زرادشت ؛ محل الميلاد والتاريخ ، القومية واللغة الجزء الأول - مير عقراوي
زرادشت ؛ محل الميلاد والتاريخ ، القومية واللغة الجزء الأول


بقلم: مير عقراوي - 23-02-2017
/ كاتب بالشؤون الاسلامية والكردستانية
كلمات موجزة : حول محل الميلاد والتاريخ لزراداشت النبي – عليه الصلاة والسلام – يوجد بعض الاختلاف ، هكذا حول قوميته ولغته . أما الاختلاف الحاصل الأكثر ، هو في التاريخ والزمن الذي ولد فيه زرادشت . ففي هذا الصدد نحن أمام تعداد من التواريخ والأرقام والروايات المتباينة ، ربما يعود السبب الى الزمن القديم والغابر الذي عاش فيه زرادشت ، فهو كان قبل نبي الله موسى – عليه الصلاة والسلام – بفترات تاريخية كما تقول بعض الروايات التاريخية . في هذا المبحث سوف نذكر جميع الروايات والتواريخ والأرقام التي تحدثت عن محل وميلاد زرادشت النبي وتاريخه ، مع إيراد البحث عن قوميته ولغته في الجزء الثاني منهذا البحث ، لكن التركيز سيكون على الأكثر إتفاقا والأكثر واقعية ومصداقية .
1-/ محل الميلاد : يذكر إن نبي الله زرادشت ولد في الري ، والري هي مدينة تاريخية من توابع طهران عاصمة ايران اليوم . يرجع تاريخ الري الى ماض قديم جدا ، إذ يعود الى آلاف السنين قبل الميلاد ، وكانت يومها مركزا أساسيا للدعوة الدينية الزرادشتية أيضا ، والى اليوم يوجد فيها ( معبد بهرام ) للديانة الزرادشتية .
أيضا يذكر بأن زرادشت النبي ولد في مدينة بلخ الأفغانية التاريخية ، مع القول أيضا بأن مرقده متواجد هناك ، حيث دفن فيها بعدما آستشهد في معركة مع الهيونيين بعد أن بلغ من الكِبَر عِتِيّا . في هذا الصدد ينقل المؤرخ الكردي المعروف محمد أمين زكي مقتل زرادشت ، وهو شيخ كبير نقلا عن كتاب ( إتران قديم الفارسي ) ما نصه : ( هذا وقد قتل زرادشت وهو في سن الشيخوخة ، في حرب دينية كان قد أثارها ضد الشعب الهيوني ) ينظر كتاب ( خلاصة تاريخ الكرد وكردستان ) لمؤلفه محمد أمين زكي ، ترجمة محمد علي عوني ، ج 1 ، ص 298 . أما الزرادشت أنفسهم يقولون بأن زرادشت قتل من قبل الطوران ، والطوران هم الترك ، يقول محمد أمين زكي : ( فعلى رواية الزرادشتيين إن هذا الشعب توراني ) ينظر المصدر والمؤلف والمترجم والمجلد والصفحة المذكورة ، الهامش الأول للصفحة .
يقول بعض الزرادشتيين بأن زرادشت ولد في الري ، لكن القسم الكبير منهم يخالفون ذلك . يقول عالم الدين الزرادشتي أرباب كيخسرو شارهرخ في هذا المورد : ( حول ميلاد النبي في رغه < الري > لايوجد لدينا أيَّ دليل ) ينظر كتاب ( زرادشت بيغامبري كه از نو بايد شناخت / زرادشت : النبي الذي يجب أن يُعرف من جديد ) لمؤلفه أربا كيخسرو شاهرخ ، باللغة الفارسية ، ص 41 . ربما يعود هذا الإلتباس والإشكال الى بدء زرادشت دعوته للدين بعد مغادرته موطنه كردستان، أو بالأحرى صده ورفضه وطرده منها ، مع محاولة تصفيته جسديا توجه الى الري ومكوثه هناك ، ثم جعل الري مركزا دينيا زرادشتيا كبيرا .
