مع اقتراب الانتخابات الخروف لم يعد خروفا - سالم سمسم مهدي
مع اقتراب الانتخابات الخروف لم يعد خروفا


بقلم: سالم سمسم مهدي - 25-01-2017
تحدث الكاتب التركي الساخر الراحل عزيز نيسين في قصة له عن راعي غنم مجهول المكان والزمان كان قاسيا على اغنامه لحد الجور رغم ما تدره عليه من اللبن والصوف والجلود وعند الحاجة اللحوم ...

يستخدم هراوته الغليظة لمعاقبتها عندما تعجز عن إعطاءه المزيد من الحليب لدرجة أنها كانت في بعض الاحيان تدر دما عندما ينضب لبنها يعاونه في سطوته كلاب تنهش الاغنام إذا لم تنفيذ طلباته القاسية ...

تمادى الظالم في ظلمه حتى وصل به الأمر إلى أن يطلب من خروف ذكر أن يعطيه الحليب فقال له يا سيدي أنا لست نعجة لأعطي الحليب ولي واجبات أخرى أنهال عليه الراعي بالهراوة فهرب تطارده الكلاب واحتمى بصخور الجبال ...

كان الراعي وكلابه تستهدفه بين فترة وأخرى فيهرب منها مختفيا حتى انه من كثرة المطاردة هزل جسمه وطالت قوائمه وضمرت بطنه وتكسرت أظلاف قدميه وبدأت تظهر بدلا عنها أظافر معقوفة وذابت إليته مما ساعده على سرعة الهرب عند الحاجة ...

تناقص عدد الخراف بسبب ما كانت تتعرض له من سياسة الراعي المتسلطة التي لا تعرف غير البطش والربح غير الرحيم والذي تحول إلى وحش كاسر عندما وجد ان الحليب اخذ يقل بمرور الزمن ...

صب جام غضبه من جديد على الخروف وأخذ يطارده والذي أخذ شكله يتغير من خروف إلى هيئة أخرى وفجأة بانت علية صفات الذئب المفترس لتطول أسنانه وأظافره وأصبح شرساً متحفزاً يتحاشاه كل من يشاهده ...

بعد أن وثق من نفسه قصد حظيرة الأغنام وعندما اعترضته الكلاب مزقها ودخل على الأغنام ليقتل من يقتل نكاية بالراعي أو لأنه يعتقد أنها لا تستحق الحياة لخنوعها غير المحدود للراعي ...

خرج الراعي على صوت الفوضى لتقع عيناه على الكارثة التي اصابته كما وجد نفسه وجها لوجه مع الخروف الذي تغير مظهره إلى ذئب فتحول الراعي من مستبد قاسي الى جبان يستجدي رحمة الخروف المتحول ولكن هيهات الرحمة لمن لا يستحقها ...

ما لفت نظري في القصة تطابقها الكامل مع مجريات الاحداث في العراق الذي جف حليبه بسبب سياسة الاستنزاف الخائبة الجبانة التي مارستها معه القوى والأحزاب التي اشاعت العداوة والبغضاء بين ابناءه كي تضمن عن هذا الطريق القذر الهيمنة على كيانه لتنعم هي من دون استثناء بمقدراته ...

وهو ما بدأت بوادره تظهر من خلال التصريحات المتشنجة التي أخذت بعض أطراف العملية السياسية البدأ إطلاقها هذه الايام في بادرة على الإثارة وتسميم العقول المحدودة للعودة بنا الى فترات ما قبل الانتخابات الماضية كي تضمن اصوات العاجزين عن تفسير الامور بمقاساتها الصحيحة ولتظل هي مهيمنة على مصيره السيئ وهو تحت رحمة هذه الُطغم ( أوغاد الناس ) السيئة .

سالم سمسم مهدي



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google