حكومات عربية مثنى وثلاث ورباع - جمال حسين مسلم
حكومات عربية مثنى وثلاث ورباع


بقلم: جمال حسين مسلم - 23-02-2017
لم يتصور أي متتبعٍ للمشهدِ العربي السياسي الحديث أنْ تصل َ الأمور في أرجاء الوطن العربي إلى ما وصلت إليه اليوم ,فقد عاش هذا الوطن بجانحية من المشرق إلى المغرب تحت وصاية رجلين لا ثالث لهما ,أولهما عسكري قاد انقلاب دموي فاحتل البلاد من شماله إلى جنوبه وحول الدولة إلى سجن مركزي كبير وأخذ يخطط لأولاده من بعده لاكمال مشروع القائد الضرورة وحيد عصره وفريد زمانه , من مثل صدام حسين ومعمر القذافي وعلي عبد الله صالح وعمر البشير وزين العابدين وإلخ...ورجل ثان تملك الشعوب والناس باسم ولي الأمر وأصبح بمشيئة الاستعمار الفرنسي والبريطاني ملكًا على رقاب الناس ,يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف تحت مباركة دينية عالية التقدير والجناب..ولمدة تزيد عل نصف قرن من الزمن عاش المواطن العربي { دايخا } بزمانه وخبزته ومستقبله ,فالذي عاش تحت أنظمة الجمهورية العربية ,فقد عاش حياة معسكرة وقمعا أمنيا كبيرا وتمّ مصادرة حرية الرأي وتفويه الاكمام وما كان عليه إلا الهتاف للقائد الفذ ! وإلا أصبح من أعداء الثورة والحزب وقد ارتبط بأجندات خارجية وما تبقى له إلا حياة في دهاليز مديريات الأمن العامة والمخابرات...ومن عاش تحت الوصاية الملكية العربية ,فقد عاش تحت أجدنات رجال الدين الذين أوصوا بطاعة ولي الأمر وإنْ كان فاسقَا, يبذرُ الأموال في شوارع نيونورك أو باريس أو لندن ..ومن قال بغير ذلك فشرع الله في مخالفة ولي الأمر معروف والسّياف على أهبة الاستعداد لتنفيذ الأمر حماية للشرع والدين والملك..ومع ذلك سار فقراء الناس ومن هم على باب الله طوال تلك السنين يتجنبون الصّدام مع الحاكم المستبد الموحد للأرض والسّالب للعرض..وما أنْ هجم الربيع العربي الدموي على أجنحة الوطن العربي وقلبَه , حتى تبينت كثير من الصور المشؤومة من التي انتجت في غرف مخيفة ومظلمة...فقد اشرقت علينا خارطة جديدة للوطن العربي الأم ,وذهبت الوحدة العربية وأحلامها أدراج الرياح وصرنا في عصر الدول والمماليك ,وتبلورت الحدود الجديدة في صدور الناس قبل الاطلس الجغرافي ونحن أمام أمرٍ واقع جديد, نُفِذَ بأياد عربية ,صرفت نصف خزائنها لارضاء السيد الاكبر في البيت الابيض وتنفيذ مايحلم به ,فصرنا في حكومات عربية ..مثنى..وثلاث..ورباع.. كما هو في واقع حكومتي فلسطين ,حيث غزة والضفة الغربية والعراق حيث المركز وكردستان و السودان جنوبا وشمالا..وليبيا والله أعلم بعدد الحكومات التي تديرها واليمن مقسمة بوضوح وسوريا مقبلة على التقسيم الكردي والتركي والبعثي والداعشي ولاشك في ذلك ..فكأننا نردد قول الشاعر العربي ..دعوت على عمرو فمات فسرني ...وعاشرت أقواما بكيت على عمرو..لسنا نادمين على رحيل الطغاة ولكننا نرى بوضوح ان الجميع سيشرب من الكأس نفسه ومن يتصور غير ذلك فهو غشيم ولا ينظر أبعد من كوعه..حكومات عربية مثنى وثلاث ورباع اغتصبها رجل واحد ولا يهمنا ان يعدل او لا يعدل فقد نهبت اراضينا من قبل دول الاقليم المحيطة بنا سرا وعلانية وتحققت الغاية السامية في تأمين حدود الكيان الغاصب بنسبة خيالية ؛ حكومات مقسمة بضعفها وركاكتها ,خططت لشعوبها أن تهاجر عبر طرق الموت إلى دول الضياع والمنفى..ونحن بين نادم على ما مضى وبين ناهب لما أتى ,نعيش واقع التقسيم الجديد ونتمنى على الله أن لانتشرذم أكثر من ذلك ...
http://jamalleksumery.bloogsport.co.at



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google