خطبة مقتدى صوتها رصاص ولونها دم - سليم الحسني
خطبة مقتدى صوتها رصاص ولونها دم


بقلم: سليم الحسني - 28-03-2017
في الثالث عشر من نيسان عام ١٩٧٥ دخل زعيم حزب الكتائب اللبنانية (بيار الجميل) الكنيسة في منطقة عين الرمانة، وبعد قيل جاءت سيارة أطلقت الرصاص على مرافقيه وبعض الواقفين امام باب الكنيسة، وسرعان ما انتشر خبر اغتيال بيار الجميل، فحدثت مواجهات مسلحة بين المسيحيين والفلسطينيين، واتسعت لأطراف أخرى. ثم تبين أن (بيار الجميل) لم يصب بأذى، إنما غادر المكان بطريقة غير معروفة، وان خبر اغتياله قد تم نشره من قبل جهات غير معروفة أيضاً.

خرجت الأمور عن السيطرة واندلعت الحرب الأهلية، دخلتها كل الأطراف، وكان حزب الكتائب هو أكثر المتحاربين استعداداً لها.
قتل عشرات الالاف، وهاجر مئات الآلاف، وحلّ الدمار في لبنان.

وحينما كان (بيار الجميل) بعد سنوات من الحرب، يخوض المفاوضات بين الأطراف المتصارعة، كان غبار المعارك ينجلي عن حقائق مذهلة، فقد ظهرت الدوافع الإقليمية والدولية من وراء الحرب، لكن ذلك لم يُرجع للقتلى أرواحهم ولم يسحب التاريخ خطوة الى الوراء، فلقد حلّ بلبنان القتل والخراب.

حرب لبنان اشعلتها محاولة اغتيال فاشلة أو خُطط لها ان تكون فاشلة، وتفجرت بسرعة فائقة بشائعة كاذبة حول مقتل (الجميل).
أدرك المخططون الإقليميون والدوليون أن الخطة نجحت، وحين يصنع هؤلاء حدثاً فانه سيتحول الى نموذج يمكن تكراره في المستقبل في ساحات أخرى مع بعض الإضافات والتعديلات.
...
قبل أيام (الجمعة ٢٤ آذار ٢٠١٧) وفي أجواء العراق المتأزمة، صعد مقتدى الصدر منصة الخطابة في ساحة التحرير، ليعلن انه تلقى تهديداً بالقتل. وكان ذلك هو الغرض الوحيد من التظاهرة والتحشيد الجماهيري لأتباعه، ثم عاد الى النجف في نفس اليوم بعد أن أثار الأجواء وأوصلها الى حافة التفجر داخل الوسط الشيعي.

ربما أوصل له مقربوه معلومة كاذبة، فصدقها مقتدى الصدر.
وربما تكون دعابة أراد أن يمارسها بطريقته، مثلما كان يطلب من مساعديه قائلاً لهم: (اتصلوا ببهاء الأعرجي خلي يطلع على التلفزيون شويه نريد نضحك).

وربما خدعه مساعدوه بأنها خطوة ممتازة ليكون نجم المشهد السياسي المتألق، وشاغل الفضائيات ووسائل الإعلام.
وقد تكون مخططاً مرسوماً من محور الشر (السعودية وقطر وتركيا) الذي أثبت قدرته العالية على إثارة الفتن في عدة دول، فأوهموه بالتهديد، ليوقد نار الفتنة من حيث لا يدري.
...
إن من يريد أن يتخلص من زعيم سياسي، لا يوصل له التهديد، سيكون غبياً إن فعل ذلك، إنما يلجأ الى التكتم، فلا يُسمع صوته، حتى يدوي الانفجار أو رصاص البندقية.

غابت عن السيد مقتدى الصدر أبعاد ما قد يترتب على خطابه. فتعامل معها ببساطة من دون تقدير للتبعات. وأغلب الظن أنه حتى هذه اللحظة لا يقدّر عواقب ما قد يحدث.

يحتاج مقتدى الصدر أن يرى الحطب مشتعلاً، ليصدق أن النار قد اندلعت.
يحتاج اتباع مقتدى أن يروا الدماء الشيعية تسيل في الشوارع، ليصدقوا أنهم كانوا يوجّهون بنادقهم نحو صدورهم وصدور اخوانهم.

حدث ذلك كثيراً في التاريخ، واستوعبت الكثير من الشعوب دروس التاريخ، لكن أتباع مقتدى، لا شأن لهم بالتجارب ولا الحاضر ولا المستقبل، إنه صوت واحد يصدر من زعيمهم، فينطلقون سراعاً الى حيث لا يعرفون.
http://www.sotaliraq.com/Salim-Alhasani.php



Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google