قاسم والمحاكمة المزعومة - زكي فرحان
قاسم والمحاكمة المزعومة


بقلم: زكي فرحان - 23-02-2017
في حدود الساعة الثانية عشر والنصف من يوم السبت المصادف 9 شباط اليوم الثاني للأنقلاب الاسود توقف الرمي من وزارة الدفاع بأمر من الزعيم عبد الكريم قاسم وذلك تنفيذا لاتفاق التسليم الذي تم بين الطرفين بوساطة الصحفي يونس الطائي صاحب جريدة الثورة بناءً على وعد من الانقلابين بتسفيرهم الى الخارج، وهذا ما كان قد وثق به الزعيم قاسم و رفاقه وما أكده لهم يونس الطائي، وفي الساعة الثانية عشر وأربعين دقيقة دخلت القوه المهاجمة بأتجاه قاعة الشعب المجاورة لوزارة الدفاع حيث يتواجد فيها مركز قيادة الزعيم قاسم و رفاقه من العسكريين، تقدمت مجموعة الى باب قاعة الشعب من الضباط الانقلابين المكلفة بنقل عبد الكريم قاسم و رفاقه الى مبنى الاذاعة بالصالحية ليقرروا مصيره، تقدم العقيد محمد مجيد ونزع من عبد الكريم قاسم رتبه العسكرية وكذلك من بقية الضباط الذين القي القبض عليهم في قاعة الشعب معه،خوفا من ان تأثر هذه الرتب على العسكريين عامة،وفقا للسياقات العسكرية اذ ان هذه الرتبة العسكرية تفعل الشيء الكثير من الالتزام و الطاعة، يقول طالب شبيب في مذكراته،، تمت عملية الاستلام وأخبرتنا القوة المهاجمة بان عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد وفاضل عباس المهداوي وغيرهم اصبحوا بين يديها، فطلبنا تأمين سلامتهم وجلبهم الى الاذاعة دون تعريضهم لأية إهانات او اصابات من أي كان، وتم نقلهم بسيارات مدرعة الى الصالحية، حيث حيث مقر القيادة الموقت الذي كان يغص بالرجال العاملين وبحشد من من الضباط القوميين وبعض البعثيين واغلبهم كانوا ما يزالون دون تكليف عسكري، فسعى أكثرهم من أجل الحصول على منصب مناسب وأتسعوا بالمبالغة الفجة في التودد وإلفات النظر، ورغم التصرفات المتملقة الممجوجة لهولاء الضباط ،لم نجد المبرر المقبول والمعقول لخذلانهم بصرفهم الى بيوتهم ، كما لم تكن لدينا مهمات محددة لتكليفهم بها، وبسرعةغير متوقعة حشدوهم في ناقلتين مدرعتين عسكريتين لتنقلهم الى دار الاذاعة في مجموعتين الأولى ضمت الزعيم عبد الكريم قاسم و الزعيم طه الشيخ احمد و الملازم كنعان حداد وكان يقود المدرعة الملازم سالم العباسي والملازم نعمة المحياوي وقد سلكت طريق شارع الرشيد – جسر الجمهورية – كرادة مريم ثم انعطفت باتجاه الاذاعة في الصالحية، أما المجموعة الثانية ضمت كل من الزعيم فاضل عباس المهداوي والعقيد قاسم الجنابي وكان يقودها المقدم هادي خماس( كان احد آمري افواج لواء عبد الكريم قاسم وقد كان يثق به فأناط به حراسة بناية الاذاعة والتلفزيون، لكنه كان من المتآمرين عليه) ، وقد سلكت طريقاً آخراً هو باب المعظم – جسر الصرافية – علي الصالح – شارع 14تموز – محطة السكك ثم أنعطفت بإتجاه ساحة المتحف نحو الصالحية حيث الاذاعة،، عزيزي القارئ الكريم ، لقد تضاربت الآراء على كيفية أستسلام عبد الكريم قاسم ورفاقه ومن الذي نقلهم الى الاذاعة؟ حيث راح الكل من هولاء الضباط يتظاهرون بالبطولة الزائفة لنيل حصة أعلى في المراتب العسكرية والأرتقاء وظيفياً، لقد تناقضت الاخبار حول من الذي قاد المدرعات العسكرية التي نقلت الزعيم عبد الكريم قاسم و رفاقه الى مقر الانقلابين وأين الحقيقة من كل تلك الاقاويل و التصريحات والمقابلات التي ملأت أمهات الكتب و الصحف والمجلات؟ ولاتزال ليومنا هذا تدُان و تسُتنكر من قبل الشعب العراقي والعربي والشعوب المحبة للسلام ، وقد مضى على ذلك الانقلاب البعثي الاسود المشبوه وعلى تلك المجزة الدموية البشعة عقوداً من ذلك الزمن الغابر، و التي قتل فيها الآلاف من خيرة المناضلين الوطنيين ومن أهم أركان ضباط الجيش العراقي، وفي حدود الساعة الواحدة بعد الظهر وصلت المدرعة التي تنقل عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد الى مبنى الاذاعة، وعند نزوله ساد الوجوم والرهبة والهدوء،،،ويذكر طالب شبيب،، كنت أقف في مدخل باب الاذاعة ومعي عدد من الاشخاص بينهم الرئيس الاول صبحي عبد الحميد(أصبح وزيراً للخارجية) وعندما تخطى المدخل الرئيسي لمبنى الاذاعة( ماتت حركة الحياة وفي الهواء الثقيل القوام لم ُيسمع سوى وقع خطى عبد الكريم بقامته المديدة ومشيته المألوفة الحازمة، مر من أمام المسلحين وراح ينظر بتفرس الى الوجوه الناطقة بالحقد والذهول، فسرت في أبدان الواقفين رعشات عصبية، مخلوط بمزيج متداخل من المشاعر، الحقد ، الانبهار، رائحة الانتقام، وعندما وصلوا الى الاذاعة ساد الحاضرين من الجنود الحرس والضباط المحيطين بالبناية وجوم، وخيم على الجو صمت الأموات، فكنت إذا رميت أبرة على الارض سمعت رنينها) وفي هذا الصمت الرهيب والحقد الدفين والغضب المتطاير شرراً ودنائة وجبن، اندفع نحوعبد الكريم قاسم أحد رؤوساء العرفاء الذي أعطته حكومة الانقلاب رتبة ضابط نقيب موقت، يدعى شهاب احمد عزيز، وأعتدى عليه بصفعه على وجهه فوقعت سدارته مما حدى بالرائد صبحي عبد الحميد(عين وزيراً للخارجية لاحقاً) ان يناول عبد الكريم سدارته ،ثم ان احد الضباط الواقف بالقرب منه منعه واوقف الاعتداء عليه، ولم يسلم الزعيم طه الشيخ احمد والزعيم فاضل عباس المهداوي من الضرب بأخمس الرشاشات والبنادق على رؤوسهم فسالت منهم دماء غزيرة، ويقول هاني الفكيكي، عضو القيادة القطرية في حزب البعث وكان حاضرا،، دخل قاسم وصحبه منزوعي الرتب والنياشين ومن دون سلاح الى الاذاعة وسط ممرها الطويل بين صفين من العسكر يتقدمهم العقيد نصرت مصطفى ،،بدا قاسم متماسكاً الى حد بعيد، وان اصطبغ وجهه بالشحوب وكسته علائم الارهاق، واعتقد ان صورته تلك كانت طبيعية لأي شخص يوضع في مكانه، فقد انقلب المشهد في كل شيئ، الوجوه والاحداث والقيادة، لكني لم الحظ اية حركة أو بادرة صدرت عنه تؤكد على تصرف متخاذل أو مهين، ومن ثم ادخل عبد الكريم قاسم ورفاقه الى إحدى غرف الموسيقى في الاذاعة ينتظرون الموت، وهنا طلب عبد الكريم قاسم كوباً من الماء وفعلاً جلب له الماء وعند تقديمه له حاول علي صالح السعدي، امين حزب البعث ان يأخذ الماء من يد الضابط ويرميه على الارض، إلاأن الضابط رفض ذلك وحدث شجار بينهم ومن ثم اخذ عبدالكريم قاسم الماء وتمضمض بقسم منه ولم يشرب الباقي حيث أنه كان صائماً،، ،( المؤسف ان القوة تسبق الحق) ،، يتبع

..................

المصدر:-

1. د علي كريم، حوار الدمم ، ص 101


2. د عقيل الناصري، اليوم الاخير لقاسم، ص 424


3. احمد فوزي،أين الحقيقة ، ص 42



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google