رسالة الى العبادي - محمد سيف المفتي
رسالة الى العبادي


بقلم: محمد سيف المفتي - 02-02-2017
سيدي الرئيس ، توسلات من مواطن مصلاوي (م س ي ) لا تتوهم، فأنا لست اللاعب مسي الذي بات العراقيين يعرفونه و يعرفون تاريخه أكثر من معرفتهم بتاريخ العراق. لكنني أخاف ذكر أسمي الحقيقي في زمانكم. أنا أحد ابناء فترة الحصار، أكلت تبن الحصة التموينية بينما أبطال الخدمة الجهادية كانوا يأكلون و يشربون في أفخر المطاعم و اليوم عاد الابطال ليسقوني المر و يعطموني من الفقر و الجوع و الدم و التشريد. اثناء فترة النظام السابق هربت من الجيش ثلاثة مرات و عدت الى الخدمة إما في فترة العفو أو لدموع أمي و بقيت أنادي " يسقط الدكتاتور" و قبل أن يسقط النظام هتفت في شوارع الموصل مبشرا الناس بسقوط الدكتاتورية.
أناشدك اليوم لأنني لم افقد الأمل فيك فلا تخيب ظني، أشكرك اولا لأنك تتعامل مع الموصل كإبن مدينة و شكرا ثانية لأنك تحاول جمع شتاتنا. أعلم أن المهة الموكلة اليك ليست بالسهلة، و حقيقة لا يمكن أن يحسدك عليها من يريد تحمل المسؤولية بصدق.
يحتفل العراق اليوم باكاليل الغار التي تجمل الموصل و أنا يأكل رأسي الخوف و لايفسح لي مجالا للفرح.
سأشرح لك سبب خوفي و فزعي و أتمنى أن تساعدني و تهدأ من روعي.
هل تتذكر يا سيدي اسم " الدجاجة البيضاء"؟ هذا أسم مدينتي " الموصل الحدباء" الذي بقيت محتفظة به حتى بداية عام 2004 للهدوء و السلام الذي كانت تتمتع به بعد سقوط النظام، لتتحول بعد ذلك الى واحدة من أسوأ أماكن العيش في العالم و أخطرها. كان كثير من الطيارين على الخطوط المدنية عندما يطيرون فوق الموصل يعلنون للركاب " نحن نطير فوق أخطر بقعة في العالم.
كل المؤشرات على الارض تقول أننا عائدين الى المربع الاول، تلك الفترة البائسة من حياة العراق.
الاجراءات المتخذة لها نفس الطابع فلماذا نتوقع أن تكون النتائج مختلفة؟
هل تتذكر ياسيدي الرئيس الحاكم رزكار أمين؟ أراه العلامة الحضارية الوحيدة في تاريخنا الحديث. صغير الجسم عظيم الشأن، بلكنته العربية الكردية و كلماته التي تقول القضاء العراقي عدالة و انصاف للجميع. كان رجلا يحترم العراق و شعبه و يحترم الحقوق. كان سيعدم صدام بعدالة، و للشعب العراقي حق و حاجة لكي يفهم سبب نكبته و يعلم لماذا دفع دماء ابنائه في حروب طويلة و لماذا و لماذا؟ وبقيت ألف لماذا عالقة بأذهاننا الى حد اليوم تبحث عن جواب.
حدث ذلك نتيجة تدخل السلطة التنفيذية و التشريعية بالضغط على الحاكم مما اضطره على الانسحاب فضل الانسحاب بدلا من التجاوز على حياديته كحاكم.. و أوكل أمر الحكم لعدو صدام فأعدمه و سافر ليكرم في الكويت، هكذا سرقت فرحة الشعب بالاقتصاص من حاكم ظلم ، لم يستثني أحدا من ظلمه و طعنت السلطة القضائية طعنة قاتلة. ففقدالشعب ثقته في جهاز القضاء، كيف لا يفقد ثقته و هو يعلم أنه حتى العاهرات في العالم يدعون الشرف، و أعضاء لجنة النزاهة العراقية يعترفون بالرشوة و يتفاخرون بها علنا، بلا رادع و لا خوف.
المحصلة النهائية ضاع العدل و ضاعت الحقائق و الحقوق، و بقي المواطن بلا مرجع عادل و نعلم جميعنا اليوم أن الشعار في القضاء العراقي قد أصبح " الرشوة أساس الملك" إلا من رحم ربي.
لا أبكي صدام فأنا ضد سياسته، و معارض له و معارض حتى للمقارنة بين الحكومة الحالية و الحكم السابق معذرة لهذا المثل فالأمثال تضرب ولا تقاس (( سعيد و مبارك أخوة)) و فهمكم كفاية .. لا تتصورني أبكي الدكتاتور و لكنني أبكي العدل الذي قتل على أيدي من كان حري بهم أن يحترموا القانون و يقدسوه.
لماذا أقول أننا عدنا الى المربع الأول؟
السبب في ذلك هو عمليات القتل الميداني في الموصل و الجثث مجهولة الهوية التي بدأت تظهر في الفترة الأخيرة. الجيش يقوم بقتل الدواعش في المعارك و ينتصرون عليهم و هذه بطولة نفتخر بها و نباهي الامم بمقاتلينا الابطال و نشد كذلك على سواعدهم، و أقول هؤلاء رجال تعاملوا بمستوى عالي من التضحية و الاثرة و دفعوا أرواحم و لم يلجئوا يوما لسياسة ضرب البلابل بالقنابل ، أما قتل الدواعش بعد أن يتم اعتقالهم، فهذا من وجهة نظر القانون جريمة بالرغم من أننا نعلم أنهم قتلة مأجورين، و السماح بهذه الاعدامات الميدانية هو اعطاء ضوء أخضر للتجاوز على القانون، نريد دولة قانون تحمي حقوق القوي و الضعيف و لا تتركوا المجال لأي مؤسسة بالتجاوز على حق الظالم و أو المظلوم إلا بإرادة القضاء الحرة .. الحرة.
ارجو أن تعلم أنني لا أبكي على داعشي هذه المرة لكنني أبكي مستقبلنا، مستقبل العراق عموما و الموصل خصوصا و أنا أراه يسير في طريق جعلنا نفقد بصيرتنا. تخيل يا سيدي الرئيس أن الشعب قد فقد بصيرته، فبعد كل الذي جرى أصبح يبحث عن دكتاتور يحكمه بقبضة من حديد و هو يهتف للحرية و الديمقراطية. أعترف أنني خائف و لست شجاعا لأتحمل انتكاسة جديدة.
للاطلاع على مخاوفي
مع التقدير



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google