ملاحظات حول السياسة الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية في العراق بعد 2003 - د. صباح قدوري
ملاحظات حول السياسة الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية في العراق بعد 2003


بقلم: د. صباح قدوري - 31-01-2017
من أجل الوقوف على جانب من السياسة الاقتصادية العراقية، بعد 2003، نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على بعض السياسات الاستثمارية منها. واستجابة لبعض المداخلات التي طرحت من قبل بعض الزملاء الاقتصاديين على بحثنا المشترك مع الزميل د. حسن عبدالله بدر، والموسوم: "لماذا لا يؤدي الانفاق الاستثماري دوره في تطوير وتحويل الاقتصاد العراقي؟"، والمنشورعلى شبكة الاقتصاديين العراقيين،2016 [1]. سنعالج القضية موضوع الدراسة وفق المحاور الاتية:

أولا: أبرز معالم الاقتصاد العراقي القائم، والنشاط الاستثماري بعد 2003.
ثانيا: كيفية إدارة الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المتنوعة ( الانتاجية، والخدمية، والمالية).
ثالثا: الخاتمة وبعض المقترحات.

أولا: أبرز معالم الاقتصاد العراقي القائم، والنشاط الاستثماري بعد 2003

1. لقد تعاقبت على الحكم منذ 2003، إدارات سيئة لم تستطيع إعادة بناء وتوحيد البلاد على أساس مبدأ المواطنة والقانون والمؤسسات، بعيدا عن الولاءات الضيقة، الطائفية والعرقية والحزبية والمحسوبية، والتي لم تنشغل بغير التنافس على السلطة والمال والنفوذ.
وقد استندت تلك الإدارات على أوامر وتوصيات الحاكم الامريكي السابق (بول بريمر)، وبعض الإقتصاديين اللبراليين الجدد، وسياسات المنظمات الرأسمالية الدولية، صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية. وقد أنصب برنامجها على تشجيع التحول نحو إقتصاد السوق الحر، والدور المميز للقطاع الخاص، والاصلاح المالي والاداري للمؤسسات الحكومية على أساس الخصخصة وعلى حساب إضعاف أو إبعاد أداء القطاع الحكومي والتعاوني وحتى التطوعي في عملية التنمية [2].

2. وهنا نشير الى أهم النقاط الحرجة والساخنة:
أ. كما هو معروف فان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي. وهذا يعني تبعية الدولة للمداخيل الناتجة من عائدات صادرات النفط الخام بالدرجة الاساسية. أن حصة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي للفترة 2010 ـ 2014، كمتوسط، بلغ (49.0%)، كما في الجدول رقم (1). وتساهم هذه العائدات بـ ( 97.5%) من الموازنة الاتحادية [3]. وهذا ما يؤكد على أن الاقتصاد العراقي يعتمد اعتمادا شبه كلي على قطاع النفط لتمويل مشاريعه التنموية والتشغيلية، وبالتالي فإنه يبقى رهين تقلبات سعره والطلب عليه في السوق.

جدول رقم (1)
الناتج المحلي الاجمالي للعراق حسب الانشطة الاقتصادية للفترة 2010 ـ2014، بالأسعار الجارية
(%)
2014
2013

2012
2011
2010
القطاع
4.1
4.0
4.1
4.2
5.0
الزراعة والاسماك والصيد
46.4
47.0
52.4
54.7
43.0
النفط الخام
2.9
2.7
1.7
1.8
2.3
الصناعات التحويلية
1.9
1.5
1.3
1.3
1.1
الكهرباء والماء
7.8
8.4
5.6
4.9
3.5
البناء والتشيد
5.8
5.6
4.7
4.9
11.2
النقل والمواصلات
7.4
6.6
6,3
6.6
8.6
تجارةالجملة والفنادق
8.9
8.2
8.7
8.5
9.4
المال والتامين والاعمال
14.8
16.0
14.8
13.1
15.9
خدمات التنمية الاجتماعية
100.0
100.0
100.0
100.0
100.0
المجموع حسب الانشطة
المصدر: د.صالح ياسر" الاقتصاد العراقي ـ محنة الحاضر ورهانات المستقبل، الازمة ـ الخطاب ـ-البديل"
المنشور على موقع الحزب الشيوعي العراقي، بتاريخ 13تموز/يوليو2016. متاح على الرابط التالي: http://www.iraqicp.com/index.php/sections/objekt/45419-2016-07-13-10-29-06
ـ وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للاحصاء وتكنلوجيا المعلومات 2010
ـ التقرير الاقتصادي السنوي للبنك المركزي العراقي لعامي 2012 ـ 2013

