تراجعت الثورة وانتصر الروس - صلاح بدرالدين
تراجعت الثورة وانتصر الروس


بقلم: صلاح بدرالدين - 28-01-2017
اذا كان نظام طهران بأدواته العسكرية والأمنية ودعمه المالي اللامحدود ومجموعاته المسلحة وميليشياته الطائفية التي استحضرتها الى سوريا منذ بدايات اندلاع الانتفاضة الثورية خدمة لمشروعه التوسعي وممراته المذهبية قد شكل عاملا لايستهان به في اطالة عمر نظام الأسد وتشويه كفاح السوريين باضفاء الطابع الديني – المذهبي على شكل الصراع في سوريا ولم يكن – داعش – بمعزل عن المشهد فان طغمة بوتين المستبدة الحاكمة في روسيا الاتحادية كانت منذ اليوم الأول الضمانة الرئيسية في الحؤول دون سقوط سلطة الأسد عسكريا أو عزلها دوليا على الصعيد الدبلوماسي خصوصا بعد انكفاء ادارة الرئيس أوباما وخذلانها للسوريين والتشجيع الذي لاقته من اسرائيل اضافة الى الرضوخ التركي ولاشك أن الطرفين اتفقا على أمرين وكل بطريقته خلال الأعوام السابقة وهما الحفاظ على النظام ومنع الثورة من الانتصار وبعد تحقيق الهدف المرجو الذي دشنه وشرعنه ووثقه اجتماع – أستانا – فمن شبه المؤكد سيبدأ العد التنازلي في تحالف موسكو وطهران المرحلي وقد تتضارب بينهما المصالح الى درجة المواجهة ولكن ذلك لن يفيد الشعب السوري كثيرا بعد حصول الانتكاسة المروعة لثورته .
لم يكن تحقيق الأهداف الروسية ممكنا الا بدحر الثورة وهزيمة الفصائل المسلحة بحلب وغيرها أو استسلامها وتراجع خطابها حيال روسيا بتحويلها من عدو الى صديق محتمل وهذا مانلمسه مؤخرا في تصريحات وبيانات العديد من قادة الفصائل ومسؤولي – المعارضة - فأصحاب القرار في موسكو وضعوا خطة محكمة مدروسة لخدمة مشروعهم الاستراتيجي في حوض البحر الأبيض المتوسط وسوريا تحديدا تقضي بالتدخل المباشر الحاسم بعد انهاك قوى نظام الأسد الى درجة الوصول الى حافة السقوط وازدياد مخاطر – داعش – على الداخل السوري والمنطقة والعالم الغربي وتشرذم قوى الثورة والجيش الحر ورجحان كفة الاسلاميين على حساب العلمانيين للامعان في مضاعفة المحاذير محليا وعالميا وحصد كل من – الائتلاف والهيئة التفاوضية – الفشل تلو الآخر وازدياد المصاعب والتحديات الداخلية والاقليمية أمام حكومة أردوغان كأكثر الأطراف التصاقا بالقضية السورية وقد تم لروسيا ماأرادت وحصل كل ذلك منذ أواخر العام المنصرم وبداية العام الجديد .
كما يظهر وبحكم اطلاع الخبراء الروس على الملف السوري منذ عقود في عهود الاتحاد السوفييتي – سابقا – وحتى الآن وتواصل أجهزتهم المختصة مع مختلف أطياف – المعارضة – والموالاة – والرماديين وبين بين وبعد اختراقهم المعروف للوسط المعارض واستمالة العديد من الشخصيات وبينهم ضباط منشقون عن الجيش السوري وبعد أن أنشأوا معارضات على حسابهم فقد توصلوا الى استنتاجات ونتائج تؤكد لهم خطأ الارتهان على المعارضة السياسية مثل ( المجلس والائتلاف والهيئة التفاوضية ) لأنها هزيلة وقد فات أوانها وغير مستقلة ولاتمثل شيئا على أرض الواقع وهذا مادفع الروس الى تلك الاستدارة نحو الفصائل المسلحة المحسوبة على الثورة والتي كانوا يعتبرونها حتى الأمس القريب ارهابية ومتشددة ولأنهم أي الروس على عجلة من أمرهم حتى لاتداهمهم مفاجآت على الطريقة – الترامبية - تغير من الظروف المحيطة قرروا عقد اجتماع أستانا بين وفدي الفصائل العسكرية والنظام .
لقاء أو مفاوضات أو اجتماع أستانا كان حاجة روسية ومحطة لترسيخ وحدانية قرارها بالشأن السوري واشارة واضحة لكل الأطراف المعنية أن الروس قادمون الى المنطقة وسوريا حصتهم في عملية تقاسم النفوذ وهم يقررون من يشارك في لقاءات جنيف المرتقبة من أطراف المعارضة والنظام والدول الكبرى والصغرى خاصة بعد أن ذللوا العقبة الأكبر وهي الانفتاح المتبادل بينهم وبين قادة الفصائل المعروفين بالتشدد والوضوح وبذلك ضربوا عدة عصافير بحجر واحد .
نعم انتصر الروس على أكثر من جبهة وصعيد وعقب المحطة الأخيرة سيستكملون الخطوات بجمع مايمكن من ممثلي منصات ( أستانا وموسكو والقاهرة وحميميم ودمشق ) وقد يسمحون لممثلي هيئة التفاوض بالمشاركة ولكن ليس ( كممثل شرعي وحيد ) بل كطرف مثل بقية الأطراف ومن المؤكد أن اختيارات الروس ستخضع لمدى خدمتها لمصالحهم فقد يدعون طرفا ما باسم المعارضة ارضاء لدولة ما ومقايضة مع تحقيق مصلحة معينة لدى دولة أخرى وهي من صلب مايطلق عليه بلعبة الأمم والروس يتفننون بهذه اللعبة القذرة .
أما من الناحية السياسية الاجرائية المتعلقة بمستقبل سوريا فقد قدم الوفد الروسي مسودة الدستور الجديد لسوريا القادمة وسيشكل مضمون البلاغ الثلاثي الروسي – التركي – الايراني في ختام لقاء أستانة ملامح المرحلة القادمة حول واضافة الى تثبيت وقف اطلاق النار " وحدة سوريا المتعددة الأعراق والديانات والتفاوض والمصالحة بين المعارضة والنظام " وبالتأكيد على " حضور ممثلي الفصائل المسلحة الى جنيف " تمهيدا لتحقيق التوجه الروسي في اعادة بناء جيش وطني سوري مشترك تحت عنوان " محاربة ارهاب داعش والنصرة " في ظل النظام القائم وهو يعني التركيز على الجانب العسكري على حساب التغيير السياسي وكما يظهر فان هذا التوجه يحظى بعدم اعتراض أمريكي ودعم مصري قوي ورضى من جانب النظام وقاعدته العسكرية ذات اللون الواحد .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google