العراقُ... " واحةُ الجمالِ التي خرّبَتها السياسية " - صالح المحنّه
العراقُ... " واحةُ الجمالِ التي خرّبَتها السياسية "


بقلم: صالح المحنّه - 25-03-2017
العراقُ جميلٌ...وهل يختلف إثنان على ذلك؟ فمنذُ القِدِم جمالُه مصدر إلهام للشعراء والعاشقين... كيف لا ؟ وكل مقومات الجمال موفورة لديه...فهو بلد الخضرةِ والأهوار والجبال ، بلد الحضارة والإصالة وموطن النخيل المعطّر برائحة العنبر...تلك الرائحة الزكية التي تُحَيّي بنكهتها الرائعة كلَّ مَنْ قَدِمَ من الديوانية الى النجف الأشرف مروراً بمدينة الشامية الجميلة ،العراق بلد النهرين الذَيْن تفرّعت منهما الجداولُ كأنها جدائلُ شعرٍ سومريةٍ فزادته جمالاً ، العراق الغني بثرواته بأرضه المعطاء التي يتدفق الذهبُ الأسود من جنوبها وشرقها ومن شمالها ، وتتفجر المعادنُ من غربها ، العراق الذي لم ينقصه شيئا مما أفاء الله به على عباده ، فكل مافي البلدان الأخرى لديه ...وليس لديها كل مافيه ، بلدٌ بهذه المواصفات وبهذا الحجم من الثروات وبهذه المكانة الحضارية العريقة وبهذا الموقع الجغرافي الذي وهبته السماء كل مافيه خير الأرض والإنسان فإستوفى جميع شروط العيش الكريم حتى فاضت خيراته شرقاً وغرباً ، ألا يستحق أن يكون في مصاف البلدان المتطوّرة وأنّ شعبَه من أغنى الشعوب ؟ وهل من جاوره من البلدان بأغنى منه ؟ وهل عندهم مالديه ؟ حتى بلغوا مابلغوا من التطور على مستوى بناء المؤسسات وارتفاع دخل المواطن ..فلماذا العراق.. الكنزُ الثمين الذي تتحدث عن جماله ومكانته كتب التأريخ وتغنّى به الشعراء أضحى اليوم يعاني مما يعاني منه ؟ ما سبب هذا التشوّه الذي خرّبَ مفاتنه وسبب له إعاقةً مستديمة حالت بينه وبين اللحاق بعجلة التطور ؟ ومن الذي أحال ثرواته ونِعَمه الى بلاء على أهله حتى تركه بعضُهم كرها وطوعا بحثاً عن وطنٍ بديل؟ ومَن عبث بواحة الجمال العراقية ؟ ومَن خرّب وجه العراق البهي ؟ من أبدل رائحة العنبر والقداح برائحة الموت ؟ مَنْ أفسد الروح العراقية الأصيلة وقتل فيها الحميّة والطيبةَ ؟ َمنْ ومَنْ وعدد ماشئت ؟ إنهم شراذم السياسة من الأولين والمتأخرين ، عصابات الإنقلابيين والمتآمرين الذين تعاقبوا وتناوبوا على حكم العراق منذ تأسيسه والى يومنا هذا، عقودٌ من الزمن خلت والعراق بلد الجمال من سيءٍ الى أسوء ، ومن حربٍ الى حرب ، وكأنهم تعاهدوا وتواصوا واتفقوا على تدميره ، يُقطّعون أوصاله ويقدمونها هِبةً للغرباء ، وكلّهم يدّعي الوطنيةَ وغيرهم العملاء ! إدّعاءٌ لايتعدّى الشعارات ، وللكواليسِ من خلفهم حديثٌ وروايات ، جملة من التنازلات تتبعها التنازلات عن حدودنا شرقا وغربا وجنوبا وشمالا .بعضها تنازل عنها النظام المقبور وأخرى فشل بالحفاظ عليها سياسيو العهد الجديد ، حتى بلغت الأمورُ أن تتجرّأ عصابات الشرّ والجريمة على أرضَ الرافدين فتحتلّ جزءً منها وتدنّس ترابها الطاهر، وماكان لهم أن يخترقوا حدود العراق لولا لعنة السياسة وتواطيء السياسيين ،كنّا نأمل برحيل دكتاتور البعث سنحظى بنظام سياسي يمثل إرادة المواطن ويكون عند حسن ظنه في تحقيق طموحاته التي لاتتعدى العيش بأمن وكرامة ، وتستعيد واحة الجمال العراقية ألقها ونظرتها وتستعيد إشراقتها الجميلة ومكانتها بين الأوطان ،ولكن للأسف الشديد قد أحبطت آمالنا الطائفية والمحاصصة الحزبية وضربت بأطنابها في صميم العملية السياسية فنخرت جوهر النظام الجديد وفتكت بمؤسسات الدولة ، حتى أصبح السرّاق والمزورون في صدارة المشهد السياسي والإداري ليستمر التردي والتراجع على جميع المستويات ، ولكن يبقى الأمل قائما في تصدّي الشرفاء للمشهد السياسي يوما ما ويُبعد الفاسدون عن مرافق الدولة المهمة ، نتمنى أن تتحقق هذه الأمنية على المدى القريب.

صالح المحنّه



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google