تحليل أبعاد ومضامين الحملات الدعائية التي إستهدفت وزارة التربية - حامد شهاب
تحليل أبعاد ومضامين الحملات الدعائية التي إستهدفت وزارة التربية


بقلم: حامد شهاب - 15-11-2016
لو تمعنا في طبيعة توجهات وابعاد مضامين الحملات الدعائية ، بل لنقل (الهجمات الدعائية) التي تعرضت لها وزارة التربية وإستهدفت وزيرها الدكتور محمد إقبال ، وإبتدأت منذ أكثر من شهر وبلغت ذروتها قبل أيام، نجد انها تحمل جملة أهداف وتوجهات ،يمكن تأشيرها وفقا للمحاور التالية:

1. تزامنت الحملات الدعائية التي استهدفت وزارة التربية في بداياتها الأولى مع (توجه) لبعض اعضاء مجلس النواب، لإستهداف وزراء ما يمكن ان يطلق عليهم المكون العربي، لـ (تسقيطهم) الواحد بعد الآخر ، وكان التركيز يجري على (إسقاط حكومة العبادي) بأية طريقة ، واعتمد بعض أعضاء مجلس النواب في إثاراتهم لتلك (الزوابع) على حالات خلل حدثت مع بدايات العام الدراسي ، تمثل في تأخر توزيع بعض الكتب المدرسية على الطلاب، نتيجة ظروف اوضحت وزارة التربية سبب تأخرها الى ضعف تخصيصات هذا العام الى النصف ، ما أخر استلام الكتب من المطابع، ووجد فيها بعض نواب البرلمان فرصتهم لاثارة حملة دعائية ، حرضت فيها الرأي العام العراقي باتجاه التصعيد، ووصلت ذروة هذا (التأجيج) مع احتجاجات غذتها جهات سياسية محددة وبدفع من برلمانيين ، لتحقيق هدفهم في حملة (تسقيط وزراء العبادي) الواحد بعد الآخر، وكان المخطط يسير بإتجاه أن العبادي سيصحو يوما ولا يجد أحدا من وزرائه، وهنا ستسنح الفرصة للجهة السياسية الداعمة للاحتجاجات وحملات التحريض، للدعوة لاقامة حكومة جديدة، بدون العبادي بسبب (الفراغ الوزاري) الذي حصل، إذ سيتهمونه بالفشل في إدارة الدولة، وبرغم من حجم هول الهجمة الا ان رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتدخل لانشغال الرجل بالاعداد لمعركة نينوى وتسهيل نجاحها، وقد سلم الرجل في (نهاية المطاف) بعد ان ادرك المخططون لتلك الحملات، انه خاب أملهم هذه المرة، بالرغم من ان حكومة العبادي كانت تسير على (تك رجل) كما يقال ،كونها تعاني من وزارات شاغرة منذ فترة طويلة، بسبب حملات استهداف برلمانية اسقطت الكثير من وزرائه بلا مبررات مقنعة!!

2. شاركت أطراف أخرى في حملة استهداف وزارة التربية، عن طريق الفيس بوك وحالات شراء ذمم من بعض العاملين في وسائل الإعلام وهم يعملون لجهات سياسية معينة، في اثارة تلك الزوبعة الرهيبة، وبلغت (حملة التأجيج) ذروتها، قبيل انتهاء عطلة البرلمان الاخيرة، واشتركت فيها منظمات جماهيرية وجهات سياسية ودينية، بالرغم من ان غرض الحملة انتهى بعد ان استطاعت وزارة التربية (إمتصاص) زخم الازمة والحضور الفاعل لوزيرها في القنوات الفضائية شرح فيها كل المبررات التي كانت تقف وراءها وتداعياتها ، وبالرغم من ان اجابات الوزير وتوضيحاته كانت مقنعة، الا ان حملة التصعيد لم تتوقف ، الا بعد اكمال اللجان البرلمانية استضافتها لوزير التربية ومعاونيه ، وقد شرح لهم الرجل بالارقام والدلائل كيف ان موازنة العام الحالي وتأخر تسليمها للمطابع بسبب تراكمات الديون لتلك المطابع على الوزارة هي من ادت الى اختلاق تلك المشكلة ، وقد بذل ما في وسعه لتلافيها، ووصلت الكتب المدرسية الجديدة، وانتهت المشكلة، وسعت (حملات التصعيد) للبعض سعت لايقاد نيرانها من جديد ، الا ان كل محاولاتهم باءت بالفشل، اما الحديث عن تدهور مستوى التربية فهو ليس بجديد وهو يتعلق بنظام سياسي بأكمله، تتدهور احواله عاما بعد عام بسبب الحروب والازمات المالية المتلاحقة اثر انخفاض اسعار النفط! وعدم وجود خطط واضحة لبناء دولة مؤسسات!!