ب. هبوط أسعار النفط التي هي المورد المالي الاساسي، منذ أواخر عام 2014، بما يزيد على ( 50%).
ج. ومما صَعَّب أكثر من وضع الحكومة أضطرارها لزيادة الإنفاق على مؤسسات الجيش والشرطة والأمن بعد أحتلال عصابات ( داعش) لأجزاء من البلاد.
د. ويتفاقم الوضع وتزداد الصورة قتامة حين نتذكر التوسع الهائل في القطاع الحكومي. إذ تستنزف فقرة رواتب الموظفين ومخصصاتهم مقدارا كبيرا من ميزانية الحكومية يتعذر المساس بها لأنها تتعلق بقوت الموظفين وعوائلهم الامر الذي يحد من قدرة الحكومة على التصرف بمواردها. وقد أعتبر أحد الاقتصاديين ذلك، وبحق، من الخطايا الكبرى للحكومة [4].
ه. وإذا أضفنا ضعف الاجهزة الادارية وتفشي الفساد المالي في كثير منها على نحو بات يمارس دورا تخريبيا في الاقتصاد العراقي، فإن الامر يصبح خطيرا حقا.
و. وهكذا تم تبديد وإهدار معظم مدخولات البلاد التي تزيد على ( 800) مليار دولار خلال الفترة التي تلت 2003، على الاستهلاك، وعلى إنفاق أموال على مشروعات أستثمارية خصصت لها أموال تزيد على تكلفتها الحقيقية ولم تكتمل، رغم ذلك، حتى بعد مرور سنوات على الانفاق، مما يعني ضياع مردودها الانتاجي، وعلى مشروعات لانتاج الكهرباء رغم استمرار معاناة الناس ونقص الكهرباء وعدم انتظامها، وعلى أجهزة الجيش ومواجهة الارهاب، فضلا عما تم تسريبه للخارج من خلال مزادات العملات الاجنبية. وقد خلق كل ذلك عجزا ماليا شديدا دفع الحكومة للاقتراض حتى لمجرد تسديد النفقات التشغيلية. [5]
3. ولا تقتصر المشكلة على انه لا يتبقى الكثير من الموارد للأغراض الاخرى كالاستثمارأو تعزيز احتياطي البلاد من العملات الاجنبية، بل أن هذه الحالة تسببت في عجز البلاد عن خلق ديناميكية للنمو الاقتصادي. اذ أن النمو يشترط تحقيق استثمارات ضخمة لإعادة بناء البني التحتية التي تعرضت للتدمير والتقادم مع مرور الزمن، وكذلك للنهوض بالقطاعات الانتاجية، وبخاصة الزراعية والصناعات التحويلية والتشيد والسياحة، والنقل والمواصلات والخدمات الانتاجية، وغيرها، فضلا عن إعادة اعمار المناطق المتضررة.
4. صحيح أنه تم أستثمار مبالغ كبيرة في تطوير القطاعات الانتاجية. كما تم من خلال الموازنات العامة 2004 ـ 2014، تخصيص ما يزيد على ( 160) مليار دولار للوزارات والمحافظات والاقليم. ولكن لم يتم إنجاز سوى نسب متواضعة من الاف مشاريع إعمار وتطوير البني التحتية، كشبكات الطرق والمجاري والصرف الصحي والكهرباء والماء ومشتقات النفط و/أو جلب التكنولوجيا المتطورة، و/أو الخدمات العامة الاجتماعية الاساسية في مجال الصحة والتعليم والثقافة.
5. والنتيجة الحتمية لكل ذلك هي تفاقم البطالة في قوة العمل نظرا لأن القطاعات الانتاجية لم تتطور وتتوسع لاستيعابها. وهذا معناه ليس فقط معاناة العاطلين عن العمل، بل خسارة البلاد ايضا لما كان يمكن إنتاجه من سلع وخدمات بتلك القوى العاطلة، وكذلك اضطرار البلاد لاستيراد كل شئ من الخارج.
6. وعليه، فثمة ضرورة لاجراء إصلاحات بنوية في الاقتصاد العراقي. وان التحدي الاكبر الذي يواجهه الاخير اليوم، هو كيفية الخروج من حالة الفوضى في القوانين الاقتصادية التي تسود مجمل نشاطاته. ولا يتم ذلك الا عن طريق تبني رؤية شفافة وأستراتيجية واضحة ومعللة وتعرف ما تريد لعملية التنمية، وتحديد طبيعة فلسفة النظام السياسي، مع الأخذ بنظر الاعتبار إيجاد نوع من التوازن في تسيير الاقتصاد بين التخطيط ودور القطاع العام واقتصاد السوق. ونعتقد ان أهم الاصلاحات المطلوبة تتمثل في:

إصلاح القوانين والتشريعات المالية والضريبية بشكل عام.
تفعيل دور الهيئة الوطنية للأستثمار وهيئات استثمار المحافظات في تسهيل عملية منح: إجازات الاستثمار والأراضي والقروض والتسهيلات المالية والضريبية، وتسهيل معاملات المستثمرين الأجانب، وتنشيط دور البنوك والمصارف بالتنسيق مع الغرف التجارية واتحاد الصناعات العراقية وغيرها [6]
تقدير دور مجتمع الاعمال ومنظماته في عملية صنع القرارات الاستراتيجية حول النمو الاقتصادي.
تطوير القوة البشرية المؤهلة، وتخفيف حدة الفقر والبطالة.
تقليل الفوارق الطبقية لرفع مستوى المعيشة للمواطنين، وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية.
استخدام الطرق الحديثة في بناء النموذج الملائم للبيئة الوطنية وللتطور الاقتصادي والاجتماعي والقانوني والتنظيمي للمجتمع [7].

ثانيا : كيفية إدارة الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المتنوعة، بعد 2003
الانتاجية
الخدمية
المالية

أ. القطاعات الانتاجية:

1. من الأجدر توجيه الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المتنوعة، وخاصة الانتاجية منها التي تحتاج قبل كل شئ الى وجود رؤية واستراتيجية واضحة وشفافة لوضع برامج عملية وموضوعية فعالة لترجمة ذلك الى واقع العمل الفعلي. كما يتعين العمل على إيجاد مناخ آمن وبيئة محفزة لهذا الاستثمارمن قبيل: تهيئة البنى التحتية، منح القروض بفوائد منخفضة، وإعفاء ضريبي لمدة معينة، ودعم الانتاج الوطني، وتفعيل المنظومة الجمركية، وغيرها.

