سنن الأرهاب ما زالت قائمة - عزيز الخزرجي
سنن الأرهاب ما زالت قائمة


بقلم: عزيز الخزرجي - 26-01-2017
في عددٍ من المقالات السّابقة أشرت بل و أثبتتُ بأنّ أكثر الحاكمين ألجُدد في بغداد إنْ لم أقل كلّهم - و نتيجة التربية المدرسية و الدّينية الناقصة و القوانين الأدارية و السياسية هم بعثيون أصلاء في التعامل و كسب الأمتيازات و اللف و الدوران و إن لم ينتموا نظرياً بآلورقة و القلم لتنظيمات البعث الأرهابية!

فآلجّميع بدءاً بمنصب رئيس الدّولة أو آلوزراء و البرلمان و رؤوساء الأحزاب و الأئتلافات و المحافظين و المؤسسات و المدراء العاميين و حتى رؤوساء الأقسام هم بعثيون إرهابيون بسلوكهم خصوصاً في المجال الأداري و الأقتصادي و الحقوقيّ و آلتي هي الأهم في الحياة, أمّا الظواهر و الشكليات الأخرى التي يتزيّن بها هؤلاء كآلألقاب و العمامة أو اللحى أو السّبحة أو المحبس أو زيارة الأربعين أو الوطن أو المواطن أو التصريحات الأعلامية و غيرها من المدعيات الشكلية فهي لأجل إستحمار الناس, لأنها مجرّد ظواهر لا تمسّ جوهر الدين و إنعكاساته في الحياة الأجتماعية .. و المتمثلة بـ(آلحقوق الطبيعية).

ليس بآلضرورة و كما أكّد ذلك "القائد الضرورة صدام" أنْ تكون تكون منتمياً لحزب البعث حتى يُقال عنك بعثيّ بل كلّ العراقيين بعثيون و إنْ لم ينتموا, من خلال النّمط الأخلاقيّ و الأداري و الأقتصادي و الحقوقي في التعامل مع حقوق الناس .. لكونه هو الذي يُعيين هويتك البعثيّة – او الأنسانية الأصيلة و إن كنتَ ربّما تكره البعث بعد فساده و حروبه و دماره!

إنّ آلسلوك العملي هو الذي يعكس حقيقتك و جوهرك من خلال مقدار المال و الراتب و المخصصات و النثريات و الحمايات التي تحصل عليها بغير حقّ بحسب مبادئ العدالة الكونية, حتى لو إدّعيت ما إدّعيت من الألقاب و المناصب .. بل حتى لو كنت مرجعاً كبيراً أو قائداً في حزب إسلامي أو رئيساً أو وزيراً أو عضو برلمان, فحياتك المادية و حياة أبنائك و أحفادك الخاصّة هي التي تُعيين و تكشف حقيقة مبتغاك من وراء الدّين و السلطة و الحزب!

لقد كتبتُ و كم كتبت و بيّنتُ .. بل و إنتقدتُ مسؤوليين كبار في الحكومة و البرلمان و الرئاسة و دوائر الدولة العراقية بآلصميم و بآلأدلة الدامغة و الموثقة, بعضهم كان يدعي بأنه كان قائداً في حزب الدّعوة أو الحزب الأسلامي أو المجلس الأعلى أو في قوات بدر التي أكنّ لمقاتليه و لأخي الشهيد الحيّ هادي العامري و أصحابه كامل الأحترام و التقدير خصوصا و هم يقاتلون آلآن الدّواعش في أشرس معركة ستُقرّر مصير العراق بعد تحرير الموصل.

