امانة بغداد تعلن الجهاد! - مرتضى عبد الحميد
امانة بغداد تعلن الجهاد!


بقلم: مرتضى عبد الحميد - 03-01-2017
استبشر البغداديون خيراً بانتهاء حقبة الزرق ورق، والصخرة الشهيرة التي سدت المجاري في مدينة الثورة، لا سيما وان الادارة الجديدة تنتمي الى التكنوقراط والجنس اللطيف في آن واحد. لكن شيطان الخواء والفساد قهقه من جديد، وهذه المرة بصوت عالٍ، مجهضاً حلم سكان العاصمة في رؤيتها نظيفة، مزدهرة، عامرة، بالخدمات اسوة بعواصم البلدان الاخرى، حتى الفقيرة منها.
يحار المرء احياناً في تفسير هذا الغرام، او بعبارة ادق، هذا الزواج الكاثوليكي بين المسؤول العراقي، وإخلافه الوعود التي قطعها على نفسه، او الكذب الصريح في بعض الاحيان. والسؤال الملح: هل للكذب فايروسات محددة، تكمن في جسم الانسان وتطفو عند الحاجة اليها؟ ام ان الامر لا يعدو ان يكون عادة يمارسها ولا يستطيع الفكاك منها (العادة اللي بالبدن ميغيرها غير الكفن)؟ ام هو الجشع ونظرية الفرهود التي غطت شاشة العقل القيادي العراقي؟
وتتركز الوعود المعسولة مطرزة بخيوط الكذب الرخيص على الخدمات الضرورية للناس، كالكهرباء، والماء والمجاري وغيرها. ففي عام 2013 بشّر العراقيين احد كبار المسؤولين، ان ازمة الكهرباء ستنتهي قريباً، وفي نهاية العام سيصدر العراق الكهرباء الى الدول المجاورة وربما الى امريكا ايضاً.
وفي مشاريع الماء الصالح للشرب لا تختلف الصورة كثيراً، اما المجاري فمصيبتها صارت موضع تندر وسخرية، كما هي موضع ألم وحزن شديدين، فأمناء العاصمة على اختلاف جنسهم وافكارهم واحزابهم والناطقون الرسميون باسمهم، صدعوا رؤوسنا بمناسبة او بدونها، بان بغداد ستعود جنة الدنيا وستكون الخدمات فيها مضرب الامثال. وقبل كل شتاء بفترة وجيزة، خصوصاً اذا كانت السنة سنة انتخابات، ترى المسؤولين يتسابقون في اطلاق التصريحات، بان امانة بغداد قد استعدت هذه السنة لدحر الشتاء ببرده وامطاره، وان كوادرها تصل الليل بالنهار لفتح المجاري وتأهيلها، لتضاهي ما موجود منها في باريس او لندن ان لم تكن احسن منها.
بيد ان افعى الكذب السامة، سرعان ما تطل برأسها من داخل هذه المجاري بالذات، في اول مطرة.. كما حصل قبل ايام وأدت الى غرق شوارع واحياء بكاملها، دون ان تفعل امانة بغداد شيئاً حيالها، عدا الضغط على عمالها وشغيلتها لسحب المياة بطريقة بدائية وغير مجدية الى حد كبير.
ربما من نافلة القول ان الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الفشل سواء في امانة بغداد، او في غيرها من دوائر ومؤسسات الدولة، انما يعود بدرجة اساسية الى المبدأ اللئيم والمجلل بالعار، مبدأ المحاصصة ونتائجه المأساوية في وضع المسؤول غير المناسب في المكان غير اللائق به ابداً. فضلا عن تغذيته غول الجشع والانانية والفساد في الفرد والمجتمع وبالتالي في مواقع المسؤولية، الامر الذي ادى الى هدر وسرقة ميزانيات الدولة، بملياراتها الخيالية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص2
الثلاثاء 3/ 1/ 2017



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google