2. إن حصول العراق مؤخرا على قرض من صندوق النقد الدولي بمبلغ (5.4) مليار دولار وبفائدة (1.5%). سيسمح بتأمين مساعدات مالية إضافية تصل الى نحو(15) مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة من الدول الصناعية السبعة الكبرى (7 G) ودعم إضافي ايضا من البنك الدولي. وسيساهم هذا القرض في خفض العجز الاضافي في الموازنة الاتحادية، كما يمكن الاستفادة منه في تحفيز وتنشيط دور الاستثمار في عملية التنمية، إذا استخدم قسم منه وبشفافية عالية في القطاعات الاقتصادية الانتاجية والخدمية. [8]. هذا بالإضافة الى ان هناك محاولة لجمع مبلغ أكثرمن (2) ملياري دولار امريكي، أقر في مؤتمر عقد بتاريخ 26 تموز/يوليو2016 في امريكا، بمشاركة كل من، امريكا وكندا والمانيا واليابان وهولندا والكويت [9]، وذلك لمساعدة الشعب العراقي في إعادة أعمار البلاد بعد تحريرها من ( داعش). سيساعد هذا المبلغ على النشاط الاستثماري وإنعاش الاقتصاد، إذا جمع وأستخدم بشكل عقلاني وبشفافية عالية ليستفيد منه أهالي المناطق المنكوبة والمتضررة في معالجة أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والنفسية.

3. لا يزال هناك دور مميز للقطاع الصناعي الحكومي، ويساهم بـ (90%) من اجمالي الانتاج الصناعي، و(3.5%) من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2012، وهي نسبة متواضعة للقطاع لا تتناسب مع الموارد المالية وغير المالية الكبيرة المتاحة [10]. وهو بأمس الحاجة الى الانعاش واعادة هيكلية شركاته لتصبح شركات منتجة وزيادة مساهمة الصناعات التحويلية منها في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، التي شكلت (2.9%) لعام 2014، كما في الجدول رقم (1)، وايضا زيادة نسبة تشغيل العمالة في المنظومة الصناعية. ويكون قادرا على المساهمة الفعالة في عملية تنمية مستدامة، تساهم في تغيير البنية الإقتصادية الراهنة والطابع الريعي للإقتصاد الوطني، في الوقت الذي يجري التوجه نحو عملية خصخصة هذا القطاع وفق معيار إقتصادي فقط، ضمن برنامج الأقتصاد الحكومي لسنة 2015، واستراتيجية التنمية الصناعية حتى عام 2030، من دون تأهيله وإعادة هيكليته و/أوالأخذ بنظرالاعتبار البعد الاجتماعي لهذه العملية. ومن الضروري أيضا ان يؤخذ بنظرالاعتبار إعادة التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصناعية على مستوى العراق. والعمل على إنشاء مجمعات صناعية في كافة المحافظات، وفق الكثافة السكانية ومستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والامكانيات المالية والطبيعية وقوة العمل المتاحة والمؤهلة في هذه المحافظات. هذا اضافة الى التكامل فيما بين القطاعات الصناعية العام والخاص والقطاعات الاخرى من خلال خلق الشركات الكبيرة المشتركة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ترفد الشركات الصناعية القائمة بمنتجاتها وخلق فرص عمل جديدة [11].

