كلّ شيئ من أجل ألحكم: - عزيز الخزرجي
كلّ شيئ من أجل ألحكم:


بقلم: عزيز الخزرجي - 20-02-2017
كلّ شيئ من أجل ألحكم:
أو شعار الأسلاميين؛ الغاية تُشرعن ألوسيلة؛
في هذا المقال لا أتعرّض لنهج الدواعش أو البعثيين و لا القوميين و لا المدعيين للوطنية و لا غيرهم من المتشددين و العلمانيين, لأنّي سبق و أن أعلنت موقفي منهم عملياً قبل ما تكون نظرياً عبر المقالات و البحوث, لكني أريد هنا بيان قضية هامّة هي فعلاً حساسة جداً تخصّ الأسلاميين في عراق ما بعد صدام!

لقد خطر كلّ شيئ ببالي حول المعارضة العراقية الأسلامية – الشيعية - بآلذات قبل و حتى بعد سقوط الصنم صدام لكوني كنت محور كل حراك و بيان و لقاء و دراسة ستراتيجية بشأن القضية العراقية منذ السبعينات و حتى السقوط, لكن الغريب الذي رأيتهُ بعد 2003م هو أنهماك أحزاب المعارضة الأسلامية بشهية عالية على المناصب و المسؤوليات, لا لخدمة الناس طبعا كما كل الأحزاب الأخرى؛ بل لتكريس الفساد و السرقات و إستخدام كل الأساليب المشروعة و الغير المشروعة, و في وضح النهار للثبات و الأستمرار في السلطة, حتى لو تطلب الأمر ضرب الديمقراطية بآلتحالفات المشبوهة لأجل الفوز بمقاعد البرلمان و الوزارة و القضاء, و كما حدث في قضية تحالف رئيس الأئتلاف الوطني السّابق مع البعثيين و القوميين و الدواعش لضرب و إزاحة دولة القانون برئاسة السيد المالكي الذي حاز على أكثرية الأصوات في الانتخابات الأخيرة الماضية!

لقد بات الكذب و التلاعب بآلكلمات من أجل البقاء في الكرسي مدة أطول بجانب العمالة مسألة ضرورية و شرعية حتى عرف و تعوّد الشعب العراقي على ذلك .. لكن الأغرب الذي شهدته خلال العاميّن الأخيريّن و الذي لم أتوقعه هو إئتلاف الأحزاب و الأئتلافات الأسلامية"الشيعية" مع الدواعش من خلال علاقات سرية للغاية و في أعلى المستويات عبر عمان و دول خليجية, و الأغرب الأغرب هو ما سمعته مؤخراً حول مخطط خبيث يتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق و أصول الأسلام, خصوصا في المذهب الشيعي الذي لم يبق إلا شكله و ظاهره في العراق .. حيث يُبيّن النفاق الواضح و السخرية من الديمقراطية و الضّحك على ذقون الشعب العراقي الذي بات بنظر الأحزاب الحاكمة مجرّد شعب هزيل مخادع يمكن التلاعب بمقدراته من دون قدرته على فعل أيّ شيئ و كما فعل به صدام على مدى 40 عاماً بألوان و أشكال مختلفة!

حيث يسعى رئيس الوزراء حيدر العبادي من جانب للبقاء في رئاسة الحكومة العراقية لولاية ثانية بأي ثمن حتى لو تطلب الأمر المواجهة العسكرية، و ذلك من خلال بوابة «التحالف الخفي» مع مقتدى الصّدر من الجانب الآخر، لإنهاء تيار نوري المالكي المعادي لمنهج الصدريين، هذا .. بمباركةٍ إقليمية ــ دولية.

و مع بداية الحديث عن التحالفات الانتخابية، فإنّ المالكي و العبادي و الصّدر يحاولون استمالة «الحشد»، و تجيير أصوات مريديه بوصفه «الحصان الأسود الأقوى" في الساحة العراقية لسمعته الطيبة بسبب التضحيات الكبيرة له ضد داعش و تحرير مدن العراق المغتصبة الواحدة تلو الأخرى على أيديهم!

لكن قيادة الحشد الشعبي من جهته غير مرتاحه للسيد العبادي بسبب موقفه من قضية تشكيلات بدر و صرف الرواتب لجميع أعضاء و مقاتلي الحشد البالغ عددهم أكثر من 140 ألف مقاتل مجاهد, حيث قبل العبادي بصرف رواتب 110 آلاف مقاتل منهم فقط, مع تخفيض كبير في نسبة راتب المقاتل من مليون دينار عراقي تقريبأً إلى 550 ألف دينار, مما سبب إنزعاج قيادة قوات بدر و بآلذات السيد الأمين العام حسن العامري الذي بدى غير مرتاحاً لقرار العبادي من خلال لقاء صحفي له نشرته صفحات التواصل و الوكالات الخبرية.