في هذا الشأن يقول الباحث الدكتور الشفيع الماحي أحمد حول موطن النبي زرادشت : ( يكاد الإجماع ينعقد على أن موطن زرادشت هو ايران الشمالية ، أي آذربايجان ، إحدى المقاطعات التي آستقرت عليها قبيلة ميديا ، واليها ينتمي زرادشت ، ينظر كتاب ( زرادشت والزرادشتية لمؤلفه الدكتور الشفيع الماحي أحمد ، ص 15
الصواب هو ايران الغربية لا الشمالية ، فشمال ايران هو ولاية مازندران وتوابعها التي تقع على الحدود الروسية ، وهذه تقع بالغرب من ايران تماما ، وهي بعيدة عنها كثيرا ، إذ بين شمال ايران وموطن زرادشت قرب بحيرة أروميه ( آذربايجان ) أكثر من ( 1100 ) كيلو متر . وفي التقسيمات الإدارية والجغرافية الايرانية الحديثة تسمى منطقة أروميه وتوابعها ب( آذربايجان الغربية ) .
مضافا فإن الكثير من علماء الدين الزرادشتيين يذهبون الى أن موطن زرادشت كان في منطقة أرومية ، وبالقرب من بحيرتها المعروفة . أما ما قيل إنه كان بالقرب من نهر آراس فذلك غير صحيح ولايتفق مع إجماع أكثر المؤرخين والمحققين في زرادشت والزرادشتية ، حيث تم التأكيد على منطقة بحيرة أروميه بأنها هي موطن النبي زرادشت ، وقد جاء ذكر آرس في القرآن الكريم مرتين بإسم ( الرَّس ) :
1-/ { وعادا وثمود وأصحاب الرَّس وقرونا بين ذلك كثيرا } الفرقان / 38
2-/ { كذَّبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرَّس وثمود } ق / 12
شخصيا أعتقد بأن أصحاب الرس / آراس غير أصحاب زرادشت ونبيهم كذلك غير زرادشت ، فنهر آراس يقع بين البلدان التركية والأرمنية والآذربايجان الروسية والايرانية ، بالأصل ينبع من جبال منطقة بيغول الكردية في كردستان تركيا فيمر بالأراضي الأرمنية ، ثم الأراضي الآذربايجانية الروسية فالايرانية ، ثم ينتهي بالأراضي الآذربايجانية الروسية ، وهذه المنطقة ، أي منطقة نهر آراس بعيدة جدا عن منطقة بحيرة أورميه التي تقع في كردستان ايران . وفي محافظة أورميه توجد مدينة تاريخية بإسم ( سردشت ) حتى اليوم ، أي نسبة الى زرادشت ، يُذكر بأن إسمها في الأزمنة الماضية كانت زرادشت ، لكن بمرور الزمن تحوَّر وتحول الى التسمية الحالية ، وهي سردشت .
2-/ تاريخ الميلاد : بإزاء الميلاد السعيد والمبارك لنبي الله زرادشت نحن أمام عدد من التواريخ والأرقام أيضا ، فالتاريخ التخميني الذي حُدِّد لميلاده هو( 9600 ) سنة قبل الميلاد ، و( 6500 ) سنة قبل الميلاد ، و ( 6400 ) سنة قبل الميلاد و( 6200 ) سنة قبل الميلاد ، و( 1000 ) سنة قبل الميلاد . يذكر أيضا بأن النبي زرادشت قد عاش قبل حرب ( ترويا ) بنحو ( 5000 ) سنة ، وحرب ترويا هذه وقعت في اليونان في القرن الرابع عشر قبل الميلاد ، هذا معناه إن زرادشت –عليه السلام – كان يعيش ( 6400 ) سنة قبل الميلاد . ينظر في هذا الصدد كتاب ( زرادشت بيامبري كه نوبايد شناخت / زرادشت النبي الذي يجب أن يُعْرف من جديد ) النسخة الفارسية لمؤلفه أرباب كيخسرو شاهرخ ، ص 46 و47 و 48 .