4. يعتمد الاقتصاد العراقي على سياسة استيراد معظم المواد الاستهلاكية والتنموية. وبسبب ارتفاع أسعارها المتزايد في الاسواق العالمية، تعمل الحكومات العراقية المتعاقبة على دعم الاكثر الاستهلاكا من بينها من العوائد النفطية الضخمة. واليوم أصبحت إمكانية الدولة اقل في دعم هذه المواد بسبب انخفاض أسعار النفط، الأمرالذي يتطلب ضرورة إعطاء الاولوية للأستثمارات التي تكون مؤثرة في الصناعات الاستهلاكية، لتوفير السلع اللازمة والضرورية للمواطنين.
5. تساعد هذه الأستثمارات ايضا على تقليل حجم استيرادات العراق التي تزيد عن (60%) من مجموع الطلب بعد عام2007 [12]، من البضائع والمواد من الخارج في المدى المنظور، وفي توفيرالعملات الاجنبية للبلد، وتقليل ظاهرة الفساد وغسيل الاموال المتواجدة فيها، وفي تطوير القطاع المنتج للسلع الذي يمثل الطريق الطبيعي لاستعاب الأعداد المتزايدة من قوة العمل وتأهيلها وتدريبها ومن ثم إمتصاص البطالة الواسعة.
6. يعتبر القطاع الزراعي من القطاعات المهمة في الاقتصاد العراقي، باعتباره يوفرالاغذية للسكان، والمواد الأولية النباتية والحيوانية للصناعات العراقية، ومن الممكن ان يؤمن حاجة البلد من المنتوجات الزراعية، ويوفر ايضا الفائض منها للتصدير في المدى المنظور. أما اليوم فيعاني القطاع الزراعي من التخلف والاهمال وضعف الادارة والتنظيم وبدائية أساليب الانتاج وفي الخدمات التسويقية للمنتوجات وأيضا ضعفا كبيرا في البنى التحتية، وشحة الكفاءات في الاجهزة والمؤسسات الزراعية، إنخفاض مستويات الانتاجية، سواء بالنسبة للفرد العامل في القطاع الزراعي، و/أو إنتاجية الدونم الواحد من المحاصيل الزراعية، كذلك تراجع الدعم المادي والمعنوي له من الحكومة، فضلا عن استشراء الفساد الاداري والمالي فيه. هذا بالاضافة الى ضعف مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحالي الاجمالي حتى بلغت (4.1%) في عام 2014، كما جاء في جدول رقم (1)، بعدما كانت هذه النسبة تمثل (25%) مطلع الخمسينيات من القرن الماضي [13]. وهذه مساهمة متواضعة تتجلى، بدورها، في اعتماد العراق على قطاع النفط في تمويل معظم الاستهلاك والاستثمار. ومن هنا نرى ضرورة تنويع وتحديث وسائل إنتاجه وإدخال الادارة والتقنيات الحديثة في العمل والانتاج والنقل والمواصلات والمخازن والتسويق، وذلك بهدف رفع الانتاج والانتاجية. كما أن هناك ضرورة لتفعيل دور الحكومة في الدعم المتنوع للقطاع من المكائن والاسمدة والبذور والقروض بفوائد رمزية، وتسويق وتسديد أثمان المنتوجات في مواعيدها، كما ينبغي، والعمل على زيادة الموارد لادارة المياه والطرق الريفية والمرافق والتخزين، والأبحات والارشاد، وذلك من خلال تأسيس شركات ضخمة متخصصة بهذا المجال من دون ان يؤثر ذلك على الوحدات الزراعية الصغيرة، وباشراك القطاع الخاص والتعاوني فيها. يمثل انتاج الحبوب في التسعينيات، نسبة بحدود (85.7%) من مجموع الاراضي الزراعية، مما يتطلب توجيه الاستثمار لزيادة حجم الانتاج من خضروات التي تشكل فقط بحدود( 9.7%)، والمحاصيل الصناعية (2.7%) [14]. ولاشك أن تحفيز دور القطاع الخاص في هذا المجال، سيكون له أثر على زيادة دخل القطاع الزراعي في السنوات المقبلة [15].
7. يشهد العراق أزمة سكن حقيقية، وبخاصة بالنسبة للفئات محدودة الدخل والفقيرة. ورغم حدوث التطور النسبي لهذا القطاع، حيث ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي من (3.5%) عام 2010 الى ( 7.8%) عام 2014، كما جاء في الجدول رقم (1)، وايضا بحسب تقديرات وزارة التخطيط، فإن العراق لايزال بحاجة الى مليوني وحدة سكنية.
لقد تبنَّت الهيئة الوطنية للإستثمار في العراق برنامج الاسكان الوطني في عام 2012، لإنجاز مشروع مليون وحدة سكنية في مختلف أرجاء البلاد، على أساس شراكة حقيقية بين المواطن والمصارف الحكومية والمستثمر. ولتنفيذ ذلك، أطلقت الهيئة مشروع مدينة بسماية الجديدة بواقع ( 100.000 ) ألف وحدة سكنية لـ (600.000 ) ألف نسمة. تقع المدينة الى الجنوب الشرقي من مدينة بغداد، وتبعد عنها حوالي (10) كم. وأحيل المشروع الى شركة ( هانوا) من كوريا الجنوبية، وبكلفة (7.75) مليارد دينار، على ان يتم إنجازه خلال (7) سنوات، اي في عام 2019، بما فيه أعمال التصميم والتطوير. ولكن لم ينجز منها لحد الآن سوى (3.000) وحدة سكنية وتمثل فقط (3%) [16].

تعرض المشروع الى انتقادات شديدة من قبل المواطنين والمهندسين والمختصين في مجال البناء والاعمار والباحثين الاقتصاديين والاجتماعيين والمصارف الحكومية من حيث: تصاميم السكن كونها قديمة، وكلفتها مرتفعة والتأخير في الانجاز وأسلوب توزيع الوحدات المنجزة، فضلا عن استشراء الفساد الاداري والمالي فيه. مما يتطلب إعادة دراسة هذا المشروع وتقيمه بعناية وشفافية عالية، والإسراع في انجازه بالمدة المحددة.
ومن الضروري جدا الاهتمام بهذا المجال وبالتعاون مع المصارف المختصة والقطاع الخاص وتشجيع الافراد أنفسهم على المساهمة الفعالة فيه، بحيث يتسنى للنشاط الحكومي التوجه نحو عناصر البنى التحتية الاخرى كالطرق والجسور والانفاق ووسائل الاتصال الحديثة وتخطيط المدن، وغير ذلك الذي هو في تزايد مستمر.
8. الاهتمام بالسياحة والفندقة أمر ضروري، وخاصة ان العراق يمتلك أماكن سياحية عديدة موزعة على رقعته الجغرافية للترفية والاستجمام و/أو للسياحة الدينية في العتبات والاماكن المقدسة، وغيرها. تعرضت هذه المناطق، السياحية والأثرية، عبر الزمن الى الاهمال والتخريب والسرقات نتيجة الحروب ومشاكل الداخلية. تتوفرالامكاتيات المالية والايدي العاملة التي تحتاج الى التدريب والتاهيل في هذا القطاع. وتتطلب هذه المسالة قبل كل شئ توفير الامن والاستقرار في ربوع البلاد، ومنح المحفزات المادية والمعنوية والدعم الحكومي لتامين الركائز الاساسية من البنى التحتية المادية والخدمات الاجتماعية والثقافية، وبناء منتجعات عصرية وحديثة بكامل خدماتها. هذا بالإضافة الى إعداد خطة عملية ملموسة قابلة للتطبيق، بهدف تنشيط القطاع الخاص المحلي والاجنبي للأستثمار في هذا القطاع الحيوي، مما له أثر كبير في تنشيط الاقتصاد الوطني، من خلال مشاركته في الناتج المحلي الاجمالي، والتي تساهم في نمو الاقتصادي العراقي.
9. كما أن هناك فوضى كبيرة في مجال الطرق والمواصلات الداخلية والخارجية، ومع تزايد مستمر في عدد السيارات، وسوء تنظيم المرور والشوارع والانفاق والجسور. هذا اضافة الى عدم تنظيم أمور سيارات الاجرة الداخلية والخارجية من حيث نصب العدادات وتحديد التعريفة ومراقبة إجازات السوق وغيرها. وكذلك هناك نقص في أماكن وقوف السيارات، ومعظمها أهلية وتعمل بشكل عشوائي بدون مراقبة ولا قانون. وايضا سوء وعدم عناية بصيانة الطرق السريعة وإكمال وإنشاء الطرق الجديدة لربط مراكز المدن فيما بينها وربط العراق مع الدول المجاورة. هذا بالاضافة الى تدني نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي من (11.2%) في عام 2010 الى (5.8%) عام 2014، اي حوالي( 50%)، كما جاء في الجدول رقم (1). وما عدا ذلك لابد من إعادة تاهيل وبناء شبكة خطوط السكك الحديدية الداخلية والخارجية بطريقة عصرية تواكب شبكات السكك الحديدية العالمية، والاهتمام بالمواني وصيانتها واستغلال طاقتها المتاحة، والاستفادة من القطاع الخاص في تقديم الخدمات لنشاط المواني. ومن الضروري كذلك الاهتمام بالمطارات وتأهيل الموجود منها، وإنشاء مطارات جديدة وفق المواصفات الدولية، وخاصة في المدن الكبيرة والمناطق السياحية، وغيرها من مرافق النقل والمواصلات. اي بمعنى آخر هناك خلل في إعادة تصميم المدن بحيث تستوعب المتغيرات الكبيرة التي حدثت في مجالات الاعمار والتزايد السكاني والمحافظة على البيئة، من خلال تقليل عدد السيارات وتشجير المدن وتخصيص أماكن للحدائق والمنتزهات.
10. خلق بيئة قانونية مواتية للشراكة بين الشركات والموسسات الخاصة والعامة بما في ذلك الامتيازات وعقود المشاركة وادارة المشاريع. وتعزيز دور القطاع الخاص لضمان المشاركة الفعالة والمنافسة العادلة في السوق.

