بقلم: جعفر الونان -
02-03-2017 فجأة، ومن دون سابق إنذار تأخذني جدتي الى المدرسة التي تبعد عن بيتنا ستة امتار فقط، ياالهي ماهذه المصيبة لا أحب الانتظام لا الاصطفاف لا الحقائب لا ضجيج الطلاب ولا رفعة العلم، ماذا سأكون وماذا ستجعل مني هذه المدرسة التي شكلها يذكرني بأشكال السجون والمعتقلات.
وانا أفكر بالتخلص من هذا المعتقل ومن يد جدتي وفي هذه اللحظة تسلمين جدتي الى رجل عجوز طاعن بالسن اسمه أستاذ ثامر، وجهه يذكرني بوجوه الأنبياء، لايحمل عصا ولا يلوح لنا بالقوة، يدخل القلب بلا توقف، تشعر انك في مأمن لا في معتقل.
في اول درس وفِي اول لقاء وفِي اول حرف وفِي اول رنة جرس قال أستاذ ثامر : لاتبكوا على أمهاتكم، هذه المدرسة مصنع القادة وبُناة المستقبل.
رسخ أستاذ ثامر مفردة الدار تعني الوطن، الوطن من الفاو الى زاخو بلا تقسيم ولا اقليم و علمنا ان الدماء رخيصة امام بقاع الوطن، وعلمنا ايضا ان قيمة الوطن المواطنة، وعلمنا ايضا ان لانها رؤسنا على الخطأ وان نقول كلا في اي وقت وأي مكان.
اتذكر انه كان يتحدث معنا كلاما ثقيلا، لم نكن نفهمه ولانستوعبه ولا يدخل في أدمغتنا الا بعد سنوات، كان يحدثنا عن الحب اتذكر له جملة :حبوا الجميع حتى من يكرهونكم، كنت اضحك كثيرا ماله هذه العجوز يدعونا الى ان نحب كل من يكرهنا أليس الأنضج ان نقابل السهم بالسهم والسيف بالسيف والحجارة بالحجارة، لكن بعد ان اشتعل الرأس تجربة وشيبا وأُكلت منه الايام مأكلت.
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع قائدا وطنيا.
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع رئيس وزراء قوي وصاحب قرار ولديه خطة على صناعة القرار.
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع برلماني غير فاسد ولايبتز الوزراء ولايطالبهم بكوميشنات عقود
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع دولة لا سلطة
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع مجتمعا يُؤْمِن بالقانون لا بنظام العصابات
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع مواطن فعال ومنتج في المجتمع.
من أستاذ ثامر(المعلم) يمكن ان نصنع وزيرا نزيها لايمد يده على المال العام .
من أستاذ ثامر (المعلم) يمكن ان نحقق المواطنة على اصولها ويمكن ان نقطع رقبة المحاصصة.
رحم الله أستاذ ثامر يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيّا، وعيد مبارك لكل المعلمين في عيدهم اليوم
