لماذا دخل الغرب الحرب مع داعش ؟ - محمد رضا عباس
لماذا دخل الغرب الحرب مع داعش ؟


بقلم: محمد رضا عباس - 30-01-2017
لم يكترث العالم بما كان يجري من عمليات إرهابية ذهب ضحيتها مئات الاف من الأبرياء في العراق. المواطن العراقي كان يقتل بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وهو ذاهب الى عمله , مدرسته , الى المستشفى , يتسوق , او ذاهبا لإداء الصلاة . العمليات الإرهابية ومنذ التغيير لم تنقطع يوما واحدا . وعندما كانت الحكومة العراقية تشكي امرها تطرح محنة العراقيين الى العالم , يأتي الجواب : ان مشكلتكم داخلية , حلوا مشاكلكم مع المكون السني في بلدكم . وعندما ضرب الإرهاب سوريا وقتل ما لا يقل عن نصف مليون انسان , وخرب مدن بأكملها , وهجر الملايين من سكانها , مرة أخرى نصح العالم الرئيس السوري بشار الأسد ان المشكلة في سورية هي نزاع بين الأقلية العلوية الحاكمة والأكثرية السنية المهمشة والحل يكمن باتفاق الحكومة مع المجاميع المسلحة . حتى المنظمات المعنية بحقوق الانسان كانت من الضد مع العراق وسوريا مع كل اجراء حكومي هدفه حفظ امن وسلامة البلدين , معتبرة الإجراءات الأمنية في كلا البلدين اعمال مخالفة للقوانين الدولية و حقوق الانسان . هذا هو مجمل إدراك الغرب عما جرى في العراق وسوريا من إرهاب قل مثيله في العالم. المجاميع الإرهابية استطاعت اختراق بعض الشباب المسلم في أوربا , ولاسيما الافراد الذين يتدينون بالأفكار الوهابية التكفيرية . كانت اعدادهم بالألاف تركوا اوطانهم والتحقوا بالمجاميع المسلحة المتواجدة في العراق وسوريا . اكثر هؤلاء دخلوا العراق وسوريا عن طريق تركيا , حيث اثبتت التحقيقات ان هناك عناصر من داعش تعيش في تركيا تقوم باستقبال المقاتلين القادمين من أوربا وبعدها تقوم بتسهيل مهمة دخولهم الى سوريا أولا ومن ثم العراق .
لقد حذرت حكومة العراق وسورية الاوربيين من مغبة تجاهل انضمام مجاميع من مواطنيهم الى منظمة داعش , الا ان التحذيرات لم تلقى اذنا صاغيه , ولم يمر في خلدهم ان مواطنيهم في يوم ما سيكونون قنابل موقوتة تتفجر في وسط عواصمهم . لقد كشفت معلومات صحفية ان اعداد لا يستهان بها من مواطني الدول الغربية انضموا الى تنظيم داعش . صحيفة الديلي تلغراف ذكرت ان حوالي 5,000 اوربي قد سافروا للقتال في العراق وسوريا بينهم مهندس العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا يوم 13 تشرين الثاني 2015.رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس كشف ان 600 شخص غادروا فرنسا الى سوريا والعراق وان هناك 800 اخرين يريدون المغادرة للانضمام الى تنظيم داعش .
كانت هجمات باريس الإرهابية يوم الجمعة مساءا المصادف 13 تشرين الثاني عام 2015 والذي ذهب ضحيته 131 قتيلا و اكثر من 180 جريحا ,هو ذلك اليوم الذي فهم العالم خطر الإرهاب , و ان الإرهاب ليس ظاهرة ولدت و سوف تموت في الشرق الأوسط , وانما هي ظاهرة لا حدود لها ولها القدرة على التحرك في جميع الاتجاهات , وعلى العالم التعاون للقضاء عليها قبل استفحالها . هذا الشعور كشفته رسائل التضامن العربية والعالمية مع فرنسا والدعوات لتعزيز التصدي للإرهاب.
رسائل التضامن مع فرنسا الهجمات على يوم اعلان العالم الحرب على تنظيم داعش واصبح هذا التنظيم ينظر له ليس تنظيم يريد تحقيق العدالة لأهل السنة في العراق و سوريا وانما تنظيم فاشي من القرون الوسطى , متطرف , يمثل افة خطيرة وهدامة , يستهدف الامن والاستقرار في العالم , ذو ايدولوجية متطرفة , ضد الإنسانية جمعاء, ضد الديمقراطية والحريات والقيم العالمية , يشكل خطر عالمي , يمثل هجوم على البشرية , وهجوم على القيم الإنسانية واصبح من واجب العالم اجمع محاربته . ولكن كل هذه التوصيفات لم تثني تنظيم داعش في المضي بعملياته الاجرامية ضد الأوربيين , واعتبار أوربا بنسبة له أرض معركة. لقد استطاع التنظيم تحدي الأجهزة الأمنية الأوربية وتحضيراتها ضد أي عملية إرهابية محتملة , ولكن التنظيم استطاع خرقها وقام بعدة عمليات إرهابية هزت أوربا والعالم . كان عام 2016 هو الاسوء من حيث عدد ضحايا الإرهاب في أوربا . كانت محطة عمليات داعش الاجرامية الأولى هي بلجيكا , حيث اعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجمات التي وقعت في مطار ومحطة مترو العاصمة البلجيكية , بروكسل والتي ذهب ضحيتها 35 قتيلا وجرح العشرات صباح يوم 22 اذار 2016.
