ترامب سيرسم وجه أمريكا القادم ! - هاني الحطاب
ترامب سيرسم وجه أمريكا القادم !


بقلم: هاني الحطاب - 13-11-2016
اعترف ، أني وقعت في الفخ ، الذي ما زال يقع فيه الكثير يومياً ، أو لنقل ، أني وقعت في العادة المعتادة ، في الحكم على الأشياء التي درج الناس عليها منذ قرون طويلة . في الحكم على الأشياء والأشخاص من مجرد الظن أو الأشاعات ، لا من الأشياء في مظانها ، وفي الأشياء بذاتها , وكما عليه هي في الواقع . فكما يعرف ، الكثير ، أن ثمة طريقتين مشهورتين في الحكم على الاشياء أو معرفتها ، الطريقة السهلة والدارجة ، والتي يمكن جمعها بمظاهر المتخلفة في الحكم من النظر الأولى ، أو في ما يقال عنها أو في الظن والأعتقاد ، بدون أي سند من الواقع والحقيقة . أو في أستخدام الطريقة الثانية ، أي في اختيار الطريقة العلمية ، الطريقة الموثقة ، والتي بها وحدها فعلاً يتم معرفة الشخص أو الشيء . كما هو عليه. وهذه الطريقة عادة ما تسمى بالطريقة التحليلية أو التجربية ، فنحن هنا لا نصدر حكم إلا بعد معاينة الشيء أو الشخص وفحصه وتأمل جميع جوانبه وضعه على محك الأختبار . وهذه الطريقة التجربية . كما يعرفها أهل العلم في معرفة ما يحيط بِنَا . والطبع ، تنبع الأشكالية في الحكم على الأشخاص من كونها تخلف عن الحكم على الاشياء . فنحن ، في الحكم على الأشخاص أو البشر ، ليس أمامنا من سبيل في الحكم عليهم سوى اختبارهم عن طريقة اعطاهم فرصة لممارسة ارائهم واعتقاداتهم وليس فقط في الحكم عليهم من مجرد ما يقولوه أو يقول الناس عنهم . وبما أن الحكم ، في نفس الوقت ليس ظاهرة برئية ، كما يقال ، فالناس تحكم بناء على مصالحها أو تفضيلاتها ، وليس بحسب حكم نزيه بعيد عن تلونات الأشياء ، أو نحيازاتهم وتحاملتهم . وهذا كما يرى الفلسفة والفلاسفة ، سبب النزاع والصراع في العالم ، فالايدلوجية ، كامنة في قلب أي حكم ، يريد ، أن يبدو متعالي عن الهموم اليومية . وإذا أسلمنا بهذه المقولة والتي، نرى ويرى الكثير غيرنا أنها أصبحت بدهية وحقيقة لا يرق اليها الشك . أذن لنأت لموضوعنا ، والذي مهدنا له وقلنا أننا خدعنا فيه . فقد سبق لنا وكتبنا في هذا الموضوع ، في مقالة ، عنوانها أمريكا بوجه واحد ، وقلنا فيها رأينا ، في ترامب ، ولكن للأسف لم نقله من وجهة النظر الموضوعية والتحلية ، بل تحدثنا من وجهة النظر العامية ، والشائعة والدارجة والتي تحكم على الظاهرة بناء على ما يقال عنها وأليس الأشياء والأشخاص في ذاتهم . وعذرنا الوحيد في ذلك ، هو أننا جارينا الناس في اعتقاداتهم وتصوراتهم وافترضنا مسبقاً صحة تلك التخمينات ، لأن الكلام فيه كان مجرد افتراض ، وتحليل شيء بطي الغيب . ولكن الأمور الآن تغيرت واضحت حقيقة واقعة . وأقصد ، هنا الكلام عن ترامب ، قبل وبعد انتخابه رئيس إلى أمريكا . وما نريد أن نبينه الآن ، أو نتسأل عنه ، هل يحق لنا أن نحكم على بناء عما يقال عنه ، أو استخدمه كدعاية انتخابية ، ما دامت تلك الطريقة أصبحت سنه في الوصول للحكم ؟

