أفتونا مأجورين - حيدر الصراف
أفتونا مأجورين


بقلم: حيدر الصراف - 27-02-2017
اتسمت ( مرجعية النجف ) بالأعتدال و العقلانية و الأبتعاد عن السياسة و السياسيين لعدم ايمانها بمبدأ ( ولاية الفقيه ) المعتمد عند المرجعية الأيرانية في مدينة ( قم ) حيث ان الأعتقاد السائد عند مراجع الدين في ( النجف ) ان ( الأمام المهدي المنتظر ) هو الوحيد الذي يحق له اقامة الدولة الأسلامية الحقة و العادلة و ما عدا ذلك لا مكان لأقامة تلك الدولة و من هنا كانت هذه المرجعية تؤيد الدولة العلمانية ( مع التحفظ على بعض القوانين ) مع استحالة قيام الدولة الأسلامية المنشودة من غير وجود ( الأمام المعصوم ) .

ادى هذا الأبتعاد عن المعترك السياسي و عدم الخوض في شؤون الحكم و الأعتماد المالي على الذات من التبرعات التي يجود بها الأتباع و المريدين الى استقلالية و حيادية المرجعية الدينية في الكثير من المواقف المصيرية و قد اكسبها ذلك احترام الكثير من القطاعات الشعبية حتى اولئك الذين يعتنقون اديان و مذاهب مخالفة فقد كان التسامح و الوسطية و الوقوف على مسافة واحدة من الجميع و عدم الأنجرار في سجالات و نقاشات مع بقية الأديان و المذاهب و الأنصراف الى البحث و الدراسة في الشؤون الفقهية و الدينية هي الصفة التي طالما صبغت بها المرجعية في النجف و ذلك منذ تأسيسها ما يقارب من الالف عام .

كان لهذا الأحترام و التقدير الذي تحظى به المرجعية ان تكونت لها قوة الطاعة و الأنصياع للتعليمات التي تصدر عنها و تنفيذ تلك الأرشادات بكل حذافيرها و بشكل طوعي جعل ( المرجعية ) في مكان المسؤولية العظيمة تجاه الشعب و الوطن و القى على عاتقها واجب الحفاظ على ارواح الناس و اعراضهم و ممتلكاتهم و صيانة حدود البلاد و الدفاع عنها و عن امن مواطنيها جميعآ بقومياتهم و اديانهم و مذاهبهم و ذلك من خلال اصدار فتوى تحرم على الأحزاب الدينية الشيعية ( التي تتبجح دومآ بأنها تطيع توصيات المرجعية الدينية في النجف ) دخول الأنتخابات و الترشح لمجلس النواب و اعتزال العمل السياسي بأعتبار ان تلك الأحزاب لا يمكنها ان تكون لجميع ابناء الشعب المتعدد الأطياف و الثقافات و المعتقدات و هي احزاب ذات توجه فكري احادي مختص بطائفة معينة وحدها ( كانت بعض من تلك الأحزاب تحاول الأيحاء بأنها من جميع المكونات من خلال اشراك بعض الشخصيات من اديان و مذاهب اخرى في مسرحية سمجة و سخيفة ) .

اما الأمر الآخر الذي يجب على مراجع الحوزة تبنيه و الشروع فيه من خلال فتوى واضحة و صريحة لا لبس فيها و لا غموض بفضح اولئك الزائفين الذين يتخذون من ( الحيلة الشرعية ) غطاءآ لجرائمهم من خلال التحايل على ( الله ) و اعتبار المال العام و ممتلكات الدولة هي املاك الشعب حصريآ و تجريم التجاوز و الأستحواذ على تلك الأموال و الأملاك و اعتبار ذلك جريمة سرقة ممتلكات عموم الناس و الشعب و لا تسقط او تنتهي عقوبتها بمجرد الذهاب الى ( بيت الله ) و اداء فريضة الحج فهناك حقوق ( الله ) هي التي تغتفر اما حقوق الناس فلا يسقطها الا اصحابها .

اما ذلك الذي ينبغي على المرجعية القيام به ايضآ و هي التي اخذت ان تكون الخيمة التي يستظل بها الجميع و التي تجير من طلب الحماية و المعونة ان تلزم مناصريها و اتباعها ان لا يطبقوا احكام الدين و قوانين الشريعة الأسلامية بأنفسهم و كما يحدث في كثير من الأحيان فقوانين الدولة المدنية الحالية تبيح و تسمح لمواطنيها مزاولة بعض الأعمال و النشاطات التجارية و التي هي محرمة و محظورة في الدولة الدينية المسلمة و طالما لم تقوم تلك الدولة بعد فلا ذنب و لا عقوبة على اولئك الذين يزاولون مثل هذه الأنشطة التجارية المسموح بها و المباحة قانونيآ .

ان ابداء الرأي في ( حوزة النجف ) و المشورة و من ثم الفتوى او الأرشادات هي ليست فردية او رأي شخص واحد انما تكون بأتفاق فقهاء الحوزة و علمائها بعد نقاشات طويلة و جلسات مشاورات عديدة و مستفيضة لذلك فأن اغلب تلك الفتاوى او الأراء كانت حكيمة و صائبة و ذات فائدة كبيرة و ان فتوى ( الجهاد الكفائي ) الأخيرة و التي كان لها الدور المهم في صد عدوان ( داعش ) الغاشم و ايقاف تهديده الجدي و الخطير على الجميع و الذي لا يستثني الا الذين من هم على شاكلته من المجرمين و اللصوص و قطاع الطرق .

ان طوق النجاة الذي سوف يخلي الشعب العراقي الى ساحل الخلاص من هذه الأزمات و المشاكل و المعاناة و التي كان سببها هيمنة الأحزاب الدينية على الساحة السياسية و التي لم يجن الشعب من سنين حكمها العجاف سوى الخراب و الدمار و الويلات و ليس هناك من سبيل لأزاحتها عن الحكم و تجنب المزيد من المآسي و الالام سوى تلك الفتوى المنقذة و التي طال انتظارها و الشبيهة بنلك التي حمت العراق و شعبه من ( داعش ) و التي سوف تحقن الدماء المهدورة و تصون الأعراض المنتهكة و تحمي الممتلكات المنهوبة و يكون مجموع الشعب في امان و اطمئنان و بذلك تكون ( مرجعية النجف الدينية ) بحق و صدق لكل ابناء الشعب بكل قومياتهم و اديانهم و طوائفهم , افتونا جزاكم الله عن الشعب و الناس خيرآ .

حيدر الصراف



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google