معاقبة الناس على أساس تمييز عرقي أو قومي أو ديني لهو سلوك نازي بامتياز - مهدي قاسم
معاقبة الناس على أساس تمييز عرقي أو قومي أو ديني لهو سلوك نازي بامتياز


بقلم: مهدي قاسم - 30-01-2017
الإجراءات التعسفية التي اُتخذت ضد بعض العراقيين في مطارات أمريكية و اعتقالهم ومن ثم منعهم من دخول الأراضي الأمريكية ، من قبل سلطات المطار، وذلك تنفيذا لقرار ترامب التعسفي ، على الرغم من تمتعهم الكامل بشروط و مستلزمات الفيزا أوسمة الدخول، و التي تعد في الوقت نفسه ، بمثابة البطاقة الخضراء للإقامة الشرعية ، نقول أن هذه الإجراءات التعسفية قامت و تمت بناء على شبهة افتراضية لم تكن لها أي أساس من صحة إطلاقا ، أنما انطلقت من تصورات و دوافع عنصرية تتخذ من انتماء عرقي أو ديني أو قومي أساسا وحقا قانويا وسياسيا لممارسة تمييز عنصري ضد أفراد وجماعات من أقوام وشعوب آخرى ..
وهو السلوك المشين و المُدان حقا في عصرنا الراهن ، و الذي ليس فقط يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان التي تتضمنها اغلب دساتير العالم ، ومن ضمنها الدستور الأمريكي أيضا ، إنما يمكن اعتبارها إجراءات تعسفية وقمعية تحاذي الإجراءات النازية سابقا وتجسدها بامتياز ..
وهو الأمر الذي في نهاية المطاف ، ليس غريبا على سلوك " اليانكيين " ، لو أخذنا تاريخ أمريكا القديم ، سيما في عصورالكابوي الغابرة والمتسمة بكل أنواع العنف و الغلاظة و الدموية القسوة المفرطة ، أو تاريخ أمريكا الحديث والمتجسد في ممارسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، و كذلك في مؤامرات وتدخلات أجهزة السي آي إيه للمخابرات المركزية ، سيما في دول عربية و كذلك في دول أمريكا اللاتينية والتحالف مع الأحزاب اليمنية المتطرفة والفاشية أو الجنرالات الديكتاتوريين هناك و دفعهم إلى دفة الحكم والسلطة بانقلابات دموية ، وقد رأينا أفلاما أمريكية عديدة بهذا الخصوص ، جسدت دموية أولئك الجنرالات من خريجي الأكاديميات العسكرية الأمريكية و قتلاهم البالغين بمئات الآف من الضحايا في دول أمريكا اللاتينية و غيرها ..
هذا دون أن نذكر التمييز العنصري ضد الزنوج حتى السبعينات من القرن الماضي ، فضلا عن الممارسات المكارثية السيئة الصيت التي اضطهدت العديد من المثقفين والفنانين الأمريكيين بسبب المعتقد و الفكر فحسب ، و دفعت بعضهم إلى الانتحار، حيث تناولها المخرج الأمريكي وودي الن في أفلام عديدة ..
و حتى عملية انتخاب ترامب رئيسا لم تكن بمعزل عن هذا النهج و الخلفية السيكولوجية للفرد الأمريكي الذي منذ نعومة أظفاره يتربى مترعرعا على تعظيم و تمجيد القوة والعنف عبر تجسيد شخصية " السبورمان ــ رامبو " الأمريكي ، الذي لا يُقهر وهو يصفي لوحده ــ أفرادا وجماعات حتى ولو كانوا بمئات ؟!! ــ جميع خصومه منتصرا على الجميع ، متظاهرا كإمبراطور متوج ومتعال، مستخفا بالجميع في العالم ..
بينما في واقع الأمر أنها ــ أي الولايات المتحدة الأمريكية ــ انهزمت في فيتنام و هربت من العراق ، ولا زالت متورطة في افغانستان ورطة كبيرة ولا تعرف كيف تنسحب منها خارجة بالحفاظ على ماء الوجه على الأقل ..
هذا دون أن ننسى أن نضيف إلى أن تنظيم " القاعدة " الإرهابي وكذلك الطالبان ، كانوا في البداية عبارة عن صناعة اختراع أمريكية بحتة و بتكاليف و تمويل سعودية على قطرية كاملة ، صنعوها لكي يسقَّطوا نظاما علمانيا في افغانستان ليحل محله نظالم الطالبان ذات النهج الظلامي والقرون الوسطي الذي يحرّم حتى تعليم البنات في المدارس وفرض على الشعب الأفغاني قيم و أنماط حياة أقرب إلى عصور البدائية والهمجية الغابرة .
أما أولئك العراقيون المفتونون بالسياسات الأمريكية ويتحمسون لإجراءات ترامب فنقول لهم تعلموا روح الوطنية من الأمريكيين أنفسهم ، قبل أن تكونوا ملكيين أكثر من الملك ..
فالعبرة ليست في التبعية للسياسة الأمريكية أو الروسية أو الإيرانية أو السعودية مثلا ، أنما في أن يكون المرء مستقلا وليس تابعا ، وبولاء مذل ومبعث على الرثاء و الشفقة ..



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google