و لكن بعد إنتقاداتي الواقعية تلك للمسؤولين و الرؤوساء .. وردتني إعتراضات و ردود من بعض الأصدقاء و هم كُثر و الحمد لله رفضوا إطلاق صفة البعثية عليهم, و عندما تحدثتُ مع بعضهم مباشرة من خلال الشبكة أو الهاتف؛ تبيّن أنّ هؤلاء يقيسون الناس على المظاهر و الألقاب و العناوين و المدّعيات التي لا يمكن أن تكون لها مصداق حقيقي في حياة مدّعيها إذا كان عمله يخالف عنوانه أو مدّعاه!؟

إنّ القضية أولا ًو أخيرا تتعلق بآلوعي و الثقافة السّائدة, التي أسس بنيانها الأوّل البعث الرّجيم و من سبقهم من الحكام و الحزبيين بمختلف أتجاهاتهم علمهم على الكذب و النفاق و كتابة التقارير و القتل و القفز على أكتاف الآخرين, بعيداً عن حقائق الحياة و تعاريف الوجود و آلقضايا الأساسية في الكون و في حياة الأنسان و التي بمجملها تُحدّد و تكشف أمامك أسئلة مصيرية يفترض بك البحث للجواب عليها لتفهم من أنت؟
و لماذا خُلقتْ؟
و من خَلقكَ ؟
و من أين أتيتَ؟
و لماذا أتيتَ؟
و ما يدور حولك؟
وغيرها من الأسئلة الكونية التي بيّناها تفصيلاً في مباحثنا و منها :(أسفار في أسرار الوجود) الذي يضم أكثر من خمسين بحثاً في أربعة مجلدات.

إنّ تلك الأسفار و غيرها من الحقائق الكونية الكبيرة إن لم يفهمها المثقفون و آلأكاديميون و العلماء و معهم عوام الشعب بل حتى الامم الأخرى فأن الأنظمة الجائرة ستتوالى عليهم و سيدون الظلم و القتل و الأرهاب .. الذي لا يمكن القضاء عليه حتى لو إجتمعت عليه كل جيوش العالم ..

تجدر الأشارة إلى نقطة هامة أخرى .. و هي إن الجميع مسؤولون أمام المحنة التي لم تكن تتشكل

إلا نتيجة للتربية العشائرية و العائلية و المدرسية و المجتمعية و السياسية التي تربى عليها الأجيال بعد الأجيال

لذلك و بسبب هذا المستوى من الوعي السائد .. تَصَوّرَ المواطن الموظف و العامل و الأجير؛ بأنّ ما يصلهم من حقوق بسيطة أو مساعدات إنّما هي من جيب الرئيس الفلاني أو الوزير الفلاني أ, المرجع الفلاني أو المسؤول الحكومي الفلاني و من إرث أجدادهم و آبائهم, و ليست حقوق طبيعة فرضها الله على كل حاكم أو مرجع أو مسؤول في الأمة!

و هكذا كان يفعل صدام حين كان يوزع العطايا و الهدايا و المكارم بإسمه ليذاع عبر نشرات الأخبار الطويلة و المملة .. بحيث جعل كل مواطن من الشعب العراقي العريان الجوعان الهلكان يتمنى أن يلتقى سيادة الرئيس يوماً ليحصل على هدية العمر (ضبة دنانير) أو (موقع وظيفي) أو غيرها من الأمنيات, فصار الشعب إنتهازياً .. إتكالياً .. مستعداً لأن يُدمّر كل شيئ ليحصل على منصب أو مال أو جاه حتى لو كان على حساب حقوق الله وليس البشر فقط!

لقد خرّجت الحكومات السّابقة و للآن الأنتاج مستمر .. أجيالاً لا تعرف معنى الحب و التضحية و الأنتاج و العمل .. و لاجل من يكدح الأنسان!

و من أخطر الأساليب التي إستخدمتها الحكومات الظالمة المتعاقبة لتمويه و تسطيح الوعي الجماهيري ؛ هو مصطلح (التضحية لأجل الوطن) هذا الشعار الذي كان أول شعار بآلمناسبة لرئيس أمريكا(ترامب) حيث قال : (أمريكا أولاً), و كأن المواطن حين يعمل أو يستشهد يذهب دمه للتراب أو الحجر أو الشجر!؟
ما قيمة التراب و الحجر و الشجر إذا كان الأنسان يعيش البؤس و الظلم و القهر و التشريد!؟

بينما الحقيقة – المصيبة الكبرى التي كانت و ما زالت غائبة هي أن تلك التضحيات أو السكوت أمام الظلم كانت نتائجها تتحول مباشرة إلى أموال نقدية في جيوب المسؤوليين و الحكام الذين تحاصصوا علناً و بلا حياء لتقسيم تلك الأموال التي هي من حقّ الشعب الذي فرّط به نتيجة الجّهل!

