المال العام والموظف العام والفساد الاداري - د. براء منذر كمال عبداللطيف - د. باسل مولود يوسف
المال العام والموظف العام والفساد الاداري


بقلم: د. براء منذر كمال عبداللطيف - د. باسل مولود يوسف - 29-01-2017
بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع محاضرتنا ينبسط الى اربع اقسام نتناول فيها مفهوم المال العام ، ومفهوم الموظف العام ، ومفهوم جرائم الفساد المالي والاداري ، واخيراً نتناول أهم المقترحات بصدد مكافحة هذه الجرائم التي تزايدت بشكل ملفت للنظر في مجتمعنا العراقي .
أولاً- تعريف المال العام
ترجع أهمية تعريف الأموال العامة الى أن القانون يسبغ عليها نوعاً من الحماية القانونية بأعتبارها مخصصة لتحقيق المنفعة العامة ويخضعها لمجموعة من القواعد القانونية التي تكفل لها الحماية اللازمة ، هذا بالأضافة الى أن المنازعات المتعلقة بها تخضع لأحكام القانون الأداري ولولاية القضاء الأداري.
فبالنسبة للفقه والقضاء الأداريين فقد أستقر على تعريف المال العام بأنه ( كل مال مملوك للدولة ، أو أحد أشخاصها المعنوية العامة ، سواء كانت أقليمية أو مرفقية بوسيلة قانونية مشروعة ، سواء كان هذا المال عقاراً أم منقولاً ، وثم تخصيصه لتحقيق المنفعة العامة بموجب قانون أو نظام أو قرار أداري صادر عن جهة أدارية مختصة)
أما المادة 71 /1 من القانون المدني العراقي فقد عرفت الأموال العامة بانها ( تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون).
وعلى هذا الأساس فان الدولة تمتلك أموالاً عقارية و منقولة فالأموال العقارية تتمثل بالطرق ، ومباني الوزارات ، المؤسسات ،والأراضي الأميرية ... الخ . أماالأموال المنقولة فتتمثل بأثاث المرافق العامة وأدواتها المختلفة والسلع التموينية المعدة للتوزيع وأوراقها المالية المودعة بالبنوك.
ثانياً- تعريف الموظف العام
الموظف هو كل شخص عهدت اليه وظيفة في الملاك الخاص بالموظفين وتنظم وتحكم شؤونه في العراق (أربعة) قوانين وهي:
1-قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل ،والذي ينظم شؤون الموظفين خلال خدمتهم بالوظيفة.
 2-قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل، وهذا القانون ينظم الإجراءات والقواعد الواجب اتخاذها لمحاسبة الموظفين المشمولين بأحكامه عند ارتكابهم الخطأ في الوظيفة وتبسيط هذه الإجراءات لضمان تسيير أجهزة الدولة وفق المهام الموكلة اليها وتوحيد العقوبات وأثارها.
3-قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 (قانون الرواتب حيث يهدف القانون الى دعم موظفي الدولة والقطاع العام بمنحهم رواتب ومخصصات مجزية وتحقيق مستوى معاشي أفضل لهم ويسري على موظفي الدولة من الدرجة الأولى فما دون.
4-قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل حيث ينظم هذا القانون الحقوق التي يتقاضاها الموظفين عندما تنتهي خدماتهم في أجهزة الدولة مع العلم ان دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال وصندوق التقاعد والضمان الاجتماعي سوف تنتقل من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى هيئة التقاعد الوطنية اعتباراً من 1/1/2010 استناداً لأحكام المادة (14) منه.
2-فمن هو الموظف:
ورد تعريف الموظف بأكثر من قانون فقد عرفته المادة (2) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 بالاتي: (كل شخص عهدت اليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين) اما المادة (1) الفقرة ثالثاً من قانون الانضباط رقم (14) لسنة 1991 عرفته بالاتي: (كل شخص عهدت اليه وظيفة داخل ملاك الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة). فنلاحظ ان التعريف الوارد بقانون الانضباط يختلف عن التعريف الوارد بقانون الخدمة المدنية حيث اسقط قانون الانضباط صفة الديمومة من الوظيفة ليشمل الموظف على الملاك الدائم والمؤقت، والغاية من ذلك من اجل ان يدخل في نطاق العقوبة والمحاسبة للموظف المؤقت أسوة بالموظف على الملاك الدائم في هذا الشأن اصدر مجلس شورى الدولة قراره ذي العدد (99/2006) لسنة 2006 بالاتي (تطبق على الموظفين المؤقتين الأحكام القانونية المطبقة على الموظفين في دوائر الدولة التي يعملون بها) علماً ان المستخدمين وملاكهم لم يعد له وجود في قوانين الخدمة الذي كانت تنص على أحكامه قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 حيث الغي بموجب القرار (911) لسنة 1976.