ب. القطاعات الخدمية:

1. وضع استراتيجية واضحة وشفافة متوسطة وبعيدة المدى للتنمية البشرية من شأنها ان تشكل الاساس للبناء والتطوير في القطاع المنتج للسلع، ولقطاعات الخدمات ايضا. وهذا أمر له صلة بسياسات التعليم التي لابد ان تنال الاهتمام الخاص والكبير في إطار عملية الاستثمار والتنمية الشاملة والمستدامة. في الوقت الذي يعاني قطاع التربية والتعليم العالي مشاكل كبيرة إسوة بالقطاعات الخدمية الاخرى. وهناك مؤشرات غير إيجابية باتجاه تطويره وتطور مدخلاته و/أو مخرجاته. فالبيانات تشير لنا الى وجود نقص كبير في عدد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ورداءة الابنية وساحات اللعب، وإرتفاع نسبة المدارس ذات الدوام المزدوج والثلاثي، ووجود المدارس الطينية التي لا تصلح للعملية التعليمية وخاصة في القرى والارياف. وإنخفاض معدل الالتحاق بالمدارس (85%) للذكور و(82%) للاناث. كذلك هناك توجه نحو الإلغاء التدريجي لمجانية التعليم في بعض المراحل الدراسية، في الوقت الذي كان متاحا للجميع. أما في مجال التعليم العالي، فهناك مؤشرات على تزايد التوسع الافقي في عدد الجامعات وخاصة الاهلية منها، باتجاه التطور الكمي على حساب التطور النوعي، مما سبب خللا بين مخرجات النظام التعليمي وحاجة سوق [17].
2. النقص الحاد والتردي المريع في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين من طرف المستشفيات الصحية الرسمية. اذ تعاني هذه المؤسسات من نقص كبير في عدد الاسرة والمعدات اللازمة للفحص والتشخيص وإجراء العمليات الجراحية، وشحة الادوية فيها وإستيراد الادوية من دول الجوار، وهي ذات نوعية رديئة وقديمة. ومقابل ذلك يلاحظ التزايد المستمر للمستشفيات الاهلية والصيدليات التي أصبحت عددها يزيد على المستشفيات الرسمية، والتي تتصف بانها تقدم خدمات رديئة وروتينية مقابل أسعار باهضة، ولا يصل إليها إلا حفنة من ذوي الدخول العالية من تجار السوق السوداء والمتنقذين السياسيين والاداريين. وإزاء هذه الحالة، فثمة ضرورة لوجود الرعاية والاهتمام الجديين بهذه المسالة، لما لها صلة مباشرة بضمان صحة المواطنين ومستقبل الاجيال. فعليه يجب الاخذ بنظر الاعتبار هذا الموضوع ومعالجته وفق رؤية وإستراتجية واضحة ومحددة المعالم ضمن برنامج التنمية الوطنية الشاملة والمستدامة، بهدف معالجة إخفاقات هذا القطاع المهم والنهوض به بغية تقديم أفضل خدمات للمواطنين في هذا المجال.

ج. القطاعات المالية:

أثّر انخفاض سعر النفط في أواخر عام 2014 على السياسة المالية والنقدية وتبعياتها على الموازنة الاتحادية، وخاصة النفقات الاستثمارية منها، وكالاتي:

بلغ العجز في الموازنة الاتحادية لعام 2016 (30) ترليون دينار، وتمثل (26.5%) من اجمالي نفقات الموازنة البالغ (113) ترليون دينار، مما أضطر العراق الى اللجوء الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي كما أشرنا اليه في مكان من هذه الدراسة، وكذلك إصدارسندات قرض الحكومي الداخلي والخارجي لهذا الغرض.

