حيثيات (إرهاب المشهد الإسلامي )نغمات طائفية جديدة قديمة وان زادوا في الطنبورأوتار(15) استمرارشديد الظلم... يولد الانفجار ...! - هلال آل فخرالدين
حيثيات (إرهاب المشهد الإسلامي )نغمات طائفية جديدة قديمة وان زادوا في الطنبورأوتار(15) استمرارشديد الظلم... يولد الانفجار ...!


بقلم: هلال آل فخرالدين - 25-02-2017
وحيث كان الشيعة مظلومين في جميع العهود، لذلك فهم في حالة ثورة دائمة، إذ كما يقول الوردي: "شبهنا التشيع في وضعه الراهن بالبركان الخامد، فهو قد كان في يوم من الأيام بركاناً ثائراً، ثم خمد على مرور الأيام وأصبح لا يختلف عن غيره من الجبال الراسية إلا بفوهته والدخان المتصاعد منها. والبركان الخامد لا يخلومن خطررغم هدوئه الظاهري. إنه يمتاز على الجبل الأصم بكونه يحتوي في باطنه على نارمتأججة ولا يدري أحد متى تنفجرهذه النارمرة أخرى" انظرعلي الوردي، وعاظ السلاطين ، ص 255
هذا الوصف يكشف لنا عمق فهم الوردي لظاهرة التشيع وتنبؤه بالثورات القادمة، إذ كتب هذا الكلام قبل ما يقارب النصف قرن، وما انتفاضة آذار 1991 وما تلاها من أحداث، إلا تأكيداً لما قاله الوردي. فهل تعلَّم الحكام أي درس من هذا العالم الجليل؟ وهل يستخلص الآخرون دروساً وعبراً من هذه التحذيرات؟.

اوج الاضطهاد للشيعة بالحقبة العثمانية

ويستمرذلك العداء الغيرمبررللشيعة من قبل الأتراك ويبلغ أوجه في عهد الدولة العثمانية التي ارتكبت من المجازروالجرائم بحق الشيعة ما يندى له جبين الإنسانية وعاش الشيعة في ذلك العهد أقسى فتراتهم , حيث أعلن سليم الأول الحرب الطائفية على الشيعة في العراق بعد أن استصدرفتوى بكفرهم وجواز قتلهم فقتل منهم أكثر من أربعين ألفا سوى من أودعهم في غياهب السجون, وسار على تلك السياسة من جاء بعده من الولاة العثمانيين وخاصة والي بغداد عمرباشا الذي سلبهم قوتهم وضايقهم في معيشتهم, كما كانت لهم يد في الهجوم البربري الوحشي للوهابيين على مدينة كربلاء عام (1882م) والتي وصفت بأنها (تقشعر منها الأبدان وتشمئز منها النفوس) لهمجيتها وبشاعتها حيث دلت الحقائق على تسهيل دخول الوهابيين إلى المدينة ـ والذي جرى في عهدهم ـ وإعطائهم الضوء الأخضربقتل من فيها حيث بلغوالألوف وسالت الدماء في الازقة وهدم ضريح الامام الحسين ونهبه وحرقه .!

تسلط الطغاة والظلم الفادح وجبايات النهب

وفي عصرالوالي علي رضا باشا على العراق, فقد ضاعف هذا الوالي الضرائب التي كانت تُجبى من أهالي كربلاء إلى ضعفين, كما يذكرعباس العزاوي في (تاريخ العراق بين احتلالين) ص65 فيقول:وفي أيام علي باشا حاصركربلاء وخرج إليه سادات البلد وزعماؤها وتكفلوا له بزيادة الإيراد, فارتحل عنهم وكان ذلك الوالي لا يبالي بعصيانهم ومرامه الدراهم وقد أدوا له سبعين ألف قران ـــ المثل اثنين ــــ عما كانوا يؤدونه الى داود باشا فرضي وتركهم).