اما المقصود بموظفي الخدمة الجامعية هو كل موظف يقوم بممارسة التدريس الجامعي والبحث العلمي والاستشارة العلمية والفنية او العمل في ديوان وزارة التعليم العالي البحث العلمي او مؤسساتها ممن تتوفر فيه شروط الهيئة التدريسية، (المادة1/ثالثاً من قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008)
. 3-1 شروط التوظيف (التعيين): فقد نصت المادة (7) من قانون الخدمة المدنية على عدة شروط يجب توفرها في الشخص لكي يتولى او يحصل على الوظيفة العامة وهي:
1- ان يكون عراقياً او متجنساً بالجنسية العراقية.
2- أكمل الثامنة عشر من العمر وللممرضة السادسة عشرة.
3- ناجحاً في الفحص الطبي وسالماً من الأمراض المعدية ومن الأمراض والعاهات الجسمية والعقلية التي تمنعه من القيام بالوظيفة المعين لها بموجب قرار من سلطة طبية مختصة وفقاً لنظام خاص، اما النظام الخاص الذي أشارت اليه الفقرة آنفاً هو نظام اللياقة الصحية[، رقم (5) لسنة 1992 الذي عرف اللياقة الصحية هي القابلية البدنية والعقلية والنفسية التي يجب توافرها في الشخص ليكون لائقاً للخدمة في دوائر الدولة.
4- حسن الأخلاق وغير محكوم عليه بجناية غير سياسية او أجنحة تمس الشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير والاحتيال، اما المقصود بحسن الأخلاق هو مجموعة الصفات التي يتحلى بها الشخص وتوحي للثقة فيه وتدعو الى الاطمئنان اليه والى تصرفاته بالوظيفة ولا تؤدي الى ما يمس ويحط من قدره في الوسط الذي يعيش فيه.

ثالثاً- مفهوم الفساد المالي والاداري
يقترن الفساد المالي في الغالب من حالاته بالفساد الإداري، ذلك لأن المقصود بالفساد الإداري هو فساد المكلف بخدمة عامة بخيانته للثقة التي عُهدت إليه في إدارة المرفق الذي يعمل فيه ، أياً كان المكلف بخدمة عامة ، في رأس الهرم من المؤسسة الحكومية التي ينتمي إليها أم كان من كادرها الوسطي ، أو ما دون ذلك .ولأن خيانة المكلـــف بخدمة عامة غالباً ما تقترن بالمنفعة الشخصية المالية، لذلك يقال عن الفساد: الفساد المالي والاداري .
وخيانة الموظف أو المكلف بخدمة عاهة للثقة التي عُهدت إليه ليست على نمط واحد ، بل أنماطاً شتى يصُطَـلح على تسميتها في مجموعها بجرائم الفساد المالي و الإداري، ومن أكثر صورها شيوعاً الاختلاس والرشوة و الاخلال بواجبات الوظيفة والاستغلال ، وهذه الجرائم وغيرها تمس الدولة في نظامها الاقتصادي والإداري في الصميم.
من جانب آخر فالفساد _ مالياً كان أم إدارياً_ ظاهرة سيئة يتعين مواجهتها بألية تسمح بالتقليل من خطرها إن لم يكن بالإمكان القضاء عليها نهائياً. غير أن ما نلحضه في العراق أن تَفشيّ هذه الظاهرة وبشكل متزايد ومتسارع، أدى إلى أن يُصرح الكثيرون بأن الفساد المالي والإداري والجرائم الأرهابية وجهان لعملة واحدة، بسبب الازدياد المتنامي لهذه الظاهرة ، وبسبب ضلوع الكثير من كبار المسؤولين بارتكابها. ومع ذلك مظاهر الفساد لا تقتصر على العراق فحسب، بل هي ظاهرة عالميّة، بدليل اهتمام الأمم المتحدة بهذا الموضوع حيث تم تبني ( أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد uncac) ، من خلال توافق الآراء في الجمعية العامة في تشرين أول من عام 2003. وتعتبر أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي دخلت حَيّز التنفيذ عام 2005 وتضمُ ( 145 ) دولة طرفاً فيها، سلاحاً قوياً في مجال التعاون الدولي في مكافحة الفساد، وهي ترتكز في مبادئها على عدد من الأمور الجوهرية تتعلق بالوقاية من الفساد، و التجريم، و أسترداد ( الأصول، أي الأموال ) محل جريمة الفساد، و التعاون الجنائي الدولي، وهي بذلك ترسم إطاراً شاملاً للعمل على الصعيد الوطني و الأقليمي و الدولي في مجال مكافحة الفساد.
وعلى الرغم من أن هذه الأتفاقية تتضمن أحكاماً محددة غير أنها تطلب من الدول الأطراف في الأتفاقية وضع التدابير و القواعد لأقامة هيكل نظامي لمنع الفساد، مع تزويد هذا الهيكل بنظام فعّال يمكن من خلاله تطبيق جوهر الأتفاقية. وحيث أن العراق طرفاً في هذه الأتفاقية إذ صادق عليها بالقانون رقم 35 لسنة 2007، فهو إذاً ملزم بالسير في هذا المنهج من خلال تشريع قوانين تسمح بمكافحة الفساد ومحاربته. فكان أولاً تشريع قانون مفوضية النزاهة الصادر بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) بالعدد (55) لسنة 2004 و الذي أُلغي بالقانون رقم (30) لسنة 2011 ( قانون هيئة النزاهة )، ويمثل القانون الأخير خطوة جادّة فــي هـذا السبيل.
