمل والنشاط. لقد بدأ الاسلام صوفيا واخذ يتطور حتى اصبح دولة. وهذا يعني ان الدين قد تقبل عالم الواقع واصبح (أسلاما).
الانسان نفسه - - هذه هي الصلة بين محمد وبين عيسى (العهد الجديد). فبين الكتب المقدسة وبين النفس تشابه في الطبيعة - - في جوهرها جميعا سرً واحد. فالنفس والكتب المقدسة يمثل احدهما الاخر بطريقة رمزية - - وكلاهما يلقي الضوء على الآخر (هنري دي لوباك). والاسلام نسخة من الانسان، ففي الاسلام تماما ما في الانسان - - فيه تلك الومضة الالهية، وفيه تعاليم عن الواقع والظلال. بالاسلام جوانب قد لا تروق لبعض الشعراء، فالقرآن، كتاب واقعي لا مكان فيه لابطال الملاحم. والاسلام بدون انسان يطبقه، يصعب فهمه، وقد لا يكون له وجود بالمعنى الصحيح.

لم تبلغ المسيحية ابدا الوعي التام بوحدانية الله. فبها مفهوم مفعم بالحيوية عن الالهية، ولكن لا توجد بها فكرة واضحة عن الله. وكانت مهمة النبي محمد (ص) ان يجعل الفكرة الانجيلية عن الله اكثر وضوحا واقرب الى فكر الانسان.
فالله هو الأله (الواحد) الذي تتوق اليه النفوس وتصبوا اليه افكار نبيلة في عقولنا. في الاناجيل، الأله (اب) وفي القرآن، الله رب العباد. الأله في الاناجيل محبة، وفي القرآن (جلال يستحق الحمد) - - هذه الخاصية في فهم المسيحية للألهية انقلبت فيما بعد الى سلسلة من الصور المختلطة ضحًت بالوحدانية الاصلية للمسيحية في سبيل الثالوث (وتكريس الأم العذراء والقديسين . . ) مثل هذا التطور غير ممكن في الاسلام، برغم كل ما مرً به الاسلام من نكبات تاريخية، ظل (انقى اديان التوحيد) (لوبون) - - النفس الانسانية قادرة على تصور الألوهية تتحول الى فكرة :
(الله الواحد الأحد).

إله المسحية هو رب عالم الافراد، بينما يملك الشيطان زمام العالم المادي. فكثير من الحكايات المسيحية تتحدث عن القدرة الشاملة للشيطان. ولذلك فان الاعتقاد المسيحي في الله يتطلب الحرية الباطنية – بينما العقيدة الاسلامية في الله تنطوي على الحرية الباطنية و الظاهرية معا. ان الاعتقادين الاساسيين في الاسلام : (الله اكبر) و (لا اله الا الله) هما في الوقت نفسه اعظم القوى الثورية في الاسلام. كما ان عبارة (لا إله إلا الله) تعني انتزاع السلطة من يد رجال الدين ومن زعماء القبائل والحكام واعادتها الى الله، لذلك كانت (لا إله ألا الله) ضد جميع اصحاب السلطة في كل عصر وفي كل مكان.
الى الحلقة التالية !
* مقتبس من كتاب الاسلام بين الشرق والعرب لعلي عزت بيجوفيتش



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google