ومن المعروف ان هناك تضاربا في الآراء بين الاقتصاديين العراقيين حول مسالة تخفيض سعر الدينار العراقي أو بقائه على سعره الحالي مقابل الدولار الامريكي [18]. وتتطلب هذه المسالة دراسة دقيقة قبل الاقدام عليها، لما لذلك من تأثير مباشرعلى التضخم، وميزان المدفوعات التجاري، والموازنة الاتحادية، وسعر الفائدة وتاثيره على الاستهلاك وقررات الاستثمار، وغيرها.
وعلى اية حال، فإن الحل الصحيح لهذا الموضوع يبقى دائما مرهونا بالتنسيق الجيد والادارة العقلانية وبشفافية عالية بين الجهات المختصة ( وزارة المالية، وزارة التجارة، وزارة التخطيط والبنك المركزي)، في رسم السياستين المالية والنقدية في مدى المنظور والمتوسط. إذ أن هناك فشل واضح من وزارة المالية في ضبط الانفاق العام وجباية الضرائب وتحصيل الرسوم الجمركية، بالاضافة الى وزارة التجارة في ضبط الاستيرادات السلعية والمعدات، ومحاسبة المتلاعبين بالكميات والاسعار والجودة، فضلا عن وزارة التخطيط التي قصرت في توثيق إحصاءات التجارة الخارجية والداخلية، مع وجود ظاهرة غسيل الاموال وتهريب رأس المال (النقد الاجنبي) من خلال مزادات العملة الاجنبية للبنك المركزي. كذلك ضرورة التاكيد ايضا التوجه نحو تنويع مصادر الدخل من خلال اعادة هيكلية مساهمة انشطة القطاعات الاقتصادية المتنوعة في الناتج المحلي الاجمالي، وخاصة للقطاعات الانتاجية والخدمية-الانتاجية.

تتجه الانظار اليوم الى الاستثمارفي سوق العراق للأوراق المالية ( البورصة) [19]. اذ يرى كثير من الاقتصاديين ان هناك نسبة من المدخرات النقدية " مكتنزة" لدى القطاع العائلي ويمكن توظيفها في تلك السوق لتمويل النشاط الاستثماري، وبخاصة للقطاع الخاص. وهكذا تصبح السوق بمثابة قناة مباشرة لتمويل النشاطات الاقتصادية للمؤسسات التي يجري شراء اسهمها.

ونظرا لهيمنة قطاع المصارف على هذا السوق وتشكل نسبة اسهمها (64%) منها، فان إخراج هذه المكتنزات وتوظيفها في البورصة من شانه زيادة رووس أموال قطاع المصارف وبالتالي تعزيز قدرته على تقديم القروض، وبخاصة لتمويل استثمارات القطاع الخاص [20]. وهكذا تصبح سوق الاوراق المالية، بصورة غير مباشرة، في خدمة عملية التنمية الاقتصادية في البلاد.ولكنها مع ذلك تبقى كاقتصاد إفتراضي أكثر من كونها اقتصاد حقيقي، لا يمكن الرهان عليها كثيرا في النمو الاقتصادي.

كما ان هذا الاستثمار يمكن ان يسير جنبا الى جنب مع توجه البنك المركزي لدعم القطاع الخاص بعد تخصيص (6.5) ترليون دينار للمصارف العراقية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبفائدة (8%) لمدة سنتين [21]. وايضا من خلال إنشاء صناديق الاقتراض أو التمويل ضمن الادارة اللامركزية المالية للمحافظات، عبر الشراكة بين القطاعين العام والخالص بذلك.

ومن الممكن الاهتمام بسوق الاوراق المالية من خلال تهيئة المقومات الإدارية والتقنية المعلوماتية والقانونية لتطوير السوق. وكذلك رفع درجة الوعي والثقافة لدى الافراد وتنويرهم بان التوظيف في البورصة يعود بالفائدة عليهم وعلى البلد في الوقت نفسه وذلك بدلا من إكتناز أموالهم في بيوتهم، مما يمكن ان يعرضها لمخاطر السرقة او الحريق أو تأكل جزء من قوتها الشرائية بسبب التضخم.

ومن الضروري الارتقاء بمستوى السوق الى المستوى القياسي العالمي من حيث جودة المنتوج والتصميم وتقديم الخدمات المتنوعة عبر استخدام تقنيات النشرالالكتروني. ان إعادة النظر بقوانين وتشريعات الشركات وسوق العراق للأوراق المالية، بما يتلائم مع مثيلتها في البورصات العربية والعالمية، من شانه جذب المستثمرين الاجانب لتلك السوق.

في حال طرح الحكومة سندات قرض محلية على المواطنين في الدخل والخارج، يمكن شراءها وبيعها في سوق الاوراق المالية و/أو رهنها للقروض، مما يساعد على أمتصاص الاموال المدخرة والمكتنزة من قبل المواطنين وإستثمارها في هذه السندات التي تكون عادة قابلة للتداول في سوق الاوراق المالية، وتساعد على تغطية جزء من عجز موازنة الدولة، وتساهم ايضا في تنشيط الاقتصاد.