وحيث أن الفساد أياً كانت صورته، إدارياً أم مالياً، أم الإثنين معاً، هو داء ينبغي معالجته، لذا أكد المشرع في الأسباب الموجبة للقانون رقم (30) لسنة 2011على أن الهدف من تشريع هذ القانون هو: ( تنظيم عمل هيئة النزاهة ومهامها وصلاحياتها التي تمكنها من أداء هذه المهام في سبيل رفع مستوى النزاهة، والحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد، وتنسيق العلاقة بينها وبين الأجهزة الرقابية الاخرى....) .
غير أن ما يجب الأشارة إليه هو انه ليس في قانون العقوبات مصطلحاً لجريمة_ أو مجموعة جرائم _ يُصطلح عليها بالفساد، او تحمل هذه التسمية، ولكن هذه الجرائم في حقيقتها محددة قانوناً وهي تلك التي تخص هيئة النزاهة بالتحري عنها والتحقيق فيها، أصطلح المشرع عليها وبمقتضى المادة (1) من القانون المذكور بمصطلح : (قضية فساد)، وعرفها بالقول : (( هي دعوى جزائية يجري التحقيق فيها بشأن جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة، وهي الرشوة و الاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 233و234 و271و272 و275 و276 و290و 293 و296من قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969المعدل، وأي جريمة اخرى يتوفر فيها أحد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5و6و7 من المادة 135من قانون العقوبات النافذ المعدلة بالقسم (6) من القانون التنظيمي الصادر عن مجلس الحكم (المنحل ) الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) رقم 55 لسنة 2004)). وتشمل هذه الظروف : إساءة استعمال المركز العام أو الثقة المرتبطة به من أجل الحصول على مكسب شخصي، او عرض أو منح أو قبول بعض الامتيازات مقابل مخالفته المنوطة بالمركز العام أو بالثقة الممنوحة لمن يشغل هذا المركز، و الأساءة لحقوق الآخرين بصفة رسمية، أو محاولة التسبب في وقوع مثل هذه الأساءات والمخالفات. كما تشمل الأفعال المتصلة بتأييد من يرتكب هذه المخالفات أو يعيق محاولات الكشف عنها، ومخالفة اللوائح التنظيمّية الصادرة عن ( المفوضية ) _ هيئة النزاهة حالياً_ المعنية بالنزاهة الوطنية بخصـوص الكـشف عن المصالح المالـيّة.
ويفهم من مجمل ما تقدم أن الفساد المالي و الإداري مصطلح قانوني يراد به جميع الجرائم آنفة الذكر، وهو بأختصار : إساءة أستعمال الوظيفة العامة من أجل المصلحة الخاصة... هذه الصور و لخطورتها تجعل من البحث في السياسة الجنائية الخاصة بمكافحتها أمراً على غاية الأهمية.


رابعاً- مقترحات لمكافحة الفساد المالي والاداري

1-حدد المشرع وبمقتضى المادة (17) من قانون هيئة النزاهة المكلفين بتقديم كشف الذمم المالية، حيث لوحظ أن هناك قصوراً في بيان أشخاصاً يتولون مناصب متقدمة في الدولة منهم: أمين العاصمة ونوابه، ومستشاري رئيس الجمهورية ونوابه، ومستشاري مجلس شورى الدولة والمستشارين المساعدين، ونواب المحافظين ومعاونيهم، والضباط من رتبة مقدم فما فوق في المخابرات العامة ومدراء البلديات والتسجيل العقاري. وأوضحنا أن النص صراحة على المذكورين أعلاه في عِداد المشمولين بتقديم تقرير الكشف من شأنه أن يُفَعِّل من عامل الشعور بالمسؤولية لدى المكلف ويجعله أكثر حذراً وإخلاصاً في تعامله، وأكثر قناعة بما يتقاضاه من راتب ومخصصات، وبتالي أكثر دقة فيما يُحرره في تقرير كشف الذمة المالية.
2_ وبصدد العقوبة المقررة في المادة (20) من قانون الهيئة بخصوص جريمة التخلف أو العجز عن إثبات مشروعية الزيادة في أموال المكلف لوحظ أن المشرع قرر لها عقوبة الحبس وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع أو بأحداهما. لذا كانت لنا على المادة المذكورة مايأتي من ملاحظات:
آ_ جواز الحكم بأحدى العقوبتين، نَصٌّ من شأنه أن يرفع هاجس الخوف (الردع) لدى مرتكبي هذه الجرائم طمعاً في الحصول على عقوبة الغرامة دون الحبس، لذا دعونا الى تعديل النص من هذه الجهة وجعله الحبس مع الغرامة معاً.
