سرمد السرمدي: الجمهور يتمسك بالمسرح الشعبي ولا شيء يعيقه سوى المسرحيين - حاوره من باريس ـــ حميد عقبي:
سرمد السرمدي: الجمهور يتمسك بالمسرح الشعبي ولا شيء يعيقه سوى المسرحيين


بقلم: حاوره من باريس ـــ حميد عقبي: - 01-02-2017
ضيفنا اليوم من مدينة بابل العراقية وهو باحث أكاديمي خصص بحثه في الدكتوراة في فن التمثيل سرمد السرمدي وله أربعة كتب في هذا المجال هي الأداء السينمائي للمثل في العرض المسرحي وكتاب مسرح المثقف المعاصر وكتاب ملامح الفلسفة الوجودية في المسرح العربي وكتاب واقعة المقابر الجماعية في العرض المسرحي.

نناقش مع ضيفنا بعض القضايا المهمة حول المشهد المسرحي العراقي وسيتطرق الحديث لتوضيحات حول اعداد الممثل ومنهج ستانسلافسكى…نرحب بضيفنا وندعوكم لقراءة هذا الحوار.



*لديك فيديو تطرح فيه أن ستانسلافسكي ليس لديه طريقة في التمثيل..وضح وجهة نظرك؟


انتهى من كتابة سيرة حياته واذا بها اصبحت اسطورة التمثيل التي تحكى لطلبة المسرح كل ليلة ما قبل النوم ومن فاته سطر منها اصبح يقال عنه جاهل بفن التمثيل، مع انه نفسه يعترف بفشل تجربته على نفسه وعلى الآخرين من حوله في حياته !، اسمه الحقيقي هو اليكسييف، واتخذ له اسما مسرحيا هو ستانسلافسكي حتى يبعد اسم العائلة حينما يظهر في ادوار لا تشرف وضعية والده الاجتماعية. بدأ حياته مخرجا متسلطا وانتهى بالأعتراف بالوضع الفريد للممثل على خشبة المسرح وهو وضع لا يجب ان بتهدده فرض المخرج لتفسير غريب عن الممثل لدوره. انتهى إلى ان تدريب الممثل غير ممكن، ان تدريب الممثل غير ممكن الا في مسرح من المسارح ولا يمكن تصور وجود ممثل لا يشكل جزأ من فرقة مسرحية، ولا يمكن تدريب الممثل حسب منهج او طريقة ستانسلافسكي او أي انسان اخر خارج المسرح ( أي بمعزل عن التحضير لتمثيل مسرحية معينة يتم التدريب على أداء ادوارها )، قال ستانسلافسكي ( يجب خلق فرقة مسرحية حتى يتوفر لديك مسرح ). استنكر أية محاولة لتقنين منهجه وذلك في حديث له مع ممثلي ومخرجي فرقته ( فرقة مسرح الفن في موسكو ) عام 1938م قبل موته بسنتين، ( ليس ثمة محل للسؤال عن منهجي ومنهجك، وانما هناك منهج واحد فقط : الطبـيعة الأصلية الحية الخلاقة، يجب أن نتذكر ان هذا الذي يسمى بالمنهج، لا يستمر في حالة ثبات، بل يتغير كلّ يوم ). لقد وقع نقاد ستانسلافسكي في خطا اساسي اذ نسبوا اليه جمودا في المنهج هو نفسه كان يستنكره، وهذا يرجع إلى ان اتباع ستانسلافسكي عند تدريسهم منهجه لم يروا الغابة لوجودهم بين اشجارها ( أي لم يفهموا المنهج بصورته النهائية واكتفوا بتطبيق اجزاء منه لأن المنهج لم يكتمل عند ستانسلافسكي نفسه ). من غير العدل ان يحمل ستانسلافسكي اخطاء اتباعه التي استنكرها مرارا وتكرارا، ( كما استنكر تدريس ميشيل تشيخوف لمنهجه في امريكا كما لو ان منهج ستانسلافسكي اكتمل)، لقد كان ستانسلافسكي يرتاع من الكتب التعليمية ويقول ان كتاب ( الفن الخلاق هو الأنسان نفسه )، ويرمي إلى دور الذاكرة العاطفية التي لا يمكن ان تقنن لأختلافها من انسان لآخر. ان المبالغة في ما يطلبه ستانسلافسكي من الممثل هو الشيء الوحيد الذي يمكن الأعتراض عليه عند توجيه النقد، لمنهجه، ولكنها نبعت من ذهن ممثل ومخرج مسرحي ناجح.



