الخراءُ أخو البول....... - الروائي كــــــــريـــــــــم السمـــــــــــــاوي
الخراءُ أخو البول.......


بقلم: الروائي كــــــــريـــــــــم السمـــــــــــــاوي - 27-12-2016
السويد
[email protected]

أعتذر عن العنوان الصادم بمفرداته لولا الضرورة الذي تحكمه.
قبل أكثر من نصف قرن من اليوم كنت أسمع أمي وهي تردد على مسمعي عندما تقارن بين أمرين أو شخصين سيئين فتقول:" يمة .. الخرا أخو البول. " ظلت هذه الكلمات المعدودة عالقة في ذهني طوال العقود الخمسة الماضية رغم أني لا أستخدم هذه العبارة. ولكني اليوم أجد نفسي مضطرا إلى قولها والاستشهاد بها. والسبب هو سياسة الولايات المتحدة الأميركية الجائرة.
فبينما أنا أستعرض سياسة الولايات المتحدة الأميركية اليوم ونشأتها تمر بذاكرتي سراعا هذه الدولة المارقة حتى سماها البعض بالشيطان الأكبر. فنشأة الولايات المتحدة الأميركية تمت بعد قتل السكان الأصليين من الهنود الحمر، وهم بالملايين. وبعدها جلبوا السود عبيدا من أفريقيا بعد أن اصطادوهم كالحيوانات. وهم الوحيدون الذين استعلموا القنابل النووية لقتل البشر مباشرة في هيروشيما وناجازاكي وراح ضحية ذلك مئات الآلاف من اليابانيين. وهم أيضا أشعلوا الحروب واحتلوا بلدانا كان آخرها بلدي العراق بدون موافقة الأمم المتحدة، وراح ضحية احتلالهم أكثر من مليون إنسان. كل ذلك تم بحجة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل لم يستطيعوا إثبات وجوده حتى اليوم. وهذا جزء يسير مما يمكن أن يمر بذاكرة أي إنسان مطلع على تاريخ هذه الدولة المارقة.
وفي سنة 2008 كان فوز باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأميركية مفاجئا للكثيرين كونه ينتمي إلى جذور أفريقية وببشرة سوداء، وعمليا هو يتولى المنصب في شهر يناير سنة 2009. ولكن الأكثر إدهاشا هو فوزه بجائزة نوبل للسلام سنة 2009 والتي تعلن في أكتوبر ، أي بعد عدة شهور من توليه الرئاسة. كنت لاجئا أدرس اللغة السويدية حين فاز بالجائزة ولهذا دار لغط كبير ونحن نناقش الموضوع مع مدرستنا السويدية. وكنت أكثر الجميع احتجاجا على فوزه رغم إقرار الغالبية بأن الجائزة مسيسة بامتياز، مدرستنا كانت متحمسة لقرار الفوز، غير أنها بعد فترة رجعت عن رأيها وأن أوباما لم يقدم شيئا يذكر للفوز بالجائزة التي تمنح لسياسيين تعنيهم قيمتها المعنوية أكثر من قيمتها المادية البالغة أكثر من مليون دولار. وكانت حجة الأكاديمية التي تمنح الجائزة أن رؤية أوباما بخلق عالم خالٍ من الأسلحة النووية هو ما دفعها لمنحه الجائزة، مجرد رؤيته!!..
وتمر الأيام ويتولى أوباما الرئاسة لفترة ثانية امتدت حتى 2016. وحقق فيها أوباما في الأشهر الأخيرة اتفاقا مع إيران يمنعها من صنع أسلحة نووية بعد جهود استمرت عدة سنوات من المفاوضات ساهمت فيها دول عرفت بستة زائد واحد، علما أن القادة الإيرانيين يدّعون أنهم لا يسعون إلى امتلاك السلاح النووي لأنه حرام شرعا. كما إن أوباما نفسه لم يتمكن من منع كوريا الشمالية من امتلاك أسلحة نووية أجرت عليها تجارب متعددة وخطيرة وهددت باستخدامها ضد الولايات المتحدة الأميركية نفسها. كما إن أوباما لم يوضح في أي يوم من الأيام عن السلاح النووي الذي تمتلكه إسرائيل وكيفيه احتوائه، وهكذا ظل العالم يمتلك السلاح النووي ودخلت دول جديدة إلى هذا العالم في عهد حكم أوباما. وسقطت رؤية جائزة نوبل للسلام بمنح أوباما الجائزة كما سقطت مساعي أو رؤية أوباما بعالم خالٍ من الأسلحة النووية.
ليس هذا فحسب، ففوز دونالد ترامب من الحزب الجمهوري عزاه البعض إلى سياسة أوباما الفاشلة نفسها. وبالتالي ضيع على حزبه الديمقراطي فوز مرشحته هيلاري كلينتون بالرئاسة حتى مع دعم أوباما لها. وقبل أن يستلم الرئيس الجديد دونالد ترامب الرئاسة بعد أيام في يناير 2017 والذي عُرف عنه أنه مهرج غني في سباقات المصارعة الحرة، بدأ بتصريحات نارية متناقضة أحيانا، تراجع عن بعضها ومنها أنه سيلغي 70 بالمئة من قرارات أوباما، ولكن أخطرها وأوحشها ما قاله بحق العراق، فهو القائل لا يوجد بلد اسمه العراق ( والذي هو بلد الحضارة الإنسانية الأولى ) ثم صرح بأنه سيستولى على نفط العراق للحصول على 1,5 ترليون دولار من قيمة النفط العراقي يمنح جزء منه لبريطانيا وغيرها من الدول التي ساعدتهم على احتلال العراق. وعندما استهجن البعض تصريحاته تلك قال مذكرا:" إلى المنتصر تعود الغنائم. " وهذا يتطلب منه العودة لاحتلال العراق ثانية ووضع قوة حول منابع النفط لنهبه. كل هذا قاله وسيفعله وهو بعد لم يتسلم منصب الرئيس رسميا.
وهنا لا يسعني إلا أن أقول عن ترامب بأنه عرّى وجهه الحقيقي بأنه ليس أكثر من لص، فالعالم كله يعرف أن موارد أي بلد هي ملك لشعبه. وأن احتلال العراق سنة 2003 لم يستند إلى حجج قانونية وموافقة الأمم المتحدة وأن الادعاء بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل حجة واهية لم يستطيعوا إثباتها، وإذا كان أي بلد يمتلك أسلحة دمار شامل يجب احتلاله فلماذا لم يحتلوا كوريا الشمالية وهي التي تملك السلاح النووي وتجري عليه التجارب علنا. ونظرا لما تحمله العراق من خسائر بشرية ومادية فهو يحق له طلب التعويضات وحسب قانون جاستا الذي شرعته الولايات المتحدة نفسها، وإذا بهم ينوون العكس، أي الاستيلاء على النفط العراقي مقابل جرائمهم التي اقترفوها.
ورب سائل يسأل هنا كيف تقيّم الأمور بين أوباما وترامب فأعيده إلى عنوان المقال وإلى ما قالته الحنينة قبل أكثر من نصف قرن" يمة .. الخرا أخو البول.... "
الروائي كــــــــريـــــــــم السمـــــــــــــاوي/السويد
[email protected]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google