وبعد حوالي أربعة أشهر رجع الإرهاب الداعشي وضرب فرنسا مرة أخرى. حيث قتل الإرهاب 84 شخصا على الأقل وجرح العشرات بينهم 18 في حالة حرجة عندما اقتحم شخص يقود شاحنة بيضاء حشدا في مدينة نيس جنوب البلاد مساء الخميس 14 تموز. وزير الداخلية الفرنسي صرح ذلك اليوم بالقول " نحن في حالة حرب مع ارهابين يريدون ايذائنا مهما كلف الامر". وقال الرئيس الفرنسي في خطاب متلفز ان " فرنسا تحت تهديد إرهاب الإسلاميين , موضحا ان بلاده ستعزز وجودها العسكري في سوريا والعراق". وبعد أيام قلائل قام الإرهاب بقتل 9 اشخاص واصابة 16 اخرين في مدينة ميونخ الألمانية يوم 22 تموز 2016. حيث بدء شاب بأطلاق النار من مسدسه باتجاه الناس عند مخرج مطعم ماكدونالدز , قبل ان يواصل اطلاق النار في مركز تجاري قريب .
ولم يترك داعش السنة بدون المزيد من الدماء , هذه المرة في دولة أوربية , إسلامية , وهي تركيا . داعش أراد استهداف هيبة الدولة التركية وتكريس الانطباع القائل بان تركيا لم تعد بلدا امنا. لقد اعلن حاكم إسطنبول فاسيب شاهين ان إرهابي يحمل سلاح بعيد المدى نفذ هجوما وحشيا وهمجيا بإطلاق النار على الأبرياء الذين كإنو يحتفلون بمناسبة قدوم السنة الجديدة في ملهى في حي اورتاكوي , الواقع في الشق الأوربي من مدينة إسطنبول . كان ضحية الهجوم هو قتل 39 قتيلا من بينهم مواطنين من السعودية والمغرب ولبنان وليبيا , إضافة الى إصابة 69 اخرين .
الهجمات الإرهابية في أوربا أوصلت الاوربيين الى انهم يقاتلون عدوا قادرا على تنفيذ اعتداءات دامية مهما استخدموا من وسائل امنية , وان هذا التنظيم يملك رجالا على الاستعداد في أي لحظة تنفيذ عمليات انتحارية وانهم جاهزون متى ما دعت الحاجة لهم وانهم يجيدون استخدام الأسلحة الحربية وصنع العبوات بفضل الخبرة التي اكتسبوها في الحرب في سوريا والعراق . لقد وصف توماس هيغهامر الخبير في مؤسسة " نورويجن دفانس ويسترش استايليشمتنت " الارهابيون في أوربا " انها مسألة شبكات وفي هذا الخصوص تكمن قوتهم " , وأضاف " اليوم استهدفت بلجيكا لكن الامر قد يحصل في أي مكان اخر . يجب الا نظن انها مشكلة بلجيكية".
الغرب استنتج ان الإرهاب سوف لن يقف عن الزحف الى أوربا طالما وان هناك حواضن من أبناء هذه القارة , واعتبر ان قطع اذرع الإرهاب يجب ان يبدا بقطع راسه اولا, وهو دعم العراق عسكريا . لقد دعم الغرب العراق بالتجهيزات العسكرية , مشاركة القوة الجوية لدول التحالف بضرب مواقع داعش , تدريب القوات المسلحة العراقية , و تقديم الاستشارات الى القادة العسكريين . هذا الدعم هو الذي ساعد القوات المسلحة العراقية بالقضاء على تواجد داعش عسكريا في جميع محافظات البلاد عدا بعض الجيوب والتي وعدت القوات المسلحة العراقية القضاء عليها في الوقت القريب. بنفس الوقت أعلن الرئيس الأمريكي الجديد دونلد ترامب انه اعطى امرا تنفيذيا يطلب فيه وزارة الدفاع الامريكية بأعداد خطة خلال شهر واحد قادرة على القضاء على داعش في العراق و سوريا.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google