الرئيس دونالد ترامب, رئيس الصدفة ام ظاهرة تتمدد؟. - د. عبدالحميد العباسي
الرئيس دونالد ترامب, رئيس الصدفة ام ظاهرة تتمدد؟.


بقلم: د. عبدالحميد العباسي - 25-02-2017
أما أن تُخالِفَ (تتحدى) نتائجُ الانتخابات, في امريكا كلَّ التوقعات, فأمرٌ غيُر مُستغرَب, فقد حدث مثلُ هذا عندما انتخِبَ رونالد ريكَان (البعيد عن الميدان السياسي) وباراك اوباما (الذي كان أمثالُه والى عهدٍ قريب, لا يُسمحُ لهم بركوب الباص مع البيض).

ذكروا العديد من المآخذ على السيد ترامب, من قِلة خِبرة في السياسة وفي العالم الخارجي وعدائه للاعلام...الخ, إلا انها (المآخذ) مُمكنٌ تفنيدُها. ليس له معرفة بالعالم؟ كيف وله مشاريعٌ عملاقة في اكثر بلدان العالم, هل سيقامُر بالملايينَ بل المليارات, في بلد قبل ان يدرسَ احوالَ البلد, استقراره, المتنفذين فيه وثمن كل واحد, سيد, شيخ, رئيس كتلة او جنرال, فضلا عن أن مُعظمَ المؤسسات المالية الكُبرى والسيد ترامب من اساطينها, توظفُ *استشاريينَ* ممن شغلوا مواقعَ في الدولة (دولة المؤسسة المالية المعنية), تتيحُ لهم الاطلاع على احوال بلدان العالم. قد يكونوا سفراء او وزراء خارجية سابقين او في الاجهزة الخاصة. ونذكر, ُهنا مؤسسة كيسنجر كمثال لهذه المؤسسات الاستشارية. ولا ننسى ان السياسة مفاوضاتٌ ونصبُ كمائنَ وعقدُ صفقات وكذا الاعمال التجارية الكبرى واليد ترامب من كبار رجال الاعمال, اما ما تبقى من امور السياسة فهو بروتوكولات. ولا ننتسى ايضا ان السياسة فنٌ, فنُ الممكن وفن التعامل بالبدائل اي انها, في كل الاحوال *فن* والفن مَوهِبة, موهبة يمكن ان تحُطَّ في اي فردٍ فإن كان المَحَطُ تربةً صالحة, ظهر السياسي الموهوب. اما عن موقف السيد ترامب من الاعلام وأمتعاضه منه, فهل انت ايها القارىء الكريم راضٍ عن الإعلام الامريكي؟. وفي كل الاحوال, ما أُخِذَ على السيد ترامب, لم ينفع منافسيه ولا صَمُدَ امام إرادة الناخب الذي جرى وراء شعاراتٍ لم يكن له عهدٌ بها, شعارات: لا للمهاجرين وامريكا بُنيتْ بأيدي المهاجرين. ولا لمن يأخذون فرص العمل من اصحابها, في حين امريكا كانت دائما موطن الفرصِ وتحقيق أحلام مَن له القدرة والرغبة ولا يَهمُّ من أين جأء هذا او ذاك.

فما سر هذه الظاهرة, *ظاهرة ترامب* التي هَبَّتْ على امريكا وهَبَّتْ على دول أُخر وقد تكون في طريقها الى اماكنَ أُخر. ظاهرةٌ, او سَمِّها ما شِئت, صَحوة, فَورة, إنتفاضة, إمتعاضا او حرتقة (حركة إرتجاعية مفاجئة) او رِدَّة أو حتى إنقلابا على ما كان سائدا من مفاهيم. يكاد الواحد يسمع الامركيين الذين جاؤوا بالسيد ترامب, يكاد يسمعُهم يقولون *لقد بنينا أقوى دولة ثم نرانا, الآن خائفين مِن أن يأتي اسواقَنا ومدارسَنا ارهابي مُهاجر او لُقِّنَ في الخارج, ليُلحقَ بها وبنا الموتَ والخراب. ونقف عاجزين امامَ تُجار المخدرات, يعبرون الحدزد الينا, يُقَوِضونَ مُجتمعَنا. وهاهم عمالنا عاطلون بفعل الشركات متعددة الجنسيات وبفعل اسراب المهاجرين. وها هي اموالنا تُسالُ الى دولٍ أُخر وكُثرٌ من شعبنا فقير. هل هم على حق في دعواتهم هذه ام لا؟ لست انا من يجيب. لقد أجابوا, هم, أصحابُ القضية. قد يخطأ فردٌ في حُكمِه ولكن قلما تخطأ الجموع, لِنرى. قالوا :*الأيامُ أُمُ الحقيقة*. يقولون, ان هناك فوضى في تركيبة السيد ترامب ولكن من يدري فقد تكون فوضى مُنظمة او *خلاّقة*إإ.

