قبول المسيح ورفضه ! * - د. رضا العطار
قبول المسيح ورفضه ! *


بقلم: د. رضا العطار - 18-11-2016


لم تستطع المسيحية ان تتقبًل فكرة ان يظل الانسان الكامل انسانا. ومن ثمً استنتج المسيحيون من كلام عيسى، فكرة (الاله – الانسان)، واعتبروا عيسى ابنا لله. ولكن محمدا ظل انسانا فقط، وإلا اصبح زيادة لا ضرورة لها.
لقد اعطى محمد (ص) المثل الاعلى للانسان والجندي في الوقت نفسه، اما عيسى (ع) فقد خلًف انطباعا ملائكيا.
كذلك كان الامر بالنسبة للنساء، فقد احتفظ القرآن بوظائفهن الطبيعية كزوجات وامهات، على عكس صورة مارتا ومريم في الاناجيل - - هاتان الامرأتان كانتا قرويتان، اخوهما (اليعازا) تذكر الاناجيل انه الشخص الذي احياه المسيح بعد موته كمعجزة من معجزاته - - - ولذلك فان الهجوم المسيحي على طبيعة محمد (الانسانية الخالصة)
(اكثر مما يجب) – هو هجوم ناتج في الواقع من سوء فهم. فالقرآن نفسه يؤكد ان محمدا ليس الا انسانا :
(قل سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا) سورة الاسراء. كذلك (قل انما انا بشر مثلكم يُوحى اليً انما إلهكم إله واحد . . ) سورة الكهف - - وكشف عن الاتهامات التي يتوجًه اليه في المستقبل حيث قال : ( وقالوا ما لِ هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق . . ) سورة الفرقان.

ان مجرد المقارنة بين قاموس المفردات المستخدمة في الاناجيل والتي وردت في القرآن يؤدي بنا الى العديد من الاستنتاجات الواضحة، في الاناجيل يتكرر ورود الفاظ معينة تكرارا ملحوظا مثل :
مبارك ومقدس وملاك والابدية وسماوات وخطيئة وحب وندم وعفو وسر والجسد والنفس وتطهًر وخلاص . . الخ
بينما في القرآن، نجد المصطلحات نفسها مُصاغة على صورة هذا العالم وقد اكتسبت تحديدا وواقعية مثل :
العقل والصحة والتطهير والوضوء والقوة والشراء والعقد والرهان والكتابة والاسلحة والقتال والتجارة والفاكهة والعزم والحذر والعقاب والعدل والانتقام والصيد والشفاء والمنافع . . الخ

الاسلام لا يعرف كتابات دينية (لاهوتية) معينة بالمعنى المفهوم في اوربا للكلمة، كما انه لا يعرف كتابات دنيوية مجردة. فكل مفكر اسلامي هو عالم دين. كما ان كل حركة اسلامية صحيحة هي حركة سياسية.
يضيف (ارنست بلوك) قوله : ( بعض علماء الدين العرب كانوا اطباء، فهناك خط يمكن متابعته في الفكر الاسلامي يبدأ من الفلسفة الى العلوم الدينية الى القانون الى الطب ).
ويمكن استخلاص نتائج مماثلة من المقارنة بين المسجد والكنيسة، فالمسجد مكان للناس اما الكنيسة فهي (معبد الرب).
في المسجد يسود جو من العقلانية، وفي الكنيسة جو من الصوفية، المسجد بؤرة نشاط دائم وقريب من السوق في قلب المناطق المعمورة بالسكان. اما الكنيسة فتبدو اقل التحاما ببيئتها. يميل التصميم المعماري للكنيسة الى الصمت والظلام والارتفاع، اشارة الى (عالم آخر). فعندما يدخل الناس كاتدرالية قوطية يتركون خارجها كل اهتمام بالدنيا كانهم داخلون الى عالم آخر - - - اما المسجد فمن المفروض ان يناقش الناس فيه بعد انتهائهم من الصلاة هموم دنياهم. وهذا هو الفرق !

يتجه (العهد الجديد) الى الفرد، ويتجه القرآن الى الناس. وهكذا ينبثق مبدأ الناس - - الكل - - الجماعة. وليس هناك شيء بالصدفة. فالعهد الجديد على اتساق تام مع روح الصفوة المسيحية ومبدئها الهرمي المقدس . . الكنهوتي الذي تشبه فيه البوذية. اما الاسلام فيتضمن دلالات دنيوية معينة، ويشير الى الناس كتعبير عن العقل العام رفيع الشأن.
ان الاسلام لا يعترف بالصفوة، رهبانا كانوا او قديسين، ولا يوجد فيه برنامجان : واحد للمختارين وآحر للناس العاديين، ولكنه اعلان لمبدأ ديمقراطي !
الى الحلقة التالية !
* مقتبس من كتاب الاسلام بين الشرق والغرب لعلي عزت بيجوفيتش




Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google