سياسة الامتهان والاذلال

ولم يترك علي باشا المدينة دون أن يمتهن أهلها يذكرالمؤرخ عبد الرزاق الحسني أن علي باشا :(أبقى فيها حامية من الجماعة المناوئة لعقائد أهلها من بني سالم والكبيسات).

ولا يخفى ما لهذه السياسة من أثر سلبي في نفوس أهالي كربلاء حيث لعبت العصبية المذهبية دورها في تلك السياسة, فكان أعضاء الحامية يعاملون الأهالي بقسوة مما كوّن غضب شعبي ضد الحكومة أدى إلى اندلاع الثورة تقول (ديلك قايا) في كتابها (كربلاء في الإرشيف العثماني) (دراسة وثائقية 1840ــــ1876م) ص191:(إن السياسات الخاطئة التي استخدمت في عهد ولاية علي رضا باشا كانت عاملاً مؤثراً في ظهور حادثة كربلاء).

فقد كان هذا الوالي يضم إلى جانبه قطاع الطرق واللصوص الذين كانوا ينهبون قوافل التجاروزوارالمراقد المقدسة في نواحي الحلة والنجف وكربلاء, ويوفر لهم الحماية وهو يعلم بانحرافهم ليستعين بهم في حملاته, وتستطرد (ديلك قايا) في بيان أسباب الثورة فتقول في نفس الكتاب ص192:(لقد جعلت أحداث السرقة وقطع الطريق التي تمت في بغداد بشكل عام في بدايات القرن التاسع عشر أهالي كربلاء في اضطراب دائم, وهو ما جعلهم يرفضون تبعيتهم للدولة العثمانية, وهناك أمر آخر أغضب أهالي كربلاء وهو التأخر في مجال الزراعة, فبينما كانت كربلاء تنتج عشرة آلاف كيلة من الحبوب في عهد داود باشا آخر ولاة المماليك, لم تتمكن من إنتاج نفس النسبة في (13ــــ14) سنة الأخيرة, وسوء الحالة الاقتصادية.

مؤرخ العراق ونتف من جرائم ال عثمان حيال الشيعة

وقد لخص المؤرخ عبد الرزاق الحسني تلك الحوادث المفجعة التي ارتكبت في كربلاء عن مخطوطة مجهولة المؤلف في مكتبته سمّاها بـ (نزهة الإخوان في وقعة بلد القتيل العطشان) وأرخ بدايتها في 15/رمضان/1241ه وهذه الحوادث هي:

1ـــ حادثة القنطرة : وكان يحمل لواء الجند فيها رجل يدعى (درويش) وقد قتل في هذه الوقعة ثمانية عشر جندياً مع أربعة أفراس لهم وقتل من جانب أهالي كربلاء أربعة رجال.

2ــــ حادثة المشمش : وسميت بهذا الاسم لأن الجنود العثمانيين دخلوا بساتين المدينة وشرعوا في نهب المشمش منها في وقت خرج الأهالي لجمعه فاقتتل الطرفان في أرض الجويبة وتغلب الكربلائيون على خصومهم أيضاً.

3ــــ حادثة الهيابي: وهي أشد هذه الحوادث واستمر القتال لساعات طويلة ووقعت فيها خسائر جسيمة من الطرفين فقد جُوبهت الحملة العثمانية على المدينة بصمود وبسالة مما أدى إلى جرح قائدها وهذا ما جعل داود باشا يرسل إلى أمير إسطبله سليمان ماخور لقهر الكربلائيين, وكان هذا القائد خبيراً بفنون القتال وقاد معارك كثيرة بنجاح, فقاد قوة كبيرة مزودة بالمدافع والقنابل قدرت بألف وخمسمائة جندي فلما وصلت هذه القوة إلى أطراف كربلاء عسكرت في الحرعلى مسافة خمسة كيلو مترات, فقطعت الماء عن المدينة, ولما شرعت في مهاجمتها تصدى لها الكربلائيون وقاتلوها قتالاً عنيفاً وسقط الكثير من القتلى من الطرفين ويقال أن جثث القتلى غطت أرض الحر والهيابي والوادي.