ب_ وحيث أن عقوبة الغرامة جزاء من جنس العمل، وهو هنا الكسب غير المشروع للمال، وحيث أن الغرامة نسبية وهي مساوية لقيمة الكسب غير المشروع _ ومهما بلغت قيمة الكسب غير المشروع _ لذا دعونا الى أستحداث فقرة جديدة ضمن المادة (20) آنفة الذكر يَتَقرر بموجبها عدم جواز أستبدال الغرامة بالحبس.
ج_ ولضمان أستحصال مبلغ الغرامة من المدان، دعونا المشرع كذلك الى أستحداث نصاً آخر ضمن المادة (20) آنفة الذكر يتقرر بموجبها عدم جواز إطلاق سراح المدان بعد تنفيذه للعقوبة السالبة للحرية مالم يُسدد كامل مبلغ الغرامة الذي في ذمته.
3_ وحيث أن أستثناء جرائم الأختلاس والجرائم التي تُسبب الأضرار العمدي بأموال الدولة من أحكام قانون العفو رقم (19) لسنة2008 هو أستثناء مجرد بمقتضى هذا القانون فقط. ولأهمية مثل هذا الحكم فقد دعونا لتفعيله وأعتباره قاعدة. لذا أقترحنا إضافة فقرة جديدة الى المادة 153 من قــانون العقوبات تتضـمن النص على أنه : (لايطلق سراح المشمول بمرسوم العفو الخاص مالم يُسدد كامل مابذمته من أموال الدولة).
4_ وحيث أن رشوة الموظفين الأجانب، ورشوة موظفي المنظمات الدولية تفوق في خطورتها رشوة الموظفين المحليين، فهي تتسبب في الأضرار بمصلحة البلاد حساب المصالح الأجنبية، وتُسيئ الى سمعة العراق في الخارج، ومسايرة لما تضمنته أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004 والتي صاق عليها العراق بالقانون رقم 35 لسنة 2007، لذا دعونا الى تجريم الأفعال المتقدمة والنص عليها صراحة مع تقدير العقوبة المناسبة.
5_ وحيث أن الاتفاقية المتقدمة دعت كذلك لتجريم الرشوة في القطاع الخاص، بسبب التوسع الكبير في ميدان القطاع الخاص، لذا دعونا المشرع الى مسايرة هذا الأتجاه أيضاً وذلك من خلال أستحداث نص قانوني يقرر تجريم الرشوة في القطاع الخاص، وأن يقرر لها من العقوبة ماتستحق.
6_ من جانب آخر لوحظ أن (التوظيف المزدوج) ظاهرة سلبية أجتاحت النظام الإداري في العراق، وكذلك ظاهرة (الفضائيين) ولخطورة هذه الصور من الأفعال الجرمية الماسة بنظام الدولة الاقتصادي والمالي والأمني على السواء، كونها تُمثل قوةّ وهمية، لذا دعونا المشرع أيضاً الى أستحداث النصوص القانونية المناسبة بتجريم هذه الأفعال وتقدير العقوبات المناسبة لها.
7_ مع أن مؤسستي (هيئة النزاهة) و (المفتش العام) قد أناط المشرع على عاتقها أختصاصات متميزة هدفها العمل على منع الفساد ومكافحته ومنحها من الصلاحيات ما يُمكن لو أتخذت بتجرد وحياد وحزم أن تؤدي الى مكافحة ظاهرة الفساد والى حَدٍّ كبير...غير أن وتيرة هذه الجرائم بازدياد مما يعني أن الخلل والقصور ليس في القانون فقط، بل في السلطة القائمة على تنفيذه في هاتين المؤسستين، لذا فأن السلطة التنفيذية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى إعادة النظر في سياستها بشأن أختيار المؤهلين للمناصب، وأن تتماشى في ذلك مع الأفكار الأصلاحية القائمة على حُسن أختيار المؤهل وذو الكفاءة والخبرة والحزم، ومن يتصف بالنزاهة والحياد، بعيداً عن النظرة الحزبية والمحاصصة المقيتة، وأن يشغل ذو الأختصاص المنصب الذي يستحقه ضمن دائرة أختصاصه، وبذلك نُسهم فعلاً في سلوك السبيل المؤدي الى منع ظاهرة الفساد المالي والإداري ومكافحتها.
8_ إن تفعيل دور القضاء في التصدي لجرائم الفساد والتصدي للمندسين يتطلب نصوصاً رادعة تُعين القضاء على مكافحة تلك الجرائم وعدم التهاون مع مرتكبيها ولتحقيق ذلك دعونا الى أستحداث نص في قانون هيئة النزاهة يتضمن مايلي: أعتبار جميع جرائم الفساد العمدية المنصوص عليها في قانون الهيئة جرائم مخلة بالشرف، وحرمان مرتكبيها من حق الاستفادة من قوانين العفو ومن منحهم العفو الخاص بمرسوم جمهوري، ومنع الاستدلال بأحكام المادة 144عقوبات، مع حرمانهم من الشمول بأحكام الافراج الشرطي.

