سامراؤلوجي!! - د-صادق السامرائي
سامراؤلوجي!!


بقلم: د-صادق السامرائي - 28-03-2017
المقصود بهذا المصطلح هو علم السامرائيات , أي الإبحار العلمي والبحثي التوثيقي التنقيبي الرصين في حضارة سامراء , لأنها أولى الحضارات البشرية المتوافقة مع معنى ومفهوم السلوك الحضاري الذي تعارفنا عليه.

فحضارة سامراء تمتد إلى ما قبل حضارة "عُبيد" , والكثير من الدلائل تشير إلى أن حضارة سامراء قد أوجدت حضارة عُبيد , فالمنطلقات الحضارية الأولى قد بدأت في مدينة "جورمو" التي كانت بدائية الملامح , لكن حضارة سامراء كانت تشير إلى تقدم واضح في النظام الإجتماعي والإروائي والإنتاجي والصناعات اليدوية , ولا تزال المدينة غير مكتشفة تماما بما تحتويه من كنوز معرفية ذات قيمة ثقافية وإنسانية متميزة.

وسامراء هي المدينة الأثرية الفريدة في الأرض التي تضم أكبر الكنوز التأريخية , والتي يسهل الوصول إليها ودراستها.

فالدراسات التي تقرن مدينة سامراء بكونها عاصمة للدولة العباسية لأكثر من نصف قرن وحسب , أي تختصر تأريخها بذلك العهد إنما هي على خطأ كبير , فسامراء ذات دور حضاري بعيد في أعماق التأريخ البشري , وفيها ومنها إنطلقت الرؤى والإبتكارات الحضارية التي أوجدت الحضارات المعروفة (سومر , أكد , بابل وآشور) , أي أن حضارات العراق الأولى تبدأ بحضارة سامراء , ومن ثم حضارة العبيد ومن بعد ذلك تأتي الحضارات الأربعة.

ولهذا فأن المسؤولية الكبيرة تقع على أبناء سامراء في كشف مكنونات مدينتهم المعرفية , وإبراز دورها الحضاري الإنساني الأصيل , الذي أسهم في تنوير الوجود البشري وإخراجه من الوحشية إلى الآدمية , بالسلوك المحكوم بنظام وقواعد وأصول وهيكليات تفاعلية تعايشية , ذات دور وتأثير إجتماعي إنمائي بقائي تواصلي.

ومسؤولية تأسيس هذا العلم (سامراؤلوجي) تقع على الجهات التي تعنى بالدور الحضاري والمخزون الآثاري للمدينة الجوهرة الثمينة المكنون.

وأعود وأشير إلى أن كهف القاطول الذي طمرته النفايات في النصف الثاني من القرن العشرين , لهو من كهوف حضارات الدنيا القديمة , وأنه ربما كان مأهولا بالبشر في عصور ما قبل التأريخ , لتوفر الماء والحياة بأمان في البيوت المنحوتة فيه.

كما أن العديد من مناطق مدينة سامراء ذات آثار تشير إلى حضارات قديمة , وموجودات أسهمت في التطور البشري , ذلك أن المدينة يتوفر فيها ما يساعد على الحياة في الأزمان السحيقة , كالماء والصيد الوفير وسهولة الزراعة .

فسامراء بقيت من أغنى ميادين الصيد في البلاد حتى أواخر القرن العشرين , وكان الناس يعيشون على صيد السمك والغزلان والقطا والطيور المائية وغيرها , ويبدو أن هذه الوفرة الغذائية والمائية قد جعلتها مكانا ملائما للحياة القديمة في العصور الخوالي من حياة البشر.

ولهذا يتحتم الإقتراب من حضارة سامراء بعقل منفتح علمي بحثي معاصر , قادر على التفاعل مع الحقائق والدلائل والشواهد , بعيدا عن التصورات الضيقة والآليات الإنغلاقية المبرمجة , والتي تسلط الأضواء على المدينة كونها كانت فقط عاصمة للدولة العباسية , وتغفل دورها الطويل والكبير في مسيرة الحضارة الإنسانية.

فهل سنتعلم كيف نعرف مدننا , لا أن يُعرّفنا بها الأجانب القادمون من قارات أخرى , فهم يعرفون مدننا أكثر منا , وهم الذين إكتشفوا آثارنا , وأدَلونا على حضاراتنا؟!!!

د-صادق السامرائي



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google