وما البدائل خصوصا للمبتدئي؟


كل دور تمثيلي يتطلب حسب خصوصيته ان يكون الممثل وفق القياس الموضوعي لمعطيات الدور التقنية، ان وجود ممثل بشكل عام كوجود طالب لأي مهنة يهدف للنجاح فيها، لكن فن التمثيل يحمل بعض الاساسيات التي اعتبرها البعض من الثوابت الفنية بينما هي من المتطلبات الخاصة بدور معين في وظرف معين، فمنها رخامة الصوت في الادوار التاريخية والتي لا تعد مطلبا في الادوار المعاصرة، طيب ماذا عن دور تمثيلي لشخصية الشبح او الملاك او الشيطان او أي شخصية خيالية لا يوجد لها مرجعا في الواقع، بالتأكيد سيختلف كل من دور المخرج والمؤلف وباقي التقنيات المهملة مع الاسف في الأخذ بها كعناصر نجاح العمل التمثيلي سواء عل مستو السينما والمسرح واينما وجد حاجة لوجود ممثل.


*لديك كتاب مسرح المثقف المعاصر..هل يعني أن المسرح فن نوعي وخاص قد تعجز العامة عن تذوقه والتفاعل معه؟


على العكس تماما، انا انتقدت في هذا الكتاب دور النخبة في ترسيخ الثقافة المعينة وفق الظرف المتعين في تبدلات الواقع السياسي العربي، من جهة، ومن حيث كونها مدعاة للتأمل والتفكر في طرق انتاج ثقافة تخدم بالفعل مواطني هذه الدول الناطقة بالعربية دون أي ارتباط ابوي بالأنظمة السلطوية التي انتهجت منهجا محمودا في وصفها شركة انتاج تملي عل المنتج الفنان والمثقف ما يتناسب والمبلغ المدفوع وفق اغراض سياسية مطلوب تنفيذها، بالتالي كيف للثقافة ان يكون لها مسرح مأجور بهذا الحجم من العمالة للسلطات المتنفذة على الشعوب وتدعي وجود فن وادب وثقافة، فبدون استقلال هذه السلع المقدمة للمستهلك بكل حيادية سيرفضها بل يحاربها ويعتبر كل ما يصدر عن المثقف صادر عن السياسي الذي بالكاد يتقبله أي مواطن.


* هل اتضحت معالم ومسارات مسرحية عراقية جديدة تهدم تقاليد سابقة؟


بالتأكيد في كل يوم تظهر تجارب جديدة تنتظر الترسيخ ومن ثم التقليد لتثبت نجاحها، الا ان المتابع ير ان هذه التجارب اكتفى فنانوها ونقادا بكونها تجربة كأي تدوين تاريخي لحادث تصادم سيارات في الشارع، بالتالي لم نفهم لماذا تداخل البحث الاكاديمي لفني مع الاعلام لهذا الحد الذي اصبحت معه الحال تقتضي مجرد صورة من مسرحية تعتبر حدثا تاريخيا دون أي تبرير منطقي باعتبارها حدثا فنيا تقنيا يمكن البت في وضعه الحقيقي ما بين التجارب الاخر، الا ان المتابع قد يلاحظ كون هذا النهج اتخذ موضعه بحد ذاته ليصبح السياق العام والتقليدي المعاصر ايضا، فعلى سبيل المثال انتشرت التمثيل الصامت الراقص التعبيري بشكل يسجل وقوع كارثة اختفاء الممثل ذي يملك صوتا، واصبح الجسد في المسرح هو المركز المحرك لهذا الفن، دون أي رغبة من الجمهور بأ يكون هذا فعلا ما يطالب بمشاهدته، فقد انحصر هذا النوع الذي بالكاد يمكن تسميته مسرحا معاصرا او شبابيا بمهرجانات تقليدية من لجان ونقاد تقليديون بشكل مبالغ فيه، واستمر الجمهور بالتوافد على المسرح الشعبي ذو الممثل الذي يعبر بصوته من الجهة الاخرى، واستمر الممثل الذي لا يعبر بصوته كدليل فخر للصناعة الفنية التي تنتجها معاهد وكليات الفنون الجميلة، بشكل غريب.