4ــــ حادثة الأطواب أو حادثة (باخية): وهي امرأة كانت تشد من عزم الثوار, وتراوح عدد القنابر التي قذفتها مدفعية الجيش العثماني بين الأربعين والستين قنبرة ولكنها لم تؤد الى نتيجة.

5ــــ حادثة الخيمـﮕاه: وقد سميت بذلك لأن قائد الجيش اتخذ من موضع المخيم مقراً لخيله ومعظم جنده, ووزع بقية أفراد قوته على مختلف المواضع, ولما قامت قواته بهجماتها على الأهلين, قاتلها هؤلاء بشجاعة بعد أن كبدوا القوات العثمانية خسائر فادحة.

6ـــ حادثة البردية : وفيها هاجم الأهالي الحامية العثمانية واستولوا على عدد من خيول الجند وبنادقه ومدافعه.

7ــ حادثة الأمان: وسميت بذلك لأن قائد الجند لما ضاق ذرعاً بالكربلائيين وحروبهم لجأ إلى الحيلة, فأعلن الأمان باسم الوالي داود باشا, وعفا الله عما سلف فاطمأن الناس لهذه النتيجة ولكنه فاجأ المدينة في الليل بوابل من القنابر, فعاد الأهالي إلى التجمع والدفاع عن المدينة وتمكنوا من دحر الجيش رغم تفوقه عدة وعدداً.

ومما زاد في اتساع حركات العصيان هو إن الحكومة العثمانية , زادت من تعسفها وطغيانها, ففرضت على المدينة تموين الحامية العثمانية في المسيب ابالأرزاق التي كان الأهالي في كربلاء بأمس الحاجة إليها, وذلك عام (1258ه ـــــ 1842م) وهي السنة التي حل محمد نجيب باشا محل علي رضا باشا على حكم العراق والذي جرت في عهده حادثة المناخور, فرفض الأهالي تموين الحامية.

وقعة نجيب باشا وبشائع ال عثمان حيال الشيعة

ومن أبشع جرائم العثمانيين التي ارتكبوها ضد الشيعة هي حادثة نجيب باشا في كربلاء عام (1258هـ/1842م) .

كان نجيب باشا من المقربين إلى السلطان العثماني وكان شديد القسوة وعظيم حنق التعصب في إجراءاته, ولما علم أن كل الحملات التي ساقها من سبقه لم تخضع المدينة للسياسية العثمانية الجائرة, قرر في السنة الثانية من حكمه أي في عام (1843م) إخضاع المدينة بالقوة.وقد أعد نجيب باشا عدته للهجوم على المدينة واستباحتها .فأرسل تقريراً إلى اسنطبول طلب فيها إرسال خبراء عمل البارود, واستخدام المدافع وغيرها من الآلات الحربية, وعمل قواعد للمدافع اللازمة للتحصينات من أجل حملته على كربلاء.

الانتفاضة على جوروظلم ال عثمان

حينما انتفضت هذه المدينة على السياسة العثمانية الجائرة فحاصرها نجيب باشا الذي عرف بحبه لسفك الدماء لإخضاعها فقصفها بالمدافع وقطع النخيل وأغار المياه حتى استطاع دخولها بجيشه فاستباحها قتلاً ونهباً وتدميراً حتى اصطبغت أرضها بالدماء .

حاولت المصادر العثمانية تشويه هذه الحادثة, فوصفت الثوارمن أهالي كربلاء بالعصاة والأوباش , فأطلقوا عليهم كلمة (اليارامز), وهي كلمة تركية تطلق على الأشرار.!