تربية حقيرة و متخلفة .. و قناعات أخطر, و مناهج كارثية كرّسها أهل الكروش و العروش ..
إنها مأساة خطيرة أن تتحول الحقوق الطبيعية للناس, الى منحة أو منّة أو فضل من الرئيس أو الوزير أو المسؤول أو رئيس المعمل أو الشركة أو حتى محل صغير ..

إنها هي الثقافة البعثية – الأستكبارية - المستمرة بعينها, و النمط الأخلاقي التي تربى عليه العراقيون جيلاً بعد جيل للاسف و بإمتياز و سار عليه من تبعهم إلى يومنا هذا في الحكم, فصدام و كلّ من سبقه من حُكّام العراق هُم من أشاعوا تلك المبادئ و المناهج و الأفكار الجاهلية الظالمة حتى أصبحت حقائق تُنظم حياة المجتمع و الوزارات و دوائر المسؤوليين في الدولة و البرلمان و حتى أوساط الناس و من دون أن يلتف لها أحد للأسف الشديد!

و إن ما يمرّ به العراق اليوم و حتى العالم ليست مفاجئة .. بل هي نتيجة القوانين الرّومانية و الفرنسية و الغربية و الفرعونية و الحمورابية و الأسلامية المختلطة بآلحق و الباطل .. تلك القوانين التي طُبّقتْ و كُرّسَتْ الأنظمة المختفة على النمط التربوي البعثي و النفس الحزبي و الخابراتي التي تربى عليها الأجيال منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة .. بل منذ تأسيس النظام الأوربي الجديد في فرنسا و ألمانيا و إنكلترا!

مع فارق شكلي واحد هو إستبدال الأنظمة الدكتاتورية و الملكية القديمة بأنظمة ديمقراطية كغطاء لتعميم الدكتاتورية المنظمة و نهب الناس و ترسيخ الطبقية!

أمّا دور الأسلام في هذا الوسط – الذي هو الآخر لم يعد إسلام محمد(ص) – بل إسلام فلان و فلان و مذهب فلان؛ فكان حتى مع هذا المستوى و لا يزال مجرّد شعائر و طقوس كهنوتية و تقليد أعمى في آلعبادات و الشعائر الدّينية لأشخاص معينين تُبتنى على الدّعاية و طول اللحية و الأشاعات(أو ما يسمى في الفقه بـآلشيوع) تربى عليها الناس قرونأً من دون النظر أو التجديد أو التفكير بحقيقة تلك الشعارات, أو معنى و فلسفة الأسلام ..

لذلك ستبقى المكارم السّخية للقائد الأوحد, و من تبعه على ذلك هو النمط الساري و الحاكم و المعيار في الفوز و النجاح في المناصب و حصول الجاه و الأبهة و الألقاب في المجتمع, و لعنة الله على البعثيين و على كل من تبعهم في السّلوك و العمل و الأدارة و توزيع الحقوق و الرّواتب إلى يوم الدِّين.

و لا حلّ و لا خلاص للعراق, إلا بمظاهرات عارمة في النّجف أمام بيت المرجعية السيد السيستاني(حفظه الله) لتكليف شخص مُتقي و مُخلص و أمين لأدارة الأمور في البلاد.

لكن المشكلة هي أن السيد السيستاني حفظه الله لا يؤمن بإقامة حكومة عادلة أو حتى شبه إسلامية تحت ظله المباشر لتطبيق آيات آلقرآن في الأرض, لكن تلك المظاهرات ستكون بمثابة الحجة عليه على الأقل .. لعلها تكن إنذاراً سماوياً لظهور المنقذ (عج) لتخليض العالم من ظلم الحكومات القائمة.
عزيز الخزرجي
مفكر كوني



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google