فلاشك أن الحكم على ترامب وفق ما يقال عنه ، هو الوقوع في فخ الدعاية المضادة له ، فهو لم يقم بأي عمل بعد لكي نقول شيء بصالح أو ضده . فهتلر لم يصبح هتلر منذ البداية ، ولكن بعد أن قام بسلسة من الأعمال هي التي جعلت من أسمه نموذج وأسلوب في الحكم والتعامل مع الآخرين ، فهل نستطيع ، في وضعنا الحالي ، أن نحرز ونتبأ بِمَا سيغدوا عليه ترامب ، ويصبح نموذج في الحكم والتعامل مع الناس على شاكلة هتلر ، قبل أن يبدأ ويعطى فرصه ليكشف عن معدنه الحقيقي ؟ فليس وجود الغيوم في السماء يدل دائماً وبشكل محتوم على أن المطر في طريقه للهطول ، كذلك ليس تصريحات ترامب التي أدل فيها والتي فيها نزعة عدائية ، ليس كافية لحرمان الرجل من ممارسة حقه في الحكم . فعلينا قبل كل شيء ، وقبل أن نحكم علئ شخص أو شيء أن نتظر . ليس لكي يقع الفأس في الرأس ، كما يقال في هذا الوضع ، فالديمقراطية أيضاً لها مطباتها ، وعليها ، أي الديمقراطية ، أن تكون قادرة على مص واستيعاب الصدمة ، أي تحصن نفسها ، برغم من وجود ترامب ، وأمريكا فيما يبدو لديها هذه الحصانة ، فالرئيس هنا ليس مطلق الصلاحيات . وما دام الأمر كذلك ، اعني عدم التسرع في الحكم . فلنظر في القضايا التي أثارة حفيظة البعض ضده . وعلينا هنا أن نتناول فقط المسائل التي لها تأثير عالمي وتمس شؤون الدول الآخرى ، ونهمل القضايا الداخلية ، ما دامت تخص مصالح أمريكا الداخلية ، والتي لكل رئيس وجهة نظر فيها . ولعل من أبرز المسائل التي اثارة خوف العالم وحذره هي قضية اللغاء الأتفاق النوي مع أيران . والذي يبشر بنزعة ترامب العدوانية . ولكن هذه التصريح يبدو متناقض مع كل تصريحاته الأخرى والتي تركز على شؤون أمريكا الداخلية ومحاربة الاٍرهاب . فترامب ، لا يريد للأمريكا أن تتورط في المشاكل العالمية ، أفليس اللغاء هذا الأنفاق هو العودة بعنف لنقطة الصفر بالمشاكل العالمية أم ماذا؟ ثم هذه الأنفاق لا يخص أمريكا فقط بل هناك عدة دول أوروبية والصين كانت مشاركة في تلك المفاوضاتوموقع عليه . ولذلك فأن هذا التصريح لا قيمة له وأستخدم لرضى بعض الدول المهوسة في العداء لإيران ، مثل السعودية وأسرائيل . وأيران جنت كل مكتسبات هذا الأنفاق ولم يبق منه سواء تنفيذ بنوده .

أما التصريح الثاني والذي يبدو عدواني فهو ، قول بأنه سيمنع المسلمين من. دخول أمريكا . ولكن ، هنا علينا أن نسأل من هم المسلمون المقصودين هنا ؟ ثم هل هناك هناك مسلمون فعلاً ؟

فالمسلمون ، كما هو معروف . قد تفرضوا منذ زوال دولتهم في زمن المغول ، ولم يبق سوى أسم على غير مسمى لأنه لم يعد هناك في الحقيقة مسلمون ، وبات تعبير يستخدم بقصد الأيهام والخداع . لأن المسلمون الآن عدة دول مختلف جذرياً ، بل أن متحاربون ويذبح بعض البعض لأنهم مسلمون فقط ، وليس لثمة شيء آخر ، فالعداء هو فقط الرابط التي بات تربط المسلمين ، أو ما يسمى مسلمين بين ما يسمى دول إسلامية أو الإسلام . فالإسلام لم يعد رابط تربط بين تلك الدول المختلف والتي تدعي إسلامي . ولم يعد الإسلام ، يدل على أي وجود واقعي ، بشكل الذي يستخدم فيه حالياً . فالسعودية تجند كل الإديانات المختلفة يهودية ومسيحية وبوذية لذبح الشيعة في سوريا وكذلك السنة في مصر لمن لا يخضع لدين الوهابي . فلفظة مسلم أو مصطلح مسلم ما عاد له مطابق ، فَلَو قال ترامب منع السعودية ، أو الأتراك ، أو الإيرانية أو المصرين أو العراقين لفهم كلامه ، أم أن يقول مسلمين فهؤلاء كانئات لا وجود لهم . ولذلك استخدام هذا التعبير حتى لا يقول شيء على وجه التحديد . والضجة التي أثارها هذه التصريح تخفي قلق وخوف هؤلاء الناس المستفيدين من استخدام الإسلام بهذا الشكل العام والذي لا يدل على شيء على الإطلاق .