3. امتدت الحملة من وزارة التربية الى وزارة التجارة ومن ثم تبعتها بدرجة أخف وزارة الزراعة ، لكن تأجيل البرلمان لجلساته الى العام الجديد ، بسبب ظروف زيارة الاربعين ونهاية السنة ، قد حطمت(آمال) بعض النواب في الوصول الى هدفهم في استهداف وزير التربية الدكتور محمد اقبال، وتنفست وزارته الصعداء من حملة شعواء تعرضت لها، بدون ان يكون هناك سبب مقنع لأن تصل تلك الحملة الى ( ذروة التأجيج) في موضوع يتكرر كل عام، لكن بعض (المتصيدين في المياه العكرة) تربصوا بالوزارة ووزيرها علهم يكون بمقدورهم النيل منه ومن ثم (تسقيط) الوزير بعد محاولات سعت لإستجوابه، على نفس الطريقة التي جرى بها (إستجواب) وزيري الدفاع والمالية التي انتهت بابعاد الوزيرين، بالرغم من عدم وجود مبررات مقنعة لابعادهما.

4. كان الهدف الأساس لبعض النواب من إثارة تلك ( الزوابع) ضده هو الضغط على وزارة التربية لاستحصال (مكاسب درجات وظيفية) وبخاصة بعد ان اعلنت الوزارة عن حاجتها لالآف التعيينات من المعلمين والمعلمات والمدرسين والمدرسات ووظائف اخرى ادارية لسد النقص الحاصل في ملاكاتها، على الدرجات التعويضية، وما ان سمع بعض النواب بتلك الوظائف حتى راح (البعض) يثير مختلف الاتهامات ضد وزير التربية، كي يضطر الرجل للاذعان لبعض مطالب هؤلاء النواب، وقد واجهت وزارة التربية العام الماضي محاولات من هذا النوع، بنفس الاتجاهات، وهناك من أثار (أزمات) لوزارة التربية في وقتها، للحصول على (منافع تعيينات) ، وسعت الوزارة في حينها لترضيتهم بأية طريقة، في وقت كان هدف وزارة التربية الترويح عن خريجي السنوات الماضية بالاعلان عن تلك التعيينات التي كانت بريق أمل لعشرات الالوف من العوائل العراقية لتجد لها معينا ولتخفف عن الخريجين اعباء البطالة، كما تسهم في الوقت نفسه بسد الاف الملاكات الشاغرة في مدارسها وهي بأمس الحاجة الى دماء جديدة تغذي مؤسسات التربية بخبراتها الشبابية!!

5. إن حملات يتم اثارتها بهذه الطريقة لايرى فيها كثيرون انها تدل على حرص اكيد على طلبة العراق ومدارسه ولا حرص على مستوى التربية، كونهم يتحملون جزءا من الواقع المرير الذي يعيشه البلد، بل تدل على ان اثارة تلك الزوابع انما كانت لأغراض (سياسية) وفي أخرى بهدف حصول هؤلاء النواب على (مكاسب) من خلال المطالبة بوظائف لصالح نواب بعينهم لأغراض (دعائية) لهم ، وهناك من يسعى للتربص بوزارة التربية للايقاع بها، بالاضافة الى سعيهم لـ (إسقاط) حكومة العبادي اولا وقبلها للوزير كونه محسوبا على (مكون) معين ويجري استهداف وزرائه الواحد بعد الآخر، وكانت ماكنة الدعاية وحملة الإثارة الصاخبة التي رافقتها مثار استغراب اوساط سياسية وبرلمانية ودينية وحتى تعليمية ان يصل حال البلد في حملات (التسقيط) ضد الآخر بهذا المستوى من (التأجيج) المبالغ في اثارة حملاته ، بل ان رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي كان هو الاخر مستغربا مما يجري، وكان قبل فترة قد إستغرب من حملة استهداف لوزرائه من اجل اسقاط حكومته، بدوافع سياسية اكثر من كونها لأغراض تتعلق بمصلحة البلد.

6. لعب المكتب الاعلامي الخاص والناطقة بإسم وزارة التربية أدوارا (مكملة) للوزير في أنهم تصدوا لكل تلك المحاولات، والتوضيح للرأي العام الكثير مما خفي عن جوانب الأزمة وأسبابها ، وقد أطلع الرأي العام على مقابلات مهمة أجراها السيد وزير التربية مع أكثر من قناة فضائية لها مكانة وجمهور واسع، واستطاع ان يثبت بالدلائل والارقام والشواهد ان الوزارة لم تألوا جهدا في توفير مستلزمات التربية قبل بداية العام، لكن اسبابا وظروفا خارجة عن إرادتها أشرنا لها قبل قليل ، كانت وراء( إثارة) تلك الأزمة التي انتهت أخيرا بسلام ، وتم تجاوز تداعياتها، وكان لحضور وزير التربية ومكتبه الإعلامي الخاص في وسائل الاعلام ، الدور الأساس في إنهاء تلك المشكلة بأسرع مايمكن.


هذه نقاط جوهرية يمكن ان تكون أبرز مؤشرات حملة الاستهداف التي واجهتها وزارة التربية وكانت أحد (ضحاياها) هذا العام، وقد تخلصت منها بأعجوبة،ووفقها الله في مهمتها، وعادت الامور الى مجاريها، وتنفست الوزارة الصعداء، وتخلصت من حملة الاستهداف الرهيبة ، بعد ان تعرضت لحملة (تراشق) لم تألفها منذ سنوات!!



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google