إصلاح وإعادة هيكلة الجهاز المصرفي وتوسيع المعاملات المصرفية لتوفير التمويل اللازم للاستثمار، وتوفير آليات فعالة للحد من المخاطر عبر تفعيل دور شركة ( ضمان الودائع)، مهمتها تعويض المودعين الصغار والمتوسطين في المصارف الخاسرة بعد ان تجمع راس المال اللازم بذلك، لان معظم المصارف الخاصة تعاني اليوم من ( شح السيولة)، نتيجة عجز المقاولين والمستوردين عن دفع ما بذمتهم لها.

وهنا لابد من االتاكيد على ضرورة تفعيل مهام شركات التامين العراقية، باعتبارها كنشاط أقتصادي هام لا يمكن إغفال دوره في توظيف رؤوس الاموال المتجمعة في صناديق التأمين في مجال: تمويل المشاريع، وتشجيع الاستثمارات المتنوعة، والمشاركة في سوق الاوراق المالية، وزيادة حصته في الناتج المحلي الاجمالي، والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية/ الاجتماعية.[22]

انعدام الشفافية في سياسة التصرف بالمال العام. ووفقا لتقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2015 [23]، فإن مؤشر شفافية الموازنة في العراق لا يتعدى الـ (3%)، وهي حالة متخلفة حتى بالنسبة لبعض الدول العربية كالاردن والمغرب والمصر، ولا تتناسب مع وظيفة افصاح واطلاع الجمهور على سياسة إدارة المال العام. وفي هذه الحالة يقتضي الامر تفعيل قانون الادارة المالية رقم (95) لعام 2004، حول مراعاة الشفافية في إعداد وتنفيذ الموازنة الاتحادية وفق المعايير الدولية.

ثالثا: الخاتمة وبعض المقترحات

يتيح العرض السابق بمفاصلة المختلفة الاستنتاج بأهمية وضرورة توجيه السياسة الاستثمارية على القطاعات الاقتصادية المتنوعة، بحيث تضمن معدلات مقبولة للنمو والاداء الاقتصادي وزيادة الانتاج والانتاجية، وتهدف الى إشباع الحاجات الاساسية الملحة والمتنامية للمواطنين في المستقبل المنظور، وتخفيف حدة البطالة التي تجاوزت (25%) من قوة العمل، وتقليص حجم الفئة الفقيرة الذي تجاوز (30% ) [24]، و(7) مليون عراقي تحت خط الفقر، اي (20%) من عدد سكان العراق (36 ) مليون نسمة، بحسب توقعات الجهاز المركزي للإحصاء[25]. وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتطبيق مبدأ العدالة الاقتصادية والاجتماعية من خلال تقليص التفاوت الكبير في مستويات الدخل وتراكم الثروات بين الافراد وبين مناطق البلاد، ومحاربة الفساد الاداري والمالي على كافة المستويات الحزبية والادارية، وتحقيق الرفاهية والتقدم في المجتمع.

ولتحقيق ذلك فإن الامر يتطلب جملة من الاجراءات، من بينها:

ضرورة إنتقال اقتصاد العراق تدريجيا من اقتصاد ريعي احادي الجانب ذو طابع إستهلاكي معتمدا بالدرجة الرئيسية على النفط الى اقتصاد متنوع ذو صفة إنتاجية من خلال إعادة الهيكلية الاقتصادية لصالح القطاعات الانتاجية، ليكون إقتصادا منتجا للقيمة المضافة.
توجيه الاستثمار بالدرجة الرئيسية نحو القطاعات الانتاجية، وخاصة الزراعة والصناعة والتشيد والسياحة والنقل والاتصالات وغيرها، وتأمين البني التحتية والتكنولوجيا الحديثة اللازمة لها، وذلك لتنويع القطاعات الاقتصادية للمشاركة في تكوين الناتج المحلي الاجمالي، والتأمين الدائم لمصادر تمويل الموازنة العامة للدولة من خارج القطاع النفطي.
زيادة مساهمة الصناعات التحويلية وخاصة الصناعة الاستهلاكية منها في تكوين الناتج المحلي الاجمالي، بهدف توفير السلع اللازمة والضرورية للمواطنين. وكذلك زيادة نسبة تشغيل العمالة في المنظومة الصناعية.
إتباع سياسة مالية رشيدة في اعداد الموازنات الاتحادية وفق الاهداف والبرامج تعتمد على قياس كفاءة الاداء والانتاجية، وتحسين آليات متابعة الاداء الاداري والمالي والتنفيذي لمشروعات الموازنة، والتحكم بالموارد المالية المتاحة بشكل عقلاني في خدمة التنمية الوطنية الشاملة.
التنسيق والعمل المشترك بين الادارات والمؤسسات المسؤولة عن السياسة النقدية، والدور المميز للبنك المركزي لكونه المسؤول الاول عن هذه المهمة. اضافة، طبعا، الى التنسيق بين السياستين المالية والنقدية.
الحد من سياسة الاستيراد المفتوح والاقتصار على ماهو ضروري من المنتجات والسلع المختلفة المطلوبة للانتاج والاستثمار والاستهلاك والمستلزمات الوسيطة للقطاعات الانتاجية. إضافة الى تأهيل الانتاج الوطني وحمايته من خلال إعادة بناء المؤسسات الانتاجية الحكومية، وتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في الاستثمارات الانتاجية، وتفعيل قانون التعريفة الكمركية رقم ( 22) لسنة 2010.
تفعيل دور القطاع الخاص الوطني وتشجيعه للمساهمة في زيادة الاستثمار والانتاج والتشغيل، من خلال التمويل الميسر للصناعات الصغيرة والمتوسطة. والاستفادة من القطاع الاجنبي بشكل عقلاني ومدروس، للاستثمار في القطاعات التي تضم الصناعات الكبيرة ذات التكنولوجيا المتقدمة والمتطورة التي تتطلب الخبرة والمهارة العاليتين غير المتوفرتين لدى الكادر الوطني.