فأوروبا كانت كلها مسيحية وتهيمن عليها المسيحية والكنيسة ، ولكن بعد انهيار الأمبراطورية الرومانية ، ونشؤ الدول القومية ، لم تعد تعرف بمسيحيته ، وإنما بأسم دولتها القومية ، كفرنسا ، وأيطاليا وألمانيا ، وأسبانيا وهلم جرا ، أنا الدولة التي كانت تخضع إلى الأمبراطوية الإسلامية ، فما يزال يستخدم الإسلام في تسميتها ، لغايات سياسية بنته ، وليس الأشارة لواقع موجود .

أما بقية تصريحات ترامب فهي كلها إيجابية ، وهي فيما نرى سبب هذا العداء له . فالعالم اثاره فقط على تلك التصريحات الأيجابية ، ، وخصوصاً في المنطقة العربية وبعض دول أوربا التي لها علاقة في الأرهاب منذ الربيع العربي . وسنتناول فقط أربعة منها ، ولعل من أول تلك هو تصريح في ما يخص حلفاء أمريكا في حلف الناتو ، والتي حسب قول ترامب أن أمريكا تتحمل وزر الدفاع عنهم ، فيما تلك الأعضاء لا تقدم أي مساعد مالية مقابل ذلك ، ولذا طالب في اللغاء هذا الحلف الذي نشأ في ظروف شاذة في عهد السوفيتي ، والذي لم تعد ثمة حاجة أليه . فهل في مثل هذا الطرح شيء مضر في السلم والأمن الدولي أم على العكس من ذلك ؟ لا شك أن هذا مطلب أيجابي . فكثيرة من الدول تقوّت بهذا الحلف واشترست به لتبرير عدوانها ، ولعل تركيا هي خير شاهد على ذلك . فتركيا ما كانت تجرؤ على عنترياتها لو لم تعرف أنها لديها حلفاء . فحل الحلف الأطلسي هو في مصلحة الكثير من دول العالم . فامريكا ما عادة في حاجة لحفاء بل أكثر الدول تستغل هذه الحلف لمأربها الخاصة ولتقوية شوكتها .

أما تصريح ترامب حول ذبح البقرة الحلوب السعودية ، قبل وبعد أن يجف حليبها ، فهذا بحد ذاته صفعة للملكة الشر والحط من قيمتها سوى كانت تملك المال أو لا تملك ، فهي مجرد حيوان بشري يدر المال ، أما بحد ذاته فلا قيمة له . وهذه الحقيقة كان يغطي عليها بمختلف الذرائع والحجج ، وأن الأمريكان يهيمون بالسعودية لسواد عيونها وهي حليف وصديق آبدي لهم . فشتيمة ترامب للسعودية أسرت في الحقيقة الكثيرون من نالوا أذاها . وعليه جند السعودية وعملأها حملة ضد ترامب وأنه عدو المسلمين وكائن شرير . فيما ترامب في الواقع قال كلمة حق .

والنقطة الآخر ، والتي شنع فيها على ترامب ، فهي عزمه أو تهديد في القضاء على من سُميت بالدولة الإسلامية أو داعش ، وهذه النقطة لا تحتاج للإيضاح كثير ، . فداعش أصبحت اكبر مشكلة في المنطقة وأستنزفت طاقات كثيرة . وبات القضاء عليها يخدم الشعوب المتضرر بهذا الوباء السعودي . وهذا أيضاً واحد من أهم نقاط التشهير في ترامب وأن بطريقة غير مباشرة ، فقد صور كأنه أعلن حرب ضد المسلمين . فسوئ تحقق هذا الوعد أم لا فهو يبقى ، على كل حال ، خير من مدح داعش أو الأشاد بها وتبرير أعمالها .