ينقل المؤرخ الكردي المعروف محمدأمين زكي رأي المستشرق المعروف ( وليم جاكسون) عن تاريخ ميلاد زرادشت ، فيقول : ( إن زرادشت ولد في النصف الثاني من القرن السابع < ق م > ، وتوفي في النصف الأول من القرن السادس . وهذا ليس قطعيا أيضا . ولكن الروايات الزرادشتية نفسها تفيد أن هذا النبي ، أو المصلح ولد في القرن السابع < ق م > وشرع في بث تعاليمه ونشر دعوته على شاطيء بحيرة أورميه حتى مات في أواسط النصف الأول من القرن السادس قبل الميلاد ) ينظر كتاب ( خلاصة تاريخ الكرد وكردستان ) لمؤلفه محمد أمين زكي ، ترجمة محمد علي عوني ، ج 1 ، ص 296 . بالحقيقة العبارة ( وشرع في بث تعاليمه ونشر دعوته على شاطيء بحيرة أورميه حتى مات ..) فيها نظر ، لأنها تخالف غالبية الآراء التي روت وأجمعت بأن زرادشت قد غادر موطنه بعد فترة من الصدع بنبوته ودعوة قومه الميدي - الكردي للايمان به ، ولما لم يؤمن به إلاّ عدد صغير ومحدود جدا منهم به ، بل حاول الكهنة وأرباب القوة من قومه قتله وآغتياله إضطر الى مغادرة موطنه في كردستان ايران – منطقة بحيرة أورميه – والتوجه الى بلاد فارس ، حيث بلخ الملك كَشتاسب الفارسي يومها ، حتى إنه ورد في كتاب ( الآويستا ) نجوى ودعاء زرادشت ما يفيد ويدعم إنه لم يبق في موطنه إلاّ قليلا ، وإن زرادشت قد توفي في بلخ في سنين متقدمة من العمر .
أما الباحث المعروف في زرادشت والزرادشتية الدكتورالشفيع الماحي أحمد يقول في تاريخ ميلاد زرادشت ، وذلك بعد مناقشة التواريخ والأرقام الميلادية لهذا النبي الكريم المنسي : ( والزمن الذي حدد لتاريخ ميلاده < 6000 > سنة ق م ، و< 600 > سنة ق م ، لايجوز قبوله بسهولة نظرا لتطرفه ولبعده التام عن الفترة التي حكم فيها الملك كشتاسب ايران من بلخ ، أي في النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد . ) ينظر كتاب ( زرادشت والزرادشتية ) لمؤلفه الشفيع الماحي أحمد ، ص 16 .
في هذا الموضوع يقول المؤرخ اللبناني عمر فروخ [ 1906 – 1987 ] : ( تتبع مؤرخو الزرادشتية المعاصرون من المجوس حكم الملك كشتاسب منذ توليه السلطة حتى السنة التي آستجاب فيها لدعوة زرادشت ودخل في الدين الذي دعا اليه ، عندما توافقوا وجعلوا منها منطلقهم الأساسي ، ومنها كَرُّوا عائدين الى السنة التي أُوْحِيَ فيها اليه ، ومنها حتى عام ميلاده ، وبعد عمليات حسابية طويلة ومعقدة تستند الى تلك الوقائع المشهورة في تاريخ الرسول ورسالته ، وضعوا تقويما جديدا للدين وتاريخه خلصوا الى أن نبيهم ولد بالتحديد في اليوم التاسع من شهر خرداد الذي يوافق في اليوم الثلاثين من شهر مايو لسنة < 660 ق م > ) ينظر كتاب ( تجديد التاريخ في تعليله وتدوينه ) لمؤلفه عمر فروخ ، ص 50



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google