من جانب آخر .. علمت «الأخبار» من مصادر عراقية رفيعة المستوى أن «اتفاقاً قد أبرم في الأيام الماضية، بين رئيس الوزراء حيدر العبادي و زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر»، يهدف إلى وضع برنامج عمل سياسي «متناقضٍ في العلن» و لكنّه «توافقيٌّ في السِّر»، يقود في النهاية إلى تحالف انتخابيّ، عماده الأساسي إطاحة مشروع رئيس كتلة «دولة القانون» نوري المالكي الذي بدأ يتحرك أخيراً لكسب الأصوات عبر مقرات حزب الدعوة في وسط و جنوب العراق.

و يشرح مصدر مطّلع، في حديثه إلى «الأخبار»، أن التقارب بين وجهتي نظر الرجلين مردّه إلى «الرؤية المشتركة لمنهج العمل السياسي، و الابتعاد عن الأحزاب القويّة و الكبيرة، و التوجّه إلى الكفاءات البشرية غير المحسوبة على أيّ من القوى و التيارات السياسية»، في إطار محاصرة هيمنة بعض القوى (التي يتهمها الصدر و العبادي على حدٍّ سواء بأنها فاسدة) على "مفاصل اللعبة السياسية".

و بالعودة إلى رواية «الاتفاق»، تنقل المصادر أن العبادي منح «التيار الصدري» هامشاً برفع سقف «المطالب الشعبية»، إضافةً إلى تأكيد «حقّ التظاهر وصولاً إلى العصيان المدني» في وجه الحكومة و مؤسسات الدولة، بشرط عدم المساس بالعبادي شخصاً أو منصباً، و كلّ ذلك تحت حجّة «محاربة الفساد المستشري في أجهزة و إدارات الدولة و البرلمان».

و تضيف أن الاتفاق الداعي إلى «حراكٍ مطلبي، يحظى بدعمٍ غير مباشر من بعض القوى الداخلية الأساسية، و الإقليمية».

و سينتهي «الاتفاق»، وفق المصادر، بتحالف انتخابي بين الطرفين، يسمح ببقاء العبادي لولاية ثانية على رأس الحكومة، بمباركة إقليمية ــ دولية، بشرط ضمان التزامه بمشروع الصّدر السياسي الذي يأمل أن يتصدر زعامة الأئتلاف الوطني العراقي.

و تنقل المصادر أن العبادي برّر للصدر «سقوط الدم في الحراك الأخير» بعد أن (سقط يوم السبت الماضي 7 قتلى وحوالى 200 جريح)، بالقول إن «بعض الأجهزة الأمنية ليست تحت تصرّفي، و إنني في صدد معالجة هذا الأمر»، في محاولةٍ من رئيس الحكومة لتعزيز فرضية طابور ثالث يخدم الاشتباك القائم بين الصدر و المالكي، و يُبعد شبهة «المندسين» في «التيار الصّدري»، وفق المصادر.



و تستكمل المصادر أن الأيام المقبلة قد تحمل تصعيداً «صدريّاً» جديداً أمام المدينة الخضراء، بهدف إسقاط «مفوضية الانتخابات» و تغيير القانون الانتخابي، و هو أمرٌ يدركه جيّداً المالكي، باعتبار أن خطوة الاقتراب أكثر من «الخضراء» و الدخول إليها هو استهداف شخصيٌّ له، و تهديد لأمنه، ما يعني الحاجة العملية للدفاع عنه من قوى حكومية و غير حكومية.

و أشارت المصادر إلى أنّ اللقاء الذي جمع ليل أوّل من أمس قادة فصائل «الحشد الشعبي» بالمالكي، في دار الأخير (و هو عكس ما أعلنته وسائل إعلام عراقية بأن اللقاء جرى يوم أمس)، مؤكّدةً أن بعض القادة أعلنوا لمضيّفهم «أننا معك، و لن نسمح بالمساس بك»، ذلك أن المالكي يصف نفسه بـ"مؤسس الحشد و حاضنه ... و بالتالي فإن بعض الفصائل تابعةً له، و حضوره قويٌّ فيها", خصوصا و أنه مؤيد من قبل الولي الفقيه الذي يعتبر زعيم و مرجع البدريين بلا منازع.

و كانت لافتة في «الحراك الحشدي» زيارة لثلاثة وجوه سياسية في العاصمة بغداد، ليل أوّل من أمس، تقدّم الوفد نائب رئيس «هيئة الحشد» أبو مهدي المهندس، و قائد «منظمة بدر» هادي العامري، و أمين عام «حركة النجباء» أكرم الكعبي، و آخرون من القادة العسكريين لبعض الفصائل.

و افتتح الوفد زياراته بزيارة رئيس «التحالف الوطني» عمار الحكيم، حيث جرى الحديث عن تطورات معركة «قادمون يا نينوى»، وفق مصادر الحكيم.

و انتقل وفد «الحشد» بعدها إلى مكتب مقرّ رئاسة الحكومة، تلبيةً لدعوة عشاءٍ وجّهها رئيس الحكومة عبر سكرتيره الخاص كاظم الموسوي.