ما تقدم من آراء ومقترحات هو ثمرة جهد دؤوب أرجو أن أكون قد وُفّقت فـي بيانه، وإن كان هناك خلل أو تقصير فما أنا إلا إنسان أُخطئ وأصيب، وسبحان من لايخطئ


المال العام والموظف العام
والفساد الاداري



د. براء منذر كمال عبداللطيف
د. باسل مولود يوسف








بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع محاضرتنا ينبسط الى اربع اقسام نتناول فيها مفهوم المال العام ، ومفهوم الموظف العام ، ومفهوم جرائم الفساد المالي والاداري ، واخيراً نتناول أهم المقترحات بصدد مكافحة هذه الجرائم التي تزايدت بشكل ملفت للنظر في مجتمعنا العراقي .
أولاً- تعريف المال العام
ترجع أهمية تعريف الأموال العامة الى أن القانون يسبغ عليها نوعاً من الحماية القانونية بأعتبارها مخصصة لتحقيق المنفعة العامة ويخضعها لمجموعة من القواعد القانونية التي تكفل لها الحماية اللازمة ، هذا بالأضافة الى أن المنازعات المتعلقة بها تخضع لأحكام القانون الأداري ولولاية القضاء الأداري.
فبالنسبة للفقه والقضاء الأداريين فقد أستقر على تعريف المال العام بأنه ( كل مال مملوك للدولة ، أو أحد أشخاصها المعنوية العامة ، سواء كانت أقليمية أو مرفقية بوسيلة قانونية مشروعة ، سواء كان هذا المال عقاراً أم منقولاً ، وثم تخصيصه لتحقيق المنفعة العامة بموجب قانون أو نظام أو قرار أداري صادر عن جهة أدارية مختصة)
أما المادة 71 /1 من القانون المدني العراقي فقد عرفت الأموال العامة بانها ( تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون).
وعلى هذا الأساس فان الدولة تمتلك أموالاً عقارية و منقولة فالأموال العقارية تتمثل بالطرق ، ومباني الوزارات ، المؤسسات ،والأراضي الأميرية ... الخ . أماالأموال المنقولة فتتمثل بأثاث المرافق العامة وأدواتها المختلفة والسلع التموينية المعدة للتوزيع وأوراقها المالية المودعة بالبنوك.
ثانياً- تعريف الموظف العام
الموظف هو كل شخص عهدت اليه وظيفة في الملاك الخاص بالموظفين وتنظم وتحكم شؤونه في العراق (أربعة) قوانين وهي:
1-قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل ،والذي ينظم شؤون الموظفين خلال خدمتهم بالوظيفة.
 2-قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل، وهذا القانون ينظم الإجراءات والقواعد الواجب اتخاذها لمحاسبة الموظفين المشمولين بأحكامه عند ارتكابهم الخطأ في الوظيفة وتبسيط هذه الإجراءات لضمان تسيير أجهزة الدولة وفق المهام الموكلة اليها وتوحيد العقوبات وأثارها.
3-قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 (قانون الرواتب حيث يهدف القانون الى دعم موظفي الدولة والقطاع العام بمنحهم رواتب ومخصصات مجزية وتحقيق مستوى معاشي أفضل لهم ويسري على موظفي الدولة من الدرجة الأولى فما دون.
4-قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل حيث ينظم هذا القانون الحقوق التي يتقاضاها الموظفين عندما تنتهي خدماتهم في أجهزة الدولة مع العلم ان دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال وصندوق التقاعد والضمان الاجتماعي سوف تنتقل من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى هيئة التقاعد الوطنية اعتباراً من 1/1/2010 استناداً لأحكام المادة (14) منه.
2-فمن هو الموظف:
ورد تعريف الموظف بأكثر من قانون فقد عرفته المادة (2) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 بالاتي: (كل شخص عهدت اليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين) اما المادة (1) الفقرة ثالثاً من قانون الانضباط رقم (14) لسنة 1991 عرفته بالاتي: (كل شخص عهدت اليه وظيفة داخل ملاك الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة). فنلاحظ ان التعريف الوارد بقانون الانضباط يختلف عن التعريف الوارد بقانون الخدمة المدنية حيث اسقط قانون الانضباط صفة الديمومة من الوظيفة ليشمل الموظف على الملاك الدائم والمؤقت، والغاية من ذلك من اجل ان يدخل في نطاق العقوبة والمحاسبة للموظف المؤقت أسوة بالموظف على الملاك الدائم في هذا الشأن اصدر مجلس شورى الدولة قراره ذي العدد (99/2006) لسنة 2006 بالاتي (تطبق على الموظفين المؤقتين الأحكام القانونية المطبقة على الموظفين في دوائر الدولة التي يعملون بها) علماً ان المستخدمين وملاكهم لم يعد له وجود في قوانين الخدمة الذي كانت تنص على أحكامه قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 حيث الغي بموجب القرار (911) لسنة 1976.
اما المقصود بموظفي الخدمة الجامعية هو كل موظف يقوم بممارسة التدريس الجامعي والبحث العلمي والاستشارة العلمية والفنية او العمل في ديوان وزارة التعليم العالي البحث العلمي او مؤسساتها ممن تتوفر فيه شروط الهيئة التدريسية، (المادة1/ثالثاً من قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008)
. 3-1 شروط التوظيف (التعيين): فقد نصت المادة (7) من قانون الخدمة المدنية على عدة شروط يجب توفرها في الشخص لكي يتولى او يحصل على الوظيفة العامة وهي:
1- ان يكون عراقياً او متجنساً بالجنسية العراقية.