همجية ال عثمان بتحشيد الجحافل لسفك دماء الأبرياء

ينقل جعفر الخياط في كتابه (صورمن تاريخ العراق ص307) فيقول:كان الوالي نجيب باشا قد توجه الى المسيب لقمع بعض العشائرالثائرة في وجه الدولة, ولما استتم له الأمر اتخذ من هذه القرية مقراً لقيادته ومركزاً لما كان ينوي القيام به ضد الكربلائيين .. وهيأ قوة كبيرة لتسخير هذه المدينة واستئصال شأفة الثوار فيها, وكان قوام هذه القوات ثلاث كتائب من المشاة, وكتيبة واحدة من جنود السباه الحكومية يعززها عشرون مدفعاً, وفرقة من المقاتلين الأكراد الذين استدعاهم لهذا الغرض بقيادة أحمد باشا بابان, إضافة إلى زمر من القبائل العاملة في القوات الحكومية, وقد عقد لواء الحملة للفريق مصطفى باشا ووجهها إلى كربلاء)

ضربت هذه القوة حصاراً واسعاً على المدينة المزدحمة بالزوار, وأحاطت بسورها المحكم, وضيقت على السكان حتى اضطروا لشرب مياه الآبار المجة, واللجوء إلى التقتير والتقنن في توزيع الأرزاق.

واستمر الحصارثلاثاً وعشرين يوماً ولما شعر الناس بوطأة الحصاراجتمع رؤساء كربلاءوتداولوا الوضع فيما بينهم, واستقر الرأي على استسلام الثوار, لكن القائد التركي رفض قبول الاستسلام .فشنت جيوش العثمانيين المعززة بالمدافع وصبت حممها على الناس.

يقول محمد زرندي في كتابه مطالع الأنوار(ص27ـــ28) وأصله بالفارسية ترجمه شوقي رباني إلى الإنكليزية والقاضي عبد الجليل سعد إلى العربية ط القاهرة 1940)::(واستبيحت المدينة قتلاً ونهباً وهرب الناس إلى قبري الأمام الحسين وأخيه العباس)

تحويل عيد الغديرالى (غديردم)

من عقائد الشيعة الاحتفال بيوم الغديروزيارة الامام الحسين حيث كانت كربلاء مزدحمة بالزوارولكن لذلك لم يمنع الاتراك من سفك الدماء , فأوعزقائد الحملة إلى قائد المدفعية بهدم السورفاحدث ثغرة واسعة من ناحية باب النجف, وتسلل فريق من الجند عبرهذه الثغرة, وكانوا يطلقون النارعلى كل من يلقيانه وفي معركة ضارية, واستبسلت المدينة بالقتال, لكن القوات العثمانية سيطرت على الوضع فتراجع الثوار, واحتمى عدد كبير منهم بصحني الإمام الحسين وأخيه العباس, فشرعت القوات الحكومية بالنهب والسلب والتخريب واستباح الجند كربلاء أهدرالكثيرمن دماء الشيوخ والأطفال ولم ينج من القتل سوى من احتمى بصحن الإمام الحسين.

وفي الوقت نفسه كان بقية الجنود قد اتجهوا نحو صحن العباس الذي ازدحم بالناس وأغلقوا عليهم أبواب الصحن فتبعهم قائد الحملة, وأمر بقلع أحد الأبواب ودخل منه الجنود وشرعوا بقتل كل من فيه ولم يسلم من القتل حتى الأطفال والنساء, ولما حل المساء كانت المدينة في عداد الأموات, وتولى الحاج مهدي كمونة وصحبه حماية الصحن الحسيني, ورفع جثث القتلى من صحن العباس.

وأمرنجيب باشا بإبقاء ستمائة جندي كحامية للمدينة ثم غادرها إلى النجف وقد أرخت هذه الواقعة بكلمتي (غديردم) ويقابل ذلك بحساب الجمل السنة (1258ه/1843م) وصادف ذلك اليوم اليوم الثاني لعيد الأضحى.





