كأنما أغلبهم دواعش أن لم ينتموا ! .. - مهدي قاسم
كأنما أغلبهم دواعش أن لم ينتموا ! ..


بقلم: مهدي قاسم - 26-02-2017
ثمة خبر مُثير للاهتمام أورده أحد مسئولي "الوقف السني " في العراق ، حول انتماء أكثر من عشرين موظفا عاملا في " الوقف السني " إلى تنظيم عصابات داعش ، و هذا العدد يعتبر كبيرا نسبيا ـــ و ذلك انطلاقا من كون " الوقف السني" مؤسسة رسمية و مموّلة من قبل الحكومة العراقية ولها دوائر ومؤسسات في أنحاء شتى من العراق ..
بطبيعة الحال إن المرء هنا لا يحتاج إلى كثير من الفطنة أن يربط بين هؤلاء الداعشيين وغيرهم ــ كخلايا داعشية سرية ــ و بين صفتهم كعاملين و موظفين في مؤسسات الدولة العراقية بشكل رسمي / و بين حدوث التفجيرات الجارية يوميا في مناطق عديدة من بغداد / و تحديدا في مناطق ذات " الأغلبية الشيعية " ، حيث لا يمر يوم دون حدوث عدة تفجيرات في أوقات مختلفة طوال اليوم ، و في كل يوم !، وحيث من المحتمل جدا إن هؤلاء " الدواعش " المحتمين بوظائفهم في مؤسسات " الوقف السني " يستغلون وظائفهم ومواقعهم الرسمية للمشاركة والضلوع ــ بشكل من الأشكال ــ في التفجيرات اليومية هذه ، وكلا حسب دوره وموقعه ونشاطه الداعشي المطلوب ..
و أنه لشيء من بلاء و كارثي حقا:
أن تثق الدولة بمواطن عراقي و توظفه في دوائرها الرسمية ، و إذا به يتعاون وينسق مع إرهابيين شيشان و أو سعوديين و توانسة ومغاربة و أفغان و غيرهم و ما أكثرهم في العراق ، بهدف قتل و جرح عشرات من مواطنين عُزل و مسالمين يوميا في الأسواق و الطرقات و الساحات العامة..
ولكن يجب أن نُشير إلى أنه : ليس قصدنا هنا ــ و بالدرجة الأولى ــ الإدانة الجماعية ذات الطابع المطلق بحق أي مكوّن عراقي ، إنما هو الإشارة إلى أي مدى قد تمزقت أواصر النسيج الاجتماعي والوطني للمجتمع العراقي ، و أصبح هذا النسيج غير صالح للعيش المشترك إلا بشكل إجباري و قسري فقط ، طبعا بسبب جملة من ظروف وعوامل ــ ومن ضمنها فقدان السلطة و الامتيازات الكثيرة و " الملكية " التي طالت ــ وعلى شكل زلزال مزعزع و عاصف ــ أنصار و أتباع النظام السابق ،الذين اتجه أغلبهم نحو ممارسة أعمال العنف و الإرهاب ، و ما رافق ذلك من ممارسات سلبية وانتقامية لحكومة المالكي والتي اتسمت بمداهمات و أعتقالات ، أحيانا ــ كانت بعضها تعسفية و ظالمة و غير مبررة قطعا / حيث زُجت بعشرات الآف منهم في السجون والمعتقلات لتتم عملية " دعشنتهم " هناك ، وعلى شكل مقياس و تفصال كاملين !!..
و لهذا السبب بالضبط يجب الحديث عن هذا الموضوع الحساس والخطير بصراحة و بتفصيل أكثر ، حتى لو كانت غير محببة ، و ذلك للخروج ببعض حلول ممكنة أو مناسبة إلى حد ما ، عسى ولعله يكون أفضل من الوضع الجهنمي الحالي ..
أما الحديث المنافق أو المراوغ ، حول كوننا أبناء وطن واحد ؟!! ، و إنه ولا يوجد فرق بين سيني و شيعي أو بين كوردي و عربي و الخ ، فأن حديثا أو تشدقا بكلام منمق كهذا ، لا يخرج عن إطار كونه مجرد عواطف وطنية مستهلكة وخاوية ، من حيث لا تُساهم في حل المشاكل الخطيرة و العالقة المهددة بمزيد من كوارث و مصائب و معاناة متلاحقة ، بقدر ما تغطي عليها و تبقيها لفترة أطول و أطول ، مع كل ما يترتب عليها من كوارث و فواجع قتل و تفجير و تدمير و تخريب ، سوف لن تكون لها من نهاية قريبة ..
حتى لو جرت عملية القضاء على عصابات داعش ميدانيا وعلى نحو شامل .
فالمشاعر والعواطف الوطنية ــ طبعا إذا كانت صادقة و أصيلة ــ شيء جميل و متسام رفيع ، لا جدال فيه أو عليه ..
ولكن على شرط أن تكون عملية و مفيدة لبناء الوطن العراقي نفسه ، وليس وسيلة للإجهاز عليه و بشكل تدريجي ، مثلما حدث و يحدث منذ السنوات العشر الماضية و حتى الآن …
ولهذا فمن من ضروري جدا التفكير بأقامة نظام الأقلمة في العراق ، تمهيدا و تجربة لنظام الفدرلة أو الاتحاد الحقيقي يناسب كل الأطراف العراقية..
بطبيعة الحال نحن نعرف ، و نعلم جيدا بأن زعماء " التخارف الوطني " من المقدسين أو المتقادسين حديثا !!، لا يحبّذون هذا الأمر ، نقصد أمر إقامة نظام أقلمة أو فدرلة في العراق ، بل يفضّلون إبقاء العراق على وضع جحيمه الحالي والمزري الفظيع ــ لكونه يعمّق التخندق الطائفي و بالتالي يخدمهم في الانتخابات ــ
و لإنهم الأكثر استفادة ونفعا وحصولا على المناصب ومليارات دولارات من الوضع الحالي والمنفلت بلا الوالي ، في الوقت الذي هم وأفراد عائلاتهم يعيشون في فللهم وقصورهم الفارهة و المحصنة و المحمية جيدا ، و بعيدين كل البعد عن مأساة و جحيم الوضع اليومي في العراق و المتجسد بالتفجيرات والحرائق و فقدان الأمن ورداءة الخدمات والمعيشة السيئة والصعبة جدا و إلى حد لا يطاق !.
وفي النهاية :
ـ كيف يمكن العيش بأمان ، في بيت واحد و كبير ، بينما بعض من سكانه يخبئون السكين خلف ظهورهم ويتربصون فرصا سانحة في زوايا و أركان البيت المظلمة ليطعنوا باقي السكان من الظهر أو الجنب و بشكل خاطف و مباغت قاتلين ؟!!.
إنه سؤال مشروع و وجيه أليس كذلك ؟!



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google