ماذا يجري في محافظة البصرة؟ - محمد رضا عباس
ماذا يجري في محافظة البصرة؟


بقلم: محمد رضا عباس - 04-03-2017
عادت البصرة الى الواجهة الإعلامية مرة ثانية , ولكن ليس بسبب الإعلان عن مشروع لصناعة السيارات , ولا مشروع لصناعة الأجهزة الكهربائية , مصنع للسكر , او مصنع للصلب والمعادن . ولا بسبب بناء مجمع سكني بمائة الف شقة سكنية تأوي بها فقراءاها وشبابها , ولا الإعلان عن مجمع للمتاحف او مجمع ثقافي يحتوي على قاعات للسينما والمؤتمرات والمسرح . اخبار البصرة والتي أصبحت شبه يومية تتحدث عن جرائم خطرة تمس امنها وامن الجنوب العراقي بكامله . لقد رصدت اخبار البصرة من على موقع "صوت العراق" خلال الشهرين المنصرمين , فكانت ما بين قتل لشخصيات سياسية وحكومية ونزاعات عشائرية , بيع المخدرات , وعبوات ناسفة على بيوت بعض المواطنين , واخرها سرقة رواتب أعضاء الهيئة التدريسية لاحد المدارس فيها والبالغ 26 مليون و300 الف دينار.

الإرهاب في البصرة لابد وان تكون له ايادي خفية لا تريد الخير لمحافظة البصرة ولا العراق في تحريكه وتمويله , والا ما مصلحة مواطن او مواطنين في زرع ثلاثة عبوات صوتية في ثلاثة مناطق مختلفة من البصرة ؟ وما مصلحة مواطن في قتل المرحوم الأمين العام لحزب الله في محافظة البصرة؟ وما مصلحة مواطن عادي في وضع عبوة صوتية بالقرب من اعدادية للطلاب؟ كل المؤشرات تقول ان هذه الجرائم ورائها يد خفية وتذكرنا بسقوط محافظة الموصل. الموصل سقطت خلال ساعات وعلى يد مجموعة صغيرة من عناصر داعش لان امنها الداخلي كان مضطربا وخارجا عن السلطة الأمنية في المحافظة . وان استمرار الجرائم على وتيرتها الحالية في محافظة البصرة , قد يؤدي بالمحافظة الى نفس مصير الموصل , ولكن تأثير سقوطها سيكون اقسى من سقوط الموصل . البصرة رئة العراق الاقتصادية , وبدون البصرة سوف لن يستطع الموظف في بغداد او ميسان او القادسية استلام مرتبه الشهري . وسقوط البصرة سوف يفقد العراق نصف ثروته النفطية و 70% من استيراداته واكثر من 80% من صادراته. البصرة هي المنفذ الوحيد للعراق وبدونه سيكون قرارات العراق مرهونة بقبول او رفض جيرانه. بكلام اخر سيفقد العراق استقلاليته وبذلك فمن مصلحة الجميع حماية البصرة وليس الحكومة العراقية وحدها ولا القوات المسلحة العراقية .

في البصرة ما يقارب العشرين من الأحزاب السياسية , وبدون المحافظة على مصير محافظة البصرة , فان هذه الأحزاب سوف يقضى عليها , بل يصبح مصير أعضاءها تماما مثل مصير أبناء الموصل الحدباء من القوات الأمنية والسياسيين , القتل بأشنع الطرق. الواجب الوطني والأخلاقي يدعوا الأحزاب الى التعاون على القضاء على جميع الخروقات الأمنية في المحافظة , لان أي خرق امني او جنائي سوف لن يصيب سمعة الحكومة المحلية و جهاز امنها وحدهما , وانما يصيب سمعة احزابها السياسية على اختلاف ايدولوجياتها . عندما يقتل مسؤول في دائرة الاستثمار , فان هذا القتل رسالة الى جميع مستثمري العالم تقول " لا تقترب من محافظة البصرة , انها محافظة غير امنة " , وبغياب المستثمر العراقي او الأجنبي عن البصرة فان جميع اهل البصرة سيكونون من الخاسرين . الاستثمار يوفر فرص العمل ليس لعمال البناء فحسب وانما سيفر فرص عمل الى اكثر من 60 مهنة , وبدون شك فان شريحة الشباب ستكون اول المنتفعين منه .

الامن في البصرة يعتمد بالدرجة الأولى على ولاء القوات الأمنية للوطن و للمحافظة وبدون هذا الولاء ستكون العمليات الاجرامية هي المتسيدة في المحافظة , وان القوات الأمنية ستكون الضحية الأولى لهم تماما مثل مصير القوى الأمنية في المكسيك وبعض دول أمريكا اللاتينية التي تتحكم شوارعها عصابات بيع و تهريب المخدرات . ثم ان البصرة هي وجه العراق الى العالم وإذا اضطربت البصرة امنينا اضطرب العراق بأجمعه. اضطراب البصرة يعني وقف انتاج نفطها و مغادرة شركات النفط العراق , ويعني تأخر استيرادات العراق والتي تبلغ 97% من حاجاته . بكلام اخر , العراق سيجوع بسبب اضطراب البصرة . حالة البصرة غير مرضية ويجب ان تشارك جميع مكونات البصرة بحماية امنها وخاصة العشائر الوطنية الغيرة. ان للعراق أعداء وان ما يجري في العراق من تغييرات إيجابية لا تفرح اعداه وسيعملون جهد امكانياتهم الى زعزعته امنيا وسياسيا من خلال المناطق الرخوة فيه , وهذا ما جاء من تحذير على لسان رئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم والذي قال فيه ان هناك " مخططات تسعى بجر الفوضى الى مدن الجنوب وإيجاد الثغرات الأمنية التي قد يستغلها داعش لتعويضه خسائره في الموصل ". اما رئيس مجلس الوزراء السيد حيد العبادي فقد جاء في تحذيره ان " هناك مشروعا مشبوها جدا تقف وراءه اياد خفية تقوم بالاغتيالات واثارة الخلافات ". تصريح السيد العبادي اكثر واقعية من تصريح السيد الحكيم , لان ورقة داعش قد احترقت على يد قواتنا المسلحة البطلة في الموصل , وسوف لن تكون له القدرة على التحرك في الجنوب .ان ما يجري في البصرة من جرائم ليست عشوائية , لا علاقة الواحدة بالأخرى, وانما خلف هذه الجرائم مشروع جديد غايته هو تعطيل الحياة في البصرة و التي سيلحقها بقية المحافظات الوسطى والجنوبية , افقار و تخلف , زعزعة الثقة بالحكومة المركزية , و تسهيل تقطيع العراق الى كانتونات تقاتل الواحدة الأخرى .باختصار شديد , من يحمي البصرة ,من رجال امن وسياسيين ورجال العشائر ورجال الدين , من الإرهاب و تفشي الجرائم المختلفة , سيكتب التاريخ له بأحرف من نور و سوف يتذكرهم اهل البصرة بالترحم والتمجيد .



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google