ونرى ان مناقشة هذه الآراء والملاحظات واغنائها مسالة مهمة لبلورة رؤية واستراتيجية واضحة وشفافة وموضوعية قابلة للتطبيق من أجل النهوض بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، تنسجم مع الامكانيات المادية والبشرية وواقع السياسي والاقتصادي والامني للعراقي الراهن وفي المستقبل.
إن إعادة الهيكلية الاقتصادية لصالح القطاعات الانتاجية، يتطلب التوجه نحو تطبيق نموذج (موديل) اقتصادي متوازن، تحدد فيه الاهداف والبرامج والاوليات لتتناسب والتطورات الجديدة في الحالة العراقية. وهذا يشترط أيضا القضاء على الارهاب وتأمين السلم الاهلي، وتحديد مستلزمات وآليات فعالة وعملية لتحقيق الاهداف، مستندا على دور ومهام كل من القطاع العام والخاص والمشترك والتعاوني والتطوعي في هذه العملية، فهذه كلها عناصر مهمة لبلورة استراتيجية تنمية مستدامة وتحقيق الانتقال الذي أشرنا الية اعلاه.

الهوامش

[1] http://iraqieconomists.net/ar/2016/06/20/
[2] قانون الاصلاح الاقتصادي الاتحادي لسنة 2013.
[3] التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2014، ملحق الجداول الاحصائية، جدول رقم ( 6 ـ-2)،
ص450.
[4] د. محمود محمد داغر، الخطيئتان المقيدتان للموازنة العامة، شبكة الاقتصاديين العراقيين، 2015.
[5] د.حسن عبدالله و د. صباح قدوري، لماذا لا يؤدي الانفاق الاستثماري دوره في تطوير وتحويل
الاقتصاد العراقي، شبكة الاقتصاديين العراقيين، 2016.
[6] موقع الهيئة الوطنية العراقية للأستثمار.
[7] قانون الإصلاع الاقتصادي الاتحادي لسنة2013، مصدر سابق.
[8] ـ أنظر،المدي برس/بغداد، بتاريخ 19/05/2016.
ـ كذلك، أنظر،مقال، د.صادق حسين الركابي، ماهي اسرار اقتراض العراق من صندوق النقد
الدولي،2016، موقع ميدل ايست اونلاين.
[9] أنظر، موقع وكالة الصحافة المستقلة.
[10] د. احمد ابريهي علي،" التنمية والتمويل في العراق عام 2014 وافاق المستقبل"،2014.
[11] د. صالح ياسر، ملاحظات أولية حول أستراتيجية التنمية الصناعية حتى عام 2030. مقال
منشورعلى "موقع الطريق على الانترنيت"، 2014.
[12] د.حاتم جورج حاتم:"دور سعر الصرف في تحديد المستوى العام لأسعار واشكالية السياسة النقدية
في العراق"، مجلة بحوث اقتصادية عربية، العددان 59 ـ 60، صيف ـ خريف، 2012.
[13] ـ أحمد أبريهي، المصدر السابق.
ـ خطة تنمية القطاع الزراعي للسنوات 2010 ـ 2014، وزارة
التخطيط والتعاون الانمائي/ دائرة التخطيط الزراعي، بغداد، 2009.
[14] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي/دائرة التخطيط الزراعي، مصدر سابق.
[15] د.صباح قدوري، د. حسن عبدالله بدر"، بعض التصورات حول الاصلاح الاقتصادي في اقليم
كردستان العراق، بحث منشور على موقع الشبكة الاقتصاديين العراقيين بتاريخ، 2015.
[16] صفحة موقع الالكتروني للمشروع.
[17] وزارة التخطيط، خطة التنمية الوطنية 2010 ـ 2014
[18] أنظرعلى سبيل المثال: ـ د.حاتم جورج حاتم، استقرار الدينار العراقي مقابل الدولار: هل هو حقا
ضرورة تنموية، شبكة الاقتصاديين العراقيين،2016.
ـ د.عبد الحسين العنكبي، سعر صرف الدينار العراقي...ثقب يبتلع احتياطي النقد الاجنبي، شبكة
الاقتصاديين العراقيين،2015.
[19] أنظر، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[20] د. سمير النصيري، دور سوق العراق للاوراق المالية في جذب الاستثمار، شبكة الاقتصاديين
العراقيين، 2016.
[21] البنك المركزي العراق.
[22] أنظر، مصباح كمال، مقاربة لتاريخ التامين في العراق ـ ملاحظات أولية، الثقافة الجديدة، العدد
328/2008. وكذلك: مصباح كمال، التأمين في كردستان العراق، مكتبة التأمين العراقي،2014،
ص 24 ـ 28. https://www.academia.edu/5810168/Insurance_in_Iraqi_Kurdistan_critical_ studies_-_by_Misbah_Kamal

[23] موقع منظمة الشفافية الدولية.
[24] ـ أنظر، جريدة الصباح الجديد، تصريح وزير العمل محمد شياع السوداني، مارس 2015.
ـ وكالة[ اين نيوز]، تصريح المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي،04/06/2015
[25] ـ أنظر[ الغد برس]، تصريح المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي،
16/07/2016.
ـ صفحة الموقع الالكتروني، وارميديا، 19/06/2016.

* باحث أكاديمي في علوم المحاسبة الدولية

** البحث منشور في مجلة (الثقافة الجديدة)، العدد 386 / كانون الثاني ـ 2017



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google