نهاية " نهاية التاريخ "تحالف الليبرالية النخبوية والديمقراطية الشعبوية - د . هلا أحمد علي
نهاية " نهاية التاريخ "تحالف الليبرالية النخبوية والديمقراطية الشعبوية


بقلم: د . هلا أحمد علي - 25-12-2016
في ظل الحروب والاضطرابات والاختناقات التي تعيشها بلدان نامية, يصبح السؤال عن مصير القوى الكبرى المتحكمة بالعالم يوازي تماماً السؤال عن مصير الدول الضعيفة المستباحة بل ويفوقه أهمية. وبما أن القرن العشرين كان قرناً أمريكياً, وبما ان عوامل موضوعية عديدة قد تغيرت وتغيرت معها موازين دولية عديدة, فقد بات السؤال عن

مكانة الولايات المتحدة الامريكية سؤالا حاسماً ملحاً..واصبحنا مضطرين لمساءلة أطروحة فوكوياما

لنقول: نهاية التاريخ أم نهاية القطبيَة الأمريكيَة؟!

تحولات عديدة طرأت على العالم وأدت الى تحول في مفهوم الاحادية القطبية الحاكمة العالم. نحن امام حقيقة لابد من الاعتراف بها وهي ان الولايات المتحدة الامريكية لم تعد قادرة اليوم تماماً على ممارسة دور السيد المنفرد المتحكم في شؤون الدول كافة, وانها لابد مجبرة على اشراك أقطاب أخرى, بحيث مهد ذلك الى ولادة القطبية المتعددة. هذا خارجياً, وداخليا هي مجبرة على اخذ الحراك الشعبي بعين الاعتبار اذ ان تجاهل الشعبوية لم يعد امراً وارداً في ظل فشلها في تحقيق الدبمقراطية المثلى. الديمقراطية لايمكن ان تكون نظاماً نخبوياً, وفشلها محتم عندما تخاطب طبقات دون اخرى. الديمقراطية يجب ان تكون فلسفة مجتمع قومي وامريكا فشلت في التطبيق السليم لها. لذا وجب اجراء تحول ما في السياسة الامريكية يكون من شانها اعادة الاعتبار لما اهدرته السياسات السابقة واساءت للديمقراطية الحقة, مكرسة فحسب اهداف وطموحات النخب الليبرالية اقتصادياً وسياسياً.

هذا الاكتشاف والتحول, ربما عبر عنه تحولٌ هام في موقف احد أهم المشتغلين في السياسة والفكر السياسي الامريكي. فرانسيس فوكوياما الياباني الاصل, امريكي الجنسية. الذي يشار اليوم الى مقالته التي نشرها بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية والتي يعارض فيها اراءه السابقة في كتابه Last Man and the End of History نهاية التاريخ والانسان الاخير الذي وضعه عام ١٩٨٩. ويرى البعض في مقالته الاخيرة بعد تولي ترامب الرئاسة, تجاوزا جديدا واستدراكاً لما طرحه مسبقاً.

وفي الحقيقة ان تحوله هذا لم يكن في مقالته قبل اسبوعين وانما قبل ذلك بكثير وهذا ما كنت قد أشرت اليه في مقالتي قبل أشهر. ففي دراسته الضخمة التي قدمها في مجلدين الاول عام ٢٠١١ بعنوان the Origins of Political Order اصل النظام السياسي ,,والثاني عام ٢٠١٤ بعنوان Political Oder and Political Decay اي النظام السياسي والتفسخ السياسي, يناقش ويساءل فوكوياما ماكان قد قدمه قبل حوالي ربع قرن في نهاية التاريخ. وفي الجزء الثاني تحديداً, يتحدث فوكوياما عن "التفسخ السياسي" الذي سببته الممارسات الخاطئة لليبرالية والتي ادت الى ولادة ماسماه بالريتروقراطية Retrocracy والتي هي حكم فئة قليلة من المافيات المترابطة بمصالحها المسيطرة على المؤسسات والنافذة في قراراتها, على حساب طبقة كبيرة وعريضة من عمال وموظفين مظلومين. ويقول الديمقراطية يجب ان تكون متضمنة في الليبرالية لا متعارضة معها. وهذا ما لم تتمكن السياسات الامريكية من تحقيقه. الامر الذي ادى الى فشل التجربة الديمقراطية الامريكية كما يرى فوكوياما في مجلده الثاني بحيث خاب ظنه الذي طرحه في كتابه قبل ربع قرن.

في مقالته الاخيرة يرى ان فوز ترامب يأتي في سياق تلك التحولات وضرورات اعادة القطار الديمقراطي الى سكته سليماً. لان الديمقراطية الشعبوية المتحالفة مع الليبرالية الفردية هي الحتمية الحقة التي يراها فوكوياما,والتي ان تحققت فستعلن السلام العالمي حسب مايرى.

فوكوياما يتساءل مستنكراً في كتابه الاخير(التفسخ السياسي)ا: «من قال لكم أن الديمقراطية الأمريكية هي الحل؟!»

هو من أخبرنا قبل ربع قرن أنها الحل وأعلنها حتمية ينتهي عندها التاريخ, لكن السنوات منذ عام 1990وحتى عام 2015, مثلت حالة عارمة من الفوضى والاضطراب والصراعات والاقتتال الى الحد الذي تغدو معه الآراء المبشرة بسلام الليبرالية العالمي ضربا من الوهم والحماقة السياسية. في الحقيقة ان الولايات المتحدة الأمريكية تورطت في حروب استنزفتها وأدخلتها حلقة مفرغة الخروج منها ثمنه التنحي عن مركزها كقائد للعالم والقبول بأنها أمست إمبراطورية الماضي التي بادت. فقد تورطت في حروب قادت إلى أزمة اقتصادية حقيقية في الولايات المتحدة الأمريكية تنبأ بها قبل حدوثها المفكر الاقتصادي والانتروبولوجي الفرنسي إيمانويل تود, الى الحد الذي أصبحت فيه مسألة تغيير السياسة الأمريكية حاجة وضرورة اقتصادية ملحَة..لكن يبدو أن سلَم الأولويات الأمريكية مختلف عما يراه الدارسون والمحللون الاقتصاديون , فما تريده أمريكا ليس حل أزمتها الاقتصادية وتجنب أزمات أخرى بقدر ما هو تجنب خسارتها لمكانتها كقائد للعالم لذا نراها تحاول
جاهدة الإبقاء على البلبلة


بقلم د . هلا أحمد علي – سورية



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google