كيف نشعر بالزهو، حينما نحب ؟ * - د. رضا العطار
كيف نشعر بالزهو، حينما نحب ؟ *


بقلم: د. رضا العطار - 28-12-2016


هناك انواع من الزهو والخيلاء يحسه الانسان في ظروف واوقات من حياته مهما ظن انه متبلد في ذهنه مغمور في مشاكله اليومية بعيد عن الابتكار. فنحن نجد الزهو في الذهن والاحساس حين نعشق. اذ نجد في شخصية الفتاة التي نحبها من المعاني ما يجهله اكبر الفلاسفة والمفكرون.
فنقرأ في عينيها لغة لا يفهمها غيرنا، ونرى في شفتيها من اللهفة و نبض الحياة ما لا يراه غيرنا، ونحس من يدها كهرباء لا يحسها غيرنا، ونتنسم من ابتسامتها هواء لا ينتعش به سوى قلبنا. ونستطيع ان نشرح معاني السعادة في كتاب ضخم وفق ما وجدنا من لحظات الحب باعظم وادق مما يستطيعه غيرنا ممن لم يحب.

وكذلك نحن نجد هذا الزهو عندما نقعد الى الطبيعة في حقل او على شاطئ او عندما يمتد بنا البصر عبر فضاء او صحراء او سماء حين يصمت الكون كأنه يفكر ويتأمل. فاننا عندئذ نتأمل ونفكر ونكاد ننسى الزمان والمكان. نشعر ان قلوبنا وعقولنا تتوسع لشتى الاحساسات والافكار التي تدخل في كياننا النفسي والذهني وقد تغيرنا وتجعلنا ننظر الى الحياة بنظرة اكثر تفاؤلية وواقعية.

ونشعر بالزهو كذلك كلما تذكرنا امهاتنا وما يجيش فيهن من عواطف الحب والحنان.
ونحس به ايضا، حين نتذكر اصدقائنا الذين اخلصوا لنا واحبونا. ونحس كذلك حين نتذكر كتابا لأديب مخلص اعطانا اياه، يرشدنا الى ثقافة الحياة. اي انه اخلص في الاعتراف في سرد احداث حياته الماضية.

لقد عشت اياما مع الكاتب الامريكي – ثورو – ووقفت طويلا في قرائتي كتابه (والدن) واليك بعضا من بعض صفحاته:
( كل صباح يطلع، كان بالنسبة اليّ دعوة بهيجة تشرح صدري وتهيب بي ان اجعل حياتي في بساطة الطبيعة ذاتها، بل وفي طهارتها ايضا. فلقد كنت مخلصا في عبادة ربة الفجر كما كان يفعل الاغريق القدامى، فكنت استيقظ من نومي مبكرا ثم استحم في الغدير جاعلا من ذلك احدى شعائري الدينية. يجب ان نتدرب على ان نوقظ انفسنا من جديد وان نستبقيها نشيطة لا بوسائل آلية ولكن بان ننتظر على الدوام الفجر الذي لا يفارقنا ابدا. فبعد ان ينقطع الانسان من حياته الحسية فترة تزداد روحه نشاطا واعضاؤه قوة وكأنه يحيا في الحياة من جديد. )

ان للفجر والصباح في الطبيعة سحر خالد وجاذبية رائعة. اما اذا بزغ الفجر والصباح في قلوبنا، فسيكون اثرهما في الروح اكثر روعة وابلغ فائدة واعظم زهوا.
* مقتبس من كتاب مشاعل الطريق للشباب لسلامه موسى.










Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google