هل جاء داعش لتقطيع اوصال الهلال الشيعي؟ - محمد رضا عباس
هل جاء داعش لتقطيع اوصال الهلال الشيعي؟


بقلم: محمد رضا عباس - 05-03-2017
أصحاب هذه النظرية يقولون ان المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني لم تعد الهم الأكبر لمعظم الدول العربية , ولم يبقى من الدول العربية التي تساند الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الا العراق وسورية واليمن ولبنان مدعومة من قبل ايران . هذه المجموعة من الدول والتي تسمى بدول الممانعة للتطبيع مع إسرائيل , اصبح لها اسما اخر وهو " الهلال الشيعي " , على أساس ان هذا الهلال يبدئ من اليمن ( وربما من السودان) ويمر بإيران , ثم العراق وسوريا , وينتهي في لبنان . أصحاب هذه النظرية يقولون ان دول مثل تركيا , الولايات المتحدة الامريكية , إسرائيل , المملكة العربية السعودية , وقطر قلقة من هذا "الهلال" والذي اصبح تحت تأثير السياسة الإيرانية و يسهل مرور المعدات العسكرية في حالة انفجار حرب اخر مع إسرائيل . وهكذا , فان هذه الدول تعمل جاهدة لتقطيع اوصال هذا "الهلال" , لأبعاد إسرائيل عن أي مخاطر عسكرية محتملة و عرقلة التمدد الإيراني في المنطقة .

اول من استعمل اصطلاح " الهلال الشيعي" هو العاهل الأردني عبد الله الثاني بن حسين والذي حذر فيه من مخاطر الشيعة على المنطقة , حيث اعتبر ان الغاية من هذا التصريح هو تحويل انتباه العرب والمسلمين من مخاطر السياسة الامريكية في المنطقة , استبدال الصراع العربي –الصهيوني بالصراع السني –الشيعي , و تغذية الصراعات الطائفية في المنطقة تمهيدا لتقسيمها. تصريح العاهل الأردني واجه موجة من الرفض , حيث اعتبر السيد علي الخامنئي ان استخدام مصطلح "الهلال الشيعي" هو " ضمن سلسلة السياسات الغربية التي تهدف الى الفرقة بين المذاهب", واعتبر الرئيس الإيراني السيد حسن روحاني ان " الإعلان عن وجود شيء نحت مسمى الهلال الشيعي , يعتبر عمل خاطئ والقائم به مريض , نحن ليس لدينا هلال شيعي ولا هلال سني بل لدينا بدر إسلامي". واستنكر وزير الخارجية العراقي السيد إبراهيم الجعفري تصريح الملك قائلا ان التصريح " سبب ازعاج شعبنا العراقي من مختلف الخلفيات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية واثار أيضا استغراب واستياء الحكومة العراقية".

الرفض الإيراني بزعم تشكيل " هلال الشيعي" جاء مرة أخرى خلال كلمة الرئيس الإيراني التي القاها في افتتاح المؤتمر الدولي الثلاثين للوحدة الإسلامية بطهران في كانون الأول 2016 , حيث جاء في خطابه " ان ما يقال عن الهلال الشيعي وعن المثلث السني خاطئ و زائف , فالشيعة والسنة اخوة ومسلمون و ينهجون طريق القران والسنة والسيرة النبوية الشريفة". اذن , ان ليس للهلال وجودا حتى تقوم دول أخرى بتقطيعه وذلك عن طريق خلق منظمات إرهابية مثل تنظيم داعش . وحتى لو افترضنا وجود مثل هذا الهلال , فان اوصاله هي بالأساس مقطعة جغرافيا وسياسيا, حيث ان هناك حاجز صحراوي ( السعودي و عمان ) و حاجز مائي (البحر العربي والخليج) يمنع اتصال اليمن بإيران . سياسيا , فان النظامين السوري والعراقي يختلفان ايدولوجيا , حيث ان النظام في العراق هو نظاما ديمقراطيا , بينما النظام السوري يعتمد على فكرة الحزب الواحد . ويختلف النظام السوري مع الحوثيين , حيث ان الأول نظام علماني ,بينما ان حركة الحوثين حركة إسلامية . يضاف الى ذلك ان جميع الدول المتهمة بتقطيع اوصال " الهلال الشيعي" قد ابتليت بجرائم داعش وتعمل مخلصتا للتخلص منه. الولايات المتحدة الامريكية منذ دخول داعش الى العراق وحتى القضاء عليه في الموصل صرفت المليارات على تدريب ودعم القوات المسلحة العراقية بالعدة والعتاد إضافة الى الطلعات الجوية للائتلاف الدولي والذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية. كما وان أحد عوامل فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الوعد الذي قطعه على نفسه بالقضاء على تنظيم داعش بأسرع وقت ممكن في حالة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية. تركيا من جانبها دخلت في حرب قاسية مع التنظيم في شمال سوريا وقتل الكثير من جنودها على يد داعش . اما السعودية فقد كانت تدين التنظيم حتى قبل ان يزور وزير خارجيتها السيد عادل الجبير العراق يوم 25 شباط 2017 والذي اعرب عن تهانيه بالانتصارات التي تحققها القوات المسلحة العراقية على داعش في محافظة نينوى وان "العراق والسعودية يواجهان افة داعش والقاعدة ".

كل المؤشرات تأكيد ان ايران سوف لن تضحي بشعبها و اقتصادها من اجل تحرير فلسطين وذلك لان القضية الفلسطينية قضية عربية ومن الأولى بالعرب التحرك لإنقاذ شعب فلسطين من محنته . ايران لا تستطيع وحدها تحدي إسرائيل البلد الذي يمتلك ويصنع القنبلة الذرية , واذا ارادت ايران تحدي إسرائيل , فأنها تحتاج الى دعم عربي بالمال والسلاح وهما غير متوفران في ظل التشنج الخليجي الإيراني . ايران اخذت على عاتقها التسويق للقضية الفلسطينية لكونها قضية إنسانية وإسلامية , وان استمرارها بدعم القضية الفلسطينية هو من اجل تذكير المجتمع الدولي بالظلم الذي لحق بالفلسطينيين و إبقاء قضية فلسطين حية في ضمير و وجدان العرب والمسلمين.

ان العراق سواء كان ضمن الهلال الشيعي او خارجه , فان دستوره لا يسمح ان يدخل في احلاف سواء مع دولة عظمى او مع دولة جارة له . سياسة العراق الخارجية أسست على قاعدة الوقوف على مسافة واحدة من جميع اطراف النزاعات في المنطقة والعالم , وهذا ما كرره رئيس مجلس الوزراء عدة مرات , العراق يريد علاقة طيبة مع المملكة العربية السعودية ومع الجمهورية الإسلامية الإيرانية , وهذا بضبط ما قاد وزير الخارجية السعودية لزيارة العراق بعد ان تأكد له ان العراق سوف لن يكون جزء من أي محور تقوده ايران وانه لن يكون ساحة لمعادة جمهورية ايران الإسلامية.



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google