عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٢٦) - نــزار حيدر
عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٢٦)


بقلم: نــزار حيدر - 16-11-2016
عْاشُورْاءُ
السَّنَةُ الثّالِثَةُ
(٢٦)
نـــــــــزار حيدر
اذا شعرتَ بأَنَّك مُضطَرٌ، لسببٍ من الاسبابِ، للقَبولِ برأيٍ لا تعتقد به أو إِنجازِ عَملٍ لا ترى صِحَّتهُ، فتأكَّد بأَنكَ مسلوب الارادة لانَّ حريَّتك منتهكةٌ لأَيّ سببٍ.
وقتها، يجب عليك ان تتحمّل مسؤوليَّتَين؛
الأولى؛ هي ان تحمي حريّتكَ المُنتهكة، لتُعيد لنفسِكَ الارادة وحرّيّة الاختيار فترفض ما لا تعتقد أو تقتنع بهِ.
الثّانية، هي ان تصحِّح الخطأ او على الأقل تتحاشاه اذا كان ذلك يكفي! سواء رأياً كان أَو عقيدة او عملٍ ما.
طبعاً، في كلّ الحالات فانّ الانسان مسؤولٌ لا يقدر ان يُبرِّر فعلهُ الخطأ بجهلهِ مثلاً او انّهُ مجبورٌ على ذلك تحت طائلة التّهديدِ مثلاً، او بسبب شخصيّته الضّعيفة التي تُسيطر عليها المطامع وتُسيّرها الاهواء والمصالح والأنانيّات! وإِلّا؛ فَلَو انّ كل مجرمٍ او فاسدِ العقيدة أردنا ان نُبرّر لهُ بذلك! لما تحمَّل أَحدٌ مسؤولية خطأ أَو جريمة! وأصبح العالَم كلّهُ مُبَرَّأٌ من الظّلم، وبالتّالي لما قال تعالى في مُحكم كتابهِ الكريم {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} وقولهُ تعالى {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} ولصحّت مقولة [أوامر من فَوق] لتبرير الجرائم التي تُنتهك يوميّاً بحقّ الابرياء! ولكانَ العالَمُ مثل السياسيّين في العراق الذين يُريدون تصفير مسؤوليَّتهم عن كلِّ الذي جرى خلال السّنوات الـ (١٤) المُنصرمة! من فسادٍ وإِرهابٍ وفشلٍ!.
إِذن! لعمّت الفوضى العالَم!.
تعلّم اذا كُنتَ جاهلاً، إسأل اذا لم تعرف، والّا فتوقّف الى ان تتثبّت من الأمرِ! أَمّا الاعتقاد عن جهلٍ والتنفيذ عن ضلالة وعدم معرفة، فانّ ذلك لم ولن يشفع لك خطأك وجريمتك! وانّ قولك [ضعها برأس العالِم واخرج منها سالماً] لن يغفر لك خطيئتِك ولن يرفع عنك كاهل المسؤولية أَبداً!.
لو قبِلنا هذه الفلسفة التّبريريّة لما تحمّلَ أَحدٌ مسؤولية الدَّم المسفوك ظُلماً وعُدواناً في كربلاء! ولما تحمّل أَحدٌ مسؤوليّة الجريمة التي شهدتها الارض في يوم علشوراء! فكلّ الذين ارتكبوا جرائمهُم في ذلك اليوم وعلى تلك الارض الطّاهرة المقدّسة برّروا افعالهم المشينة بالاوار العليا الصّادرة لهم من جهاتٍ عُليا!.
ولو قبلنا ذلك لتساوى الجميع في كربلاء، القاتل والمقتول، فسيكون القول بانّ [سيدنا الشّمر حزّ رأس سيدنا الحُسين] صحيحاً! كما تساوى الأمر بين من انتبهَ لنفسهِ في آخر لحظة فغيّر وبدّل وبين من انتبهَ لها في آخر لحظة كذلك، الا انّهُ استسلمَ لما أَسماهُ بقدرهِ فلم يحاول ان يغيّر او يُبَدِّل!.
في كربلاء في عاشوراء، نَحْنُ أَمام نموذجَين، كِلاهما أَحسَّ بأَنّ رأياً وموقفاً وعملاً يُفرض عَلَيهما فرضاً، بل أَنّهما شعرا بأنَّهما سيرتكبانِ جريمةً لن تُغتفر! مفروضةٌ عليهما لسببٍ من الأسبابِ! الا انّ الفرق بين النُّموذجَين، هو انَّ الاوّل [الحرّ بن يزيد الرّياحي] حمى حريّتهُ التي كادت أَن تُنتهك، ثمّ غيَّر وبدَّل فاتَّخذ القرار الصّحيح في الوقت الصّحيح، بارادتهِ القويّة! حتى قالَ عَنْهُ سيد الشّهداء (ع) {أنتَ حرٌّ كما سمَّتك أُمُّك، فأَنتَ حرٌّ في الدُّنيا وسعيدٌ في الآخرةِ} امّا الثّاني [عُمر بن سَعد] فلم يحمي حريَّتهُ وإِرادتهُ فاسترسلَ من إِرادة الاخرين المفروضةُ عليهِ فرضاً لشدّة طمعهِ الذي أَعمى بصرهُ وبصيرتهُ ولكونهِ كانَ يحلم في يَقضَتهِ، ولذلك لم يُغيِّر ولم يبدِّل حتّى عندما واجههُ الحُسين السّبط بالحقيقةِ كاملةً، ففعلَ ما أُريدَ لهُ ان يفعلهُ! ولو وقفَ الحُسين السّبطِ (ع) على جسدهِ بعدَ مقتلهِ لقالَ لهُ [انتَ عَبْدٌ في الدُّنيا وشقيٌّ في الآخرة] فهو كان أتفهَ مِن أن يقدر على أن يغيِّر ويبدّل بعد ان وقفَ على الحقيقة او تمّ تنبيههُ بها!.
وهذا هو الفرقُ بَيْنَ الانسان صاحب الارادة والقوّة والعزيمة، وبين الآخر المهزوم الارادة الضَّعيف العزيمة! فبينما يُبادر الأَول الى تصحيح الموقف فوراً او على الأَقلّ لم يتورّط فِيهِ، حال شعورهِ بأَنَّ إِرادةً خفيَّةً تفرُض عليهِ ما لا يعتقد بهِ أَو لا يُؤمن بهِ، ترى الثّاني يستسلم للحالِ من دونِ أَن يبذلَ أَيَّ جُهدٍ أَو محاولةٍ ومن أَيِّ نوعٍ كانَ لتصحيحِ الموقفِ أَو على الأَقلّ للهربِ مِنْهُ!.
ولذلك قالَ لهم الحُسين السّبط (ع) {كونوا أَحراراً في دُنياكُم}.
١٥ تشرين الثّاني ٢٠١٦
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google