التعليم الاساسي والتحديات - جاسم جمعة الكعبي
التعليم الاساسي والتحديات


بقلم: جاسم جمعة الكعبي - 26-02-2017
الفاعل والقابل، موازنة التلقي والتعليم في الصف الاول بين الاستاذ والتلميذ من الاعلى الى الادنى، او طريقة الانتشار من الضغط العالي الى الضغط الاقل، هذه الاسس البسيطة للتلقي دون عناء وكثير من الظواهر الطبيعية تعمل على هذا النسق والسياق. فهكذا اعتادت مواسم التعليم في بلادي وهي طرق ناجحة في زمن المصدر الواحد او المصادر المتشابهة.
اليوم، وتزامنا مع بدء الموسم الدراسي بشقه الثاني من هذا العام، وددت ان اعرج على مسالة التعليم في الصفوف الاولى التي هي مسؤولة عن وضع المبادئ الأساسية لدعامات فكر الجيل القادم. ومن المعلوم الجلي ان الاعتماد على التعليم المجاني اصبح غير ممكن، مع ما ينافسه بالمجال التعليم الاهلي او الخصوصي الذي يحتوي على الكثير من التناقضات، والذي قد يكون ولد كردة فعل او طريقه جديده لكسب المال، دون اي تخطيط او دراسة مسبقة سليمه. ان تجربة التعليم الاهلي كانت موجودة في زمن الملكية، وبدأت بالانحسار حتى اختفت في نهاية الستينيات، لأسباب متعددة ابرزها اكتفاء الناس بالتعليم الحكومي الذي اثبت كفاءته وقدرته، على ايجاد كوادر استطاعت ان تنافس الدول المتقدة في مجالات كثيره، وكذلك طريقة التعيين المركزي الذي اقرته الحكومة السابقة، رفع رصيد التعليم الحكومي كثيرا. ولكي لا نذهب بعيدا عن الموضوع الاساسي، وهو التعليم المجاني او مجانية التعليم، فأن عزوف الناس عن التعليم الحكومي لم يأت من فراغ، وكذلك تدهور التعليم الحكومي ايضا لم يكن من فراغ. والكل يعلم بحجم الكوارث التي مرت على البلاد من سيئ الى اسوأ، واي واحد من تلك الظروف اذا مرت على بلد، لدخل البد في حكومة انقاذ او طوارئ .ولانريد ان نخوض في نظرية المؤامرة، ولا نلقي باللوم على الدول الاخرى، فأن هذا يضعف العزيمة ويقر الهزيمة .اضف الى ذلك ان الفرد في المجتمع العراقي يقاتل على اكثر من جه في محاولة للحفاظ على مستوى مستقر نسبينا في معيشته.
تحدثنا كثيرا عن السلبيات في التعليم والتربية. وهنا محاولة متواضعة لترتيب رؤيا، من فكر مواطن يعاني من سلبيات كثيره، يحاول ان يكون ايجابيا ابتداء من رياض الاطفال الى اعلى المستويات الدراسية، وان كانت افكاره قاصره، فأنتم قادرون على ان تمدوا يد العون، من خلال تلاقح الافكار وعرضها للمساهمة، بأنهاء تلك المتاهة التي أدخل فيها الناس الذين اصبحوا يائسين من ان يجدوا بصيص ضوء في نهاية النفق. وانا وأن خسرنا في محاولاتنا السابقة، فلم نجد بدا من قبول فوضى المولدات وضجيجها، والشبكات العنكبوتية لأسلاك الكهرباء التي اصبحت سمه للشوارع، وموجود ثابت في اذهان ابنائنا من جيل الألفية الثانية، لتكون بديال عن محطات التوليد الوطنية، متزامنا مع انهيار قطاع الصحة، لنؤمن اجبارا بالمراكز الصحية او المجمعات والمستشفيات الأهلية.