2- أكمل الثامنة عشر من العمر وللممرضة السادسة عشرة.
3- ناجحاً في الفحص الطبي وسالماً من الأمراض المعدية ومن الأمراض والعاهات الجسمية والعقلية التي تمنعه من القيام بالوظيفة المعين لها بموجب قرار من سلطة طبية مختصة وفقاً لنظام خاص، اما النظام الخاص الذي أشارت اليه الفقرة آنفاً هو نظام اللياقة الصحية[، رقم (5) لسنة 1992 الذي عرف اللياقة الصحية هي القابلية البدنية والعقلية والنفسية التي يجب توافرها في الشخص ليكون لائقاً للخدمة في دوائر الدولة.
4- حسن الأخلاق وغير محكوم عليه بجناية غير سياسية او أجنحة تمس الشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير والاحتيال، اما المقصود بحسن الأخلاق هو مجموعة الصفات التي يتحلى بها الشخص وتوحي للثقة فيه وتدعو الى الاطمئنان اليه والى تصرفاته بالوظيفة ولا تؤدي الى ما يمس ويحط من قدره في الوسط الذي يعيش فيه.

ثالثاً- مفهوم الفساد المالي والاداري
يقترن الفساد المالي في الغالب من حالاته بالفساد الإداري، ذلك لأن المقصود بالفساد الإداري هو فساد المكلف بخدمة عامة بخيانته للثقة التي عُهدت إليه في إدارة المرفق الذي يعمل فيه ، أياً كان المكلف بخدمة عامة ، في رأس الهرم من المؤسسة الحكومية التي ينتمي إليها أم كان من كادرها الوسطي ، أو ما دون ذلك .ولأن خيانة المكلـــف بخدمة عامة غالباً ما تقترن بالمنفعة الشخصية المالية، لذلك يقال عن الفساد: الفساد المالي والاداري .
وخيانة الموظف أو المكلف بخدمة عاهة للثقة التي عُهدت إليه ليست على نمط واحد ، بل أنماطاً شتى يصُطَـلح على تسميتها في مجموعها بجرائم الفساد المالي و الإداري، ومن أكثر صورها شيوعاً الاختلاس والرشوة و الاخلال بواجبات الوظيفة والاستغلال ، وهذه الجرائم وغيرها تمس الدولة في نظامها الاقتصادي والإداري في الصميم.
من جانب آخر فالفساد _ مالياً كان أم إدارياً_ ظاهرة سيئة يتعين مواجهتها بألية تسمح بالتقليل من خطرها إن لم يكن بالإمكان القضاء عليها نهائياً. غير أن ما نلحضه في العراق أن تَفشيّ هذه الظاهرة وبشكل متزايد ومتسارع، أدى إلى أن يُصرح الكثيرون بأن الفساد المالي والإداري والجرائم الأرهابية وجهان لعملة واحدة، بسبب الازدياد المتنامي لهذه الظاهرة ، وبسبب ضلوع الكثير من كبار المسؤولين بارتكابها. ومع ذلك مظاهر الفساد لا تقتصر على العراق فحسب، بل هي ظاهرة عالميّة، بدليل اهتمام الأمم المتحدة بهذا الموضوع حيث تم تبني ( أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد uncac) ، من خلال توافق الآراء في الجمعية العامة في تشرين أول من عام 2003. وتعتبر أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي دخلت حَيّز التنفيذ عام 2005 وتضمُ ( 145 ) دولة طرفاً فيها، سلاحاً قوياً في مجال التعاون الدولي في مكافحة الفساد، وهي ترتكز في مبادئها على عدد من الأمور الجوهرية تتعلق بالوقاية من الفساد، و التجريم، و أسترداد ( الأصول، أي الأموال ) محل جريمة الفساد، و التعاون الجنائي الدولي، وهي بذلك ترسم إطاراً شاملاً للعمل على الصعيد الوطني و الأقليمي و الدولي في مجال مكافحة الفساد.
وعلى الرغم من أن هذه الأتفاقية تتضمن أحكاماً محددة غير أنها تطلب من الدول الأطراف في الأتفاقية وضع التدابير و القواعد لأقامة هيكل نظامي لمنع الفساد، مع تزويد هذا الهيكل بنظام فعّال يمكن من خلاله تطبيق جوهر الأتفاقية. وحيث أن العراق طرفاً في هذه الأتفاقية إذ صادق عليها بالقانون رقم 35 لسنة 2007، فهو إذاً ملزم بالسير في هذا المنهج من خلال تشريع قوانين تسمح بمكافحة الفساد ومحاربته. فكان أولاً تشريع قانون مفوضية النزاهة الصادر بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) بالعدد (55) لسنة 2004 و الذي أُلغي بالقانون رقم (30) لسنة 2011 ( قانون هيئة النزاهة )، ويمثل القانون الأخير خطوة جادّة فــي هـذا السبيل.