ضخامة اعداد مجزرة القتى ونهب النفائس

كانت مجزرة القتلى من أهالي كربلاءعظيمة , سوى ما فقد من أموال ومجوهرات أثناء استباحة المدينة, فقال السيد حسين البراقي في الدر المنثور:انهم (24 ألف قتيل ما بين رجل وامرأة وطفل ومنهم سحقا بالأرجل).

وقال الشيخ حسن بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء في (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية):(كان عدد القتلى زيادة على عشرين ألف رجل وإمرأة وصبي وكان يوضع في القبر الأربعة والخمسة إلى العشرة ويهال عليهم التراب بلا غسل ولا كفن).

ونقل السيد عبد الحسين الكليدار في كتابه (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) ص45 عن زنبيل فرهاد ميرزا معتمد الدولة قوله:

(آلاف شخص قد أبيدوا عن آخرهم في تلك المدينة المقدسة فضلا عما نهب من الأموال والأحجار النفيسة وأثاث البيوت والكتب).

الجريمة المنكرة (دﮔـةعاكف )في الحلة جزاء سنمار

كانت جريمة القائد العثماني عاكف باشا حيال أهالي الحلة تمثل بحق جزاء سنمار لما قدمه الشيعة من تضحيات بإعلان مراجع الشيعة الجهاد مع الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ضد الإنكليز ، حيث كان رجال الحلة في سوح الجهادلنصرة الدولة العثمانية متناسين جروحهم وعذابهم واضطهادهم من قبلهم طوال قرون من المعانات ..!!!

وكلمة (دﮔـة) التي اشتهرت بها واقعة عاكف عند الناس ، وهي تعني لديهم (الغدرة اوالنكبة اوالكارثة ) ، وقد كانت له وقعتان في الحلة ؛ الأولى سنة 1915م ، وقد كسرت فيها شوكته ، وكانت الغلبة فيها لأهالي الحلة ، وقد أرغموه وجيشه على المغادرة ؛ أما الوقعة الثانية فكانت سنة 1916م ، وهي التي دعيت بـ (دﮔـة عاكف) ، وارتكبت فيها مجزرة شنيعة بحق الأهالي الأبرياء واستبيحت الاعراض ونهبت الأموال وهدمت الأسواق والدور .

خبث الاتراك

ويذكرأن أهالي الحلة ذهبوا ضحية مكيدة عليهم بمساعدة الملاك رفعت الجادرجي الذي تمكن من إقناع البعض ؛ ومنهم السيد محمد علي القزويني ، والحصول على موافقته ، وكان عاكف قد وصل الحلة وعسكر في ضواحيها ، وأرسل الرسائل والأشخاص المعتمدين إلى وجهاء الحلة ، ليخبرهم - من باب الحيلة والغدر - أنه لا يريد الشر بالمدينة وأهلها ، وإنما يريد المرور جنوبا ، والتمسهم أن يسمحوا له بالتبضع من أسواقها ثم الرحيل عنها ، بينما كان يبيت لهم في قرارة نفسه السوء والانتقام ، وقد اختلف الحليون في الرد على دعوة عاكف ؛ فبعضهم رأى في ذلك خديعة لئيمة ، بينما رأى آخرون الموافقة عليها دفعا للشر ، وغلب الرأي الثاني بانضمام السيد محمد علي القزويني لأهله وتأييده لرأيهم .