وسبق كل ذلك فشل واضح لبنوك الاستثمار والتطوير، ذهابا الى تبيض الاموال والعمل في السوق السوداء، ولتمتد تلك الاخفاقات الى اسواق المحلية، وبسطيات المخضر والفواكه ويصبح الشعار اشتري من ابو العربانه ليغرك ابو الجام خانه). ورغم اهمية الامور التي ذكرناها، الا ان الاهم يبقى التعليم، فهو القادر على توجيه دفة الربان، ليصل بالسفينة مرة اخرى الى بر الامان. ولتحديد بعض الخطوات، ومن اهمها الألفة بين الطالب والمدرسة، فتكون هي مكانا معنويا مقدسا، قبل ان تكون مكانا تحكمه القوانين والنتائج، وهذا ممكن وليس بالمستحيل، من خلال ترسيخ الاحترام للمكان والزمان من قبل الجميع، وهناك تجارب ناجحة لإنجاز ذلك .وكذلك تحديد نسب النجاح او التراجع في الاداء للمدرسة المعنية، ومتابعة ادائها من خلال الندوات او الطرق الحديثة، ما يعرف بالاقتراحات (feedback) او ردود الفعل من خلال التقييم للأداء. لتفعيل المسؤولية المتبادل وفهم المشاكل المشتركة للمساهم، بالتقويم الاجتماعي للطالب والاستاذ، وهذا يعزز الثقة بين المدرسة والناس. ولكي لا يكون الكلام ضربا من الخيال، نذكر قصة بسيطة حدثت مع احدى الامهات في احدى مدارسنا .وهي تلكؤ احد الطلبة كثيرا في اداء واجباته، وعجز الام والأستاذة عن تقديم المساعدة لهذا الطالب، رغم اخلاص الطرفين. وفي احدى الليالي، استضاف بيت تلك المرأة احدى قريباتهم القادمة من احدى الدول الأوربية، وفي معرض حديثهم ذكرت الام قضية ابنها مع المدرسة، فذكرت الاخرى قصة مماثله حدثت لها عند دخول تلك البلاد، مفادها ان المدرسة التي سجلت ابنتها فيها، قامت بتهيئة الطلاب من خلال تعليم التلاميذ بعض كلمات الترحيب باللغة العربية، فضلا عن حفظ اسم الطالبة من قبل الجميع، ووضع ملصق كبير لصورة التلميذة على باص المدرسة، لمدة يسيره قبل استقبال الطالبة العربية المسلمة من قبل المدرسه. ذلك كله رفع ثقة اهل التلميذة بالمدرسة من جهة، ورفعت مكان الطالبة في نفوس التلاميذ من جهة اخرى، وساهمت بتقليل الفجوة بينهم.
تلك القصة اوحت للام بأفكار جميله، فقامت بجلب هديه وأعطتها الى الأستاذة لتقدمها الى ابنها، على انها تقدير من الأستاذة للطالب القادر على تغيير مستواه. ومن ناحيه اخرى، عملت الام على تحسين اداء ابنها، وبتلك الطريقة شعر الابن بان الأستاذة ترى فيه جانبا جيدا، ووجد في نفسه قدره على التنافس مع الاخرين.
وهناك الكثير من الادوات التي تحسن من اداء الاطراف المساهمة في بناء التربية والتعليم، فأسلوب تلقي المعلومات اختلف كثيرا عن العقود السابقة، والعقل عندما يصل الى نقطة ما، فانه لايمكن ان يعود عنها، ولكن يمكن ان يستبدلها بأخرى حسب الاكثر شيوعا في الاستخدام، علما ان شكل الذاكرة في الانسان يعمل بطريقة الصناديق او حاويات على شكل اوعيه، تحفظ فيها المعلومات، فعند التعامل معها يجب ان يكون هناك تخطيط في توزيع المعلومات بشكل منتظم، وضمن مخطط انسيابي يعلم به الاستاذ، ليجعل ذاكرة الطالب ممنهجة بشكل يتجاوب مع الأسلة التي يطرحها عقل الطالب على ذاكرته. وهذا يتطلب خطه متكاملة في المدرسة الواحدة، حيث يجب ان تتمم الدروس بعضها البعض، لكي لا تكون الدروس منقطعة عن بعضها. مثلا درس الفنية او الرسم الذي هو بالحقيقة يشمل كل المواد الدراسية، ففيه الابعاد والاحجام والاسماء والمسميات والجغرافية والتاريخ، كما يثبت لنا ذلك الرسامون الذين صوروا الحياة، قبل ان تأتي التكنلوجيا الحديثة، ومن خلال هذا الدرس يمكن ان نعرف اين يقف استيعاب الطلبة للمواد، عن طريق الرسومات التي تعكس رؤيا العقل، والاسئلة التي يطرحها العقل على الذاكرة، والمخطط الذي سار به العقل وهو يبحث في محتويات الذاكرة، ليخبرنا على طريقة تخزين المعلومات عند كل طالب. وهناك دروس اخرى يمكن تفعيلها لتحسين الاداء بين الفاعل والقابل لرفع مستوى التعليم. ولا يسمح المقام بأكثر من هذا المقال، لبيان امكانية تفكيك المشاكل المسرطنة في جسد التعليم، واساس نجاح التجربة الثقة بالنفس وبالإمكانيات المتاحة.
[email protected]



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google