وحيث أن الفساد أياً كانت صورته، إدارياً أم مالياً، أم الإثنين معاً، هو داء ينبغي معالجته، لذا أكد المشرع في الأسباب الموجبة للقانون رقم (30) لسنة 2011على أن الهدف من تشريع هذ القانون هو: ( تنظيم عمل هيئة النزاهة ومهامها وصلاحياتها التي تمكنها من أداء هذه المهام في سبيل رفع مستوى النزاهة، والحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد، وتنسيق العلاقة بينها وبين الأجهزة الرقابية الاخرى....) .
غير أن ما يجب الأشارة إليه هو انه ليس في قانون العقوبات مصطلحاً لجريمة_ أو مجموعة جرائم _ يُصطلح عليها بالفساد، او تحمل هذه التسمية، ولكن هذه الجرائم في حقيقتها محددة قانوناً وهي تلك التي تخص هيئة النزاهة بالتحري عنها والتحقيق فيها، أصطلح المشرع عليها وبمقتضى المادة (1) من القانون المذكور بمصطلح : (قضية فساد)، وعرفها بالقول : (( هي دعوى جزائية يجري التحقيق فيها بشأن جريمة من الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة، وهي الرشوة و الاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم، وأية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد 233و234 و271و272 و275 و276 و290و 293 و296من قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969المعدل، وأي جريمة اخرى يتوفر فيها أحد الظروف المشددة المنصوص عليها في الفقرات 5و6و7 من المادة 135من قانون العقوبات النافذ المعدلة بالقسم (6) من القانون التنظيمي الصادر عن مجلس الحكم (المنحل ) الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) رقم 55 لسنة 2004)). وتشمل هذه الظروف : إساءة استعمال المركز العام أو الثقة المرتبطة به من أجل الحصول على مكسب شخصي، او عرض أو منح أو قبول بعض الامتيازات مقابل مخالفته المنوطة بالمركز العام أو بالثقة الممنوحة لمن يشغل هذا المركز، و الأساءة لحقوق الآخرين بصفة رسمية، أو محاولة التسبب في وقوع مثل هذه الأساءات والمخالفات. كما تشمل الأفعال المتصلة بتأييد من يرتكب هذه المخالفات أو يعيق محاولات الكشف عنها، ومخالفة اللوائح التنظيمّية الصادرة عن ( المفوضية ) _ هيئة النزاهة حالياً_ المعنية بالنزاهة الوطنية بخصـوص الكـشف عن المصالح المالـيّة.
ويفهم من مجمل ما تقدم أن الفساد المالي و الإداري مصطلح قانوني يراد به جميع الجرائم آنفة الذكر، وهو بأختصار : إساءة أستعمال الوظيفة العامة من أجل المصلحة الخاصة... هذه الصور و لخطورتها تجعل من البحث في السياسة الجنائية الخاصة بمكافحتها أمراً على غاية الأهمية.


رابعاً- مقترحات لمكافحة الفساد المالي والاداري

1-حدد المشرع وبمقتضى المادة (17) من قانون هيئة النزاهة المكلفين بتقديم كشف الذمم المالية، حيث لوحظ أن هناك قصوراً في بيان أشخاصاً يتولون مناصب متقدمة في الدولة منهم: أمين العاصمة ونوابه، ومستشاري رئيس الجمهورية ونوابه، ومستشاري مجلس شورى الدولة والمستشارين المساعدين، ونواب المحافظين ومعاونيهم، والضباط من رتبة مقدم فما فوق في المخابرات العامة ومدراء البلديات والتسجيل العقاري. وأوضحنا أن النص صراحة على المذكورين أعلاه في عِداد المشمولين بتقديم تقرير الكشف من شأنه أن يُفَعِّل من عامل الشعور بالمسؤولية لدى المكلف ويجعله أكثر حذراً وإخلاصاً في تعامله، وأكثر قناعة بما يتقاضاه من راتب ومخصصات، وبتالي أكثر دقة فيما يُحرره في تقرير كشف الذمة المالية.
2_ وبصدد العقوبة المقررة في المادة (20) من قانون الهيئة بخصوص جريمة التخلف أو العجز عن إثبات مشروعية الزيادة في أموال المكلف لوحظ أن المشرع قرر لها عقوبة الحبس وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع أو بأحداهما. لذا كانت لنا على المادة المذكورة مايأتي من ملاحظات:
آ_ جواز الحكم بأحدى العقوبتين، نَصٌّ من شأنه أن يرفع هاجس الخوف (الردع) لدى مرتكبي هذه الجرائم طمعاً في الحصول على عقوبة الغرامة دون الحبس، لذا دعونا الى تعديل النص من هذه الجهة وجعله الحبس مع الغرامة معاً.
ب_ وحيث أن عقوبة الغرامة جزاء من جنس العمل، وهو هنا الكسب غير المشروع للمال، وحيث أن الغرامة نسبية وهي مساوية لقيمة الكسب غير المشروع _ ومهما بلغت قيمة الكسب غير المشروع _ لذا دعونا الى أستحداث فقرة جديدة ضمن المادة (20) آنفة الذكر يَتَقرر بموجبها عدم جواز أستبدال الغرامة بالحبس.
