الدين الاسلامي يتجه نحو الطبيعة ! * - د. رضا العطار
الدين الاسلامي يتجه نحو الطبيعة ! *


بقلم: د. رضا العطار - 27-01-2017


القرآن مستمر بثبات يكرر دعواه ذات الجانبين معطيا اياها صيغة جديدة : هما دعوة لربط التأمل بالملاحظة - - الاول دين، والثاني علم - - - لا يحتوي القرآن على حقائق علمية جاهزة، ولكنه يتضمن موقفا علميا جوهريا - - الاهتمام بالعالم الخارجي امرُ غير مألوف في الاديان. لكن القرآن يشير الى حقائق كثيرة في الطبيعة ويدعو الانسان للاستجابة اليها. الامر بالعلم (بالقراءة) لا يبدو هنا متعارضا مع فكرة الالهوية بل انه قد صدر باسم الله :
(اقرأ باسم ربك الذي خلق) من سورة العلق. الانسان ( بمقتضى هذا الامر ) لا يلاحظ ويبحث ويفهم (طبيعة خلقت نفسها)، ولكن الكون الذي ابدعه الله. ولذلك فان الملاحطة ليست بلا هدف او لا مبالية او خالية من الشوق، وانما هي مزيج من العلم وحب الاستطلاع والاعجاب الديني. وكثير من اوصاف الطبيعة في القرآن على درجة عالية من الشاعرية - - و الايات التاليات تصور هذا احسن تصوير، فلنستمع اليها :

(الله انزل من السماء ماء فأحيا به الارض بعد موتها ان في ذلك لاية لقوم يسمعون. وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين. ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لاية لقوم يعقلون. واوحى ربك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سُبل ربك ذُللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون)

ان بعض آيات القرآن توقظ الفضول الفكري وتعطي قوة دافعة للعقل المكتشف :
(وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يُسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل) - - - والاية الاخيرة تستفز الفكر، فهي تطرح مشكلة تكمن في اعماق علوم الكيمياء.
والنتيجة ان المسلمين هم الذين وضعوا النهاية للجدل الذي دار حول قضايا جوهرية استحوذت على المسيحية عندما اتجهوا الى الكيمياء. وكان هذا تحولا من الفلسفة الصوفية الى العلم العقلاني.

في هذه الايات التي اتجهت بكليتها الى الطبيعة نجد فيها تقبلا كاملا للعالم، ولا أثر فيها لاي نوع من الصراع مع الطبيعة. فالاسلام يُبرر ما في المادة من جمال ونُبل كما هو الحال بالنسبة للجسم في موقف الصلاة. ان العالم المادي ليس مملكة للشيطان. وليس الجسم مستودعا للخطيئة. كل ما يتعلق بجمال الطبيعة هو غاية آمال الانسان واعظمها.
صوًره القرآن مغموسا بالوان هذا العالم. ويرى المسيحيون في هذا حسًية تتنافى مع عقيدتهم. ولكن الاسلام لا يرى العالم المادي مستغربا في اطاره الروحي - - - ففي جميع الايات التي سبق اقتباسها من القرآن عنصر مشترك وهو الدعوة الى الملاحظة، وهي فاعلية بواسطتها بدأت قدرة الانسان على العالم والطبيعة.
الى الحلقة التالية !
* مقتبس من كتاب (الاسلام بين الشرق والغرب) لعلي عزت بيجوفيتش.






Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google