ايمان جديد في قلب العالم المادي! * - د. رضا العطار
ايمان جديد في قلب العالم المادي! *


بقلم: د. رضا العطار - 29-03-2017


(شيء ما . . جديد وعميق يولد في ضمير العالم . . )
(في بداية حضارتنا الغربية اخترنا (العقل) بديلا وحيدا عن التقاليد العتيقة والاعتقادات الموروثة.
كان ذلك قرارا عظيما وشجاعا وقد اعطى الانسان بالفعل كرامة جديدة. ولكننا بأتخاذ ذلك القرار استبعدنا (الروح) مصدر طاقة الحياة وحيويتها. لقد كبتنا قوة الروح واذللناها. لقد قطعنا الصلة نهائيا بين عقلنا وروحنا. والان عندما هرمت حضارتنا انطلقت قوى الروح الحبيسة لتدمر آسار العقل وتفقدنا الاتزان.

ولقد قررت حضارتنا ان تبني لذاتها مجتمعا (علمانيا) . . كان ذلك عظيما ايضا . . وكنا في امس الحاجة اليه. فقد أزال سلطان الكهانة المتحكمة باسم الدين واعطى احتراما وقدسية لحياتنا العادية وعملنا اليومي. ولكن هذا القرار ذاته حرمنا من اعمق ما يمنحه الدين : الشعور بالمعنى اللامتناهي للحياة، وامتلاك سر الوجود وهو جوهرالاحساس بالقوة الهائلة للمواقف النابعة من اليقين المطلق . . والان في نهاية عصرنا العلماني نشعر بالاقتراب من الهاوية لافتقارنا الى ذلك الايمان المنقذ.) . . بهذه الكلمات يوجز المفكر الوجودي المسيحي الالماني (بول تيليك) في كتابه (هزْ الاسس والدعائم). التي قامت عليها الحضارة المادية الحديثة واستبدالها بدعائم جديدة اشد صلابة واكثر ضمانا . . والحياة التي عايشها وعاناها هذا المفكر تجعله (شاهدا) على عصره يحق له ان يحكم عليه.

جاءت الحرب العالمية الاولى عام 1918مخلفة ذكريات لا تنسى عن الخرائب والضحايا، وبين 1918 ـ 1939 ظلت النفوس الكظيمة تجتر آلامها واحقادها وتستعد لثاراتها حتى اندلعت الحرب الثانية، فأعادت الى الاذهان فظائع الاولى، لكن بشكل اشنع وابشع واشد مساسا بحياة الجنس البشري كله . . وخرجت المجتمعات الكبرى الرئيسية في اوربا مجهدة مضعضعة منهوكة وقد فقدت نفوذها الخارجي واضاعت امنها وسلامها واستقرارها الداخلي، فقد اضحت ذات ضمير مرهف يكتشف الزيف في بنية الحضارة الغربية يهفو الى حياة الحرية والاخاء من جهتها، ومن جهة اخرى تطبيق للإستعباد والتميز والكراهية في (المستعمرات) وبلدان العالم الثالث عموما . . ذلك هو الجانب الهام من جوانب ازمة الضمير الغربي.

يقول ارنولد تويني، اكبر فيلسوف للتاريخ في عصرنا : ( يبدو ان الخلاص الوحيد للانسان في عصر الكوبيوتر هو الصفاء الروحي الداخلي، الصفاء الذي لايمكن تحقيقه بأدمان المخدرات او الاستسلام للتعصب والعنف . . ان الصفاء الروحي المطلوب ليس هو الصفاء السلبي الذي يهرب من مشاكل العالم . . بل هو ذلك الصفاء الايجابي المحب الذي يواجه آلام الحياة بقلب مفتوح ليعالجها بالمحبة) . . هذه النتيجة توصل اليها تويني في كتابه الاخير (التجارب) بعد ان الًف موسوعة كاملة للحضارة الانسانية منذ اقدم العصور، تابع فيها تطور الانسان في رحلته التاريخية المضنية الشاقة.
تجدر الاشارة الى كتاب الباحث الامريكي مايكل هارت عن اعظم مائة قائد في تاريخ البشرية جاء النبي العربي محمد (ص) اولهم على الاطلاق.
* مقتبس بتصرف من كتاب تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها لمحمد جابر الانصاري.




Advertise on Sotaliraq.com? Click here for more information!

Copyright © 1998-2017 Sotaliraq.com - All rights reserved / جميـــع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لصوت العراق
Home | News & Reports | Articles | Privacy Policy | Contact Us

Google