ج_ ولضمان أستحصال مبلغ الغرامة من المدان، دعونا المشرع كذلك الى أستحداث نصاً آخر ضمن المادة (20) آنفة الذكر يتقرر بموجبها عدم جواز إطلاق سراح المدان بعد تنفيذه للعقوبة السالبة للحرية مالم يُسدد كامل مبلغ الغرامة الذي في ذمته.
3_ وحيث أن أستثناء جرائم الأختلاس والجرائم التي تُسبب الأضرار العمدي بأموال الدولة من أحكام قانون العفو رقم (19) لسنة2008 هو أستثناء مجرد بمقتضى هذا القانون فقط. ولأهمية مثل هذا الحكم فقد دعونا لتفعيله وأعتباره قاعدة. لذا أقترحنا إضافة فقرة جديدة الى المادة 153 من قــانون العقوبات تتضـمن النص على أنه : (لايطلق سراح المشمول بمرسوم العفو الخاص مالم يُسدد كامل مابذمته من أموال الدولة).
4_ وحيث أن رشوة الموظفين الأجانب، ورشوة موظفي المنظمات الدولية تفوق في خطورتها رشوة الموظفين المحليين، فهي تتسبب في الأضرار بمصلحة البلاد حساب المصالح الأجنبية، وتُسيئ الى سمعة العراق في الخارج، ومسايرة لما تضمنته أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004 والتي صاق عليها العراق بالقانون رقم 35 لسنة 2007، لذا دعونا الى تجريم الأفعال المتقدمة والنص عليها صراحة مع تقدير العقوبة المناسبة.
5_ وحيث أن الاتفاقية المتقدمة دعت كذلك لتجريم الرشوة في القطاع الخاص، بسبب التوسع الكبير في ميدان القطاع الخاص، لذا دعونا المشرع الى مسايرة هذا الأتجاه أيضاً وذلك من خلال أستحداث نص قانوني يقرر تجريم الرشوة في القطاع الخاص، وأن يقرر لها من العقوبة ماتستحق.
6_ من جانب آخر لوحظ أن (التوظيف المزدوج) ظاهرة سلبية أجتاحت النظام الإداري في العراق، وكذلك ظاهرة (الفضائيين) ولخطورة هذه الصور من الأفعال الجرمية الماسة بنظام الدولة الاقتصادي والمالي والأمني على السواء، كونها تُمثل قوةّ وهمية، لذا دعونا المشرع أيضاً الى أستحداث النصوص القانونية المناسبة بتجريم هذه الأفعال وتقدير العقوبات المناسبة لها.
7_ مع أن مؤسستي (هيئة النزاهة) و (المفتش العام) قد أناط المشرع على عاتقها أختصاصات متميزة هدفها العمل على منع الفساد ومكافحته ومنحها من الصلاحيات ما يُمكن لو أتخذت بتجرد وحياد وحزم أن تؤدي الى مكافحة ظاهرة الفساد والى حَدٍّ كبير...غير أن وتيرة هذه الجرائم بازدياد مما يعني أن الخلل والقصور ليس في القانون فقط، بل في السلطة القائمة على تنفيذه في هاتين المؤسستين، لذا فأن السلطة التنفيذية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى إعادة النظر في سياستها بشأن أختيار المؤهلين للمناصب، وأن تتماشى في ذلك مع الأفكار الأصلاحية القائمة على حُسن أختيار المؤهل وذو الكفاءة والخبرة والحزم، ومن يتصف بالنزاهة والحياد، بعيداً عن النظرة الحزبية والمحاصصة المقيتة، وأن يشغل ذو الأختصاص المنصب الذي يستحقه ضمن دائرة أختصاصه، وبذلك نُسهم فعلاً في سلوك السبيل المؤدي الى منع ظاهرة الفساد المالي والإداري ومكافحتها.
8_ إن تفعيل دور القضاء في التصدي لجرائم الفساد والتصدي للمندسين يتطلب نصوصاً رادعة تُعين القضاء على مكافحة تلك الجرائم وعدم التهاون مع مرتكبيها ولتحقيق ذلك دعونا الى أستحداث نص في قانون هيئة النزاهة يتضمن مايلي: أعتبار جميع جرائم الفساد العمدية المنصوص عليها في قانون الهيئة جرائم مخلة بالشرف، وحرمان مرتكبيها من حق الاستفادة من قوانين العفو ومن منحهم العفو الخاص بمرسوم جمهوري، ومنع الاستدلال بأحكام المادة 144عقوبات، مع حرمانهم من الشمول بأحكام الافراج الشرطي.

ما تقدم من آراء ومقترحات هو ثمرة جهد دؤوب أرجو أن أكون قد وُفّقت فـي بيانه، وإن كان هناك خلل أو تقصير فما أنا إلا إنسان أُخطئ وأصيب، وسبحان من لايخطئ



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google