أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [٦] - نــزار حيدر
أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [٦]


بقلم: نــزار حيدر - 28-01-2017
أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟!
[٦]
نـــــــــزار حيدر
اذا تمعَّنَّا في الكثير من المشاكل العويصة لاكتشفنا انّ السَّبب الحقيقي هو كثرة المُجاملات في التّعامل معها عندما كانت بسيطة وتافهة رُبما، حتى اذا تضخَّمت وتعقّدت ولم يعُد بامكان أَحدٍ حلَّها أَو التَّخفيف من غلوائها وخطورتها مثلاً، لجأَت كلّ الأَطراف المعنيّة بها الى منهج [آخر الدَّواء الكيّ].
تصدُق هذه الحقيقة المُرَّة بالدّرجة الاولى على المستوى الاجتماعي، والأُسري تحديداً، فكم من حالة طلاق حصلت بسبب تعامل الطَّرفَين مع بدايات المشكلة بمجاملات زائدة تُلغي أَيّة محاولة منهما للبحث في المشكلة وعلاجها بصدق وجدّية! تسبَّبت بمرور الزَّمن الى تضخُّم المشكلة لتصل الى الطّلاق! ولو أَنّ الطَّرفَين تعاملا مع الحالات الأوَّلية لأَيّ خلافٍ بينهُما بحرصٍ أَكبرُ لأمكنَ لهما حلَّها والمشكلةُ بعدُ في مهدِها، وبالتّالي لما وصلا الى مرحلةِ التّسليم لأَبغضِ الحلال!.
الأَمرُ ذاتهُ ينطبقُ على الكثير من المشاكل العويصة بين الجيران مثلاً والأصدقاء والزملاء والشّركاء في العمل وهكذا! فالمجاملات الزّائدة تُعقِّد الكثير من المشاكل البسيطة والتّافهة وتدفع بها صوب التّعقيد أَكثر فأَكثرَ، حتّى تصل بها الى حالة القطيعة وتدمير العلاقات الحميمة!.
ذاتُ الأمرِ ينطبق في المجال السّياسي، فلقد كان بالامكان ان لا تصل تعقيدات الحالة الحاليَّة الى ما هي عليه الآن لولا كثرة المُجاملات بين الفُرقاء على حساب الحقيقة والحلول العقلانيّة، ولولا مثلها وأشدّ على الصّعيد الفردي! فأَنا شخصيّاً أَعرف الكثير من القادة المتواضعين الطيّبين الذين تحوّلوا الى ذئاب متوحِّشة ومُفترسة وعدوانيّة لكَثرة مُجاملات أعضاء فريق العمل الذي يلتفّ حولهم، بغضِّ النَّظر عن الاسباب والدوافع! لتتراكم عندهم الأخطاء الواحد تلو الآخر من دون انّ ينبّههم عليها أَحدٌ منهم! حتى يصل الى مرحلة لم يعُد مُستعدّاً لسماع أَيّة نصيحة أَو موعظة أَو نقد أَو ما الى ذلك! حتّى من أَقرب المقرَّبين اليهِ! وبالتالي يتحوّل عندها الى جبّارٍ عنيدٍ يُدمِّر نفسهُ ومَن حولهُ، فيحوِّل الحزب مثلاً الى شركة مساهِمة والقيادة الى مُلكٍ عضوض، والمؤسّسة الحركيّة الى إِرث عائلي وهكذا! أَمّا اذا كان مسؤولاً في السُّلطة فيتحوَّل الى مَلكٍ غير متوَّج يُظهرُ إِستعداداً منقطع النّظير لتدميرِ كلِّ شَيْءٍ من أَجل البقاء في السُّلطة وعدم تسليمها لغيرهِ على قاعدة [بعد ما ننطيها].
لقد شاهدتُ بأُمِّ عيني ولمستُ بيدي مثل هذه الحالات التي حوَّلت الكثير من القادة الطيّبين الى فاسدين وفاشلين، وأتذكَّر الى الآن ما قالهُ أَحد الوصوليّين المتملقين لأحدهِم وهو يخرج من الحمّام بقولهِ [لم أَر قبلك أَحدٌ من القادةِ يخرج من الحَمّام بمثلِ هذه الأَناقة والهَيبة]! فنفشَ [القائدُ] ريشهُ وكادَ أَن ينفجر!.
لو أَنّ كلّ مستشارٍ أَو عنصرٍ في فريق عمل المسؤول، أَي مسؤول، يُسمِعهُ الكلام الذي يجب أَن يسمعهُ وليس الكلام الذي يُحب أَن يسمعهُ وتطرب له آذانهُ، لنفعَ المسؤول وخدمَ البِلاد، أَمّا اذا حكمت المُجاملات الزّائدة علاقتهُ به فاقرأ على المسؤول أَوَّلاً السّلام واذا كانَ من الدّرجة الأولى فاقرأ تالياً على البلادِ السّلام!.
إِنّ المسؤول الحريص على سُمعتهِ وعلى مستقبلِ بلادهِ لا يجمع من حولهِ مستشارين مُجاملين حدِّ التَّمَلُّق ولا يقبل من أَحدٍ أَن يتعامل معه بالمجاملات الزّائدة، بل تراهُ يُحرّض الجميع من حولهِ على ان يقولوا ما يعتقدون بهِ ويقدِّموا له الاستشارة الصّحيحة بغضّ النَّظر عن رأيهِ وما اذا كان سيقبل بها أَم لا؟!.
فلقد كان أحدُ هؤلاء المسؤولين يُكرّر على مستشارهِ الْقَوْل [أُريدُ أَن أَسمعَ منكَ ما يُشعرُني بأَنّنا إِثنَين!].
أَمّا في حالتِنا السياسيّة فالعشرة والمئة والألف واحِدٌ الى جانب المسؤول! للأَسف الشّديد!.
*يتبع
٢٧ كانون الثاني ٢٠١٧
لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google