والنقطة الآخير التي سببت هياج كبير في داخل أمريكا أو خارجها ، فهي ثناه على الرئيس بوتين ونيته على تحسين العلاقات مع روسيا . فمعروف ، الرؤوساء الأمريكان اتخذوا من روسيا وقبلها الاتحاد السوفيتي فزاعة لتخويف الشعب الأمريكي ، بالخطر الروسي على أمن البلاد بحجج واهية . فالامريكان ، أو رؤوسائهم دائماً يبحثون عن عدو حقيقي أو وهمي ، يشغلوا به أهتمام الشعب الأمريكي . لذلك قال ترامب أن بناء علاقة جيدة مع روسيا ليس جريمة . فأسطورة معادة روسيا هي أيضاً من مخلفات الحرب الباردة . وبات الآن من الضروري التعاون مع روسيا في القضاء الأرهاب اذا أريد تخليص المنطقة من أخطاره . وإذا ما تم ، أو قبض لهذا التوجه من التحقق فأن صفحة من العلاقة الجيدة في العلاقات الدولية قد تغير وجه العالم ، فحقيقة أن جعل روسيا بعبع وتهميش دورها لا ينبع من سوى ضيق أفق سياسي . فلم تعد لروسيا أيدولوجية تختلف جذرياً عن العالم الغربي التي كانت الحجة في الأبتعاد عنها وتكتل ضدها . فلعل ترامب هو من يهدم ذلك الجدار الذي لم يعد يطابق وضع عالمنا الحالي المتداخل والمتشابك في علاقات مؤثرة . فترامب دعى العالم أن يفكر في كثيرة من التابوات المحرم التفكير بها مثل وجود الخلفي الأطلسي ، وعزل روسيا ، وتبيان حقيقة العلاقات مع دولة العصور المظلمة مثل السعودية وغير من رعاة الأرهاب ، وتركيا التي تستقوي بحلفها مع أمريكا . تلك هي أشهر تصريحات ترامب فيما يتعلق بعلاقة أمريكا مع العالم . وكما رأينا أن بعضها جيدة جداً ، وتخدم العالم بل حتى ما عد عنصري ومهدد للأمن العالم هو في الحقيقة جرئ حرف وتضخيمه من قبل المنأوين له . فهل يعني هذا في النهاية أن ترامب رجل ثوري ؟ بالطبع أن أمريكا لا تنجب رؤوساء ثورين في تنتج رجال على مقاسها ومنسجم مع طبيع نظامها ، ولكن هذا لا يعني عدم وجود الأختلاف في الدرجات ، @@@وأن النظام يحتاج بين فترة وآخرى رجل قوي أو حازم يفرض رؤية وأسلوب جديد بدل الأساليب الشائخة والتي فات زمنها . فكل رؤوس أمريكا يبقون في الفلك الأمريكي المرسوم بدقة . وعليه ، علينا بعد أن نطرح هذا السؤال هل ترامب مفبرك ومصنوع صناعة ، وخارج سياق الانتخابات وأن أمريكا أخرجته الآن لتنفيذ مآرب خاصة كما يفترض البعض ؟ يلوح لنا ، بعد هذا الشوط الطويل الذي قطعت أمريكا منذ تفجير برج التجارة ، قد استنفذت كل ما رادت أن تجربه . وتريد أن تخلد لراحة الآن . وأن أمريكا لم تعد في حاجة لمثل تلك الحيل في ، وصلت الآن لرحلة أن تفعل ما تشأ بدون حسيب ورقيب . فترامب ولد شرعي لديمقراطية الأمريكية المحسوبة بدقة بين حزبين يتناوبا السلطة والتي الأختلافات بينهما ليس عميقة .

ولو أجرينا أخيراً مقارنة بين ترامب وأباما لوجدنا أن أوباما لعب دور جداً خطير ، وأنه لو اعرف الناس ما كان موكل بفعله لكان احق بالخشية والخوف منه . بالخشية مما يروج عن ما سيلعب ترامب في المستقبل هي التي تقف وراء شيطنة ترامب . فاوباما ، هو على حد تعبير ترامب نفسه المؤسس الفعلي لداعش والربيع العربي الذي تبنته السعودية ونفذ بمساعدة أمريكا ورعاية أوباما . فليس لدى ترامب بعد ما يضيفه إلى الأرهاب ، فهو جاء في عصر أفوله ، وقد يدق المسمار الأخير في نعشه . فلعبة أوباما وسعودية كلفة العالم الكثير ولم يعد ثمة مجال لطالتها ابعد من هذا . فترامب موعود في فتح صفحه جديدة ، لا يمكن للأحد يعرف كل تفاصيلها ، ولكن المؤكد أن الأرهاب هو الصحف التي ستُطوى في عهده وهذا كل ما جاء من أجله . فأمريكا أنهكها الدور العميل المزدوج . وجاء ليخلع القناع عن وجها . فأمريكا سيكون لها وجه واحد سيتكفل ترامب في رسمه ، وما علينا سوى الأنتظار لنرى كل معالمه .

هاني الحطاب



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google