و رغم إعلان مكتب العبادي أن هدف اللقاء «مناقشة تنظيم عمل الحشد في ضوء القانون الجديد»، و إشادته بإنجازات «الحشد» و التأكيد على أن العراق في «المراحل الأخيرة لهزيمة داعش... و عدم السماح باستخدام اسم الحشد للإساءة إليه و لمقاتليه»، فإن مصادر رفيعة حضرت الاجتماع أكّدت لـ"الأخبار» أن «مناخ اللقاء بين الطرفين كان متشنّجاً جدّاً، و وصل حدّ الصّدام بينهما".

و تؤكّد المصادر أن «التشنّج» كان ردّ فعلٍ على «انتقائية» العبادي في التعاطي مع فصائل «الحشد»، إذ يدعو العبادي إلى «وحدة قيادة الحشد، في حين يعمل في الكثير من المحطات والمفاصل على قاعدة الفصائل»، وقد برز ذلك بأسلوب توجيه الدعوات، واستثناء عددٍ من الفصائل، أبرزها «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله»، لأسباب تعود إلى «خلافات عملياتية ــ قياديّة للمعارك والارتهان الخارجي»، وفق مصادر الأخير.

ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، إذ إن أغلب الفصائل كانت «معبّأة ضد العبادي لأسباب عدّة»، خصوصاً أن الأخير لم ينصف «الحشد» من حيث الميزانية و الدعم اللوجستي و رواتب مقاتليه، وسط معاملة حكومية «سيّئة» بتعبير أحد الحاضرين، الذي قال للعبادي «إنكم تتعاطون معنا بدونية، كالعبيد .. نحن قدمنا الدماء، و حرّرنا الأراضي، في المقابل لا تقدّمون لنا أي دعم مقارنةً بتجهيزات الأجهزة الحكومية الأخرى، و إنجازاتها».

وردّ العبادي على «الاتهامات بالتقصير» معتذراً بـ«الميزانية المحدودة»، فتساءل أحد الحاضرين «نحن عديدنا 140 ألفاً، و ميزانيتنا لـ110 آلاف»، مستهجناً أن "راتب المقاتل في الحشد يبلغ 550 ألف دينار، في حين ان راتب العنصر في جهاز مكافحة الإرهاب هو مليونا دينار".

و ختم وفد «الحشد» زياراته بضيافة المالكي الذي أكّد بيان صادر عن مكتبه أنه بحث معهم «المستجدات السياسية و الأمنية»، مشدّداً على «ضرورة تقديم الدعم لتشكيلات الحشد المختلفة».

و تشير مصادر مقرّبة من المالكي إلى أن قادة «الحشد» شكروا مضيفهم، و طالبوه بالدعم المادي، «لأن الطرق باتت مسدودة أمامهم»، فردّ بأنه "سيدعم الحشد سياسياً و برلمانياً".

و في سياق اللقاء، جرى الحديث عن الانتخابات النيابية المرتقبة في شهر نيسان 2018، إذ ينقل المصدر أن أحد قادة «الحشد» سأل المالكي حول مشاركتهم إلى جانب «دولة القانون»، فأجابه بضرورة «حسم الخيار و الاصطفاف السياسي». و قد سأله أحدٌ آخر «إذا أردنا أن ندخل العملية السياسية؟»، فأجابه المالكي «لا مشكلة لدينا بالتحالف مع الحشد، و لكن حدّدوا خياراتكم".

لكن، مصادر واسعة الاطلاع على توجهات «الحشد» تؤكّد أن «البوصلة غير واضحة إلى الآن»، خصوصاً أن العبادي و الصدر و المالكي يسعون بشكلٍ مستمر إلى استمالة «الحشد» نحوهم، و قد «حاول العبادي من دعوة قادة الحشد إلى تجيير اللقاء، و الاستفادة منه سياسياً، غير أن الوفد كان متيقّظاً لذلك، فعمد إلى إعداد جدول زيارات متزامنة، كي لا توضع في أيّ إطار سياسي".

خلاصة القول: بدأت التجاذبات و التحالفات تكثر مع قرب حلول الانتخابات التي لم يبق سوى شهرين على أقامتها, و قد تؤدي إلى تحالفات أوسع خارج المدار الشيعي لضمان الفوز على حساب الآخر, و إن قوات الحشد الشعبي ستبقى بيضة القبان فيما لو تحالفت مع أحدى الجهات السياسية الشيعة لضمان فوزها, لكن الأرجح هو مشاركة قوات بدر و الحشد على أنفراد في الانتخابات القادمة بعيداً عن الدوائر و الأحزاب و الأئتلافات السياسية التي تشوهت سمعتها إلى أبعد الحدود, و سيكون الحشد هو المتقدم الأول على جميع الكتل و الأحزاب السياسية الأسلامية و الوطنية بلا منازع.
عزيز الخزرجي




Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google