طيبة اهل الحلة تجني عليهم

ولما خرج المستقبلون يتقدمهم السيد القزويني والجادرجي ووجهاء الحلة في موكب كبير ؛ أحاط بهم جيش عاكف واحتجزهم ، واتضحت حقيقة نيته الشريرة ، فدخل الحلة بسهولة ، واعتقل الكثيرين من أبنائها من الذين لم يتمكنوا من الفرار، وأعدم مئة وسبعة وعشرين رجلا على دفعات يومية ، وقصف بالمدفعية محلات الجامعين والطاق وجبران والوردية فهدمت بيوتها ، وقام بنفي وتشريد عشرات العوائل ، ومصادرة ثلاثة آلاف طن من الحبوب ، وكان الشيخ محمد علي اليعقوبي قد وصل الحلة بعد مغادرة عاكف وجيشه لها بأيام ، ورأى ما حل بها من خراب ودمار ، فتألم لحالها وبكى ، وكانت له قصيدة حزينة عنها ، من أبياتها :

وقفت على (فيحاء بابل) باكيا كأني على أطلال بابل واقف

شهود عيان توثق جريمة عاكف

وقد كتب عنها بإيجاز ستة من شهود العيان الحليين ، وهم : أحمد سوسة في كتابه (حياتي في نصف قرن) ، وأنور شاؤل في كتابه (حياتي في وادي الرافدين) ، وداود معلم يعقوب في كتابه (اليهود في الحلة - غير متوفر) ، ويوسف كركوش في كتابه (تاريخ الحلة ج1) ، وإسماعيل مصطفى الواعظ في كتابه (الروض الأزهر) ، ومحمد مهدي البصير في كتابه (من أنا - مخطوط) ، أما الذين تناولوها عن بعد فهما عباس العزاوي في كتابه (تاريخ العراق بين احتلالين ج8) ، وعلي الوردي في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج4) .

وورد ذكر لهذه الحادثة في إصدارات عدد من المؤلفين الحليين الحديثة مثل : عبد الرضا عوض (المؤلف) في كتابه (أوراق حلية) ، وأحمد الناجي (من أوراق الاحتلال البريطاني) ، وعامر تاج الدين (الحلة لمحات اجتماعية) ، وعبد الرضا الحميري في كتابه (لمحات اجتماعية عن الحلة) ، كما نشر كريم مطر الزبيدي دراسة عنها في مجلة (أوراق فراتية) ، وقد نبه المؤلف إلى أمر غريب لفت نظره ، وهو (أن هذه الواقعة لم يذكرها ) على أهميتها شاعرمن شعراء الحلة المعاصرين لها في ديوانه أبدا !! باستثناء صاحب الشيمة والفضل الكبير على الحلة وأهلها( الشيخ محمد علي اليعقوبي) النجفي المولد والنشأة ونزيل الحلة .

المفكروالمحامي السني كامل الجادرجي وظلم ال عثمان للشيعة

الأستاذ كامل الجادرجي يصوروضع الشيعة أيام الحكم العثماني في كتابه (من أوراق كامل الجادرجي، ص 80) قائلاً:(كانت الطائفة الشيعية تعد في زمن السلطان عبد الحميد، وبالحقيقة في زمن الدولة العثمانية، أقلية تنظر إليها الدولة بعين العداء، فلم تفسح لها مجالات التقدم في أية ناحية من نواحي الحياة العامة. ومن الأمثلة البارزة على ذلك انها كانت لا تقبل لها تلميذاً في المدرسة الحربية، ولا يقبل منها فرد في وظائف الدولة، إلا ما ندر وعند الضرورة القصوى، وحتى في مدارس الدولة الإعدادية القليلة، كانت توضع العراقيل في طريق دخول أبناء الطائفة فيها، فأدى ذلك كله بطبيعة الحال إلى إنعزالها وسلوكها مسلك الأعمال الحرة، كالتجارة، والصناعة، والزراعة وما إلى ذلك من أعمال لا علاقة لها بالحكومة، لأن الدولة كانت لا تعتبر هذه الطائفة جزءً منها، كما كانت الطائفة لا تعتبر نفسها جزءً من الدولة، فكان العداء يستحكم يوماً بعد يوم بينها وبين الدولة. كامل الجادرجي، من أوراق كامل الجادرجي – بيروت 1971، ص 86.")

هلال آل فخرالدين [email protected]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google