تأملات في القران الكريم ح338 ,,سورة ص الشريفة - حيدر الحدراوي
تأملات في القران الكريم ح338 ,,سورة ص الشريفة


بقلم: حيدر الحدراوي - 29-01-2017
بسم الله الرحمن الرحيم

وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ{16}
تستمر الآية الكريمة راوية على لسان الكفار استعجالهم ( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا ) , نصيبنا من العذاب , ( قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) , استعجالهم كان بقصد الاستهزاء .

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ{17}
الآية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد "ص واله" موصية ( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ) , اصبر على ما تكرهه من قولهم , ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ) , " عن الباقر عليه السلام اليد في كلام العرب القوة والنعمة ثم تلا هذه الآية" – تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - , ( إِنَّهُ أَوَّابٌ ) , كثير الرجوع الى الله تعالى لقوته في الدين .

إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ{18}
تضيف الآية الكريمة ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ ) , بتسبيحه "ع" , ( بِالْعَشِيِّ ) , وقت صلاة العشاء , ( وَالْإِشْرَاقِ ) , حين تشرق الشمس ويعمّ نورها .

وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ{19}
تستمر الآية الكريمة ( وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ) , محشورة اليه على شكل جماعات من كل جانب , تسبح مع تسبيحه "ع" , ( كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ) , كل طير منها وكذلك الجبال كثيرات الرجوع اليه بالتسبيح .

وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ{20}
تستمر الآية الكريمة ( وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ ) , قويناه بكثرة الجنود والهيبة في النفوس , ( وَآتَيْنَاهُ ) , واتاه الله تعالى :
1- ( الْحِكْمَةَ ) : الصواب في الامور , وقيل النبوة .
2- ( وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) : هناك اراء كثيرة حول النص المبارك منها :
أ‌) البيان الشافي في كل قصد . "تفسير الجلالين للسيوطي" .
ب‌) قيل هو فصل الخصام يتميز الحق عن الباطل . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
ت‌) قيل الكلام المفصول الذي لا يشتبه على السامع . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
ث‌) عن الرضا عليه السلام إنه معرفة اللغات . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
ج‌) عن علي عليه السلام هو قوله البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ{21}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" ( وَهَلْ ) , للسؤال لكنها هنا للتعجيب والتشويق , ( أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ ) , خبر المختصمين , ( إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ) , ذينك الخصمين دخلا عن طريق تسلق السور , عندما منعا من الدخول عليه "ع" لانشغاله بالعبادة .

إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ{22}
تستمر الآية الكريمة ( إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ) , فزع منهما لعدة اسباب :
1- انهما دخلا عليه من فوق .
2- دخلا عليه في يوم الاحتجاب والتفرغ للعبادة .
3- كان هناك حرس على الباب , يفترض انهم يمنعون كل داخل .
( قَالُوا لَا تَخَفْ ) , قال له الخصمان تطمينا , ( خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ ) , وقع الظلم والاجحاف من بعضنا على بعض , ( فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ ) , بالعدل , ( وَلَا تُشْطِطْ ) , ولا تكن جائرا في الحكم , ( وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ ) , وارشدنا الى الطريق الوسطي وهو العدل .

إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23}
يروي احد الخصمين مورد الخلاف بينهما ( إِنَّ هَذَا أَخِي ) , قد يكون الاخ النسبي او انه من ديني او من قومي , ( لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ ) , انثى الضأن , او ان النعجة هنا تعني المرأة , فقد كان شائعا التعبير عنها بذلك , ( فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ) , اجعلني كافلها , او ملكنيها , او اجعلها من نصيبي , ( وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ) , وغلبني في مخاطبته لي .

قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24}
تروي الآية الكريمة جواب داود "ع" ( قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ) , بضم نعجتك الى نعاجه , او امرأتك الى نساءه , ( وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء ) , الشركاء الذين تختلط اموالهم , ( لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) , يعتدي ويتجاوز احدهما على حقوق الاخر , ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) , استثناء المؤمنين القائمين بالأعمال الصالحة , ( وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ) , وهم قليل , ( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) , امتحناه , عند ذاك :
1- ( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ ) : اول ما قام به "ع" هو الاستغفار .
2- ( وَخَرَّ رَاكِعاً ) : ثانيا السجود .
3- ( وَأَنَابَ ) : ثالثا الرجوع الى الله تعالى بالتوبة .

فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ) , ما استغفر عنه , ( وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى ) , منزلة القرب من الله تعالى , ( وَحُسْنَ مَآبٍ ) , المرجع في الجنة .

يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ{26}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة اياه "ع" ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ) , استخلفناك في الارض وملكناك فيها , ( فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) , بالعدل , ( وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى ) , هوى النفس او هوى القوم , ( فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) , ليس في اتباع الهوى الا الضلال , ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) , يبين النص المبارك ان من يضل عن سبيل الله تعالى فليس له الا العذاب شديد الالم , والسبب نسيانه او تناسيه وتغافله عن يوم الحساب .
( عن الرضا عليه السلام في حديث عصمة الأنبياء قال وأما داود فما يقول من قبلكم فيه فقيل يقولون إن داود عليه السلام كان يصلي في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور فقطع داود عليه السلام صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج الطير إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد السطح في طلبه فسقط الطير في دار اوريا بن حيان فاطلع داود عليه السلام في أثر الطير فإذا بإمرأة اوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها وكان قد أخرج اوريا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم اوريا أمام التابوت فقدم فظفر اوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود عليه السلام فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل اوريا فتزوج داود عليه السلام بإمرأته قال فضرب الرضا عليه السلام يده على جبهته وقال إنا لله وإنا إليه راجعون لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل فقيل يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته فقال ويحك إن داود عليه السلام إنما ظن أنه ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا له خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة وليَ نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه فقال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ولم يسأل المدعى البينة على ذلك ولم يقبل على المدّعي عليه فيقول له ما تقول فكان هذا خطيئته رسم حكم لا ما ذهبتم إليه ألا تسمع الله تعالى يقول يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق إلى آخر الآية فقيل يا ابن رسول الله فما قصته مع اوريا قال الرضا عليه السلام إن المرأة في أيام داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا فأول من أباح الله تعالى أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام فتزوج بامرأة اوريا لما قتل وانقضت عدّتها فذلك الذي شق على الناس من قبل اوريا ) . " تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ{27}
تستمر الآية الكريمة مبينة ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ) , عبثا , من غير حكمة , ( ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) , وهو ظن الكفار , ( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) , يتوعدهم النص المبارك بالنار .

أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ{28}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ ) , انكارا للتسوية , ( أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) , "قيل كأنه أنكر التسوية أولاً بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم ويجوز أن يكون تكريرا للأنكار الأول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم" - تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - .
( عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقال الذين آمنوا وعملوا الصالحات أمير المؤمنين وأصحابه كالمفسدين في الارض قال حبتر وزيق وأصحابهما ام نجعل المتقين امير المؤمنين كالفجار حبتر وزلام واصحابهما وهذه الألفاظ كنايات عن الثلاثة ) . "تفسير القمي" .

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ{29}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( كِتَابٌ ) , القرآن الكريم , ( أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) , كثير النفع , ( لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ) , ينظروا في معانيها , ( وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) , وليتعظ ذوي العقول السليمة .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google