كانت نتائجُ الاسيتفتاءِ البريطاني حول الخروج من الوحدة الاوربية من عدمِه, مُفاجئِةً للكثيرين, بمن فيهم ساسة كبار وخبراء في تقويم مِزاج الشعوب. ومع عِلم المواطن البريطاني بالآثار السلبية وبالاخص الاقتصادية لمغادرة الوحدة الاوربية, الا ان إعتزازه باسقلالية قرارِه الوطني تَفَوَّقَ على ما عَداه. تكادُ تسمع الذين صَوَّتوا مع خروج بريطانيا من الوحدة الاوربية, تكادُ تسمعُهم وهم يُفكرون بصوتٍ عالٍ: لقد خضنا وخاض اجدادنا حروبا طاحنة مع اوروبا: المانيا, اسبانيا, البرتغال, وفرنسا,كي لا تمُلي هذه الدول علينا. ولكنهم جميعا وعِبرَ الوحدة الاوربية, تمكنوا, الآن من ذلك وصارت قراراتُ برلماننا يُمكن لاوروبا ان تنقضها. وكذا الحالُ في احكام مؤسساتنا القضائية. ان بريطانيا تأِنّ,ُ الى حد ليس بالقليل جَرّاءَ قرارِ المغادرة. ولكن سُمو القرار الوطني والسيادة, عندهم, لا يعلوا عليها شيء. كان العامل الايديولوجي هذا, يقول كُثرٌ من الساسة البريطانيون, كان وراء القرار اياه. نعم كان للعدد المتزايد من المهاجرين, خاصة من اوروبا الشرقية دورٌ في التذمر إذ إنتابَ كُثرا من المواطنين شعورٌ انهم اصبحوا من سُكّانَ البلد بعد أن كانوا أصحابَه.

نسمع اليوم عن دول اوروبية أخَر, في نيتها ان تنحوا نفسَ المنحى البريطاني وبدوافعَ مقاربة, فهل ستهب رياح هذه الظاهرة, *ظاهرة ترامب*, ذات الملامح القومية, هل ستهِبُ مِثلُها على البلاد العربية وهل سيقول المواطن العربي: ثار اجدادي في وجه الطغيان التركي فاعادوا لامة العرب وجودها. نعم مُزِّقَ الوطنُ العربي, بعدها الى دويلات ولكنها *دويلات* عربية, ما كان لها وجودٌ منذ الغزو المغولي. وثار عرب العراق, في ثورة العشرين فانجزوا استقلالَه ولكن سُرعان ما همشتهم واضطهدتهم فئاتٌ بين دَعيِّ وعميل او مِمنْ ترك الغزاةُ ورائَهم على مَرِّ العُصور.

نسمع اليوم عن جيش السلطان مراد والجيش التركمانستاني وجيش نور الدين الزنكَي
وجيش صلاح الدين الايوبي, الذي كان جنديا في دولة داوود الزنكي في حلب. هولاء يقولون انهم يريدون تحرير سوريا, تحريرها من اهلها وانتم ذاكرة ذُلهِّا وإستعبادِ مواطنيها الاصلأُء؟, تريدون تذكيرنا بتاريخ أظلم وكأننا يُمكن ان نَنسى.
ال مر



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google