ينطلق جيل الشباب نحو التجريب، هل يحدث هذا بوعي؟


اذا كنا نتحدث عن مسرح له جمهور فلا يمكن اعتبار التجريب فشل وجهل، اما اذا كان التجريب لم يؤدي الى جذب جمهور مسرحي ومع هذا هو مستمر، فهذه حفلات النخب التي تريد اعطاء صبغة شرعية لعمل تدريس المسرح بشكل فاشل، لأن المسرح بلا جمهور مشكلة يتغاضى عنها كل النقاد و النقد المسرحي الذين يشيدون به بدعوى النخبوية والتجريب.


هل ثمة صراعات بين التوجهات المسرحية الجديدة؟


اتمنى، لأن الصراع سيعني وجود افكار جديدة، لكني لا المس أي صراعات بالمعن الايجابي، غير التهافت على المهرجانات خارج بلدان المسرحيين، بالتالي كاد السفر لحضور مهرجان مسرحي يعادل انتصارا لبلد ومسرح ذاك الناقد وذاك الفنان.


* يحدث في بعض المهرجانات المسرحية العربية وجود عروض سيئة ويقال السبب أزمة نص..كيف تحلل هذه الحالة؟


ازمة النص تعني البحث عن ممول للفكر، فاذا كان الفن بلا فكر يتجسد في المسارح الشعبية، فهذا بالمقابل يعني وجود الفكر بلا فن في المسارح النخبوية، فلماذا يبحثون عن نصوص ولا يبحثون عن الفن في وضع تكاد تخمة المكتبة العالمية بالنصوص تكفي لألف قرن من الان.


*مع ظهور النشر الإليكتروني يلاحظ تدفق وسيلان عشرات النصوص لكن البعض لا يعرها الاهتمام والبعض يرى إستسهال وفقر فني وفكري…ما رأيك في هذه القضية؟


لقد احرج النشر الاليكتروني سلطة المثقف الورقية في الوقت الذي كان فيه المثقف يستمد قوته من القدرة عل طباعة ونشر كتاب وأنه امتياز، الا ان الغريب وجود هذه الفكرة حاليا مع ان مهمة المثقف ادارة المعلومة وليس الحصول عليها، الا ان كل ما نراه من امتعاض يوجه نحو النشر الاليكتروني يتمركز في كونه اصبح متاحا للجمهور، بالتالي اصبح للجمهور القدرة على المقارنة، وذهب عصر احادية الانتاج والنوجيه الثقافي، التي ارتبطت بالطبع بالممول الاكبر وهو الحكومات والسياسيين، الا ان وجود هذا الكم لا يعد تهديدا للنوع، بل تأكيدا عل تميز وامتيازه بالفعل، والا لم يكن شكسبير متميزا لو اتفقنا مع من يقف ضد التنافس ثقافيا.


*هل أفسدت الفضائيات ذائقة الجمهور المغربي؟ هل الهيئات المسرحية الرسمية تعي أن هناك أزمة؟


لا يوجد افساد، يوجد حرية اختيار، فلن نجبر الجمهور على الحضور المسارح لو لم يرى فيها ما يستحق.


*ما الذي يقف ويعيق المسرح العراقي اليوم؟ ما الحلول؟


لا شيء، سوى المسرحيين انفسهم.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google