ما هذا يا حكومة بغداد - أ.د. عبدالحميد العباسي, .
ما هذا يا حكومة بغداد


بقلم: أ.د. عبدالحميد العباسي, . - 29-01-2017
سابقا مقدم طبيب في جيش العراق

ادهشني وراعني ما شاعدتُ من مقاطعَ من فلم وثائقي لقناةٍ فرنسية, لا شك شاهدَه آخرون.
لا اناقش في استدراجكم الى حرب شوارع وقد وُصِفت, مثلُ هذه الحرب بانها مقبرة المهاجمين. نعم ان دخول المشاة وتمشيط الارض لازم في النهاية ولكن بعد ان تُدك اوكار العدو على رأسه. ان الحيطان التي تريدون الحفاظ عليها, ليست هي الا سواتر للعدو وقناصته. وتلك الحيطان كلها, لا تساوي خسارة مقاتل واحد وان حب الشهادة لايعني طلب الموت ولا استرخاص الحياة.وليُفهَمَ المقاتلُ أن الشهادة كُتبت له يوم خرج مجاهدا. الحيطان ممكن اعادة بنائها ولا يمكن عودة القتيل الى أهلِه.
وقتلُ القناص لا يكون باقتناصه ببندقية رامي كما رأيتُ في الفِلم إياه ولا برشاش, بل بنسف مكانه.
ويبقى الحِفاظ على المباني (البنى التحتية) لازما إإ, حتى يرضى العالم المنافق عنا, انظر ما فعلوه بالمدن قبل دخولها في الحرب العالمية الثانية.

وشاهدت كيف يُخلى, الجريحُ, او يُسعَف. هل هذا هو الاسلوب المُتبع في الجيوش في الوقت الحاضر؟ جريحٌ ينقلُ الى سيارة اسعاف *مكعَوَر* في بطانية في حين ينبغي ان ينقل مُددا, لاسباب يعرفها الطبيب ويعلمها كادرُ إخلاء الجرحى في الميدان. وشاهدت جريحا يُجرى له *تمسيد القلب الخارجي*يجُرى على الفِطرة إإ. ان توقفَ القلب بعد الاصابة الشديدة سَببُهُ في الغالب شِحة الدم في أجواف القلب, بسبب النزف او إرتشاح الانسجة الممزقة, بسوائل الجسم, عندها يشِحُ ما يجري مِن السوائل في العروق. والإسعافُ الاوليُّ العاجل, يكون بإعطاء المصاب ما خسره من دمٍ او سوائلَ مِلحية, لحين وصول المُصاب الى حيتُ االعلاج المناسب.

قضيتُ معظمَ خدمتي الطويلة في الجيش في مستشفيات مَيدان وهي وحداتٌ قتالية, اي انها تتواجدُ في الساحة. ومنتسبوها قادرون على استعمال الاسلحة الخفيفة لحماية أنفسهم. كان من واجباتي تدريبُ جنود الوحدة ومنهم حاملو االنقالات, تدريبهم على اخلاء المصابين وهذا يتطلب الوصول الى المصاب وهم فادرون على الزحف السريع ساحبين معهم نقالة اسعاف. يُغطوَن برمي مُكثف على العدو حتي لا يعيق وصولهم الى الجريح, بسرعة وسوف آتي الى اهمية السرعة.

ويكون علاج المصاب في مكانه او مكان قريب أمنٍ نسبيا: كلمات تطمينٍ تُشعر الخندي ان رفاقه هَبّوا لنجدته, فهو عندَهم ثمينٌ وهو جريح كما هو ثمين وهو قائم, هكذا اوصي الخبراء في هذا المجال. وليس أدعى الى إهتزاز معنويات الجند مِن مُشاهدة رفيقهم الجريح لا يَكترثُ لحاله أحد, ألإعتقاد او الادعاء بان شديد الاصابة أو خطيرها, سيكون مَسرورا أن قد فازَ بالشهادة, ليس إلا وَهمٌ وجهلٌ بالنفس البشرية, وقد سمعنا الكثير من جيوش أخر يَخفُّون الى إغاثة رفيقهم المصاب غير آبهين بالخطر وكان في ذلك حتفُ بعظهم. ومن خبرتي بالجندي العراقي أنه لاتعوزه النخوة وإغاثة الملهوف. والمطلوبُ هو كيف تكون هذه الإستجابةُ فاعلةً.

خطوات اسعاف المصاب في مكانه معدودة وتجرى بالتداخل مع بعضها: تسكين الالم والهلع والأخير طالما زاد الطين بلة. والعلاج لكليهما هو حقن *المورفين* أو مثيلاته, إيقاف النزف, تعويض ما خسره المصاب من دم, ان تيسر او سوائلَ مُقاربة وجبائر مؤقتة أنى لزم. واني لم ارَ من هذا فيما شاهدت من مقاطع الفلم.

سرعة إخلاء المصاب الى مركز جراحي متقدم, له الاهمية القصوى. وبالنقل السريع, يمكن إنقاذُ معظم المصابيىن فقد وجد ان معظم الوفيات تقع في الساعة الاولى بعد الإصابة. نجاعة النقل السريع في الحرب الفيتنامية حيث استخدمت الهليكوبتر كان اكثر مردودا عنه في الحرب الكورية التي لم يصار فيها الى هذا الاسلوب في نقل المصابين. اما التوجه الحديث فهو دفع المراكزز الجراحية المتقدمة الى قرب خط التماس.

طالما تسائلت لماذا نُصرُّ على الحيلولة دون هروب الدواعش والعودة الى حيثُ أتوا, في حين أننا اول ما نفعله هو فتح الشبابيك اذا وجدنا *زنبورا* او حشرة لاسعة, لكي يخرجَ هذا الدخيل دون ان نتحمل مخاطر محاولة قتله. نعلم ويعلم غيرنا, ان من تقطعت به السل, لا يتورع عن اي عمل بما في ذلك عمل انتحاري يأخذ معه فيه بعضا من مقاتلينا. حسابُ الربح والخسارة في الحرب اساس في تقويمها. الاساس هو ابادة الذواعش أنّى ثقفناهم ولكن الاهم هو الاقتصاد في خسائرنا في المقاتلين وماذا يضُرُنا أإن عادوا الى الدول التي جاؤونا عِبرَها, بتسهيل منها واعداد وتمويل, ليَسقوها مما سَقَونا. ام انها *فروسية* بعض اصحاب أمورنا أم وفاءٌ مِنهم لتلك الدول *الصديقة والشقيقة*.

والمسألة الاخيرة التي أعرج عليها في هذه العجالة إإ, سمعنا بها في الاعلام وهي ان الحكومة *العراقية* التي يقول الرئيس *ترامب* عنها انها ما وجدت يوما منذ التغييِّر, ان هذه الحكومة بالتحالف مع البيشمركة, تنوي مهاجمة مقاتلي حزب العمال التركي الكردي في جبل سنجار. عجبا ولم يعد في العراق ما يثير العجب, نهاجم مقاتلي حزب العمال الذين قاتلوا معنا ضد داعش ولم يقولوا انهم باقون في اراضينا وبامكاننا اخراجهم ان لم ينسحبوا عندما لا يكون لزاما وجودهم, نفعل هذا معهم وقد قاتلوا معنا ونصطف مع البيشمركة الذين غدروا بنا في مواجهتنا العدوا داعش والذين لا ينفون نيتهم الاستحزاذ على ما يقع في ايديهم من أراض, في عمليةِ قضمٍ مستمرٍ لارض العراق, يعينهم المارقون من ساستنا. انهم التوأم في التفريط, كما فعل النظام الذي سبق.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google